- الموانئ التركية أوقفت بالفعل تحميل البضائع إلى إسرائيل
- ما هو حجم التجارة بين الدولتين؟
- غضب في تل أبيب بعد إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل
- ما هي الصناعات التي ستتأثر بشكل خاص من إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل؟
- جزء كبير من السلع في محلات السوبر ماركت يأتي من تركيا
- انتقادات لحكومة إسرائيل من عدم التحسب لهذا السيناريو
"محظور تصدير أي بضاعة تركية لإسرائيل"، أصبح هذا هو الحال الآن بعد إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل بشكل كامل، الأمر الذي أثار قلقاً في دولة الاحتلال، خاصة أنه جاء بعد أقل من شهر من فرض أنقرة حظراً على تصدير عدد كبير من السلع لتل أبيب.
ولكن هذه المرة أعلنت وزارة التجارة التركية أن أنقرة أوقفت جميع الصادرات والواردات من إسرائيل وإليها اعتباراً من الخميس 2 مايو/آيار 2024؛ حيث تم وقف معاملات التصدير والاستيراد المرتبطة بإسرائيل، بما يشمل جميع المنتجات.
وقال بيان لوزارة التجارة: "تركيا ستنفذ هذه الإجراءات الجديدة بشكل صارم وحاسم حتى تسمح الحكومة الإسرائيلية بتدفق غير متقطع وكافٍ للمساعدات الإنسانية إلى غزة".
وكانت تركيا قد سحبت سفيرها من إسرائيل في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي احتجاجاً على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، ثم فرضت قيوداً في 9 إبريل/نيسان الماضي على تصدير 54 منتجاً لإسرائيل، من بينها حديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك.
وعادة، فإن أنقرة لا تنحو لاتخاذ أي قرار بفرض عقوبات أو قيود اقتصادية في أي خلاف سياسي مع أي دولة، ولذا يعد إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل بمثابة رسالة صارمة لدولة الاحتلال، وهي تؤشر لتدهور طويل الأمد في العلاقات.
الموانئ التركية أوقفت بالفعل تحميل البضائع إلى إسرائيل
وتركيا هي هي خامس أكبر مصدر إسرائيل، وفقاً للتقدير الذي أجرته جمعية المصنعين الإسرائيلية، وتعتمد تل أبيب بشكل خاص على منتجات الأسمنت التركية إضافة للخضراوات والعديد من المنتجات الاستهلاكية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة "جلوبز" العبرية، بشأن تأثيرات إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل على اقتصاد دولة الاحتلال.
وقبل الإعلان الرسمي عن إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل، اكتشف المتعاملون أنه لا يتم تحميل البضائع على السفن المتجهة إلى ميناءي حيفا وأشدود الإسرائيليين. ومن ناحية أخرى، فإن السفن التي غادرت إسرائيل بالفعل ووصلت إلى الموانئ التركية بهدف تفريغ محتوياتها، وجدت نفسها في وضع أصبح من المستحيل فيه تفريغ البضائع.
ما هو حجم التجارة بين الدولتين؟
تحتل الصادرات التركية حصة الأسد في التجارة بين البلدين، وفي المجمل، بلغ حجم التجارة بين البلدين 6.8 مليار دولار في عام 2023، منها 76% واردات إسرائيلية من تركيا، بحسب مكتب الإحصاء التركي.
ولقد انخفضت الصادرات التركية لإسرائيل في العام الماضي من نحو 5.7 مليار دولار عام 2022 إلى نحو 4.6 مليار دولار.
وشمل مزيج الواردات الإسرائيلية من تركيا، بحسب بيانات الدائرة الاقتصادية لاتحاد الغرف التجارية بإسرائيل، الصناعات المعدنية (27%)، الآلات والمعدات الكهربائية (13%)، البلاستيك والمطاط (9%)، الحجر والجص والزجاج والأسمنت (8%)، أدوات وقطع غيار السيارات (7%)، مواد خام (5%).
