- مهاجمة منطقة آمنة يمثل انتهاكاً فجاً لقرار محكمة العدل الدولية
- هجوم جديد على المنطقة الآمنة بالمواصي بالتزامن مع محاولة التنصل من مجزرة مخيم تل السلطان
- إسرائيل تتجاهل قرار محكمة العدل الدولية
- ماذا يقول القانون الدولي عن قصف المناطق الآمنة؟
- يجب مراعاة التمييز المدني والعسكري والتناسب بين الفوائد والخسائر
- إسرائيل تجاهلت تحذيرات قبل بداية هجوم رفح بشأن خسائر المدنيين
- الدعوة لمزيد من مذكرات الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية
أضافت إسرائيل لسجل جرائمها، جريمة جديدة، حيث إن الهجوم على مخيم تل السلطان للنازحين الفلسطينيين يوم الأحد الماضي والهجوم على مخيم بمنطقة المواصي وقعا في منطقتين أعلنت إسرائيل بنفسها أنهما مناطق إنسانية آمنة، وطلبت من المدنيين النزوح إليها.
كما جاءت هذه الهجمات بعد أمر من المحكمة الدولية لإسرائيل بوقف هجوم رفح.
وفي بيان على موقع X، قالت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الصور الواردة من تل السلطان برفح هي شهادة أخرى على أن غزة هي "الجحيم على الأرض".
وقالت وكالة التحقق الإخباري بشبكة الجزيرة وشهود فلسطينيون إن مخيم تل السلطان الذي يؤوي المدنيين في منطقة تل السلطان برفح تم استهدافه عمداً.
فيما قالت وكالة الأنباء "وفا" نقلاً عن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إن القتلى بينهم نساء وأطفال، والعديد منهم "أُحرقوا أحياءً" داخل خيامهم.
ودعا بالاكريشنان راجاجوبال، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن، إلى اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل في أعقاب هجوم تل السلطان. وكتب على موقع X: "إن مهاجمة النساء والأطفال أثناء وجودهم في ملاجئهم في رفح هو عمل وحشي وحشي. نحن بحاجة إلى تحرك عالمي متضافر لوقف تصرفات إسرائيل الآن".
وقُتل ما لا يقل عن 45 شخصاً وأصيب نحو 250 آخرين عندما استهدفت غارات جوية إسرائيلية ليل الأحد مركزاً للنازحين في حي تل السلطان شمال غرب رفح.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن من بين القتلى 23 امرأة وطفلاً ومسناً قتلوا بعد إطلاق ثمانية صواريخ على ملاجئ مؤقتة، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها.
وأظهرت مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي حرائق مشتعلة في خيام مؤقتة بينما حاول الناجون عبثاً انتشال المحاصرين في النيران.
ولجأ آلاف الأشخاص إلى المنطقة المستهدفة بعد أن فر الكثيرون من أجزاء أخرى من غزة، بما في ذلك شرق رفح حيث بدأت القوات الإسرائيلية هجوماً برياً في وقت سابق من هذا الشهر
مهاجمة منطقة آمنة يمثل انتهاكاً فجاً لقرار محكمة العدل الدولية
وفي بيان على موقع X، قالت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية (المعروفة بالأحرف الأولى من اسمها الفرنسي MSF) إنها "شعرت بالرعب" من الهجوم، الذي "يظهر مرة أخرى أنه لا يوجد مكان آمن". وأضافت: "نواصل الدعوة إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة".
وقال خبراء قانونيون إن الهجوم الإسرائيلي المميت على مخيم النازحين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة يوم الأحد يرقى إلى مستوى جريمة حرب وانتهاك للقرارات الملزمة لمحكمة العدل الدولية، حسب ما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وجاءت الضربات الجوية في تل السلطان بعد يومين فقط من إصدار محكمة العدل الدولية أمراً لإسرائيل بقرار ملزم قانوناً بوقف هجومها العسكري في رفح، وهو ما قد ينتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
ووقع هجوم الأحد في منطقة تعد جزءاً من "المنطقة الإنسانية" التي حددتها إسرائيل، والتي نصحت المدنيين بالاحتماء بها.
وكانت الضربة أيضاً على مقربة من مستودعات تابعة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
هجوم جديد على المنطقة الآمنة بالمواصي بالتزامن مع محاولة التنصل من مجزرة مخيم تل السلطان
وبينما كان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يعقد مؤتمراً صحفياً اليوم الثلاثاء 28 مايو/أيار 2024 للتنصل من جريمة الأحد بدعوى أن القصف الإسرائيلي كان بعيداً عن المخيمات، محاولة الترويج لشكوك بوجود مخازن ذخيرة للمقاومة في المخيم هي التي أدت لإشعال النيران، وردت أنباء عن هجوم آخر استهدف منطقة المواصي غرب رفح وأدى إلى استشهاد أكثر من 20 فلسطينياً جراء القصف الإسرائيلي في استمرار لمسلسل مجازر الخيام بالمدينة، بحسب مصادر محلية.
