11 مليار دولار.. ماذا نعرف صفقة الأسلحة الأضخم التي تبيعها أمريكا لتايوان؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/12/21 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/12/21 الساعة 14:18 بتوقيت غرينتش
الجيش التايواني - رويترز

وافقت الولايات المتحدة على صفقة بيع أسلحة لتايوان بقيمة 11.1 مليار دولار، وهي أكبر صفقة من نوعها، حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إن الجزيرة تتعرض لضغوط متزايدة للاستعداد لمواجهة الغزو الصيني المحتمل. 

لكن هذه الصفقة غير المسبوقة تهدد بتقويض انفراجة في العلاقات الأمريكية الصينية، إذ تأتي بعد أقل من شهرين من لقاء الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ في كوريا الجنوبية واتفاقهما على هدنة في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وكان ترامب يخطط لزيارة بكين في أبريل/نيسان 2026، وقد دعا شي لزيارة دولة إلى الولايات المتحدة في وقت لاحق من العام نفسه.

ما الذي نعرفه عن أكبر صفقة أسلحة تقدمها أمريكا لتايوان؟

تسابق تايوان الزمن لامتلاك أسلحة ردع أمريكية مع تصاعد الاحتمالات بشن بكين هجوم على الجزيرة التي تعتبرها إقليماً تابعاً لها. وبحسب وكالة رويترز٬ ستتضمن الحزمة، التي أعلنت عنها وزارة الخارجية الأمريكية، قاذفات صواريخ هيمارس، ومدفعية هاوتزر، وطائرات بدون طيار، وصواريخ جافلين المضادة للدبابات، وغيرها من الأسلحة.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان، إن صفقة الأسلحة المقترحة تشمل 8 أصناف، تتضمن أنظمة صواريخ مدفعية عالية الحركة "هيمارس" (HIMARS)، ومدافع "هاوتزر" (Howitzers)، وصواريخ "جافلين" (Javelin) المضادة للدبابات ومسيرات ذخيرة جوالة طراز ألتيوس (Altius)، فضلاً عن قطع غيار لمعدات أخرى.

في السياق٬ تضع هذه الصفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مرتبة متقدمة بكثير عن أسلافه من حيث القيمة الإجمالية لمبيعات الأسلحة إلى تايوان التي تم إخطار الكونغرس بها. وبعد تعديلها وفقًا للتضخم، فإن مبلغ 33.9 مليار دولار خلال فترة رئاسة ترامب (الأولى والثانية بما مجموعه 5 سنوات) يتجاوز المبلغ الذي تم التعهد به في عهد جورج دبليو بوش، والذي بلغ 24.6 مليار دولار.

إنفوجرافيك: ترامب هو الرئيس الأمريكي الأكثر بيعاً للأسلحة لتايوان - عربي بوست
إنفوجرافيك: ترامب هو الرئيس الأمريكي الأكثر بيعاً للأسلحة لتايوان – عربي بوست

وصرح مسؤولون أمريكيون لوكالة رويترز في بداية ولاية ترامب الثانية أنهم يخططون لزيادة مبيعات الأسلحة إلى تايوان إلى مستوى يتجاوز مستوى ولاية ترامب الأولى، وذلك في إطار جهد لردع الصين. يجب أن تتم الموافقة على الحزمة من قبل الكونجرس الأمريكي، حيث تحظى تايوان بدعم واسع من الحزبين.

في الشهر الماضي، تعهد رئيس تايوان لاي تشينغ تي بإنفاق 1.25 تريليون دولار تايواني جديد (40 مليار دولار أمريكي) على الأسلحة خلال السنوات الثماني المقبلة، وهو أكبر ميزانية دفاعية خاصة منذ أكثر من 30 عامًا. وأعلنت تايبيه أن جزءًا من هذه الميزانية سيُخصص لتطوير معدات وأنظمة دفاعية بالتعاون مع الولايات المتحدة. وتعهد لاي بتعزيز القدرات الدفاعية لتايوان لردع أي تهديد من الصين.

