لماذا سعى ترامب لضم كازاخستان إلى “اتفاقيات إبراهيم” مع إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/11/07 الساعة 11:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/11/07 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش
لماذا سعى ترامب لضم كازاخستان إلى “اتفاقيات إبراهيم” مع إسرائيل؟ /عربي بوست

وسط المساعي الأمريكية لتعزيز وتلميع صورة الاحتلال الإسرائيلي، التي تضرّرت بشدة بسبب الحرب على غزة، أعلن الرئيس دونالد ترامب، الخميس 6 نوفمبر/تشرين الثاني، أن كازاخستان ستنضم إلى اتفاقيات إبراهيم، التي تُطبّع العلاقات بين إسرائيل ودول ذات أغلبية مسلمة.

وجاء هذا الإعلان عقب اتصال هاتفي أجراه ترامب وضمّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف.

وبدت الخطوة التي أعلنها ترامب، والتي وُصفت بـ"الرمزية"، محدودة النطاق نسبياً، نظراً لأن كازاخستان لديها بالفعل علاقات مع إسرائيل، بعد أن أقامت علاقات دبلوماسية مع تل أبيب في عام 1992، بعد وقت قصير من انفصالها عن الاتحاد السوفييتي.

وستكون كازاخستان أول دولة غير عربية ذات أغلبية مسلمة تنضم إلى الاتفاقية. وفي عام 2020، وخلال ولاية ترامب الأولى، وافق المغرب والإمارات والبحرين والسودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ووقّعت تلك الدول ما بات يُعرف بـ"اتفاقيات إبراهيم".

ويُبدي ترامب تفاؤلاً بشأن احتمال انضمام السعودية إلى الاتفاقيات أخيراً منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في غزة الشهر الماضي، لكن الرياض لم تُظهر أي استعداد للمضي قُدماً دون وجود مسار لإقامة دولة فلسطينية على الأقل.

ما تفاصيل إعلان ترامب؟

قال ترامب خلال حفل عشاء حضره رؤساء كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، وقرغيزيا، صدر جباروف، وطاجيكستان، إمام علي رحمان، وتركمانستان، سردار بردي محمدوف، وأوزبكستان، شوكت ميرضيائيف: "يسرني جداً أن أعلن أن كازاخستان وافقت رسمياً على الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم".

وكتب ترامب على موقع تروث سوشيال: "سنعلن قريباً عن حفل توقيع لإضفاء الطابع الرسمي، وهناك العديد من الدول الأخرى التي تسعى للانضمام إلى نادي القوة هذا".

وقالت حكومة كازاخستان في بيان إن الأمر في المرحلة النهائية من المفاوضات.

وأضافت: "يمثّل انضمامنا المتوقع إلى اتفاقيات إبراهيم استمراراً طبيعياً ومنطقياً لنهج السياسة الخارجية الكازاخستانية القائم على الحوار والاحترام المتبادل والاستقرار الإقليمي".

والتقى ترامب بتوكاييف إلى جانب أربعة زعماء آخرين من آسيا الوسطى في البيت الأبيض، وذلك في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى كسب نفوذ في منطقة لطالما هيمنت عليها روسيا وتتقرّب إليها الصين بشكل متزايد.

وكان المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، قد قال في وقت سابق في منتدى للأعمال في فلوريدا إنه سيعود إلى واشنطن لحضور الإعلان، دون أن يسمّي البلد التي ستنضم إلى الاتفاقيات.

وذكر موقع أكسيوس أولاً أن الدولة ستكون كازاخستان.

ماذا نعرف عن علاقات كازاخستان وإسرائيل؟

لدى كازاخستان علاقات دبلوماسية كاملة وعلاقات اقتصادية مع إسرائيل، وتُعتبر كازاخستان مصدراً مهماً للواردات النفطية وسوقاً مربحة للأسلحة الإسرائيلية، وفق إعلام عبري.

ويمكن حصر أبرز أشكال التعاون بين البلدين في النقاط التالية:

أولاً: النفط

  • بينما لا تنشر إسرائيل أي معلومات حول مصدر نفطها المستورد، تشير التقارير المالية لاثنتين من أكبر مصافي النفط الإسرائيلية إلى البحر الأسود وبحر قزوين، حيث يتم شحن البترول من كازاخستان وغيرها من دول آسيا الوسطى المنتجة للنفط إلى أسواق البحر المتوسط.
  • وقدّر غابرييل ميتشيل، زميل السياسة في مؤسسة Mitvim البحثية، أنّ نحو 10% إلى 20% من الواردات النفطية الإسرائيلية تأتي من كازاخستان، كما تصل النسبة في بعض الأحيان إلى 25%.

ثانياً: الأسلحة

  • يُعتبر حجم مبيعات الأسلحة لكازاخستان صغيراً نسبياً، لكنها تظل شديدة الأهمية حيث تمتلك كازاخستان الكثير من الأموال لإنفاقها بفضل ثروة الطاقة، رغم أنّها تشتري أسلحةً أقل من أذربيجان المجاورة.
  • وقد وقعت إسرائيل مع كازاخستان على اتفاقٍ دفاعي عام 2014 دون الكشف عن تفاصيله، لكن يبدو أن الصفقة تتعلّق في الأساس بمبيعات الأسلحة، بحسب صحيفة هآرتس. 
  • وبشكلٍ عام، لا تمثل كازاخستان نفس الأهمية الاستراتيجية لإسرائيل بقدر الدول الأخرى التي تقع على حدود إيران، مثل أذربيجان وتركمانستان.
  • كما باعت كافة شركات الدفاع الإسرائيلية الكبرى منتجاتٍ للقوات المسلحة والشرطة الكازاخية، وهذا يشمل الطائرات المسيّرة والصواريخ الموجهة وأنظمة الرادار ومعدات الاتصال. 
  • وفي مايو/أيار 2022، بدأ مصنع ومركز صيانة تُديرهما شركة Kazakhstan Aviation Industry في إنتاج مركبات مسيّرة برخصةٍ من شركة Elbit Systems الإسرائيلية.

