تسعى الحكومة الإسرائيلية اليمينية التي يقودها بنيامين نتنياهو إلى فصل الخليل عن مناطق سيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وذلك في ظل الحراك الإسرائيلي الجاري لتطبيق السيادة على مناطق في الضفة.
ومؤخراً، طرح وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات مبادرة تهدف إلى فصل محافظة الخليل عن باقي الضفة الغربية، بحيث لا تكون تحت حكم السلطة الفلسطينية، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو يتجه لعقد مناقشات بشأنها.
وفي كلمة له في احتفال نظمه مجلس مستوطنات بنيامين، قال بركات: "حان الوقت للذهاب إلى حل، على شكل إمارات، الخليل أولاً، وهو موضوع نعمل عليه بقوة مع الحكومة، وسنتمكن من حل السلطة، ونذهب إلى نموذج الإمارات الفلسطينية".
وبحسب موقع "i24" الإسرائيلي، فإن "إمارة الخليل القبلية" المحتملة، من المتوقع أن تعترف بإسرائيل وتنضم إلى اتفاقيات التطبيع.
ويواكب ذلك حراكاً إسرائيلياً تجاه تطبيق السيادة على مناطق في الضفة الغربية، وذلك رداً على رغبة عدة دول أوروبية في الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقام جيش الاحتلال الإسرائيلي باعتقال رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، وتزامن ذلك أيضاً مع وضع حجر الأساس لحي استيطاني جديد شرق الخليل.
وفي تعليقه على اعتقال أبو سنينة، قال أحد قادة المستوطنين في مستوطنة كريات أربع إن "هذه الخطوة تثبت ضرورة أن تستعيد إسرائيل زمام الأمور، وتقوم بتعيين رئيس بلدية للمدينة كما كان الحال قبل اتفاق الخليل عام 1997″، داعياً إلى "توحيد المدينة مجدداً تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة".
ما هي قصة "الإمارات الفلسطينية السبع"؟
في يوليو/تموز 2025/ نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً عن 5 مشايخ من جبل الخليل أبدوا رغبتهم في إنشاء "إمارة الخليل"، الأمر الذي قوبل برفض عشائري كبير في المحافظة الفلسطينية.
وتشير المبادرة إلى:
اعتراف متبادل: من خلال وضع جدول زمني للمفاوضات للانضمام إلى اتفاقيات التطبيع، ووضع ترتيب يحل محل اتفاقية أوسلو.
في الجانب الاقتصادي:
- تأسيس منطقة صناعية مشتركة بين "إمارة الخليل" و"إسرائيل" على مساحة 1000 دونم.
- تسمح إسرائيل بإدخال ألف عامل من الخليل لفترة تجريبية، ثم 5 آلاف آخرين، وقد يصل العدد إلى 50 ألفاً لاحقاً.
- ويتعهد المقترح بـ "عدم التسامح مطلقاً مع إرهاب العمال، على عكس الوضع الحالي الذي تُشيد فيه السلطة الفلسطينية بالإرهابيين".
لكن هذا الحراك الذي قوبل برفض عشائري كبير في محافظة الخليل، لم تكن أفكاره وليدة اللحظة، وهو جزء من مخططات إسرائيلية يمينية تهدف إلى تحويل الضفة إلى "روابط قرى"، التي تهدف إلى القضاء على حل الدولتين.

وتقوم خطة "الإمارات الفلسطينية السبع" التي صاغها قبل سنوات أبرز المستشرقين الإسرائيليين مردخاي كيدار، على تفكيك الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة من خلال العشائر الكبرى الموزعة عليها، حيث يتم منح كل مدينة فلسطينية صلاحيات خاصة بها، بدءاً من منطقة الخليل.
وتتمثل النقاط الرئيسية للخطة:
- إنشاء سبع إمارات على أساس المدن الرئيسية في الضفة (الخليل، وبيت لحم، وسلفيت، ورام الله، ونابلس، وجنين، وطولكرم).
- ضم باقي المناطق غير المأهولة بالفلسطينيين، وخاصة الريفية، إلى إسرائيل.
- إنشاء حكومة قبلية وليس وطنية في الإمارات السبع.
