وقف الحرب لا يغسل جريمته.. نتنياهو سيظل ملاحقاً من الجنائية الدولية، وإسرائيل ستواجه أوقاتاً صعبة

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/11 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/11 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو/ رويترز

قد تكون إسرائيل قد أنهت حرب الإبادة الجماعية التي شنّتها ضد قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلا أن تبِعات هذه الحرب لا تزال تلاحقها أمام المحاكم الدولية، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي، وخاصة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة.

من جانبها، لا تزال محكمة العدل الدولية تنظر في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد تل أبيب في ديسمبر/كانون الأول 2023، وانضمت إليها دول عدة، من أبرزها: مصر، وكولومبيا، وليبيا، والمكسيك، وإسبانيا، وتركيا، وتشيلي، وجزر المالديف، وبوليفيا، وأيرلندا، وكوبا، والبرازيل، ويتوقّع أن تصدر المحكمة قرارها النهائي أواخر العام المقبل.

وبينما تم التوصّل قبل عدة أيام إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، قالت وسائل إعلام عبرية إن وقف الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر لن يكون دافعاً لإسقاط التهم عن الاحتلال ورئيس الوزراء الإسرائيلي.

وقالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية: "ستواجه إسرائيل أوقاتاً عصيبة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية".

ولطالما سعت إسرائيل وحليفتها الأبرز، الولايات المتحدة، إلى استهداف المحاكم الدولية التي تنظر في قضايا الإبادة الجماعية ضد تل أبيب، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية التي استهدفتها إدارة ترامب بعقوبات، رداً على إصدار مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو.

في هذا التقرير، نستعرض عدداً من التساؤلات بشأن ما وصلت إليه القضايا المرفوعة ضد إسرائيل أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، وإلى أي مدى قد يؤثر اتفاق وقف الحرب في غزة على سير المحاكمات.

هل يُسقط وقف الحرب التهم بحق نتنياهو أمام الجنائية الدولية؟

  • في الوقت الحالي، من غير المرجّح أن يتم إلغاء مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت كمكافأة على إنهاء الحرب، وفقاً لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
  • وأضافت جيروزاليم بوست أن وضع نتنياهو قد يصبح أكثر عرضة للخطر إذا أُجبر على ترك السلطة في انتخابات عام 2026، بما أن رؤساء الدول يتمتعون بالحصانة وفقاً لبعض البلدان.
  • وكانت الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية قد شهدت، في الأيام الأخيرة وفور توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، نقاشات بشأن التحضير لطيّ صفحة الحكومة، والتحضير للانتخابات القادمة، لأنهم يرون في الاتفاق بداية النهاية لمستقبل حكومة نتنياهو.
  • ورجّحت جيروزاليم بوست أن أفضل ما يمكن أن تأمله تل أبيب هو إقناع المحكمة الجنائية الدولية بعدم إصدار المزيد من مذكرات الاعتقال، والتي قد تشمل جنوداً من جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومواجهة قضية محكمة العدل الدولية، مشيرة إلى أنه من غير المحتمل قبول رواية إسرائيل في هذه المحاكم الدولية.
احتلال قطاع غزة
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي/رويترز

كيف ردّت الجنائية الدولية على محاولات إسرائيل لإلغاء مذكرات الاعتقال؟

  • في يوليو/تموز الماضي، رفضت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية طلب إلغاء مذكرات الاعتقال وتعليق التحقيق ضد نتنياهو وغالانت.
  • وأعلنت الدائرة التمهيدية الأولى، في قرارها، رفض طلب إسرائيل المؤرخ في 9 مايو/أيار 2025 بإلغاء مذكرات الاعتقال وتعليق التحقيق.
  • وقال باسل منصور، أستاذ القانون الدولي في جامعة النجاح بنابلس شمالي الضفة الغربية، إن الجنائية الدولية "قامت بإجراءاتها لتؤكد على سير إجراءات العدالة الدولية، لكن طلب مذكرة الإحضار لا يمكن إلغاؤه".
  • وأضاف منصور، في حديث لوكالة الأناضول، أن "إلغاء مذكرة الإحضار لنتنياهو وغالانت غير جائز من الناحية القانونية، بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
  • وأردف: "وفقاً للمادة 58 من اتفاقية روما، لا يوجد ما يبرّر رفع مذكرة الإحضار، كون الجريمة مستمرة والأدلة لم تسقط".
  • ويأتي ذلك بينما سارعت المحكمة الجنائية الدولية إلى تعزيز أنظمتها لمواجهة عقوبات أمريكية جديدة محتملة، في حين يحاول كبار المسؤولين طمأنة الموظفين بأن المؤسسة "مستعدة" للتعامل مع أي انقطاعات تتعلق بخدمات التكنولوجيا أو الخدمات المصرفية.
  • وفي اجتماع عُقد مؤخراً، أبلغ المسؤولون الموظفين أن المحكمة تخوض مفاوضات بشأن تغيير مورّدي البنية التحتية الرئيسية بعيداً عن المورّدين الأمريكيين، لحماية نفسها في حال فُرضت العقوبات، وفقاً لما نقلته صحيفة فايننشال تايمز عن مصادر مطّلعة.

