- كمين جنين يشبه عمليات المقاومة في غزة، والجيش الإسرائيلي انسحب
- كيف خدعت المقاومة قوات الاحتلال؟
- لماذا لم يتم اكتشاف العبوتين؟
- سرايا القدس تشتبك لأكثر من 8 ساعات مع قوات الاحتلال
- كمين جنين يظهر تطور المقاومة بالضفة رغم الرقابة المشددة وغياب الأنفاق
- حديث عن تلقي المقاومين لدعم من خارج الضفة ومخاوف من تحولها لجبهة ثالثة
"نقلة نوعية" بالنسبة للفصائل الفلسطينية في الضفة يمثلها "كمين جنين الأخير" الذي أسفر عن مقتل ضابط وإصابة 16 جندياً إسرائيلياً، حيث يشبه عمليات المقاومة في غزة، رغم الإجراءات الأمنية المشددة، في وقت بات كثير من الإسرائيليين يخشون تحول الضفة الغربية لجبهة ثالثة تضاف إلى غزة وجنوب لبنان.
وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن كمين جنين الذي وقع ليلة الخميس، وصدم الإسرائيليين لأنه جرى عبر زرع عبوة ناسفة على عمق كبير، في منطقة جرى بالفعل تنفيذ عملية تطهير لها من المتفجرات، كما أن الضابط الذي قتل في الكمين هو قناص.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن النقيب ألون ساكجيو قُتل ليلة الخميس خلال ما وصفه بـ"عملية مكافحة الإرهاب" في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية. وكان الضابط يشغل منصب قائد وحدة القناصة في كتيبة حاروف في لواء كفير، وقُتل نتيجة انفجار عبوة ناسفة قوية مدفونة على عمق كبير تحت الأرض عند مدخل المخيم.
كمين جنين يشبه عمليات المقاومة في غزة، والجيش الإسرائيلي انسحب
ويبدو كمين جنين استنساخاً لكمائن المقاومة في غزة، ولكن يمكن وصفه بالاستثنائي بكل تفاصيله بعد توغل الآليات الإسرائيلية في المنطقة أكثر من مرة، وتجريف البنية التحتية للمدينة ومخيمها، حسب ما ورد في تقرير لموقع "الجزيرة.نت".
وقال شهود عيان في جنين لوكالة فرانس برس إنه أمكن سماع أصوات قتال وتبادل لإطلاق النار طوال الليل.
وذكر الجيش الإسرائيلي في اتصال مع وكالة فرانس برس إنه انسحب من جنين لكنه لم يقدم مزيداً من التفاصيل حول عمليته.
كيف خدعت المقاومة قوات الاحتلال؟
وقع كمين جنين، عندما دخلت القوات الإسرائيلية جنين وضواحيها الليلة الماضية كجزء من عملية اعتقال مطلوبين والعثور على أسلحة، في مخيمات اللاجئين والضفة الغربية في الأشهر الأخيرة.
وقامت قوة هندسية قتالية إسرائيل مزدوجة، تضم جرافة وجرافة مدرعة من طراز D9، بفتح الطريق أمام إحدى قوات كتيبة حاروف التي تتحرك من شمال مخيم اللاجئين، بمجارفها على الأرض للكشف عن المتفجرات المخبأة. إلا أن اثنين من المتفجرات المدفونة على عمق كبير لا يقل عن متر ونصف لم تتمكن القوة من اكتشافها أو إبطال مفعولها، حسب تحقيق جيش الاحتلال الأولي.
وعلى إثر ذلك، مرت مدرعة من طراز "نامر" الثقيلة (نفس تدريع الدبابة ميركافا) فوق العبوة الناسفة الأولى التي انفجرت، وأبلغ الجنود الذين كانوا في السيارة عن وقوع إصابات إثر الحادث.
كانت الإصابات الأولية لجنود الاحتلال داخل مدرعة النامر محدودة، لكن المركبة تضررت وجاءت مركبة هندسية أخرى وجنود آخرون لمساعدة وحدة النامر التي تعرضت للكمين في البداية، وفي هذه المرحلة وقع انفجار آخر، من المحتمل أنه نفذ "عن بعد" من قبل المقاومين الذين كانوا يراقبون مكان العملية، واستهدفت وحدة الإنقاذ، ما أدى إلى مقتل ساجي وتسبب في إصابة جميع الجنود تقريباً.
ومن بين الجنود الـ16 المصابين، أصيب جندي واحد بجروح خطيرة، وخمسة بجروح متوسطة، بينهم ضابط ومسعف.
ووفقاً لتقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد تم دفن العبوة الثانية أيضاً على عمق متر ونصف المتر على الأقل. وأدى الانفجار الثاني إلى مقتل النقيب ساكجيو وإصابة جنود آخرين بجروح متوسطة.
وأشارت النتائج التي تم العثور عليها في مكان الحادث إلى استخدام طرق مختلفة لتفجير المتفجرات، سلكية ولاسلكية.
لماذا لم يتم اكتشاف العبوتين؟
وقال الجيش الإسرائيلي إن الجرافة المدرعة D-9 لم تكتشف العبوات الناسفة لأنها كانت مدفونة على عمق أعمق بكثير من المعتاد.
عادة، يتم دفن الأجهزة على عمق يتراوح بين 40 إلى 50 سم تحت الطريق.
وفقاً للسجلات العامة، فإن عمق الحفر القياسي للمركبة D-9 يقل عن 70 سم، بينما العبوتان يعتقد أنهما كانت مدفونتين تحت عمق 1.5 متر.
وتقول صحيفة The Jerusalem Post في تقرير لها إنه بالطبع، إذا قامت كاسحات ألغام D-9 بعدة جولات عبر منطقة معينة، فيمكنها الحفر بمستوى أعمق بكثير، لكن هذا يخلق معضلات تشغيلية أخرى عند العمل في بيئة معادية ومحاولة الحفاظ على عنصر المفاجأة والعمل السريع والحاسم، حسب تعبيرها.