ماذا تمثل مدينة الخليل في الضفة الغربية؟
تُعتبر محافظة الخليل من أقدم وأكبر المحافظات الفلسطينية، وهي ثاني المدن المقدسة في فلسطين عند المسلمين.
وتقع مدينة الخليل على بعد 36 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة القدس، ويتراوح ارتفاعها من 930 متراً إلى 1027 عن مستوى سطح البحر الأبيض المتوسط، ويربطها طريق رئيسي بمدينتي بيت لحم والقدس.
وبحسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، تُعد الخليل أكبر مدن الضفة الغربية من حيث السكان والمساحة، وتشكل نحو ثلث الضفة، ويُقدَّر أن يصل عدد سكانها إلى (250142) نسمة في العام 2026.
وتوصف بـ "قلعة الاقتصاد الفلسطيني"، حيث تُعد محافظة الخليل الأولى وطنياً من حيث عدد المنشآت الاقتصادية، وتمثل مصدراً للصناعات التقليدية الفلسطينية.
وتُعد مصدراً لـ 60% من موارد الحجر والرخام في الضفة الغربية، و33% من الناتج القومي الإجمالي لفلسطين يأتي من الخليل، بما في ذلك 60% من صناعة المجوهرات وإنتاجها.
وتُشكل الخليل 28% من الناتج في القطاع الزراعي، ومصدراً مهماً للثروة الحيوانية في الضفة الغربية، كما أن 75% من صناعة الجلود والأحذية في الضفة يأتي من المدينة.
وتنبع الأهمية الدينية للخليل أساساً من اعتقاد كل من المسلمين واليهود بأن إبراهيم عليه السلام مدفون فيها في الحرم الإبراهيمي أو (مغارة البطاركة أو المكفيلة عند اليهود)، مع ابنه إسحاق وحفيده يعقوب.
ونظراً لأهميتها الدينية، أصبحت الخليل معقلاً للمتطرفين الدينيين داخل الحركة الاستيطانية، والتي لعبت دوراً رئيسياً في تأسيس وتطوير المستوطنات في الضفة الغربية.
وإلى جانب أهميتها الاقتصادية، فإن لمدينة الخليل قيمتها الدينية والثقافية بالنسبة للفلسطينيين، وتضم رفات إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة، وعائلته من بعده: إسحاق ويعقوب ويوسف ولوط ويونس، وكذلك فإنها تضم أيضاً الكثير من رفات الصحابة، وفي مقدمتهم شهداء معركة أجنادين.
كيف تحولت الخليل من مركز استيطان إلى "سجن كبير"؟
مثّلت مدينة الخليل جغرافيا استعمارية معقدة، فهي المدينة التي سكن فيها اليهود منذ سنوات طويلة، وطُردوا منها أيضاً.
ويعتبر اليهود مدينة الخليل إحدى أقدس المدن الأربع، إلى جانب القدس وصفد وطبريا، ويطلقون عليها "مدينة الآباء والأمهات" لاعتقادهم بأن فيها قبور الأنبياء وزوجاتهم، بما فيهم آدم عليه السلام.
كما يطلق اليهود على المسجد الإبراهيمي مسمى "مغارة مكفيليا"، والتي يُعتقد بأن آدم وحواء مدفونان فيها، لذلك اشتراها النبي إبراهيم عليه السلام، ويعتبرونها باباً من أبواب الجنة.
ويسمي اليهود مدينة الخليل بـ "حبرون" نسبة إلى "مملكة يهودا" المزعومة في جنوب فلسطين، كما ورد في التاريخ اليهودي، ويقول اليهود إن المدينة هي المكان الذي مُسح فيه داود ملكاً على إسرائيل.
وقبل ثلاثينيات القرن الماضي، كانت الخليل مدينة ذات أغلبية مسلمة مع أقلية يهودية صغيرة، ومع ذلك، ومع تزايد الهجرة اليهودية إلى المدينة والأنشطة الصهيونية فيها ابتداءً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تصاعدت التوترات بين المسلمين واليهود، وتطورت في نهاية المطاف إلى أعمال عنف خلال أحداث البراق عام 1929، وبعد اندلاع الثورة العربية عام 1936، غادرت الجالية اليهودية المدينة بأكملها.

