حرب إبادة برعاية أمريكية.. ما حجم ونوع الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل خلال عامين من الحرب؟

تم النشر: 2025/10/05 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/05 الساعة 09:20 بتوقيت غرينتش
عامان على حرب الإبادة.. ما حجم ونوع الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل؟

شكل الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي عسكرياً ودبلوماسياً خلال عامين من حرب الإبادة على قطاع غزة، تمكيناً غير مسبوق لإسرائيل كي ترتكب كل أنواع جرائم الحرب وتستمر حتى اللحظة في تدمير القطاع وقتل وجرح عشرات الآلاف من سكانه، بما يشمل ذلك شن حرب تجويع على 2.2 مليون إنسان لإخضاع المقاومة الفلسطينية وتهجير السكان بالقوة. 

ومنذ السابع من أكتوبر 2023 ضمنت الإدارتين الأمريكتين بقيادة جو بايدن وخلفه دونالد ترامب، لحلفائهم الإسرائيليين ضوءاً أخضر وغطاءاً واسعاً في حرب الإبادة على غزة، بالإضافة إلى ضمان كامل التفوق العسكري لصالح إسرائيل الذي أدى لتدمير القطاع بأعتى أنواع القنابل والصواريخ الأمريكية وفتح جبهات عدوان ضد دول أخرى. شمل هذا الدعم إرسال سفن حربية، ومساعدات عسكرية بمليارات الدولارات، وشحنات أسلحة سريعة تحت بند "الطارئ".

لم تقدّم إدارة بايدن وترامب تسهيلات مادية وسياسية واسعة لدولة الاحتلال بل شاركت فعلياً في حرب الإبادة على قطاع غزة، فمنذ اللحظة الأولى فتحت واشنطن مخازنها الاستراتيجية في "إسرائيل" وتركتها تحت تصرف جيش الاحتلال، كما أمدت تل أبيب بجسر جوي من مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، وأغلقت قنوات المساءلة الدولية لدولة الاحتلال أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة في حوادث متكررة، بل وعاقبت كل من قرر مقاطعة أو ملاحقة دولة الاحتلال بسبب جرائمها المستمرة في الأراضي المحتلة.