في المقابل يضم مزيج الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا المنتجات الكيماوية (44%)، المعادن (14%)، البلاستيك والمطاط (13%)، الآلات والمعدات الكهربائية (10%).
ويمثل الأسمنت واحدة من أكبر المشاكل بالنسبة لإسرائيل، حيث تعتمد إسرائيلً بشكل خاص على منتجات الأسمنت التركية، حيث شكلت الصادرات التركية العام الماضي 29٪ من إجمالي واردات إسرائيل من الأسمنت.
وفي مجال منتجات البلاستيك والمطاط تصل حصة الأتراك من الواردات إلى نحو 11%، وفي منتجات النسيج نحو 10%.
وقبل إعلان وزارة التجارة التركية في 9 أبريل/نيسان عن قيود التصدير الأولي لإسرائيل والتي شملت 54 سلعة، معظمها مرتبط بصناعة البناء والتشييد، كان هناك في الواقع اتجاه تصاعدي في التجارة بين البلدين.
والقرار الأول الذي صدر الشهر اتخذته أنقرة، بعد أن رفضت إسرائيل طلبها بالمشاركة في إسقاط المساعدات جواً لغزة، ولم توضح إسرائيل على الفور سبب رفض الطلب، ولكن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان علق، قائلاً: "ليس هناك أي عذر لإسرائيل لمنع محاولتنا إسقاط المساعدات عن سكان غزة الذين يعانون من الجوع".
غضب في تل أبيب بعد إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل
هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشيراً إلى أنه يغلق الموانئ أمام تصدير واستيراد المنتجات إلى إسرائيل.
ودعا إلى إجراء نقاش فوري مع كافة الأطراف المعنية في الحكومة لإيجاد بدائل للتجارة مع تركيا، على مستوى الإنتاج المحلي والواردات من الدول الأخرى.
وعقب العقوبات التركية الأولى التي فرضت الشهر الماضي، هدد وزير الخارجية الإسرائيلي بأن دولة الاحتلال "ستردّ بفرض قيود تجارية على منتجات قادمة من تركيا"، وقال إنه أمر بالتواصل مع المنظمات في الولايات المتحدة، من أجل وقف الاستثمارات في تركيا، ومنع استيراد المنتجات منها، وأضاف: "نتواصل "مع أصدقائنا في الكونغرس الأمريكي لبحث انتهاك قوانين المقاطعة، وفرض عقوبات على تركيا بناءً على ذلك".
ولكن لم يحدث أي رد فعل أمريكي يذكر.
وعقب إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل بالكنل، قال شاهار ترجمان، رئيس اتحاد الغرف التجارية: "هذه أخبار مؤسفة للغاية، على مر السنين كان قطاع الأعمال في كلا البلدين يحرص على عدم إقحام العلاقات الاقتصادية مع التطورات السياسية".
وزعم أن الخاسر الرئيسي من خطوة إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل هم التجار الأتراك وليس اقتصاد إسرائيل والذي زعم أنه قوي بما يكفي لإيجاد بدائل للواردات من تركيا.
وأضاف: "نحن في الغرفة التجارية سنساعد أيضاً جميع أعضاء الغرفة الذين لديهم علاقات تجارية. مع الصناعة التركية لتحديد وجهات استيراد جديدة، نأمل جميعاً أن تمر هذه الأزمة قريباً ونعود إلى التعامل مع قطاع الأعمال التركي".
ما هي الصناعات التي ستتأثر بشكل خاص من إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل؟
تعتمد صناعة البناء والتشييد الإسرائيلية بشكل كبير على تركيا، وهو القطاع الذي يعتقد أنه سيلحق به الضرر الأكبر من إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل.
وعقب الموجة الأولى من العقوبات، حذر قطاع البناء في إسرائيل، في 9 أبريل/نيسان 2024 من أن القيود التركية على تصدير عشرات المنتجات إلى إسرائيل ستؤدي لارتفاع أسعار الشقق في إسرائيل، وذلك بحسب تصريحات مصادر في صناعة البناء لقناة N12 العبرية، حينما فرضت أنقرة قيوداً على مجموعة تضم 45 منتجاً تُستخدم العديد منها في قطاع البناء.