وعقب حرب العام 1967، انقسم القادة الإسرائيليون حول التعامل مع الخليل، ففي حين لم يرَ وزير الحرب آنذاك موشيه ديان في الخليل أهمية من ناحية عسكرية ولأغراض الحرب، ذهب وزير العمل إيغال ألون باتجاه مساندة أنصار "حركة إسرائيل الكبرى" من اليمين، المطالبين بالاستيطان في الخليل، وإنشاء "حي يهودي" في المنطقة المجاورة للمدينة.
وتأسس الاستيطان في الخليل عام 1968، على يد الحاخام موشيه ليفنجر، ممثل "حركة إسرائيل الكبرى"، من خلال احتلاله وعشرات المستوطنين فندق بارك (النهر الخالد)، ورفضه إخلاءه، إلا بعد أن تدخل الحكم العسكري الإسرائيلي، وسمح لهم بالإقامة في معسكر الجيش لحوالي 3 سنوات.
وفي عام 1969، سيطر المستوطنون على منطقة جبلية شرقي الخليل، قرب وادي الغروز والبويرة والبقعة، وأقاموا مستوطنة كريات أربع. وفي عام 1970 بدأت البنايات تُشيَّد ليسكنها المستوطنون المتطرفون من حزبي (هتاحيا وموليدت)، وبعد ذلك تم إنشاء ثلاث مستوطنات أخرى في وسط الخليل، كان آخرها عام 1984.
وقام مستوطنو الخليل بتأسيس حركة "غوش إيميونيم" الاستيطانية، والتي وقفت خلف حركة الاستيطان في المنطقة، وقاموا بتشكيل تنظيم سري في الفترة ما بين 1978 و1984، ونفذوا عمليات تستهدف قتل الفلسطينيين.
وفي العام 1983، احتل المستوطنون أراضي من حي تل الرميدة في الخليل، وأقاموا مستوطنة وسط المنازل الفلسطينية، وسيطروا على أربع منازل في البلدة القديمة، تعود لعائلات الرجبي قرب المسجد الإبراهيمي، وأبو رجب قرب المدرسة الإبراهيمية، والبكري في تل الرميدة، والزعتري في شارع السهلة.
واللافت أن خريطة الاستيطان التي اتبعها المستوطنون كانت تهدف إلى تطويق المسجد الإبراهيمي، وتكريس واقع يضيق الخناق على الفلسطينيين في البلدة القديمة.
وتمكن المستوطنون من بناء أكثر من 36 مستوطنة، ونحو 8 بؤر استيطانية في محافظة الخليل وحدها منذ العام 1967.
ومع توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، لم ينسحب جيش الاحتلال من الخليل، حيث تم استثناء المدينة من عمليات إعادة الانتشار عام 1995، بسبب الوجود الاستيطاني فيها.
وتسببت مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1997، في قيام سلطات الاحتلال بفرض واقع جديد من الترتيبات الأمنية على الخليل، أدى في النهاية إلى التقسيم الرسمي للمدينة بموجب ما يسمى "اتفاق الخليل" عام 1997.
وقد ساهمت الإجراءات الإسرائيلية بعد مذبحة الحرم في تضييق الخناق على ساكني البلدة القديمة، وأصبح الحرم كنيساً يهودياً، وللمسلمين أقل من النصف منه، وممنوع على الفلسطيني الدخول في أوقات الصلوات اليهودية، التي يمكن أن تصل إلى 30 يوماً في السنة، بحسب مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

وأصبحت مدينة الخليل تعيش واقعاً سياسياً معقداً مع تقسيمة جسدها ما يُعرف بـ "اتفاق الخليل"، والذي قسّم المدينة إلى منطقتين:
- منطقة (H1) التي تُشكّل 80% من مساحة الخليل، وتخضع للسيطرة الفلسطينيّة.
- منطقة (H2) التي تُشكّل 20% من مساحة المدينة، وتخضع للسيطرة الأمنيّة الإسرائيليّة، وتشمل البلدة القديمة والمسجد الإبراهيمي وما حولهما.
