دعم عسكري وتشريعي.. 4 مشاهد تُظهر المساعي الأمريكية لمساعدة إسرائيل “المنبوذة” دولياً

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/20 الساعة 11:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/20 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
صورة للقاء سابق بين ترامب ونتنياهو/ رويترز

بينما يتسع نطاق العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حربها المستمرة على غزة واستمرارها في تنفيذ خططها لاحتلال القطاع، تسعى الولايات المتحدة جاهدة لدعم حليفتها عسكرياً واقتصادياً، سواء كان ذلك من خلال صفقات الأسلحة أو سن قوانين داعمة لتل أبيب في الكونغرس الأمريكي.

يأتي ذلك بينما يواجه الاحتلال عزلة دولية، عبّر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر لوزارة المالية، حيث اعترف بشكل نادر بالعزلة الناجمة عن الانتقادات الدولية لحرب إسرائيل في غزة. وقال إن إسرائيل تواجه تهديدًا اقتصاديًا يتمثل في التعرض لعقوبات وإجراءات أخرى.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر 2023، تعددت أشكال الدعم الأمريكي لتل أبيب، واحتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى بين الدول الغربية التي زودت إسرائيل بالطائرات والقنابل الموجهة والصواريخ التي لا غنى عنها لجيش الاحتلال.

من يُسّلح إسرائيل
قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي/shutterstock

وفي الوقت الذي تستعد فيه عدة دول للاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماع للأمم المتحدة بعد أيام، أفادت تقارير أمريكية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعتزم بيع أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة 6 مليارات دولار.

وفيما يلي نستعرض أبرز مظاهر الدعم الأمريكي الأخيرة لإسرائيل "المنبوذة" دولياً، والذي لم يقتصر على صفقة الأسلحة التي كشفت عنها صحيفة وول ستريت جورنال، بل يشمل أيضاً زيارة قام بها 250 مشرعاً أمريكياً لتل أبيب، ومشروعي قانون يستهدف أحدهما تسريع تسليم الأسلحة لجيش الاحتلال، بينما يستهدف الآخر معاقبة الشركات التي تدعم جهود المقاطعة الدولية لإسرائيل.

أولاً: صفقة أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار

تسعى الإدارة الأمريكية للحصول على موافقة الكونغرس لبيع أسلحة بقيمة تقارب 6 مليارات دولار لإسرائيل، حسبما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة، وذلك رغم الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف مدينة غزة ومحاولة اغتيال قادة حماس في الدوحة.

وتشمل المبيعات المقترحة صفقة بقيمة 3.8 مليار دولار لشراء 30 مروحية أباتشي من طراز AH-64، مما سيضاعف تقريبًا أسطول إسرائيل الحالي من هذه الطائرات.

كما تسعى إدارة ترامب للحصول على موافقة على صفقة بقيمة 1.9 مليار دولار لشراء 3250 مركبة هجومية للمشاة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقًا لوثائق اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال.

ووفقًا للوثائق، سيتم تمويل الأسلحة من خلال التمويل العسكري الأجنبي الذي تقدمه الولايات المتحدة. وتشتري إسرائيل معظم أسلحتها الأمريكية الصنع بأموال دافعي الضرائب الأمريكيين، والتي تأتي عبر مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية السنوية.

قنابل غبية
آثار صواريخ وقنابل الاحتلال (خاص عربي بوست)

وفي هذه المرحلة، تسعى وزارة الخارجية للحصول على موافقة كبار القادة الجمهوريين والديمقراطيين الأربعة في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب ولجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وفقًا لمصادر مطلعة على الطلب. وعادةً ما يتعين على رئيسي اللجنتين الموافقة على صفقات الأسلحة الخارجية الكبرى قبل أن ترسل الإدارة إشعارًا أوسع نطاقًا إلى الكونغرس.