كما يحقق الجيش الإسرائيلي في ملابسات الحادث ويفحص كيفية ترجل قوة الإنقاذ من مركبتهم، نظراً لوجود إجراء متبع في مثل هذه الحالات، والذي يتضمن إيجاد منطقة آمنة للقيام بذلك من أجل منع مخاطر الألغام والمتفجرات المخفية.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية قائلة إنه ليس الواضح كيف سيحاول الجيش الإسرائيلي معالجة هذه المعضلة من الناحية التكتيكية في المستقبل إذا بدأ الفلسطينيون في استخدام التكتيك على أساس أوسع بعد نشر "نجاحهم" في وسائل الإعلام الفلسطينية.
سرايا القدس تشتبك لأكثر من 8 ساعات مع قوات الاحتلال
واشتبكت سرايا القدس – لواء جنين مع قوات الاحتلال التي اجتاحت المدينة لأكثر من 8 ساعات متواصلة، حسب بيان للناطق باسم سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي أبو حمزة، صدر عبر قناته على تطبيق "تليغرام"، الخميس.
وخلال عملية الدفاع ضد الاجتياح الإسرائيلي، قامت المقاومة الفلسطينية بتفجير ما لا يقل عن 6 عبوات ناسفة، وتصدت بشكل مباشر لقوات الاحتلال وفرق الإنقاذ العسكرية التي وصلت إلى مكان الكمائن.
وأطلق أبو حمزة على الحدث اسم "عملية غضب جنين 2″، وهي استمرار للمواجهة واسعة النطاق لقوات الاحتلال الإسرائيلي في المدينة التي وقعت في شهر يوليو/تموز من العام الماضي.
وعلى الرغم من استشهاد العديد من قادة ومقاتلي المقاومة في جنين في فترة قصيرة من الزمن، إلا أن تشكيل جنين التابع لسرايا القدس أثبت أنه قادر على إلحاق إحدى أكبر الخسائر بالجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عبر كمين جنين.
وفي هذا السياق، قال أبو حمزة، إنه "في ظل العمل المتزامن والمتصاعد في كافة ساحات ومحاور المواجهة"، تؤكد الكتائب "صمودها والمضي قدماً في النضال دفاعاً عن حقنا المشروع في المقاومة". وتحقيق أهداف شعبنا المظلوم ومقاومته العادلة.
ووعد بأن يستمر مقاتلو المقاومة في محاربة الاحتلال الإسرائيلي حتى إنهائه وإلحاق الهزيمة به في الضفة الغربية وقطاع غزة.
واستشهد ما لا يقل عن 553 فلسطينياً في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية أو المستوطنين منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وفقاً لمسؤولين فلسطينيين.
كما اعتقل الجيش الإسرائيلي حوالي 4,150 فلسطينياً في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك أكثر من 1,750 زعم أنهم ينتمون إلى حماس.
في المقابل، أدت هجمات فلسطينية إلى مقتل 15 إسرائيلياً على الأقل، بينهم جنود، في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كمين جنين يظهر تطور المقاومة بالضفة رغم الرقابة المشددة وغياب الأنفاق
وتأتي أهمية كمين جنين في حقيقة أنه يظهر التطور النوعي لأداء فصائل المقاومة بالضفة الغربية، رغم أن إسرائيل تراقب كل شاردة وواردة بالضفة بقدرات تفوق مراقبتها لقطاع غزة.
كما أنه لا توجد شبكة أنفاق في الضفة ولا شبكة اتصالات للمقاومة مستقلة عن أبراج البث وشركات الاتصالات الإسرائيلية، في حين تحوم الطائرات المسيرة الإسرائيلية في كل مكان، حسب تقرير موقع الجزيرة.
كما أن المخابرات الإسرائيلية على علم بكل تفاصيل الأشخاص والأماكن التي من الممكن أن تستخدمها المقاومة، وسريعاً ما يتم اعتقال أي شخص قد يشتبه بارتباطه بالمقاومين أو مساعدتهم عسكرياً أو أمنياً أو مالياً في ظل الحرية الكاملة لقوات الاحتلال بالتحرك بالضفة الغربية.
حديث عن تلقي المقاومين لدعم من خارج الضفة ومخاوف من تحولها لجبهة ثالثة
ويقول مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لـ"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" إن تعقيد كمين جنين بل يشير أيضاً إلى احتمال أن المنفذين كانوا يتلقون تعليمات وعتاداً خارجياً.
وهناك أكثر من 20 فرعاً نشطاً تابعاً للفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية، كل منها يعمل ضد القوات الإسرائيلية. وعلى رأس هذه الشبكة المعقدة توجد حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، حيث يلعب فرعها في جنين دوراً محورياً، وأخفقت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في مواجهة هذه المجموعات، حسب جو تروزمان، كبير محللي الأبحاث في مجلة Long War Journal التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
وقبل كمين جنين بساعات حذرت صحيفة Haaretz الإسرائيلية من أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بالكاد تتعامل بالكاد مع التطورات في الضفة الغربية، التي يُنظر إليها على أنها جبهة ثانوية بالنسبة لغزة ولبنان. لكن من الناحية العملية، فإن الوضع هناك يقترب بشكل خطير من التفكك، ما قد يؤدي إلى اندماج الضفة الغربية مع الجبهات المعادية لإسرائيل في غزة ولبنان، خاصة في ظل توقعات بأن تؤدي الإجراءات الإسرائيلية المالية ضد السلطة الفلسطينية لإضعاف أجهزتها الأمنية، وتزايد السخط ما يعزز المقاومة في الضفة.