صرحت كارين كو، المتحدثة باسم مكتب الرئاسة التايوانية، بأن صفقات بيع الأسلحة "تؤكد متانة العلاقات" بين تايوان والولايات المتحدة. وأضافت أن تايوان ستواصل تعزيز قدراتها الدفاعية عسكرياً واجتماعياً.

من جهته٬ قال ويليام يانغ، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن حزمة الأسلحة "ستساعد في تعزيز ثقة تايوان بالتزام إدارة ترامب" بمساعدة تايبيه في الدفاع عن نفسها. كما أنها قد "تخفف من القلق المتزايد" بشأن "الرسائل المتضاربة" منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. 

وأضاف أن الحزمة تضمنت أسلحة "تم اختبارها في أوكرانيا وتُعد أساسية لجهود تايوان لتعزيز قدراتها غير المتكافئة" والحفاظ على الردع عبر مضيق تايوان.

أدانت وزارة الخارجية الصينية الإعلان، محذرةً من أن تايوان تمثل "خطاً أحمر أساسياً" في العلاقات مع الولايات المتحدة. وأضافت الوزارة "أن محاولة الولايات المتحدة مساعدة "استقلال تايوان" من خلال الأسلحة لن تؤدي إلا إلى نتائج عكسية، واستراتيجية استخدام تايوان لاحتواء الصين محكوم عليها بالفشل"٬ بحسب تعبيرها. 

تعتبر الصين تايوان جزءًا من أراضيها، ولم تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. وقد صرّح الرئيس شي جين بينغ لترامب في مكالمة هاتفية في نوفمبر/تشرين الثاني 2025 بأن "عودة تايوان إلى الصين" تُعدّ جزءًا أساسيًا من رؤية بكين للنظام العالمي.

بكين تتوعد.. كيف ردت الصين على الصفقة الأمريكية؟

قالت وزارة الدفاع الصينية، إن الجيش الصيني سيكثف تدريباته و"سيتخذ إجراءات قوية" لحماية سيادة البلاد وسلامة أراضيها، وذلك رداً على حزمة مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان بقيمة 11.1 مليار دولار.

وقالت بكين إنها قدمت "احتجاجات صارمة" إلى الولايات المتحدة، وحثتها على وقف مبيعات الأسلحة فوراً إلى تايوان والالتزام بتعهدها بعدم دعم "قوى استقلال تايوان". وأضافت في بيان: "تحول القوى الانفصالية الساعية لـ"استقلال تايوان" على حساب أمن مواطني تايوان وسلامتهم، الأموال التي كسبها الناس العاديون بشق الأنفس إلى جيوب تجار الأسلحة الأمريكيين في محاولة للسعي إلى الاستقلال بالاعتماد على القوة العسكرية".

وأشارت الوزارة إلى أن الولايات المتحدة بتراجعها المتكرر عن وعودها وتساهلها ودعمها لاستقلال تايوان ستلحق الضرر بنفسها. وقالت: "سيواصل جيش التحرير الشعبي الصيني تكثيف التدريب والاستعداد القتالي، واتخاذ تدابير قوية لحماية السيادة الوطنية وسلامة الأراضي، وإحباط محاولات النزعة الانفصالية بتايوان والتدخل الخارجي بحزم". ولم تكشف الوزارة عن طبيعة الخطوات التي تعتزم اتخاذها بالتحديد.

كما صرحت السفارة الصينية في الولايات المتحدة بأن "الحكومة الصينية أكدت على ضرورة عدم الاستهانة بتصميم بكين وقدرتها على حماية سلامة أراضيها". وأضافت السفارة بأن تايوان -موطن شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية (المدرجة في بورصة نيويورك تحت الرمز: TSM) وهي أكبر مصنع متخصص في تصنيع الرقائق في العالم- هي "جوهر المصالح الأساسية للصين" و"الخط الأحمر الأول الذي لا يجب تجاوزه في العلاقات الصينية الأمريكية".

