الكشف عن بنود عقد بين إسرائيل وأمازون وجوجل.. تل أبيب حصّنت نفسها لمنع الإفصاح عن بياناتها خشية الملاحقات القضائية

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/30 الساعة 12:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/30 الساعة 12:23 بتوقيت غرينتش
الوحدة 8200 الإسرائيلية استخدمت أنظمة ذكاء اصطناعي متعددة الطبقات خلال الحرب على غزة- IDF

كشف تحقيق عن بنود خاصة وضعتها الحكومة الإسرائيلية للتوقيع على عقود مشروع "نيمبوس" للحوسبة السحابية في عام 2021 مع شركتَي جوجل وأمازون، تتيح لها التحايل على الأوامر القانونية بشأن استخدامها للتكنولوجيا في الضفة الغربية المحتلة وغزة، ولضمان عدم تقييد استخدامها لمنتجات الشركتين، حتى لو خالف ذلك شروط الخدمة.

وأفاد التحقيق، الذي أجرته صحيفة الغارديان البريطانية بالتعاون مع مجلة +972 وموقع لوكال كول الإسرائيليين، أن شركتَي جوجل وأمازون خضعتا لـ"ضوابط" غير تقليدية للغاية أدخلتها إسرائيل في الصفقة التي بلغت قيمتها 1.2 مليار دولار.

يُذكر أن الإعلان عن توقيع العقد بين شركة جوجل والحكومة الإسرائيلية كان قد قوبل باحتجاجات واسعة منذ عام 2021. وعارض موظفو الشركة علاقاتها مع إسرائيل، وقال المحتجون إن مشروع نيمبوس يدعم تطوير الأدوات العسكرية من قبل حكومة الاحتلال.

إسرائيل
جندي إسرائيلي من الوحدة 8200 الاستخباراتية – DIF

يأتي ذلك، بينما أشارت تقارير عدة إلى توظيف الاحتلال الإسرائيلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي ولخدمات شركات التكنولوجيا، وفي مقدّمتها جوجل ومايكروسوفت، في حربه على غزة.

ما هي الشروط التي طالبت إسرائيل بإدراجها؟

كشفت وثائق مسرّبة من وزارة المالية الإسرائيلية، حصلت عليها صحيفة الغارديان ومصادر مطّلعة على المفاوضات، عن مطلبَين صارمَين فرضتهما إسرائيل على شركتَي التكنولوجيا العملاقتين كجزء من الصفقة.

أولاً: منع تقييد أو وقف الخدمات السحابية المقدّمة للحكومة الإسرائيلية، حتى لو خالف ذلك شروط الخدمة