ووفقًا لمنظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، فقد كان يسكن في المناطق التي خضعت للسيطرة الإسرائيلية (بما في ذلك أجزاء من خارج البلدة القديمة) حوالي 35 ألف فلسطيني عند توقيع الاتفاق، لكن أعدادهم لم تزد بسبب الهجرة القسرية والقيود المفروضة. في المقابل، كان يسكن المناطق التي سُلّمت للسلطة الفلسطينية، والتي يغلب عليها الطابع الحديث، قرابة 115 ألف فلسطيني، وارتفع عددهم لاحقاً إلى الضعف، إذ بلغ عدد سكان مدينة الخليل حوالي 244 ألف نسمة في عام 2025.
وقد تم تقنين وجود المستوطنين في وسط المدينة، وخلق شرخ جغرافي بين شقها الشمالي والجنوبي، وقد أدى التقسيم منذ بروتوكول الخليل عام 1997 إلى انهيار شبه كامل لاقتصاد الخليل، مما دفع آلاف الفلسطينيين إلى مغادرة المدينة بحثاً عن فرص عمل.
وأظهر مسح أُجري على مستوى المدينة عام 2004 أن أكثر من 1000 منزل في وسط الخليل، والتي تُشكّل أكثر من 40% من المساكن الفلسطينية في المنطقة، قد تم إخلاؤها منذ عام 1994. علاوة على ذلك، تم إغلاق أكثر من 1800 شركة فلسطينية في وسط المدينة (أكثر من 75% من العدد الإجمالي).
وحسب مركز الإحصاء الفلسطيني للعام 2016، فقد بلغ عدد المستوطنين الذين يحتلون أراضٍ في محافظة الخليل نحو 19363 مستوطناً، فيما ذكر تقرير صادر عن وزارة داخلية الاحتلال أن نسبة النمو السكاني للمستوطنين في محافظة الخليل لآخر 5 سنوات بلغت نحو 19.4%.
وتقول منظمة "بيتسيلم" الحقوقية، إنه على ضوء "اتفاقية الخليل"، أنشأت إسرائيل فصلاً فيزيائياً وقضائياً بين المستوطنين والسكان الفلسطينيين، شمل:
- فرض قيود صارمة ومشددة على تحركات الفلسطينيين القاطنين هناك (السائقين والمشاة) على حدّ سواء، بما في ذلك إغلاق شوارع رئيسية، فيما يتحرك المستوطنون بحرية ودون أي قيد.
- إصدار جيش الاحتلال أوامر إغلاق لمئات المحال والمصالح التجارية الفلسطينية في هذه المنطقة.
- إقامة عشرات الحواجز في قلب المدينة، ويخضع الفلسطينيون عند عبورها لتفتيشات مطولة ومهينة، وأحياناً يتم إغلاقها دون سابق إنذار، متذرعين باعتبارات أمنية. وعند إغلاق الحواجز يُضطر السكان إلى سلوك طرق عجيبة وغريبة للوصول إلى المكان الذي يقصدونه، حتى لو كان ذلك منزلهم.
- من أجل الوصول إلى حي تل الرميدة، يُضطر الفلسطينيون إلى عبور حواجز شديدة التحصين، وقد طُبقت إجراءات عملت على عزل السكان هناك بعد منع الوصول إليها من غير ساكنيها.
- أما في حي السلايمة، فنصب جيش الاحتلال جداراً يشق الحي نصفين، بحيث يفتح الجنود البوابة المثبتة فيه فقط في ساعات محددة خلال النهار، وفق اعتبارات يحددونها هم. وعندما تكون هذه البوابة مغلقة، يُضطر السكان إلى سلوك طريق التفافي طويل لأجل الوصول إلى منازلهم.
- يسهم الوجود المكثف للجنود وعناصر شرطة الاحتلال في مركز المدينة والاحتكاك الدائم بينهم وبين السكان الفلسطينيين في تصرف الجنود بعنف، واستغلال الصلاحيات الممنوحة لهم على نحو مثير للسخرية.

- الاعتداءات العنيفة، والاقتحامات الليلية للمنازل، والتفتيشات التعسفية، والمضايقات، وإعاقة الناس على الحواجز، والتعامل المهين – كلها أضحت منذ زمن جزءاً من واقع يومي يعيشه السكان الفلسطينيون.
