تميزت سنة 2023 في المغرب بعدد من الأحداث الاجتماعية والسياسية والرياضية والثقافية، وعلى رأسها الزلزال الذي ضرب مناطق بالأطلس الكبير.
وخلال سنة 2023 في المغرب دعا العاهل المغربي، الملك محمد السادس، لإعادة النظر في مدونة (قانون) الأسرة، إلى جانب الإعلان عن تنظيم المغرب لنهائيات مونديال 2023 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، ثم تسجيل فن الملحون تراثاً إنسانياً.
الحوز يهتز بزلزال عنيف
في الثامن من سبتمبر/أيلول 2023، تحديداً في الساعة الحادية عشرة ونحو 11 دقيقة، اهتزت الأرض بقوة 7 درجات على مقياس ريختر في مناطق قروية بجبال الأطلس الكبير (وسط البلاد)، والقريبة من مدن مراكش وتارودانت وأزيلال وورزازات.
هذه الهزة الأرضية، التي تعد أقوى زلزال دماراً وفتكاً في المملكة منذ زلزال أكادير عام 1960، خلفت مصرع نحو 2946 شخصاً و5674 جريحاً، وفق آخر حصيلة قدمتها وزارة الداخلية المغربية، فيما قدّر عدد المباني المتضررة بنحو 50 ألف مسكن انهارت كلياً أو جزئياً.
وأطلق المغرب على إثرها خطة إيواء مؤقت في هذه المناطق، وحملة ضخمة لإعادة إعمار القرى التي دمرها الزلزال، بميزانية متوقعة إجمالية تقدر بـ120 مليار درهم (نحو 12 مليار دولار)، على مدى 5 سنوات.
الصيغة الأولى من البرنامج، الذي أطلقه الملك محمد السادس، تغطي الأقاليم الستة المتأثرة بهذا الزلزال العنيف، والتي تستهدف رقعة يسكنها نحو 4.2 مليون نسمة.
تعديل مدونة الأسرة
بعد 19 سنة من إقرار مدونة (قانون) الأسرة، وجه العاهل المغربي، محمد السادس، في 26 سبتمبر/أيلول 2023، رسالة إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، تتعلق بمراجعة بعض بنود هذه المدونة التي تم الانحراف بها عن أهدافها، خصوصاً القضايا المثيرة للجدل، أبرزها تزويج الفتيات أقل من 18 سنة.
وأسند الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية لهذا الموضوع.
كما دعا العاهل المغربي، المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في إصلاح المدونة الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى (أعلى هيئة دينية)، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية)، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضاً على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وتواصل اللجنة عقد جلسات استماع لمقترحات تقدمها جمعيات مدنية ومراكز بحوث وهيئات مهنية معنية، لكي تنبثق عنها مقترحات لتعديل بعض بنود مدونة الأسرة، تُرفع إلى نظر الملك خلال أجل أقصاه ستة أشهر، قبل إعداد الحكومة مشروع قانون في هذا الشأن وعرضه على مصادقة البرلمان.
احتجاجات الأساتذة تشلّ المدارس
على مدى أكثر من شهرين، شهد المغرب أزمة خانقة في قطاع التعليم، بعد إضراب متواصل للأساتذة والمعلمين في المدارس الحكومية منذ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2023، للمطالبة بتحسين الوضعية المادية للشغيلة في قطاع التعليم، واحتجاجاً على مضامين النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم.
وجاء هذا النظام على إثر حوار واسع في السنتين الماضيتين بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية؛ ما دفع المعلمين والأساتذة الغاضبين إلى الانخراط في نحو 22 تنسيقية تولّت تنظيم الإضرابات والوقفات والمسيرات الاحتجاجية.
وقد أثارت لائحة إضراب الأساتذة 2023 جدلاً واسعاً في الساحة المغربية، بالنظر إلى تأثيراته السلبية على المسار الدراسي للتلامذة، خصوصاً الذين سيجتازون هذه السنة الامتحانات الإشهادية، ما خلف استياء لدى آباء وأولياء التلامذة.
واضطرت الحكومة لتشكيل لجنة وزارية ثلاثية، تضم وزير التربية الوطنية، ووزير التشغيل، ووزير الميزانية، للتحاور في الأيام الماضية دون انقطاع مع النقابات الأكثر تمثيلية، إذ توصلوا عشية يوم الثلاثاء 26 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى التوقيع على محضر اتفاق بشأن التعديلات المرتبطة بالجانبين التربوي والمالي لموظفي قطاع التعليم.
احتضان مونديال 2030
خلال 2023 تحقق الحلم المغربي بتنظيم كأس العالم لكرة القدم، بعدما زف العاهل المغربي، محمد السادس، للشعب المغربي بفرحة كبيرة خبر احتضان المملكة للمونديال، بعد اعتماد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالإجماع لملف المغرب-إسبانيا-البرتغال، كترشيح وحيد لتنظيم كأس العالم 2030 لكرة القدم.
وعين الملك المغربي، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المغربي للعبة)، فوزي لقجع، رئيساً للجنة كأس العالم 2030، معرباً عن الأمل والإرادة في أن يكون تنظيم هذه التظاهرة العالمية مدفوعاً بطموح قوي ينبني على مشروع قادر على ضمان النجاح الكبير لهذه الدورة.
قبل أن يتحقق هذا الحلم، مباشرة بعد مسار مُشرف للمنتخب المغربي لكرة القدم في نهائيات كأس العالم بقطر، كانت المملكة قدمت خمس مرات سابقة ترشيحاتها لفيفا من أجل احتضان المونديال الكروي، دون أن يتحقق ذلك، حتى تفطّنت لتقديم الملف الثلاثي مع جاريها الشماليين إسبانيا والبرتغال، وينال دعماً دولياً.
فن الملحون تراثاً إنسانياً
قبل نهاية الشهر الجاري، وتحديداً يوم 06 ديسمبر/كانون الأول 2023، تم تسجيل فن "الملحون"، وهو الفن الشعري والغنائي الشعبي في المغرب، ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لليونسكو، خلال انعقاد الدورة الـ18 للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي في كاسان بجمهورية بوتسوانا.
وهذه الخطوة المهمة، التي جاءت بعد مسار توثيق طويل لشعر وفن الملحون، تعد اعترافاً دولياً بإرث مغربي أصيل، ورافد مهم من الروافد الفنية للمملكة، ستساعد على تعزيز جدواه واستدامته في الساحة الثقافية والفنية المغربية.
وحسب الملف المقدم أمام هيئة الترشيحات التابعة لليونسكو، فإن الملحون هو تعبير شعري وموسيقي مغربي عريق، نشأ في منطقة تافيلالت (جنوب شرق المغرب)، حيث تطور في بداية داخل الزوايا في المنطقة، ثم انتشر تدريجياً ووصل إلى المراكز الحضرية الكبرى، إذ كان مرحباً به بشكل أساسي لدى الحرفيّين في المدن العتيقة.
ويُظهر شعر الملحون المغربي جوانب متعددة من حياة المجتمع المغربي، ويسلط الضوء على العادات والتقاليد بأسلوب جمالي. كما يتميز الملحون بخصائص فنية ودلالات تعكس الأنماط الأدبية المتنوعة، إذ يتناول قضايا وطنية وسياسية واجتماعية.