عامان من رعاية حرب الإبادة.. ما الذي نعرفه عن الدعم الأمريكي لإسرائيل؟

أولاً: تايم لاين الدعم العسكري لإسرائيل

  • منذ نشأة دولة الاحتلال الإسرائيلي في عام 1948 التزمت الولايات المتحدة التزاماً طويل الأمد بأمن "إسرائيل" سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، وكما دافعت عنها في كل محفل واستخدمت لأجلها "الفيتو" مرات عديدة٬ كانت واشنطن المورد الرئيسي والأكبر دون منازع للأسلحة والمساعدات العسكرية لـ"إسرائيل" على مدار عقود. 
  • تلقت "إسرائيل" من الولايات المتحدة (وبحسب ما هو معلن فقط) مساعدات أكبر من أي مساعدات قدمتها لأي دولة أجنبية أخرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بما فيها الحلفاء الغربيين، بلغت 310 مليار دولار (المعدلة حسب التضخم) منذ تأسيس دولة الاحتلال وحتى اليوم.
  • كما تم تطوير العديد من الأنظمة العسكرية بدعم أمريكي كامل، مثل نظام القبة الحديدية الدفاعي، حيث قدمت الولايات المتحدة أكثر من 1.5 مليار دولار للدفاع الصاروخي الإسرائيلي في عام 2022. وكجزء من اتفاقية مدتها عشر سنوات بقيمة 38 مليار دولار تم توقيعها في عام 2016(وتغطي الفترة من السنة المالية 2019 إلى السنة المالية 2028)، تلقت إسرائيل 3.8 مليار دولار في عام 2023، خُصص منها نصف مليار دولار للدفاع الصاروخي. وتعهدت واشنطن أيضًا بتجديد ذخيرة "إسرائيل" التي استُخدمت في حربها ضد غزة.
  • منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعهّد بايدن ومن ثم ترامب بتقديم كامل الدعم لإسرائيل كصفقات ومساعدات قيمتها عشرات مليارات الدولارات، إلى جانب المساعدات السنوية التقليدية بقيمة 3.4 مليارات دولار.
  • خلال العام الأول للحرب، قدّرت دراسات مستقلة أن قيمة المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل بلغت نحو 17.9 مليار دولار (قيمة مباشرة وشحنات من المخزون وبرامج تمويل طارئة)، مع إطلاق مزيد من الحزم والصفقات لاحقًا. حيث أمدت واشنطن "إسرائيل" بكميات كبيرة من الذخائر عالية التدمير خلال أشهر الحرب الأولى. وهذه الذخائر والقنابل مرتبطة مباشرة بتدمير البنية التحتية والمدنية في غزة وأدت لارتقاء وإصابة نحو 200 ألف فلسطيني وتهجير معظم السكان عن منازلهم.
إنفوجرافيك: الأسلحة التي قدمتها أمريكا لإسرائيل خلال عدوانها على غزة (عربي بوست)
  • وبحسب دراسة أجرتها كلية واتسون في جامعة براون "فإن هذا المبلغ لا يمثل سوى جزء من الدعم المالي الأمريكي الحقيقي المقدم خلال هذه الحرب. كما أن هذا التقرير تم الانتهاء منه قبل أن تصعّد دولة الاحتلال حملتها ضد حزب الله اللبناني أواخر سبتمبر/أيلول الماضي. وقال الباحثون إنه على عكس المساعدات العسكرية الأمريكية الموثقة علناً لأوكرانيا وغيرها، كان من المستحيل الحصول على التفاصيل الكاملة لما شحنته الولايات المتحدة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، وبالتالي فإن مبلغ 17.9 مليار دولار لهذا العام هو رقم جزئي. واتهم الباحثون في الدراسة إدارة بايدن ببذل جهود لإخفاء كميات المساعدات الكاملة المقدمة لإسرائيل وأنواع الأنظمة من خلال "المناورة البيروقراطية".
  • تسببت إدارة جو بايدن بجدل كبير بعد تجاوزها الكونجرس في مناسبات متعددة للموافقة على مبيعات طارئة لتوريد الأسلحة للجيش الإسرائيلي. وعلى عكس الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا ، كانت تفاصيل الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل غامضة. ولا يعرف على وجه الدقة حجم الدعم العسكري الذي قدمته أمريكا لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 كمساعدات أو صفقات عسكرية خلال الحرب حتى الآن. 
  • وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول 2023، ذكر تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" أن شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل منذ بداية الحرب شملت 15,000 قنبلة و57,000 قذيفة مدفعية عيار 155 ملم. كما سلمت الولايات المتحدة 100 قنبلة BLU-109 خارقة للتحصينات و5,000 قنبلة Mk82 غير موجهة ، وأكثر من 5,400 قنبلة Mk84 ، وحوالي 1,000 قنبلة GBU-39 صغيرة القطر، وحوالي 3,000 مجموعة توجيه لقنابل JDAM والتي استخدمت في ارتكاب عشرات المجازر داخل القطاع.
  • كما توصل تحقيق أجرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، إلى أن الحكومة الأمريكية كانت تستخدم آليات خاصة لحماية "إسرائيل" من قوانين حقوق الإنسان المحلية لمواصلة إرسال الأسلحة. وبعد رحلة إلى واشنطن العاصمة في يونيو 2024، تناول وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت الشكاوى الإسرائيلية بشأن تباطؤ نقل الأسلحة الأمريكية، قائلاً: "تمت إزالة العقبات ومعالجة الاختناقات". 