  • بحسب الوثائق المسرّبة ومصادر مطّلعة على المناقشات الداخلية، أعرب المسؤولون الإسرائيليون عن قلقهم من إمكانية تقييد الوصول إلى خدمات جوجل أو أمازون السحابية أو وقفها تماماً — إما نتيجة لحكم محكمة أجنبية، أو قرار أحادي الجانب من جانب الشركات نفسها، استجابةً لضغوط من الموظفين أو المساهمين.
  • وأعرب المسؤولون عن قلقهم بشكل خاص من أن الناشطين ومنظمات حقوق الإنسان قد يستغلّون القوانين في بعض البلدان الأوروبية لمقاضاة الشركات والضغط من أجل إنهاء علاقاتها التجارية مع إسرائيل، خاصة إذا كانت منتجاتها مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان.
  • وفي الشهر الماضي، وبعد أن كشف تحقيق آخر لمجلة +972 وصحيفة الغارديان أن إسرائيل انتهكت شروط خدمة مايكروسوفت من خلال استخدام منصتها السحابية لتخزين كمية هائلة من المكالمات الهاتفية التي تم اعتراضها والتي أجراها فلسطينيون، ألغت مايكروسوفت وصول الجيش الإسرائيلي إلى بعض خدماتها.
  • في المقابل، تحظر بنود عقد "نيمبوس" تحديداً على جوجل وأمازون فرض عقوبات مماثلة على إسرائيل، حتى في حال تغيّرت سياسات الشركتَين أو انتهاك استخدام إسرائيل للتكنولوجيا لشروط خدمتهما.
  • وقالت تقارير إن استعداد الشركتين لقبول هذه الشروط كان أحد أسباب فوزهما بعقد نيمبوس. وقالت مصادر استخباراتية لصحيفة الغارديان إن إسرائيل خطّطت لنقل كنزها من أنظمة المراقبة من سحابة مايكروسوفت إلى منصة أمازون بعد أن حجبت الأولى وصولها إليها.
  • ويبدو أن جوجل كانت تدرك أنها ستتخلى إلى حدٍّ كبير عن السيطرة على كيفية استخدام إسرائيل لتكنولوجيتها، على الرغم من ادعائها مراراً وتكراراً بأن منتجاتها تُستخدم فقط من قبل الوزارات الحكومية الإسرائيلية التي "توافق على الامتثال لشروط الخدمة وسياسة الاستخدام المقبول لدينا".
  • وأفاد موقع ذا إنترسبت العام الماضي أن عقد نيمبوس خضع لمجموعة سياسات "مُعدّلة" متفق عليها بين جوجل وإسرائيل، وليس لسياسة الشركة العامة لشروط خدمة الحوسبة السحابية.
  • وأوضحت وثيقتان اطّلع عليهما الموقع الأمريكي أن مشروع نيمبوس ينطوي على تعاون وثيق بين جوجل وأجهزة الأمن الإسرائيلية، من خلال إنشاء فريق سرّي داخل الشركة، ويتألف هذا الفريق من مواطنين إسرائيليين داخل الشركة يحملون تصاريح أمنية، ومُصمَّم "لتلقّي معلومات من إسرائيل لا يمكن مشاركتها مع جوجل".

ثانياً: إلزام الشركتين بإخطار إسرائيل سراً إذا طلبت سلطات بلد ما تزويدها ببيانات تل أبيب المخزّنة على منصاتهما السحابية

  • تكشف الوثائق أن المسؤولين الإسرائيليين طالبوا ببند في العقد يُلزم الشركتين بإخطار إسرائيل سراً إذا ما طالبت سلطات بلدٍ ما بتزويدها بالبيانات الإسرائيلية، من أجل إجراء تحقيق في حال انتهكت تل أبيب القانون الدولي من خلال استخدام الخدمات التي تقدّمها الشركتان.
  • وكان المسؤولون الإسرائيليون الذين صاغوا العقد قد توقّعوا بالفعل احتمال رفع دعاوى قضائية ضد جوجل وأمازون بشأن استخدام تقنياتهما في الأراضي المحتلة.
  • ويسمح قانون الحوسبة السحابية لوكالات إنفاذ القانون الأمريكية بإجبار مقدّمي الخدمات السحابية في الولايات المتحدة على تسليم البيانات، حتى لو تمّ تخزينها على خوادم في الخارج. وفي الاتحاد الأوروبي، يمكن لقوانين العناية الواجبة أن تُلزم الشركات بتحديد ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في المنصات السحابية الخاصة بها، وقد تتدخّل المحاكم إذا لم يتم الوفاء بهذه الالتزامات.
  • والأهم من ذلك، أن الشركات التي تتلقى أمراً بتسليم بيانات غالباً ما تُمنع من قِبل المحكمة أو جهة إنفاذ القانون من الكشف عن تفاصيل الطلب للعميل المعني.
  • ولمعالجة هذه الثغرة، أوضح التحقيق أن إسرائيل اشترطت على الشركتين استخدام رمز سرّي يُعرف بـ"آلية الغمز"، للتحايل على الأوامر القانونية الأجنبية التي قد تُلزم الشركتين بتسليم بيانات إسرائيلية لسلطات دول أخرى.
  • وبحسب التحقيق، يتم تنفيذ هذه الآلية من خلال قيام الشركتين بإبلاغ الحكومة الإسرائيلية بطريقة سرّية من خلال استخدام مدفوعات مالية، في حال أقدمتا على تسليم بيانات إسرائيل بموجب أوامر قضائية في الخارج، بحيث يكون المبلغ المدفوع مطابقاً لرمز الاتصال الدولي للدولة المعنية.
  • فعلى سبيل المثال، إذا أُجبرت جوجل أو أمازون على مشاركة بيانات مع السلطات الأمريكية (رمز الاتصال +1)، ومُنعتا من قبل محكمة أمريكية من الكشف عن هذا الإجراء، فستُحوّلان 1000 شيكل إسرائيلي إلى إسرائيل. وإذا قُدّم طلب مماثل في إيطاليا (رمز الاتصال +39)، فستُرسلان 3900 شيكل إسرائيلي بدلاً من ذلك. وينص العقد على وجوب سداد هذه المدفوعات "خلال 24 ساعة من نقل المعلومات".
  • وإذا خلصت جوجل أو أمازون إلى أن شروط أمر حظر النشر تمنعهما حتى من الإشارة إلى الدولة التي تلقت البيانات، يتعيّن عليهما دفع مبلغ 100 ألف شيكل (30 ألف دولار) للحكومة الإسرائيلية.
  • ووصف خبراء قانونيون، من بينهم عدد من المدعين العامين الأمريكيين السابقين، هذا الإجراء بأنه غير معتاد للغاية، موضحين أن الرسائل المشفّرة قد تنتهك الالتزامات القانونية للشركات في الولايات المتحدة بالحفاظ على سرية أمر الاستدعاء.
  • ووصف العديد من الخبراء الآخرين هذه الآلية بأنها حلّ "ذكي" يمكن أن يتوافق مع نص القانون، ولكن ليس مع روحه.

