كيم جونغ أون يحطّم نصباً عملاقاً لتوحيد الكوريتين، فهل نحن أمام عملية دعائية أم تمهيد خطير للحرب؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2024/01/30 الساعة 17:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/30 الساعة 17:13 بتوقيت غرينتش
أشخاص يشاركون في الاحتفالات بيوم التحرير الوطني قبل سنوات بالقرب من قوس إعادة التوحيد في مدينة بيونغ يانغ، كوريا الشمالية/رويترز، أرشيفية

انتصب قوس إعادة التوحيد العملاق لأكثر من 20 عاماً على الطريق السريع الممتد من بيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية وصولاً إلى الحدود شديدة الحراسة مع كوريا الجنوبية، وذلك حتى يكون رمزاً للأمل في إعادة توحيد البلدين ذات يوم، بعد أن مزّقتهما الحرب، ولكن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون حطم النصب الذي يعادل ارتفاعه تسعة طوابق.

الأسبوع الجاري شهد تحول ذلك النصب التذكاري إلى غبار تذروه الرياح، وطار معه هدف المصالحة بين شمال وجنوب شبه الجزيرة الكورية تحت سيطرة بيونغ يانغ، وهو الهدف الذي راود ثلاثة أجيال متتالية من سلالة كيم الحاكمة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Telegraph البريطانية.

نصب توحيد كوريا هُدم بعد أن وصفه كيم جونغ أون بأنه قبيح المنظر وهذا يمهد لاحتلال الجنوب

ويصور النصب التذكاري سيدتين ترتديان الزي التقليدي وتحملان كرةً عليها خريطة كوريا الموحدة. وأظهرت لقطات الأقمار الصناعية الجديدة من موقع NK News الأمريكي أن النصب التذكاري، الذي يبلغ ارتفاعه تسعة طوابق، قد هُدِمَ بعد أيامٍ من وصف كيم جونغ أون له بأنه "قبيح المنظر".

ويزعم تقرير الصحيفة البريطانية أن بداية العام كانت تتميز بالنزوع إلى الحرب من جانب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وذلك حتى قبل هدم القوس. إذ تخلى علناً عن أهداف إعادة التوحيد التي كان يسعى إليها أجداده، وأعلن تغيير الدستور لتصنيف كوريا الجنوبية "عدواً رئيسياً" وتقنين "احتلالها بالكامل" في حالة الحرب.

أتت لهجة كيم الداعية للحرب مصحوبةً باختبارات لصواريخ باليستية ذات قدرات نووية، بالإضافة إلى منظومة أسلحة نووية مشتبه بها تحت الماء. 

وجاء ذلك في أعقاب كشف الاستخبارات الأمريكية أن روسيا أطلقت على أوكرانيا صواريخ باليستية حصلت عليها من كوريا الشمالية.

وفي يوم الأحد، 28 يناير/كانون الثاني، أطلقت كوريا الشمالية عدة صواريخ جوالة قبالة ساحلها الشرقي، وهي عملية الإطلاق الثانية في أقل من أسبوع.

أخطر وضع منذ 1950، وخبير غربي يحذر من اقتراب الحرب

وحذر خبراء غربيون في شؤون كوريا الشمالية من أن كيم لا يمر بنوبة غضب مفاجئة فحسب. إذ تشير تصرفاته إلى تحول غير مسبوق في الأيديولوجية؛ ما قد يدفع شعبه إلى طريق خطير ينتهي بصراع عرضي.

ويرى البعض أنه اختار إشعال صراع كهذا عن عمد.

حيث كتب محلل وكالة الاستخبارات المركزية السابق روبرت كارلين، والعالم النووي الذي زار كوريا عدة مرات سيغفريد هيكر، في موقع 38 North المرموق: "الوضع في شبه الجزيرة الكورية أخطر مما كان عليه في أي فترةٍ مضت منذ مطلع يونيو/حزيران عام 1950".

وقال الثنائي: "نحن على قناعةٍ بأن كيم جونغ أون اتخذ قراره الاستراتيجي بخوض الحرب، كما فعل جده في عام 1950. ولا نعلم متى أو كيف يخطط كيم لضغط الزناد، لكن الخطر تجاوز مرحلة التحذيرات الروتينية من واشنطن وسول وطوكيو بشأن (استفزازات) بيونغ يانغ".

وآخرون يرون أنه لا يريد الحرب ولكنها قد تقع بشكل عرضي 

يختلف غالبية المحللين مع التنبؤ المتشائم السابق، ويجادلون بأن كيم لن يخاطر بزوال نظامه في حرب شاملة. لكن العديد من المحللين يقرون بأن تهديداته المتجددة تثير القلق وسط عالمٍ يتسم بالتغيير السريع في خطوط المعارك والتحالفات الجيوسياسية.

ويعتقد خبراء مثل شون إن بوم، الجنرال المتقاعد الذي قاد القوات الخاصة الكورية الجنوبية في السابق، أن كيم قد يشارك في عدوان عسكري محدود الآن بعد أن أخذ خطوةً "كبيرة" برفض الارتباط التاريخي المشترك بين الشمال والجنوب.

كيم جونغ أون
تجربة صاروخية لكوريا الشمالية-رويترز، أرشيفية

وقال الجنرال شون: "هذا ليس مجرد خطاب".

وأوضح شون أن كيم فقد صبره على كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وربما "لا يمتلك القدرة على شن حرب كبرى"، لكن نقطة التوتر المحتملة قد تتمثل في مزاعمه المرتبطة بخط الحد الشمالي، الذي يمثل الحدود البحرية المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وأردف شون: "لقد ألمح ضمنياً إلى أنه لن يحترم ذلك الخط".

ينصب دولته كحليف متساوٍ مع الصين وروسيا.. وهكذا تبدّدت آمال نزع السلاح النووي

وقال ليف إريك إيزلي، أستاذ جامعة إيهوا في سول، إن تحوُّل كيم السياسي يبدو كمحاولةٍ لتبرير سعيه المكلّف لامتلاك صواريخ نووية وإخفاقه في تخفيف العقوبات، مع تقريب نفسه إلى روسيا والصين بدرجةٍ أكبر.

وأوضح إيزلي: "تستغل كوريا الشمالية الآن الجغرافيا السياسية للحرب الباردة الثانية حتى تصبح أكثر ترابطاً مع روسيا والصين -بدلاً من أن تكون معتمدةً عليهما. وتسعى بيونغ يانغ لإنعاش اقتصادها والتصرف كقوةٍ عسكرية أكثر أهمية من خلال التجارة مع دول مناهضة للغرب."

وأضاف إيزلي أن الخطوات العدوانية تضافرت معاً لتبديد آمال المصالحة ونزع السلاح النووي، ومن المرجح أن يكون دافع كيم هو تحميل كوريا الجنوبية المسؤولية عن سياساته المكلفة من أجل الاحتفاظ بالسلطة.

وتابع إيزلي: "من المحتمل أن نظام كيم يتلاعب بجمهوره السياسي المحلي، لكن هذه الخطوات تهدد بحدوث تصعيد غير مقصود واندلاع صراع غير متعمّد داخل شبه الجزيرة الكورية".

تحميل المزيد