تستخدم إسرائيل منطقة "الخط الأصفر" في قطاع غزة، وهي منطقة وُضعت ضمن المرحلة الأولى من خطة ترامب، كذريعة لانتهاك وقف إطلاق النار. هذه الممارسات تأتي بالتوازي مع بدء الجيش بتحويل الخط الوهمي إلى محدد عبر وضع علامات على طول الخط.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، انسحب جيش الاحتلال من عمق محافظات قطاع غزة، إلى ما يعرف بـ"الخط الأصفر" الذي تنص عليه المرحلة الأولى من الاتفاق، ومنذ ذلك اليوم سجلت الجهات الرسمية الفلسطينية عشرات الانتهاكات الإسرائيلية على امتداده.
ووفق خطة ترامب، فإن منطقة "الخط الأصفر" تمثل الانسحاب الأولي في إطار المرحلة الأولى، على أن يتم الانسحاب الثاني مع بدء نشر القوات الدولية في إطار المرحلة الثانية، يليه ذلك انسحاب نحو منطقة أمنية عازلة.
وبحسب الخرائط التي نُشرت لخطوط الانسحاب، فإن جيش الاحتلال سيبقى مسيطراً على أكثر من 50% من مساحة قطاع غزة، إلى حين تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.
وقبل أيام، شهد قطاع غزة تصعيداً كبيراً بعد مزاعم إسرائيلية بمقتل جنديين داخل حدود منطقة "الخط الأصفر" جراء هجوم للمقاومة على عصابة ياسر أبو شباب.
ما هي حدود "الخط الأصفر"؟
أعلن جيش الاحتلال، الإثنين 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بدء مهمة ترسيم "الخط الأصفر" في قطاع غزة، بناءً على توجيهات المستوى السياسي في إسرائيل.
وزعم الجيش أن هذه العملية تهدف إلى رسم حدود واضحة في المنطقة الفاصلة بين مناطق عمليات الجيش والمناطق المخصصة لحركة المدنيين.
يتم تنفيذ وضع العلامات باستخدام كتل خرسانية، ثُبت عليها عمود أصفر بارتفاع 3.5 متر، وُضع على مسافات تقارب 200 متر على طول الخط.
وكان وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد أوعز بوضع العلامات وسواتر على طول "الخط الأصفر"، مهدداً باستهداف أي شخص يبقى في المنطقة دون سابق إنذار.

وبحسب الخرائط، فإن منطقة "الخط الأصفر" تقتضم كل منطقة رفح جنوب القطاع، وأجزاء كبيرة من المناطق الشرقية لمحافظات خان يونس والوسطى ومدينة غزة.
أما من الشمال، فإن "الخط الأصفر" يستقطع كل مدينة بيت حانون، وأجزاء واسعة من الشمال بخط طولي يصل إلى 2.7 كم.
ويزعم جيش الاحتلال أن الخط الأصفر يهدف إلى تخفيف الاحتكاك، وتحسين التنسيق الأمني في ظل التطورات، بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم".
هل يسعى الاحتلال لتكريس الأمر الواقع بترسيم "الخط الأصفر"؟
تتزايد التقديرات الإسرائيلية بأن خطة ترامب ستواجه عقبات كبيرة جداً في تنفيذ المرحلة الثانية منها، والتي تتمثل في:
- نشر قوات دولية في قطاع غزة.
- تشكيل هيئة فلسطينية انتقالية تخضع لما يسمى "مجلس السلام".
- بدء نزع سلاح حركة حماس.
وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن المحاولات الأولى لترسيم الحدود تتمثل في وضع خط افتراضي بين الأنقاض وحدود مناطق لم تُحدد بعد لكلا الطرفين.
وتضيف الصحيفة أنه ليس عبثاً أن يصدر كاتس تعليماته بوضع "حجارة حدود صفراء" على الخط الأصفر، الذي يظهر حالياً فقط على الخرائط، مشيرةً إلى أنه خلافاً للتصريحات، فإن هذه الأحجار الحدودية مخصصة لعلامات الحدود الدولية، على غرار الخط الأزرق الفاتح على الحدود مع لبنان وسوريا.
وأشارت إلى أنه إذا فشلت مفاوضات المرحلة الثانية من خطة ترامب، والتي تُعد المرحلة الشاملة والنهائية في إطار تسوية طويلة الأمد، فليس من المستبعد أن تتحول هذه الحجارة الحدودية الصفراء بين عشية وضحاها إلى سياج حدودي ثم إلى عائق حقيقي يقلص من مساحة قطاع غزة ويوسع منطقة النقب العربي، ما يفتح المجال لإقامة مستوطنات إسرائيلية في هذه المناطق، من سلسلة مرتفعات مستوطنة "نيسانيت" شمالاً، وحتى أطراف ما كان يُعرف بـ"كتلة قطيف" جنوباً.
ويقع هذان القطاعان الآن على الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر، ولعل هذا هو السبب في استمرار وجود الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير في الحكومة، رغم إبرام الصفقة، بحسب الصحيفة.
وتستبعد الصحيفة إمكانية تنازل حركة حماس عن أسلحتها الهجومية، زاعمة أن مخزونها اكتسب الأسبوع الماضي تلك الأسلحة التي كانت بحوزة عشائر في غزة تعاونت مع إسرائيل ضد الحركة.
هل يخترق الاحتلال الإسرائيلي اتفاق "الخط الأصفر"؟
بحسب معطيات ميدانية والخرائط التي اطّلع عليها "عربي بوست"، فإن الاحتلال الإسرائيلي يتواجد في بعض المناطق خارج "الخط الأصفر" المحدد وفق الاتفاق.
ويفرض الاحتلال سيطرة نارية على امتدادات واسعة من "الخط الأصفر"، وعلى سبيل المثال، فإنه يسيطر على نحو 800 متر جنوب الخط الأصفر في شمال قطاع غزة، و1.5 كم في بعض المناطق الشرقية في شمال القطاع ومدينة غزة.