ومنذ بدء ولايته الثانية في يناير/كانون الثاني الماضي، لم يستجب ترامب للدعوات التي لم تتوقف منذ أن شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً على غزة، والتي طالبت مراراً وتكراراً بوقف الدعم العسكري لتل أبيب، وواصل إرسال الأسلحة والذخائر لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية.

وفي الثامن من فبراير/شباط الماضي، أفادت تقارير  أن الولايات المتحدة وافقت على صفقة أسلحة لإسرائيل بقيمة 7.41 مليارات دولار.

وبحسب دراسة نشرتها جامعة براون الأمريكية حول تكاليف الحرب في المنطقة، فإن الولايات المتحدة أنفقت رقماً قياسياً لا يقل عن 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل خلال عام فقط منذ هجوم طوفان الأقصى، أي من أكتوبر 2023 وحتى أكتوبر 2024. 

ثانياً: توسيع مخزون الأسلحة السرية المستخدمة في حرب غزة

وبجانب صفقة الأسلحة الأخيرة، أشارت تقارير إلى اعتزام مجلس النواب الأمريكي التوسع في استخدام آلية سرية لنقل الأسلحة إلى إسرائيل.

وبحسب مجلة ريسبونسبل ستيت كرافت الأمريكية، يتضمن مشروع قانون تمويل وزارة الخارجية بندًا يسمح بنقل غير محدود للأسلحة الأمريكية إلى مخزون خاص في إسرائيل خلال السنة المالية المقبلة، مما سيعزز مسارًا لتوريد الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل مع تخفيف الرقابة العامة.

هذا المخزون، المعروف باسم برنامج "مخزون احتياطي الحرب لحلفاء إسرائيل"، هو "الآلية الأقل شفافية لتزويد إسرائيل بالأسلحة"، وفقاً لما صرّح به جوش بول، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، لمجلة ريسبونسبل ستيت كرافت.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، اشترت إسرائيل سراً كميات هائلة من الأسلحة الأمريكية من هذا المخزون، مما سهّل موجة من الغارات الجوية التي شنها جيش الاحتلال في غزة، والتي اعتبرها العديد من المحللين أشد حملة قصف في القرن الحادي والعشرين.

مجلس النواب الأمريكي
مجلس النواب الأمريكي/رويترز

وعندما تطلب إسرائيل أسلحة من "مخزون احتياطي الحرب لحلفاء إسرائيل"، يمكن لوزير الدفاع الموافقة على الطلب دون الحاجة إلى اتباع الخطوات المعتادة مثل إخطار الكونغرس أو حتى البيت الأبيض مسبقاً.

ويستند التشريع الجديد إلى قانون صدر عام 2024 وألغى مؤقتاً القيود المفروضة على قيمة ونوع الأسلحة الأمريكية المنقولة إلى إسرائيل سنويًا. (كان القانون الأمريكي سابقاً يحدّ من هذه التحويلات بمقدار 200 مليون دولار سنوياً).

وكشفت المجلة الأمريكية أن الولايات المتحدة قبل هذه التغييرات كانت قد بدأت بالفعل في استغلال برنامج "مخزون احتياطي الحرب لحلفاء إسرائيل" لتأجيج الحرب الإسرائيلية على غزة سراً. ففي الأيام الأولى من الحرب على غزة، بدا أن مسؤولي إدارة بايدن يتهرّبون من قواعد الشفافية من خلال تقسيم عمليات النقل الكبيرة للأسلحة من برنامج "مخزون احتياطي الحرب لحلفاء إسرائيل" إلى حزم أسلحة أصغر حجماً، لا تتجاوز عتبة 25 مليون دولار، وإخطار الكونغرس الأمريكي بها.

وهذا يُفسر، حسب المجلة، كيف تمكنت إسرائيل من مواصلة حرب غزة على الرغم من قلة مبيعات الأسلحة المُعلنة من الولايات المتحدة.

