لماذا سيكون العثور على جميع جثث الرهائن الإسرائيليين في غزة أمراً صعباً للغاية؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/17 الساعة 09:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/17 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
صفقة تبادل الأسرى السابقة بين حركة حماس والاحتلال/ رويترز

تبرز قضية تسليم كافة جثامين الرهائن الإسرائيليين القتلى لدى حماس في غزة بوصفها واحدة من أبرز النقاط ضمن المرحلة الأولى من اتفاق إنهاء الحرب في القطاع، في الوقت الذي تبذل فيه الحركة الفلسطينية جهوداً كبيرة لاستخراج رفات الرهائن القتلى وسط تصعيد إسرائيلي بشأن هذه المسألة.

وكانت المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإنهاء الحرب في غزة قد نصت على أن تلتزم إسرائيل بإطلاق سراح 2000 أسير فلسطيني مقابل أن تفرج حماس عن 48 من الرهائن المحتجزين لديها، من بينهم 20 رهينة أحياء.

ومنذ الاثنين الماضي، أطلقت حماس الأسرى الإسرائيليين الأحياء العشرين، وسلمت جثامين 10 من بين 28، غالبيتهم إسرائيليون، وتقول إنها تحتاج إلى معدات خاصة للبحث واستخراج الجثامين الـ18 المتبقية.

رد حماس على خطة ترامب
مقاتلون من كتائب القسام أثناء تسليم الأسرى في غزة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار – رويترز

فيما طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين، في وقت سابق الخميس 16 أكتوبر/تشرين الأول، حكومتهم بوقف تنفيذ المراحل التالية من اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة، إلى حين استعادة ما تبقى من جثث القتلى لدى حركة حماس.

يأتي ذلك بينما تم تشكيل فريق دولي يضم فرقاً من مصر وتركيا وقطر، للمساعدة في انتشال رفات القتلى.

ماذا قالت حماس بشأن استعادة جميع الجثث؟

أكدت حركة حماس التزامها باتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل وحرصها على تطبيقه وتسليم كافة جثامين الإسرائيليين المتبقية، لكنها أوضحت أن العملية قد تستغرق بعض الوقت.

وقالت حماس في بيان: "نؤكد التزامنا بالاتفاق وحرصنا على تطبيقه وعلى تسليم كل الجثامين (الأسرى الإسرائيليين) الباقية".

وأشارت حماس إلى أن "بعضها دُفن في أنفاق دمّرها الاحتلال، وأخرى ما زالت تحت أنقاض الأبنية التي قصفها وهدمها".

ولفتت حماس إلى أن "جيش الاحتلال النازي الذي قتل هؤلاء الأسرى هو ذاته الذي تسبب في دفنهم تحت الركام".

وأكدت أن جثامين الأسرى الذين تمكنت من الوصول إليهم سلمتهم مباشرة. وشددت على أنها تحتاج إلى معدات وأجهزة لرفع الأنقاض.

وأوضحت أن هذه المعدات "غير متوفرة حالياً بسبب منع الاحتلال دخولها".

بماذا ردت إسرائيل؟

من جانبه، قال منسق شؤون الأسرى والمفقودين في الحكومة الإسرائيلية، غال هيرش، لعائلات الأسرى في غزة، إن "الضغط على حركة حماس مستمر وسيتصاعد فيما يتعلق بملف إعادة جثث القتلى المحتجزين في القطاع".

وجاء تصريح هيرش عقب اجتماع أمني برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، خُصص لمتابعة الجهود المتعلقة بإعادة جثامين الأسرى من غزة.

ووفق هيئة البث العبرية الرسمية، أبلغ هيرش العائلات بأن نتنياهو ناقش هاتفياً مع الرئيس الأمريكي، في وقت سابق الخميس، وتيرة إعادة جثامين الإسرائيليين المتبقين من غزة.

والأربعاء الماضي، قال مسؤولون إسرائيليون إن المفاوضات الخاصة بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لم تبدأ بعد، رغم تصريحات لترامب، يوم الثلاثاء، أكد فيها بدءَها.

ونقلت قناة "إسرائيل 24" عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمِّهم، قولهم: "خلافاً للتقارير، لم تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية بعد، ولن تبدأ إلا بعد اكتمال المرحلة الأولى بإعادة جميع جثث الرهائن".

احتجاجات أمام الكونغرس ؤقالة غالانت
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/الأناضول

ماذا نعرف عن الفريق الدولي المكلف بالمساعدة في استعادة جثث الرهائن؟

في أعقاب الإعلان عن اتفاق وقف الحرب في غزة، كشفت وسائل إعلام عبرية وغربية عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات للمساعدة في استخراج جثث الرهائن القتلى، في حال أعلنت حماس عجزها عن تحديد مكانهم.

ووفقاً للاتفاق، إذا فشلت حماس في تحديد أماكن جثث الرهائن القتلى، ستعمل قوة متعددة الجنسيات أنشأها منسق شؤون الأسرى والمفقودين في قطاع غزة على استخراج جثث الرهائن القتلى الذين يعرف جيش الاحتلال الإسرائيلي أماكن دفنهم.

وستعمل هذه القوة، المكوّنة من قطر ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل، داخل القطاع، وستُحضر إسرائيل معدات هندسية ثقيلة لتنفيذ العمليات.