وقال مسؤولون محليون وشهود عيان لقناة الجزيرة إن منطقة المواصي من المناطق التي طلبت سلطات الاحتلال عبر منشورات ألقتها من سكان رفح الذهاب إليها كمناطق آمنة.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، عن إدانته بشدة للهجوم الإسرائيلي على مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح، مؤكدا أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة.
إسرائيل تتجاهل قرار محكمة العدل الدولية
وقال تريستينو مارينييلو، المحامي في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن الهجوم على المنطقة الآمنة يظهر أن إسرائيل لا تزال تتجاهل محكمة العدل الدولية. "إن هذه الصور المروعة التي تصل من رفح تظهر أن السلطات الإسرائيلية تتجاهل تماماً التدابير المؤقتة الملزمة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية"، حسب ما ورد في تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزية.
وقال ألونسو جورميندي، المحامي والأكاديمي الدولي لموقع "ميدل إيست آي" إنه في حين أن أقلية من العلماء والقضاة جادلوا بأن المحكمة أمرت إسرائيل فقط بوقف العمليات التي من شأنها إخضاع الفلسطينيين لظروف معيشية من شأنها أن تؤدي إلى تدميرهم كمجموعة، فإن رأيي هو أن هذا الهجوم من شأنه أن يخالف الأمر بموجب أي من التفسيرين".
وأضاف: "أعتقد أنه من المهم أن يتم التحقيق في هذه الضربة بشكل شامل ومستقل من قبل المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، كجزء من تحقيقاتها في الوضع في فلسطين".
يأتي ذلك، فيما قال الاتحاد الأوروبي لأول مرة إنه ناقش فرض عقوبات على إسرائيل إذا لم تمتثل لقرار محكمة العدل الدولية الذي يطالبها بوقف عملياتها العسكرية في رفح بجنوب قطاع غزة.
وأضاف الاتحاد أن العقوبات المطروحة التي تمت مناقشتها خلال اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل، أمس الإثنين، تشمل تعطيل العمل باتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل التي تعطيها ميزات اقتصادية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه "غاضب". "هذه العمليات يجب أن تتوقف. لا توجد مناطق آمنة في رفح للمدنيين الفلسطينيين".
في المقابل بدت ردود فعل الولايات المتحدة هادئة وبعيدة عن ردود الفعل العالمية بما في ذلك حلفاؤها، إذ حثت الإدارة الأمريكية إسرائيل على اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين بعد "الصور المدمرة" من رفح. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إن الولايات المتحدة "تعمل بنشاط مع الجيش الإسرائيلي وشركائه على الأرض لتقييم ما حدث، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يجري تحقيقاً".
ماذا يقول القانون الدولي عن قصف المناطق الآمنة؟
ووفقاً للقاعدة 35 من القانون الدولي الإنساني، المتعلقة بمناطق المستشفيات والسلامة والمناطق المحايدة، فإنه يحظر توجيه هجوم ضد منطقة أنشئت لإيواء الجرحى والمرضى والمدنيين من آثار الأعمال العدائية.
وتنص اتفاقيتا جنيف الأولى والرابعة على إمكانية إنشاء مناطق الاستشفاء والسلامة، بالإضافة إلى ذلك، تنص اتفاقية جنيف الرابعة على إمكانية إنشاء مناطق محيّدة، يهدف كلا النوعين من المناطق إلى إيواء الجرحى والمرضى والمدنيين من آثار النزاع.
ويحكم القانون الدولي الإنساني سير الأعمال العدائية، ومهما كانت شرعية قرار استخدام القوة، يجب على جميع الأطراف الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، حسب ما ورد في تقرير لمنظمة "هيومان رايتس واتش".
يجب مراعاة التمييز المدني والعسكري والتناسب بين الفوائد والخسائر
وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم استند إلى "معلومات استخباراتية دقيقة" أدت إلى مقتل عضوين في الجناح العسكري لحركة حماس هما ياسين ربيعة وخالد النجار. ولم تؤكد الحركة الفلسطينية بعد مقتل أعضائها.
بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن الغارة في خطاب ألقاه في الكنيست الإسرائيلي، الإثنين: "على الرغم من بذل قصارى جهدنا، لعدم إيذاء الأشخاص غير المتورطين، لسوء الحظ وقع خطأ مأساوي الليلة الماضية. نحن نحقق في القضية".
أطراف النزاع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية ملزمة بموجب القانون الدولي باحترام مبدأي التمييز والتناسب، وكلاهما معترف به كجزء من القانون الدولي العرفي من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حسب تقرير ميدل إيست آي.
ووفقاً لمبدأ التمييز، لا يُسمح لأطراف النزاع إلا باستهداف المقاتلين، ويجب ألا يستهدفوا المدنيين.
بالإضافة إلى ذلك، يحظر مبدأ التناسب على طرفي النزاع المسلح شن هجوم "يُتوقع منه أن يتسبب في خسائر عرضية في أرواح المدنيين، أو إصابتهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية، إذا كانت قوة الهجوم ونتائجه المتوقعة مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية المباشرة المتوقعة".
وإذا فشل الهجوم في التمييز بين المقاتلين والمدنيين، أو كان من المتوقع أن يتسبب في ضرر غير متناسب للسكان المدنيين مقارنة بالمكاسب العسكرية، فهو محظور أيضاً، بحسب منظمة "هيومان رايتس ووتش".