الأمر ذاته في خان يونس، فإن الاحتلال الإسرائيلي يمنع المواطنين من الوصول إلى بعض المناطق في المدينة، مثل القرارة وقيزان النجار، وفي رفح يستقطع المدينة بأكملها، بما فيها المناطق التي هي خارج "الخط الأصفر"، عبر السيطرة النارية من الجو.
ما أبرز الانتهاكات الإسرائيلية عبر "الخط الأصفر"؟
بحسب بيان صادر عن مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فإن الاحتلال ارتكب أكثر من 80 خرقاً، أسفر عن استشهاد 97 فلسطينياً، وإصابة 21 آخرين.
وتنوّعت هذه الخروقات بين جرائم إطلاق النار المباشر على المواطنين، وجرائم القصف والاستهداف المتعمّد، وتنفيذ أحزمة نارية، واعتقال عدد من المواطنين المدنيين، بحسب البيان.
وقال الإعلام الحكومي إن هذه الاعتداءات نفذها الاحتلال باستخدام الآليات العسكرية والدبابات المتمركزة على أطراف الأحياء السكنية، والرافعات الإلكترونية المزودة بأجهزة استشعار واستهداف عن بُعد، إضافة إلى الطائرات الحربية المقاتلة والطائرات المسيّرة (الكواد كابتر) التي تواصل التحليق فوق المناطق السكنية بشكل يومي، وتنفذ عمليات إطلاق نار واستهداف مباشر للمدنيين.

وبحسب بيانات حصل عليها "عربي بوست"، فإن انتهاكات الاحتلال لوقف إطلاق النار عبر "الخط الأصفر" تمثلت في:
- 33 عملية إطلاق نار على المواطنين قرب الخط الأصفر.
- توغّل مرتين في مناطق غرب "الخط الأصفر".
- اعتقال 44 فلسطينياً قرب "الخط الأصفر".
وتالياً أبرز انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي من 10 إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بحسب ما رصده "عربي بوست":
- في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2025، استشهد فلسطيني جراء إطلاق النار من آليات الاحتلال في بلدة القرارة.
- في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2025، عمليات إطلاق نار من آليات الاحتلال و"كواد كابتر" في مناطق القرارة وبني سهيلا ومدينة حمد.
- في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2025، استشهاد مواطن جراء إطلاق النار عليه في منطقة البركسات برفح.
- في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2025، إطلاق النار من "كواد كابتر" على المواطنين شرق دير البلح.
- في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025، إصابات جراء إطلاق النار على المواطنين غرب كيسوفيم شرق المحافظة الوسطى.
- في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025، استشهاد مواطن جراء إطلاق النار عليه في منطقة السكة وسط خان يونس.
- في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهيد وإصابات جراء إطلاق النار من "كواد كابتر" قرب إسكان الأوروبي وبلدة الفخاري بخان يونس.
- في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2025، 7 شهداء جراء استهدافهم في مناطق التفاح والشجاعية.
- في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2025، تقدم للآليات بحدود 1200 متر في جباليا، وكذلك تقدم للآليات بالقرب من محور موراج.
- في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، إطلاق النار من رافعة عسكرية على مواطنين في منطقة المواصي بخان يونس.
- في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، قصف مدفعي على أحياء الشجاعية والشعف بمدينة غزة، وإطلاق نار في بني سهيلا بخان يونس بما يتجاوز الخط الأصفر.
- في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، اعتقال 14 فلسطينياً قرب رفح، خارج حدود الخط الأصفر.
- في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهيدان جراء قصف للاحتلال في شارع حسنين في الشجاعية.
- في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهيد جراء إطلاق النار عليه في منزله في شارع الصليب الأحمر شرق خان يونس.
- في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهيد جراء إطلاق النار عليه شرق مخيم البريج.
- في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهداء وإصابات جراء إطلاق النار عليهم في مناطق بني سهيلا وعبسان شرق خان يونس.
- في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2025، استشهاد 11 فلسطينياً في مجزرة جراء قصف مدفعي طال باصاً صغيراً في حي الزيتون خارج حدود الخط الأصفر.
- في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2025، استهداف "تكتك" في بلدة بني سهيلا، خارج حدود الخط الأصفر.
- في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، تقدم للآليات واستهداف منزل في بلدة عبسان الجديدة خارج حدود الخط الأصفر.
- في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، حرق خيام المواطنين في منطقة عبسان الجديدة.
- في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2025، 21 انتهاكاً إسرائيلياً تنوع بين قصف بالطائرات، وإطلاق النار على مواطنين خارج حدود الخط الأصفر.
- في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025، 4 شهداء جراء قنصهم من الاحتلال خارج حدود الخط الأصفر في حي التفاح.