والخميس، أفادت القناة 15 الإسرائيلية بأن تل أبيب منعت الوفد التركي، الذي يضم فرق إنقاذ ومعدات ثقيلة، من دخول قطاع غزة، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن حماس تعرف مكان جزء كبير من جثث المخطوفين ويمكنها الوصول إليهم.

فيما صرّح مسؤولون عرب لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بأن الفريق الدولي بدأ عمليات البحث الميدانية في غزة.

لماذا يُعد العثور على جميع جثث الرهائن الإسرائيليين في غزة أمراً صعباً للغاية؟

يشكّل التدمير العشوائي الذي خلفه القصف الإسرائيلي على غزة، والذي دام أكثر من عامين، وخلف 54 مليون طن من الأنقاض، عقبة كبيرة أمام استخراج كافة جثث الرهائن القتلى.

وقال مصدر كبير في حركة حماس لموقع ميدل إيست آي البريطاني، إن إسرائيل تتحمل مسؤولية التأخير في تحديد مكان جثث الرهائن المفقودين في غزة وإعادتها.

وأضاف المصدر أن مفاوضي الحركة صرّحوا بوضوح خلال محادثات شرم الشيخ بأن وجود القوات الإسرائيلية، والهجمات الإسرائيلية العشوائية، والإبادة الجماعية التي تسببت في دمار واسع النطاق، من شأنها أن تعقّد مهمة تحديد مكان جثث الرهائن القتلى، الأمر الذي يتطلب المزيد من الوقت والجهد.

وقال المصدر: "لقد أوضحوا خلال المفاوضات أن الأمر سيحتاج إلى وقت وجهود كبيرة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية المحتلة، لجمع المعلومات عن الجثث".

وتابع المصدر: "نتيجة لحرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل، قُتل العديد من الرهائن مع حراسهم من المقاومة الفلسطينية، وانقطعت الاتصالات مع بعض الوحدات المسؤولة عن الجثث".

وأردف أن تدمير إسرائيل لغزة "غيّر فعلياً جغرافية المنطقة"، ما يجعل من "الصعب للغاية" تحديد المواقع.

رد حماس على خطة ترامب
انتهاء المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال/ رويترز

من جانبها، وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر العثور على جثث الرهائن تحت أنقاض غزة بأنه "تحدٍ هائل"، وقد لا يتم العثور على بعضها أبداً.

وأبلغت إسرائيل الوسطاء، يوم الأربعاء الماضي، أنها تعتقد أن حماس تعرف موقع ست جثث أخرى على الأقل، بناءً على معلوماتها الاستخباراتية، وفقاً لما نقلته وول ستريت جورنال عن مسؤولين عرب.

وقال المسؤولون إن الوسطاء العرب طلبوا من إسرائيل إطلاعهم على معلوماتها الاستخباراتية حول موقع الجثث. وأفاد مسؤولون عرب أن إسرائيل أطلعتهم على بعض الإحداثيات.

وأفادت وول ستريت جورنال بأن الاستخبارات الإسرائيلية لا تعتقد أن حماس تعرف مكان جميع جثث الرهائن، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.

هل انتهكت حماس اتفاق وقف إطلاق النار؟

قال مستشاران أمريكيان كبيران، الأربعاء الماضي، إن بلادهما لا تعتقد أن حماس تنتهك التزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بفشلها في تسليم رفات الرهائن السابقين المحتجزين في غزة، بحسب موقع سي إن إن.

وبدلاً من ذلك، تعمل الولايات المتحدة بنشاط، من خلال وسطاء، لتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستي لتحديد مكان الجثث المتبقية، والتي قد تكون، في كثير من الحالات، مدفونة تحت الأنقاض والحطام المتروك بعد عامين من الحرب.

وقال أحد المستشارين إنه، في نهاية المطاف، كان من الصعب على حماس الالتزام بالمهلة المحددة بـ 72 ساعة في الاتفاق لتحديد مكان جميع الجثث وانتشالها.

وذكر المستشار الثاني: "في فترة وقف إطلاق نار مدتها 72 ساعة، أعتقد أنه كان من شبه المستحيل على حماس التعبئة، حتى لو كانت تعرف مكان جميع الجثث الـ28، لتعبئة قواتها وإعادتها إلى ديارها".

وقد تضمّن الاتفاق الموقّع بنداً واضحاً للغاية بهذا الشأن. ونصّ البند 5 (هـ) من الاتفاق على ما يلي: "إنشاء آلية لتبادل المعلومات بين الجانبين، عبر الوسطاء واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتبادل المعلومات والاستخبارات حول أي رهائن قتلى لم تُسترد جثثهم خلال 72 ساعة، أو رفات غزيين محتجزين لدى إسرائيل. وتضمن هذه الآلية استخراج رفات جميع الرهائن بشكل كامل وآمن وإطلاق سراحهم. وستبذل حماس أقصى جهدها لضمان الوفاء بهذه الالتزامات في أقرب وقت ممكن".

ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، لم تكن إسرائيل تتوقع من حماس تسليم جميع الجثث فوراً، ولا يشكّل التأخير في استعادة جميع الجثث انتهاكاً للاتفاق.

تحميل المزيد