ثالثاً: الأمن السيبراني

  • برزت كازاخستان أيضاً كسوقٍ لأدوات الأمن السيبراني؛ ففي شهر أبريل/نيسان 2022، وجد تحليلٌ لمنظمة العفو الدولية أنّ هواتف أربعة نشطاء -على الأقل- ناقدين لحكومة كازاخستان قد تمت إصابتها ببرامج تجسس شركة NSO Group الإسرائيلية، إلى جانب شركتين أخريين من إسرائيل، Verint Systems وNice، قامتا ببيع أنظمة مراقبة لوكالات أمنية في آسيا الوسطى -منها وكالات كازاخية.
  • علاوةً على معدات المراقبة، تُشير تقارير إلى قيام شركة Beit Alfa Technologies ببيع 17 مدرعة مكافحة شغب لكازاخستان قبل عقدٍ من الزمن.

رابعاً: التجارة

  • أفادت لجنة الإحصاء التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني الكازاخستانية أن حجم التجارة الكازاخستانية الإسرائيلية في عام 2024 بلغ 236 مليون دولار، مقارنة بـ462 مليون دولار في عام 2023، و 882 مليون دولار في عام 2022.
  • وقدر دانيال تارتاكوفسكي، المدير التنفيذي لجمعية الأعمال الكازاخستانية الإسرائيلية، أن هناك حوالي 140 شركة تضم إسرائيليين مسجلين في كازاخستان، وتعمل بشكل رئيسي في الزراعة والأدوية والطاقة والبناء.
  • وفي عام 2004، أنشأت إسرائيل غرفة التجارة الإسرائيلية الكازاخستانية بهدف تطوير وتوسيع العلاقات التجارية والاقتصادية.

ماذا يعني انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات إبراهيم؟

أولاً: كسر عزلة إسرائيل

تحاول واشنطن جاهدة كسر عزلة إسرائيل دولياً، لا سيما بعد الانتقادات والاحتجاجات واسعة النطاق بشأن انتهاكاتها في الحرب على غزة.

وقال ترامب لموقع أكسيوس الشهر الماضي إنه، مع العزلة الشديدة التي تعاني منها إسرائيل بسبب الحرب على غزة، فإن إحدى أولوياته ستكون استعادة الدعم الدولي لتل أبيب بمجرد انتهاء الحرب.

وقال مسؤولون أمريكيون إن إعلان يوم الخميس يهدف إلى أن يكون بمثابة خطوة أولى في إصلاح مكانة إسرائيل في العالم العربي والإسلامي، ويعتقدون أن إضافة المزيد من الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى اتفاقيات إبراهيم يمكن أن يعزّز الشرعية الدولية لإسرائيل.

الاحتلال
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية/ رويترز

ثانياً: توسيع اتفاقيات إبراهيم

في حين أن كازاخستان وإسرائيل تربطهما علاقات دبلوماسية كاملة منذ أكثر من 30 عاماً، فإن هذه الخطوة تهدف إلى تنشيط اتفاقيات إبراهيم، التي توقّف توسيعها خلال حرب غزة، كإطار تقوده الولايات المتحدة للتعاون بين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي خارج نطاق الشرق الأوسط، وفقاً لتقرير لمجلة ذا ناشيونال إنترست.

وتعتقد إدارة ترامب أن إضافة الدولة ذات الأغلبية المسلمة إلى اتفاقيات إبراهيم من شأنه أن يُنعش الزخم للمبادرة التي تلقّت ضربة كبيرة نتيجة للحرب على غزة، حسبما قال مسؤول أمريكي لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وقال ترامب مراراً إنه يريد توسيع الاتفاقيات التي توسط فيها خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض.

ويُنظر إلى دول أخرى في آسيا الوسطى، مثل أذربيجان وأوزبكستان، وكلاهما تربطهما علاقات وثيقة مع إسرائيل، على أنها قد تنضم إلى اتفاقيات إبراهيم، وفق وكالة رويترز.

ثالثاً: كسب ود واشنطن والحصول على أكبر عدد ممكن من الشركاء

وبالنسبة لكازاخستان، التي وقّعت أيضاً اتفاقية مع الولايات المتحدة بشأن المعادن الأساسية، تأتي خطوة التطبيع مع إسرائيل فرصة لكسب ود واشنطن، بحسب تقرير المجلس الأطلسي.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الخطوة تُظهر كيف تجد الدول طرقاً مبتكرة لمنح ترامب انتصارات سياسية بتكلفة زهيدة.

وتسعى كازاخستان، التي تقع بين روسيا والصين، إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من الشركاء، وترغب أستانا في بناء علاقة أكثر فاعلية مع الولايات المتحدة وأوروبا.

كما يأمل الرئيس توكاييف أن تستثمر الشركات الأمريكية في كازاخستان، لا سيما في مواردها المعدنية الهائلة وصناعاتها التكنولوجية المتقدمة.

رابعاً: مواجهة النفوذ الروسي الإيراني

بحسب تقرير المجلس الأطلسي، فإن الحصول على تأييد جهات فاعلة رئيسية في منطقة آسيا الوسطى مثل كازاخستان، بما تتمتع به من رواسب غنية بالغاز واليورانيوم وموقع على مشارف بحر قزوين، يمنح الولايات المتحدة وإسرائيل تفوّقاً استراتيجياً على روسيا وإيران في مناطق كانت تُعتبر تقليدياً مجال نفوذهما الحصري.

تحميل المزيد