كما أن قطاع المنتجات المنزلية يتأثر بالعقوبات التركية، حيث تقوم شركة يونيليفر بتصنيع بعض من منتجات الصابون والشامبو الخاصة بها من شركة دوف في تركيا. كما أن شركة الأغذية العملاقة ويلي فود تستورد بعض منتجاتها من تركيا أيضاً.
كما ذكرت شركة "Friedenzon"، التي تتعامل في الخدمات اللوجستية، عن احتمال تعرضها لضرر.
جزء كبير من السلع في محلات السوبر ماركت يأتي من تركيا
سيضطر الشركات الإسرائيلية بعد إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل إلى التوجه إلى دول أخرى، وخاصة الدول الغربية، لكن مثل هذا التحول سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار. وفي الوقت نفسه، فإن جزءاً كبيراً من المنتجات الموجودة في محلات السوبر ماركت يأتي من تركيا، إلى حد لا يُلاحظ أحياناً، وجزءاً كبيراً من العلامة التجارية الخاصة يأتي من تركيا، حسب الصحيفة الإسرائيلي.
وسيستغرق بعض الوقت حتى يظهر نتائج إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل، عندما تنفد البضائع التركية الموجودة بالأسواق الإسرائيلية.
جزء من تأثير خطوة إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل ليس نابعاً فقط من ضخامة التجارة بين البلدين، ولكن أيضاً لأن المنتجات التركية رخيصة وتنافسية، وبالتالي فإن غيابها أو استيرادها عبر وسيط من شأنه زيادة الضغوط التضخمية على دولة الاحتلال.
وبدأت الشركات الإسرائيلية منذ العقوبات السابقة في تجربة الطرق الالتفافية، وتفيد صحيفة "جلوبز" بأنه يتم إرسال بعض البضائع الـ54 التي حظرت تركيا تصديرها لإسرائيل الشهر الماضي إلى موانئ كوبر أو ليوبليانا في سلوفينيا، بدون إبلاغ الجمارك التركية بأن هذه السلع سوف ترسل لدولة الاحتلال.
تقول الصحيفة الإسرائيلية إنه "إذا ظهر في الأوراق أن ميناء الوجهة هو كوبر في سلوفينيا، فلن تتمكن حتى الجمارك التركية، التي تعتبر من أصعب الجمارك في العالم، من إجراء تحقيق شامل في الوجهة النهائية للبضائع، عملياً، لأنه يتم التصدير بشكل روتيني إلى العديد من البلدان حول العالم.
والسبب الذي يجعل الإسرائيليين ينظرون إلى الخيار السلوفيني هو أن قبرص الأقرب لا تعمل مع تركيا. ومن ناحية أخرى تعتبر الأنظمة في مدينة كوبر في سلوفينيا ملائمة للتجار الإسرائيليين.
فبمجرد وصول البضائع إلى المدينة السلوفينية أو أي ميناء في دولة ثالثة أخرى، يتم إنزال البضائع إلى الرصيف، ويتم إبلاغ الجمارك المحلية أن البضائع لن تدخل البلاد وتحميلها على سفينة أخرى – ومن هناك إلى الوجهة النهائية.
وقد يؤدي هذا الإجراء إلى مضاعفة تكاليف الشحن بالنسبة لدولة الاحتلال، ولكن سيكون السبيل الوحيد بالنسبة للمستوردين الإسرئيليين للحصول على البضائع التركية بعد خطوة إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل.
انتقادات لحكومة إسرائيل من عدم التحسب لهذا السيناريو
وتزايدت الانتقادات في إسرائيل للحكومة؛ لأنها لم تتحسب لسيناريو إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل بشكل كامل رغم وضوح المؤشرات.