إلى أين وصلت قضية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية؟

  • في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، اتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل، أمام محكمة العدل الدولية، بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948.
  • وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة إصدار "تدابير مؤقتة"، وهي أوامر تلزم إسرائيل بالامتناع عن ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ومنعها.
  • وفي ثلاث مناسبات، ردّت محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير مؤقتة ضد إسرائيل:
إسرائيل
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان/رويترز

1. منع أعمال الإبادة الجماعية: في 26 يناير/كانون الثاني 2024، أعلنت محكمة العدل الدولية أن حق الفلسطينيين في غزة في الحماية من الإبادة الجماعية يواجه خطراً جدياً وعاجلاً. كما طُلب من إسرائيل السماح بدخول المساعدات الإنسانية دون عوائق. ومع ذلك، لم تأمر المحكمة بوقف إطلاق النار.

2. ضمان إيصال المساعدات والخدمات الأساسية دون عوائق: وفي الأمر الثاني، الصادر في 28 مارس/آذار 2024، لاحظت المحكمة أن المجاعة تتكشّف بشكل نشط في غزة، ووجّهت إسرائيل بعبارات أكثر حزماً لضمان إيصال المساعدات الإنسانية.

3. الوقف الفوري لعملياتها العسكرية في رفح: وكان الأمر الثالث، الصادر في 24 مايو/أيار 2024، الأكثر وضوحاً، إذ نصّ على تفاقم خطر الإبادة الجماعية في رفح بشكل ملحوظ. كما ألزم إسرائيل بإبقاء معبر رفح مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية.

  • وتُعد هذه الأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ملزمة قانونياً لإسرائيل، لكنها رفضت هذه الادعاءات حتى الآن، ولم تمتثل لها إلى حد كبير.
  • وفي أبريل/نيسان 2025، طلبت إسرائيل تمديداً لمدة ستة أشهر، وهو ما عارضته جنوب أفريقيا.
  • ووافقت محكمة العدل الدولية على التمديد لمدة خمسة أشهر ونصف حتى 12 يناير/كانون الثاني 2026.
  • ورجّح مايك بيكر، من كلية الحقوق بجامعة ترينيتي في دبلن، أنه بعد تقديم إسرائيل لمذكرتها المضادة، المقرر تقديمها في 12 يناير/كانون الثاني، ستقرّر المحكمة ما إذا كانت هناك حاجة إلى جولة ثانية من المرافعات المكتوبة.

    متى ستصدر محكمة العدل الدولية حكمها النهائي؟

    • يعتقد الخبراء أن ذلك سيحدث في أواخر عام 2027 أو أوائل عام 2028.
    • وقال بيكر لموقع ميدل إيست آي: "بمجرّد انعقاد جلسة الاستماع، فإن المحكمة ملتزمة إلى حد كبير بإصدار الحكم النهائي في غضون ستة إلى ثمانية أشهر".
    • وأضاف: "إذا لم تحدث مفاجآت غير متوقعة، فقد يعني هذا صدور حكم نهائي في موضوع هذه القضية بحلول نهاية عام 2027 أو بداية عام 2028".
    تشيلي تطلب الانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية ضد الاحتلال
    ممثلي الاحتلال الإسرائيلي وجنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية/ رويترز

    ماذا سيحدث إذا أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً ضد إسرائيل؟

    • سيكون حكم محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل مُلزماً قانونياً، وستكون إسرائيل ملزمة بوقف أي أفعال يمكن أن تُشكّل إبادة جماعية، ومنع المزيد من الانتهاكات، بحسب ميدل إيست آي.
    • وسوف تحتاج أيضاً إلى ضمان عدم تكرار أفعالها.
    • وقد طلبت جنوب أفريقيا أيضاً من محكمة العدل الدولية إلزام إسرائيل بتعويض الضحايا الفلسطينيين، ويشمل ذلك: العودة الآمنة والكريمة لمن هُجّروا أو اختُطفوا قسراً، واحترام حقوقهم الإنسانية الكاملة، وحمايتهم من المزيد من التمييز.
    • وبينما لا تستطيع محكمة العدل الدولية بنفسها إنفاذ أحكامها، يقع على عاتق المجتمع الدولي الأوسع واجب منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
    • وسيتم إحالة الحكم إلى الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الرغم من أن أي محاولة لفرض الحكم من المرجّح أن تواجه حق النقض من قِبل الولايات المتحدة، أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.
    • وإذا حدث ذلك، فقد تلجأ الجمعية العامة للأمم المتحدة على نطاق أوسع إلى الاستعانة بقرار "الاتحاد من أجل السلام"، وتشجيع التدابير الدبلوماسية والاقتصادية، وحتى العسكرية الجماعية.
    • ومن الناحية السياسية، فإن صدور حكم من محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية من شأنه أن يفرض ضغوطاً شديدة على حلفاء إسرائيل لحملهم على تعليق عمليات نقل الأسلحة والدعم الدبلوماسي، إذا كانوا يريدون تجنّب التواطؤ في تصرفات إسرائيل.
    • ومن شأن ذلك أيضاً أن يزيد من عزلة إسرائيل الدولية، ويُعزّز الدعوات إلى فرض عقوبات أو حظر، إما من خلال الأمم المتحدة، أو من خلال التجمعات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، أو الاتحاد الأفريقي، أو جامعة الدول العربية.
    تحميل المزيد