ثالثاً: سن قانون يعاقب على مقاطعة إسرائيل 

وفي 11 سبتمبر/أيلول 2025، وفي خطوة أولى نحو سن قانون فيدرالي يعاقب على انتقاد إسرائيل، أقر مجلس النواب الأمريكي موازنة دفاعية ضخمة من شأنها منع الشركات التي أعلنت مقاطعتها لإسرائيل من الحصول على عقود تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بحسب تقرير لموقع ذا انترسبت.

ومن شأن مشروع القانون أن يحظر فعلياً على المقاولين الذين يقاطعون إسرائيل الاستفادة من معظم أموال العقود الفيدرالية.

يُذكر أن 50% من الأموال التي أنفقتها الحكومة الأمريكية على العقود في عام 2024 تدفقت عبر البنتاغون، والتي بلغت قيمتها حوالي 750 مليار دولار.

ويعد القانون أحدث محاولة تشريعية لاستهداف حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS).

وقال حسن الطيب، المدير التشريعي لسياسة الشرق الأوسط في "لجنة الأصدقاء للتشريع الوطني": "إن هذا التعديل مصمم في الواقع لحماية إسرائيل من أي مساءلة من خلال معاقبة أولئك الذين يحتجون على انتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني من خلال المقاطعات، والتي يجب أن يحميها التعديل الأول".

الاحتلال
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية/ رويترز

وأضاف الطيب أن تمرير مشروع قانون مكافحة المقاطعة بهذه الطريقة هو "خدمة سيئة للغاية للشعب الأمريكي، وخاصة الأشخاص الذين يشاركون في الاحتجاج على الإبادة الجماعية المستمرة في غزة".

يأتي ذلك بينما أقرّت العديد من المجالس التشريعية في الولايات مشاريع قوانين تستهدف حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. ويسعى بعضها إلى منع الأشخاص أو الشركات الداعمة للحركة من الفوز بعقود حكومية، مما دفع منتقدي هذه القوانين إلى القول إنها تنتهك ضمان التعديل الأول لحرية التعبير بمعاقبتها الآراء السياسية.

وقد اتخذت المحاكم الفيدرالية وجهات نظر متباينة بشأن ما إذا كانت القوانين المناهضة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تنتهك الدستور، ولم تنظر المحكمة العليا في هذه المسألة بعد.

وبحلول عام 2023، كان لدى 38 ولاية شكل من أشكال التشريعات المناهضة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وذلك وفقاً لمنظمة "فلسطين القانونية"، وهي مجموعة تدعم حقوق حرية التعبير للمدافعين عن فلسطين.

رابعاً: زيارة 250 مشرعاً أمريكياً لإسرائيل 

وخلال الأسبوع الماضي، أثارت زيارة قام بها 250 مشرعاً أمريكياً إلى إسرائيل لحضور مؤتمر "50 ولاية، إسرائيل واحدة" انتقادات شديدة.

وقام وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بالضغط على المشرعين الأمريكيين لسن تشريعات مناهضة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، في الوقت الذي يحذر فيه قادة إسرائيل بشكل متزايد من أن البلاد أصبحت معزولة على الساحة العالمية، وفق ما نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني.

وقال ساعر للنواب إن إسرائيل تتعرض "لجهد عالمي منسق… للقضاء على دولة إسرائيل"، وإن على إسرائيل وحلفائها في الخارج التصدي لهذا الجهد.

كما استقبل نتنياهو الوفد، الذي يُعد الأكبر في تاريخ إسرائيل، الإثنين الماضي.

فيما ندد مواطنون أمريكيون من مختلف الأطياف السياسية برحلة الوفد الأمريكي. وقال مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في منشوراتهم إن أمريكا "محتلة".

وأشار معلقون آخرون، ليبراليون ومحافظون، إلى أنه لا ينبغي اعتبار الرحلة مفاجئة، بل متسقة مع إجماع حزبي راسخ على الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل. وقال أحدهم على منصة "إكس": "اعترافٌ لا يُصدق، لأن إسرائيل هي في الواقع الولاية الحادية والخمسون في الولايات المتحدة؛ الولاية الأهم التي تُخصص لها أغلبية الميزانية".

تحميل المزيد