وقبل نحو أسبوع ونصف، عقد أردوغان مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، قال فيه: "لم نعد نحافظ على علاقات تجارية وثيقة مع إسرائيل، لقد انتهى الأمر".
وتعلق صحيفة جلوبز عندما قال "انتهى الأمر"، كان أردوغان يعني حقاً ما قاله".
وتشير إلى أن أردوغان التقى أمس الخميس في أنقرة برئيس حزب الشعب الجمهوري وزعيم المعارضة التركية أوزغور أوزال، وليس من المستبعد أن يطلعه على التطورات، بعد أن دعا أوزال نفسه إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات.
شاي حجاج، رئيس المركز الحكومي الإقليمي الإسرائيلي ورئيس المجلس الإقليمي مرحافيم، يقول: "لقد حذرنا مراراً بأنه يجب أن تكون إسرائيل مستقلة في إنتاج المواد الغذائية الطازجة ويجب ألا تعتمد على دول أخرى".
وأضاف: "السياسة المالية، لسوء الحظ، كانت ولا تزال تشجع الواردات، الأمر الذي لم يخفض الأسعار ولكنه أضر بالزراعة".
وأضاف أن استيراد الطماطم من تركيا أضر بالمزارعين المحيطين بغزة، وهم المسؤولون عن زراعة 70٪ من إنتاج الطماطم في إسرائيل.
"أردوغان أوصل التجارة إلى نقطة توقف كاملة: وفرض حظراً على إسرائيل"، هكذا علق رون تومر، رئيس اتحاد المصنعين ورئيس رئاسة أصحاب العمل والشركات في إسرائيل على خطوة إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل.
وقال إنه "منذ شهر ونصف ونحن في اتحاد المصنعين نحذر من هذا الأمر وهو السيناريو الأسوأ".
وأضاف: "للأسف، إسرائيل تتصرف بمتلازمة 'المرأة المعنّفة'. في البداية تنكر الواقع، ثم تقول إنه كان حادثاً، ثم 'تهرب'، والحقيقة تنفجر أخيراً أمام وجوهنا".
وانتقد تومر سياسة الحكومة الإسرائيلية، وقال إنه بينما يفعل أردوغان ما توعد به، فإن إسرائيل تتراخى. وأضاف: "قبل شهر بالفعل، طلبنا من وزارتي المالية والاقتصاد الرد على القرارات التركية السابقة بالتهديد ومن ثم تنفيذ فرض رسوم جمركية وقائية بنسبة 100٪ على تركيا للإشارة إلى أردوغان والعالم على حد سواء بأن إسرائيل لن تجلس بهدوء بشأن المقاطعة"، ولكن نتيجة للكسل وضياع الشرف الوطني، فقد فقدنا رسالة مهمة لكل من يسعى إلى مقاطعتنا، وهي أننا لن نقبل بهذا".
ودعا إلى فرض تعريفات وقائية بنسبة 100٪ لمدة ثلاث سنوات على جميع الواردات من تركيا وحظر بعض الواردات تماماً من هناك، ردا على إيقاف تركيا للتجارة مع إسرائيل.
وقال إنه يجب توصيل رسالة بأنه لا يستطيع اللعب معنا، وإن خطوته ستسبب رد فعل طويل الأمد.
وأضاف: "هذا سيسمح أيضاً للعديد من المصنعين المحليين الراغبين في الاستثمار وإنشاء خطوط إنتاج إضافية في إسرائيل بالحفاظ على استقلالهم الإنتاجي؛ لأن هناك مستقبلًا في السوق المحلي.
ورأى أن الوقت قد حان لتعزيز ما وصفه بـ"استقلال إسرائيل الإنتاجي في مجال الغذاء والبناء". وقال: "يجب على الحكومة أن تفعل كل ما في وسعها لتشجيع إنشاء وتوسيع مصانع الأغذية والبناء التي من شأنها زيادة كمية المواد الغذائية ومواد البناء. يتم إنتاجها في إسرائيل من أجل التخلص من الاعتماد على تركيا".