  • ووجد تقرير صادر عن مجلة "بروبابليكا" الاستقصائية الأمريكية أن وزارة الخارجية الأمريكية تجاهلت تقارير حول انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل الجيش الإسرائيلي لمواصلة نقل الأسلحة إلى إسرائيل. وصرح مسؤولون حاليون وسابقون في وزارة الخارجية لصحيفة "واشنطن بوست"، بوجود أكثر من 500 تقرير عن استخدام إسرائيل للأسلحة الأمريكية تسببت في "ضرر غير ضروري للمدنيين" في قطاع غزة، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأن أي من هذه التقارير حتى الآن.
  • وفي يونيو 2024، صرح مسؤولان أمريكيان أن الولايات المتحدة نقلت 10 آلاف قنبلة وزنها 2000 رطل وآلاف صواريخ هيلفاير إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر. وفي منتصف يوليو/تموز 2024، أكد مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة استأنفت نقل القنابل التي يبلغ وزنها 500 رطل إلى إسرائيل بعدما أوقفتها مؤقتاً للضغط على حكومة نتنياهو في عدم استخدامها ضد المدنيين.
  • في 9 أغسطس 2024، أعلنت وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة سترسل إلى إسرائيل 3.5 مليار دولار إضافية لإنفاقها على الأسلحة والمعدات العسكرية المصنوعة في الولايات المتحدة. وفي 13 أغسطس 2024، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة وافقت على صفقة أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل، والتي تضمنت طائرات مقاتلة من طراز F-15 وصواريخ جو-جو متطورة. 
  • في الشهر التالي، سبتمبر/أيلول 2024، وافقت إدارة بايدن على بيع مقطورات دبابات عسكرية لإسرائيل بقيمة 165 مليون دولار، بما في ذلك قطع الغيار، ومجموعات الأدوات، والدعم اللوجستي.
  • وبعد وصول ترامب لسدة الحكم، تعهد باستكمال الدعم الكامل لإسرائيل وتوفير كل ما تحتاجه في حربها. ففي 28 فبراير 2025، وافق ترامب على بيع أسلحة بقيمة 3 مليارات دولار لإسرائيل، والتي تضمنت 35.500 ألف قنبلة من طراز MK 84 وBLU-117 و4000 رأس حربي من طراز Predator وغيرها من الأسلحة والذخائر.
حرب الإبادة الجماعية في غزة تمت بأسلحة أمريكية وغطاء سياسي أمريكي – رويترز
  • وفي 19 سبتمبر/أيلول 2025، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن إدارة ترامب تسعى لبيع أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة 6 مليارات دولار، تشمل المبيعات المقترحة صفقة بقيمة 3.8 مليار دولار لشراء 30 مروحية أباتشي من طراز AH-64، مما سيضاعف تقريبًا أسطول إسرائيل الحالي من هذه الطائرات. كما تسعى إدارة ترامب للحصول على موافقة الكونغرس على صفقة بقيمة 1.9 مليار دولار لشراء 3250 مركبة هجومية للمشاة للجيش الإسرائيلي، وفقًا لوثائق اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال وأحد الأشخاص المطلعين على الطلب. وقال المصدر إنه من غير المرجح أن يتم تسليم الأسلحة قبل عامين أو ثلاثة أعوام. 
  • وفقًا للوثائق التي نشرتها الصحيفة حول الصفقة الأخيرة، سيتم تمويل الأسلحة من برنامج "التمويل العسكري الأجنبي" من الولايات المتحدة Foreign Military Financing (FMF) حيث تشتري إسرائيل معظم أسلحتها الأمريكية الصنع بأموال دافعي الضرائب الأمريكيين، والتي تأتي عبر مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية السنوية. 
  • وبرنامج FMF هو أداة رئيسية في السياسة الخارجية الأمريكية، تقوم من خلاله الحكومة الأمريكية بتقديم مساعدات مالية مباشرة لحلفائها وشركائها من أجل شراء أسلحة ومعدات عسكرية أمريكية الصنع، الحصول على خدمات وتدريبات عسكرية من شركات أمريكية أو عبر نظام المبيعات العسكرية الأجنبية (FMS).
  • في برنامج FMF يُقدَّم التمويل كمنح (وليس قروضًا) تُصرف من الموازنة الأمريكية، حيث يُدار من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، بينما تنفذ وزارة الدفاع الجزء العملي (الصفقات، التسليم، التدريب). والدول المستفيدة لا تتسلم الأموال نقدًا، بل تُستخدم مباشرة لشراء السلاح والخدمات.
  • وتعد إسرائيل أكبر مستفيد في العالم من برنامج الـFMF الأمريكي، حيث  تحصل سنويًا على 3.3 مليار دولار بموجب مذكرة التفاهم (2019–2028). حيث يسمح لها هذا التمويل بشراء أسلحة متطورة مثل طائرات إف-35 وصواريخ الدفاع الجوي. وهناك ميزة خاصة لإسرائيل: يمكنها إنفاق نسبة معينة (تتقلص تدريجيًا حتى تنتهي في 2028) من التمويل على الصناعات الدفاعية المحلية وليس فقط الأمريكية.