وفي حالة الهجوم الذي قد يؤثر على السكان المدنيين، فإن قوانين الحرب تلزم الأطراف بإعطاء "إنذار مسبق فعال"، ما لم يكن الوضع لا يسمح بذلك. وما هو فعال يعتمد على الظروف، وإذا لم يتمكن المدنيون من المغادرة إلى منطقة أكثر أماناً، فلا يعتبر التحذير فعالاً بأية حال.
ومع ذلك، فإن التحذير لا يعفي الأطراف من واجب حماية المدنيين. ويستمر واجب توفير الحماية للمدنيين الذين لم يتم إخلاؤهم بعد تلقي تحذير. ولا يزال يتعين عدم استهدافهم، ويجب على المهاجمين اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحمايتهم.
وأدان المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فولكر تورك، الغارة الإسرائيلية "المروعة" على المخيم، وقال في بيان: "الصور من المخيم مروعة وتشير إلى عدم وجود تغيير واضح في أساليب ووسائل الحرب التي تستخدمها إسرائيل والتي أدت بالفعل إلى مقتل العديد من المدنيين".
وسبق أن قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في مقال افتتاحي نُشر يوم الجمعة في صحيفة الغارديان البريطانية، إنه إذا كان هناك شك في أن هدفاً مدنياً قد فقد وضعه الوقائي، فيجب على المهاجم أن يفترض أنه محمي". "إن عبء إثبات فقدان وضع الحماية هذا يقع على عاتق أولئك الذين يطلقون النار أو الصاروخ أو الصاروخ المعني".
إسرائيل تجاهلت تحذيرات قبل بداية هجوم رفح بشأن خسائر المدنيين
وقال ألونسو جورميندي، المحامي والأكاديمي الدولي، إنه بينما قد تقول إسرائيل إن حجم الخسائر في صفوف المدنيين لم يكن متوقعاً في وقت الهجوم المحدد، فمن غير المرجح أن يكون هذا هو الحال.
وأضاف: "من المشكوك فيه إلى حد كبير أن يكون هذا هو الحال، بالنظر إلى التحذير من أقرب حلفاء إسرائيل، ومعظم العاملين في المجال الإنساني على الأرض، ومحكمة العدل الدولية – جميعهم ذكروا أن الهجوم على رفح سيؤدي إلى عواقب وخيمة ووفيات جماعية".
وأضاف جورمندي أن الضربات الجوية في مخيم تل السلطان تخالف الأمر الأخير الذي أصدرته محكمة العدل الدولية لإسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح.
وقال إيتاي إبشتين، المحامي الدولي وخبير القانون الإنساني، إن الهجوم "أظهر بشكل مأساوي رفض إسرائيل لقوانين النزاع المسلح (بما في ذلك التمييز والتناسب والحذر في الهجوم)".
وقالت فرانشيسكا ألبانيز، المحامية الدولية والمقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن الهجوم كان "تحدياً صارخاً للقانون والنظام الدوليين".
وكتبت على موقع X: "لن تنتهي الإبادة الجماعية في غزة بسهولة دون ضغوط خارجية: يجب على إسرائيل أن تواجه العقوبات والعدالة وتعليق الاتفاقيات والتجارة والشراكة والاستثمارات، فضلاً عن المشاركة في المنتديات الدولية".
وقال كريس جونيس، المتحدث السابق باسم الأونروا، إن القضاة الثلاثة في الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية "مرعوبون مثل بقية العالم" بشأن الهجوم الإسرائيلي على رفح. "لا يوجد استثناء لاتفاقية الإبادة الجماعية. لا توجد أعذار". وقال إن هذه جريمة من الجرائم.
وحتى يوم الإثنين، أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة، الذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول، إلى مقتل أكثر من 36 ألف فلسطيني وإصابة ما لا يقل عن 81 ألفاً، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
الدعوة لمزيد من مذكرات الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية
ووسعت إسرائيل غزوها لقطاع غزة بإرسال دبابات وجنود إلى رفح في أوائل مايو/أيار على الرغم من المعارضة واسعة النطاق بشأن المخاوف بشأن المدنيين الذين يحتمون هناك.
ونُفذت الغارات الجوية يوم الأحد بعد ساعات من إعلان إسرائيل أنها اعترضت ثمانية صواريخ أطلقتها حماس من رفح باتجاه تل أبيب.
وقال الجناح العسكري لحركة حماس في منشور على تطبيق تليغرام إنه استهدف تل أبيب "بوابل صاروخي كبير رداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين".
وفي الأسبوع الماضي، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع وكذلك قادة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال دانييل ماتشوفر، المحامي الدولي، إن المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تصدر المزيد من مذكرات الاعتقال في أعقاب هجوم تل السلطان.
وكتب على موقع X: "هناك حاجة عاجلة إلى تقديم طلبات إضافية إلى غرفة المحكمة الجنائية الدولية من قبل المدعي العام كريم خان لإصدار أوامر اعتقال بحق سلسلة القيادة الإسرائيلية بشأن هذه الجرائم الدولية الموثقة جيداً".