ما هو مشروع نيمبوس؟

  • مشروع نيمبوس هو اتفاق بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وشركتي غوغل وأمازون بقيمة 1.2 مليار دولار، يهدف إلى توفير خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي لإسرائيل. وتم الإعلان عن المشروع في عام 2021 من قبل وزارة المالية الإسرائيلية.
  • في ظاهره، كان الاتفاق يتعلق بتوفير خدمات الحوسبة السحابية بشكل مشترك بين غوغل وأمازون، بهدف مساعدة إسرائيل في بناء مراكز خوادم لتخزين البيانات بشكل محلي. 
  • لكن مع مرور الوقت، تم الكشف عن تفاصيل مثيرة تتعلق باستخدام هذه الخدمات لأغراض مراقبة، حيث منحت إسرائيل قدرات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل التعرف على الوجوه والصور، والتي تستخدم في المراقبة الجماعية للفلسطينيين. 
  • كما تضمن المشروع تقنيات متقدمة لتتبع الأشياء وتحليل المشاعر، وهي تقنية يُحتمل أن تكون عرضة لمخاطر كبيرة في حال تم استخدامها بشكل غير أخلاقي.

كيف تم استخدام مشروع نيمبوس في الحرب على غزة؟

  • قال خبراء إن جيش الاحتلال اعتمد على مشروع نيمبوس في حربه التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في غزة، وهي "القتل الجماعي للفلسطينيين بواسطة الآلات".
  • ونقلت وكالة الأناضول عن أنتوني لوينشتاين، مؤلف كتاب "المختبر الفلسطيني"، وهو كتاب نال استحساناً واسع النطاق حول صناعة الأسلحة والمراقبة في إسرائيل، أن "شركتي غوغل وأمازون تدعمان عمداً الإجراءات الإسرائيلية".
  • وقال إيرن كوهين، الضابط والمنظّم في نقابة عمال التكنولوجيا المتحدة والحلفاء (UTAW)، لوكالة الأناضول، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم تقنية غوغل كلاود كجزء من اتفاقية مشروع نيمبوس "السرية للغاية".
  • وأكّد تقرير آخر نشرته مجلة تايم أن غوغل "تقدّم خدمات الحوسبة السحابية لوزارة الدفاع الإسرائيلية… وتفاوضت على تعميق شراكتها أثناء حرب إسرائيل في غزة".
تحميل المزيد