ثانياً: الدعم الدبلوماسي والغطاء السياسي الأمريكي للجرائم الإسرائيلية

سياسياً، وبينما يتسع نطاق العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حربها المستمرة على غزة٬ استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية على مدار عامين كل ما تملك من نفوذ وعقوبات وأدوات لدعم حليفتها "إسرائيل" ومنع المساس بها٬  أو من خلال سن قوانين داعمة لتل أبيب في الكونغرس الأمريكي.

كما رفعت أمريكا ورقة "الفيتو" أو حقّ النقض ضد مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع تبنّي قرارات تدعو إلى وقف فوري وشامل للحرب على غزة أو لإجراء لتحقيقات مستقلة في انتهاكات حرب الإبادة٬ ما أعطى إسرائيل غطاءً دبلوماسياً مهماً لارتكاب المجازر دون رقيب أو حسيب وتجويع سكان القطاع وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس.

صوتت الولايات المتحدة بالفيتو 6 مرات ضد وقف الحرب في غزة٬ خلال عامين من حرب الإبادة.

1- في مجلس الأمن: استخدام "الفيتو" 6 مرات لأجل إسرائيل

  • أبرز أداة سياسية استخدمتها واشنطن كانت حقّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/كانون الأول 2023 استخدمت الولايات المتحدة الفيتو 6 مرات٬ كان آخرها في 19 سبتمبر/أيلول 2025 وذلك لإسقاط مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي الذي كان يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة٬ ويطالب تل أبيب برفع جميع القيود المفروضة على إيصال المساعدات إلى القطاع. 
  • وأظهرت أمريكا معارضة قوية لمشاريع قرارات تطالب بوقف فوري وشامل للقتال أو تُحمّل "إسرائيل" مسؤوليات محددة، بحجة أن النصوص "لا تندد بما فيه الكفاية بحماس" أو "تقصّر في حماية حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". هذه المواقف ألغت عمليًا أحد أهم آليات الضغط الجماعي الأوروبي والدولي لوقف القتال أو إطلاق هدنة ملزمة لإسرائيل. 

2- الخطاب الرسمي: "الحقّ في الدفاع عن النفس" لتبرير الإبادة بحق الفلسطينيين

  • ركّز الخطاب الرسمي الأميركي المثبت علنًا على نقطتين متكررتين منذ بداية الحرب: إدانة هجوم 7 أكتوبر، وإعطاء كامل "الحقّ في الدفاع عن النفس" لإسرائيل، مع إدانات لفظية محدودة لخسائر المدنيين ورفض وصف الحرب الجارية بالإبادة الجماعية. 
  • هذا الخطاب نادراً ما سُلط على شروط إيقاف فعلي أو آليات مساءلة ملزمة لإسرائيل قبل إعادة تمويل واسع. كما أن واشنطن غالباً اشترطت على أي وقف مؤقت ربطه بإجراءات مثل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وإنهاء حركة حماس وتسليم المقاومة للسلاح والخروج من قطاع غزة.

3- عزل المساءلة الدولية ومعاقبة "الجنائية الدولية"

  • اعتمدت واشنطن دبلوماسية مفتوحة للضغط على دول أخرى حاولت انتقاد إسرائيل أو فرض قيود على التسلح أو فرض آليات تحقيق دولية، وهو ما عزّز فعليًا قدرة "إسرائيل" على الاستمرار في العمليات من دون مواجهة عقوبات أممية قوية. وهاجمت الإدارة الأمريكية الدول الغربية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية٬ واتهمتها بأنها تعطي حماس هدية على هجومها في السابع من أكتوبر.
  • كما أعلنت واشنطن أنها ستفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بأكملها رداً على التحقيقات بجرائم حرب إسرائيلية. وفرضت واشنطن، سابقاً، عقوبات على عدد من المدعين العامين والقضاة في المحكمة من بينهم كريم خان المدعي العام للمحكمة٬ والذي أصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، لكن إدراج المحكمة نفسها في قائمة العقوبات الآن سيكون تصعيداً كبيراً ومن شأنه أن يعرض عمل المحكمة اليومي للخطر. ووصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، المحكمة بأنها "تهديد للأمن الوطني وقد أصبحت أداة للحرب القانونية" ضد الولايات المتحدة وحليفتها "إسرائيل" على حد تعبيره.
  • وانحازت واشنطن إلى جانب "إسرائيل" في مواقف وطرق أخرى٬ فقد انسحب ترامب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أهم هيئة لحقوق الإنسان في العالم، احتجاجاً على انتقاده لمعاملة "إسرائيل" للفلسطينيين. ووجه وزراء ومسؤولين في واشنطن انتقادات شديدة للأمم المتحدة واتهموها بأنها منظمة "معادية للسامية" بسبب مواقفها ضد الاحتلال الإسرائيلي.
  • وسبق أن انسحبت "إسرائيل" من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) جزئياً٬ بدعم من إدارة ترامب، بسبب ما وصفته إدارته بالتحيز ضد إسرائيل. كما خالف ترامب عقودًا من السياسة الأمريكية في عام 2017 باعترافه بالقدس عاصمةً لـ"إسرائيل" ودعمها في الاستيطان بالضفة وضم الجولان.