ولا تزال التوترات بين الصين وتايوان قائمة٬ وهددت بكين مراراً بالسيطرة عليها عسكرياً. وكثف جيش التحرير الشعبي مناوراته حول تايوان في السنوات الأخيرة، بما في ذلك التوغلات المنتظمة التي يقوم بها سلاحه الجوي في المنطقة العازلة التي أعلنتها تايوان من جانب واحد.

أما الولايات المتحدة فقد انتهجت لعقود سياسة "الغموض الاستراتيجي" تجاه تايوان فيما يتعلق بمدى استعدادها للدفاع عنها ضد أي هجوم. وقد صرّح مسؤولون في الاستخبارات والجيش الأمريكيون بأنهم يعتقدون أن شي جين بينغ قد أمر جيش التحرير الشعبي بالاستعداد لغزو تايوان بحلول عام 2027.

كيف تستعد تايوان للحرب؟

بضغوط من الولايات المتحدة، تعمل تايوان على تحويل قواتها المسلحة لتكون قادرة على شن "حرب غير متكافئة"، باستخدام أسلحة متنقلة وأصغر حجماً، وأقل تكلفة في كثير من الأحيان، والتي لا تزال قادرة على توجيه ضربات محددة، مثل الطائرات المسيرة.

وقد صرح الرئيس السابق جو بايدن مراراً وتكراراً بأن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان في حالة الغزو الصيني، لكن ترامب كان أكثر غموضاً وضغط على تايوان لإنفاق المزيد على الدفاع وتحسين الجاهزية القتالية.

وأجرت تايوان هذا العام أول تدريب واقعي وشامل للدفاع المدني يحاكي سيناريوهات زمن الحرب. كما شملت تدريبات "هان كوانغ" السنوية بالذخيرة الحية في تايوان المزيد من سيناريوهات الدفاع عن المدن، بالإضافة إلى صواريخ جافلين، ولأول مرة، صواريخ هيمار الأمريكية الصنع.

ويقول روبرت هاموند تشامبرز، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي التايواني: "هذه الحزمة من الأسلحة هي رد على التهديد من الصين وتعكس مطالبة الرئيس ترامب للشركاء والحلفاء ببذل المزيد من الجهد لتأمين دفاعهم الخاص، ما زلنا نشهد إعطاء الأولوية للمنصات والذخائر التي تتصدى لهجوم على غرار هجوم يوم النصر على الجزيرة".

كيف يمكن أن تقهر الصين تايوان دون إطلاق رصاصة واحدة؟
الأزمة بين الصين وتايوان – تعبيرية (عربي بوست)

وترفض الحكومة التايوانية مطالبات بكين بالسيادة على الجزيرة، قائلة إن شعبها هو الوحيد الذي يمكنه تقرير مستقبله. ورفضت الصين عروضاً متكررة لإجراء محادثات مع رئيس تايوان لاي تشينج-ته، قائلة إنه "انفصالي". ولم تستبعد استخدام القوة للسيطرة على الجزيرة.

وسعت وزارة الدفاع التايوانية هذا الأسبوع إلى تشديد قواعد التجنيد الإجباري لتقليص قائمة الإعفاءات بعد سلسلة من الفضائح التي تورط فيها مشاهير قاموا بتزوير سجلاتهم الطبية للتهرب من الخدمة العسكرية التي تستمر لمدة عام.

وتصاعدت التوترات الإقليمية بين الولايات المتحدة والصين بشكل أكبر الأسبوع الماضي، حيث انضمت قاذفات بي-52 الأمريكية إلى الطائرات المقاتلة اليابانية في دوريات بحر اليابان رداً على المناورات العسكرية الصينية الروسية.

تحميل المزيد