4- سن قوانين داخلية داعمة لإسرائيل وتمنع انتقادها

  • في 11 سبتمبر/أيلول 2025، وفي خطوة أولى نحو سن قانون فيدرالي يعاقب على انتقاد إسرائيل، أقر مجلس النواب الأمريكي موازنة دفاعية ضخمة من شأنها منع الشركات التي أعلنت مقاطعتها لإسرائيل من الحصول على عقود تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). ومن شأن مشروع القانون أن يحظر فعلياً على المقاولين الذين يقاطعون "إسرائيل" الاستفادة من معظم أموال العقود الفيدرالية.
  • يُذكر أن 50% من الأموال التي أنفقتها الحكومة الأمريكية على العقود في عام 2024 تدفقت عبر البنتاغون، والتي بلغت قيمتها حوالي 750 مليار دولار. ويعد القانون أحدث محاولة تشريعية لاستهداف حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS).
  • يأتي ذلك بينما أقرّت العديد من المجالس التشريعية في الولايات مشاريع قوانين تستهدف حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. ويسعى بعضها إلى منع الأشخاص أو الشركات الداعمة للحركة من الفوز بعقود حكومية، مما دفع منتقدي هذه القوانين إلى القول إنها تنتهك ضمان التعديل الأول لحرية التعبير بمعاقبتها الآراء السياسية.
  • وقد اتخذت المحاكم الفيدرالية وجهات نظر متباينة بشأن ما إذا كانت القوانين المناهضة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تنتهك الدستور، ولم تنظر المحكمة العليا في هذه المسألة بعد. وبحلول عام 2023، كان لدى 38 ولاية شكل من أشكال التشريعات المناهضة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وذلك وفقاً لمنظمة "فلسطين القانونية"، وهي مجموعة تدعم حقوق حرية التعبير للمدافعين عن فلسطين.

5- معاقبة الجامعات الأمريكية وترويضها

  • بعدما شهدت حراكاً طلابياً واسعاً داعماً لفلسطين العام الماضي، وبعدما تبنت بعضاً من مطالب الاحتجاجات الداعمة لغزة، تراجعت جامعات أمريكية عن مواقفها وعززت شراكتها مع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية التابعة للاحتلال في أعقاب ضغوط مارستها إدارة الرئيس دونالد ترامب لقمع هذه التظاهرات بقوة وسط تهديدات بقطع التمويل الاتحادي عن هذه الجامعات٬ وحتى طرد الطلاب الأجانب من البلاد وإلغاء الفيزا الخاصة بهم٬ بدعم وإيعاز من الحكومة الإسرائيلية وأعضاء في الكونغرس مؤيدين لإسرائيل.
  • وتزامن هذا الأمر مع سعي عدة جامعات أمريكية مؤخراً للتوصل إلى تسويات مع إدارة ترامب، التي وجهت اتهامات إليها بالفشل في مكافحة معاداة السامية وفي مواجهة الاحتجاجات الطلابية الداعمة لغزة. وقالت جامعة كاليفورنيا قبل عدة أيام إنها تدرس عرض تسوية قيمته مليار دولار قدمته إدارة ترامب بعد أن جمدت الحكومة مئات الملايين من الدولارات من التمويل بسبب الاحتجاجات المناصرة للفلسطينيين.
  • وسوت الحكومة الأمريكية الشهر الماضي دعاواها على جامعة كولومبيا التي وافقت على دفع أكثر من 220 مليون دولار، وجامعة براون التي قالت إنها ستدفع 50 مليون دولار. وقبلت المؤسستان بعض مطالب الحكومة. ولا تزال محادثات التسوية مع جامعة هارفارد مستمرة.
  • وبينما تعزز الجامعات الأمريكية علاقاتها مع الجامعات الإسرائيلية التي تدعم جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة وغزة، تلغي هذه الجامعات على النقيض شراكتها مع جامعات فلسطينية بزعم ارتباطها بحركة المقاومة الفلسطينية حماس.
تحميل المزيد