- كذلك، فإن عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين أضحى منذ زمن روتيناً جارياً: بمرور السنين نشأت في أوساط المستوطنين في الخليل ظواهر التنكيل المنهجي بالسكان الفلسطينيين، إذ يكون بالغ العنف أحياناً.
كيف طوق الاحتلال مدينة الخليل بعد 7 أكتوبر؟
عانت الخليل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 من تحولات أثرت على مجريات الحياة اليومية، خاصة فيما يتعلق بالحركة والتنقل وتشديد القيود على المحافظة الأكبر في الضفة الغربية، وكان أبرزها:
- ارتفع عدد الحواجز والبوابات الحديدية والمكعبات الإسمنتية في مدينة الخليل إلى أكثر من 110، بنسبة 26% من حواجز الضفة، حيث قام الاحتلال بعزلها بالكامل عن محيطها الخارجي، بحسب وكالة وفا. وقد توزعت على تل الرميدة، وشارع الشهداء، ووادي الحصين، ووادي الغروس، وحارة جابر، وحارة السلايمة، ومنطقة السهلة، ومحيط الحرم الإبراهيمي.
- يواجه سكان تلك المناطق عقبات شديدة في أبسط حقوقهم، مثل ترميم منازلهم، إذ يتطلب ذلك تقديم طلب إلى الارتباط الفلسطيني، وانتظار الموافقة الإسرائيلية، التي غالباً ما تُقابل بالرفض أو تأخير متعمد.
- كما يُمنع سكان تلك المناطق من إدخال المركبات لنقل مواد البناء، ويُجبرون على استخدام عربات يدوية أو تلك التي تجرها حمير، بحسب مركز رؤية للتنمية الإنسانية.
- يواجه الفلسطينيون في أحياء متعددة من الخليل مثل منطقة الحرم الإبراهيمي، منعاً من الخروج بعد الساعة 6:30 مساءً من الأحد حتى الخميس، ولا يمكنهم مغادرة منازلهم على الإطلاق يومي الجمعة والسبت، بحسب "بيتسيلم".
- أصبح "مبدأ الفصل" أكثر تطرفاً منذ 7 أكتوبر، حيث استغل جيش الاحتلال تشتيت الانتباه بالحرب في غزة لتوظيف مجموعة متنوعة من التكتيكات لجعل الحياة في مناطق (H2) أقل ملاءمة للعيش للفلسطينيين.
- يشهد السوق في البلدة القديمة تراجعاً حاداً في الحركة التجارية، إلى جانب الركود الذي أصاب السياحة الداخلية والدينية، وباتت نسبة الإغلاق في المحال التجارية تتراوح بين 70% و80%.
- يواجه طلاب المدارس والجامعات صعوبات في التنقل والوصول إلى مؤسساتهم التعليمية، حيث يُمنع طلاب المدارس الواقعة في المناطق المغلقة من الحضور بانتظام.
- مُنع رفع الأذان من الحرم الإبراهيمي 704 مرات خلال عام 2023 وحده.
- في 16 يوليو/تموز 2025، نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" خبراً، نقلاً عن مصادر، فحواه أن الإدارة المدنية الإسرائيلية قررت نقل صلاحيات الحرم الإبراهيمي من وزارة الأوقاف وبلدية الخليل إلى المجلس الديني في كريات أربع.
- لا يقتصر التضييق على الجانب الديني فقط، بل يتعداه إلى محاولة تغيير الهوية الفلسطينية والإسلامية للحرم الإبراهيمي، إذ تعمل السلطات الإسرائيلية على تنفيذ تغييرات تدريجية في معالم المكان، بهدف فرض طابع استيطاني عليه، مثل إضافة مصعد كهربائي خارجي لتسهيل وصول المستوطنين.
لماذا فصل الخليل أولاً؟
يقول الإسرائيليون إن ما يُميز مدن الضفة الغربية هو أن القبائل الفلسطينية يفوق سيطرتها سيطرة السلطة الفلسطينية، فيما تُعد الخليل مثيرة للاهتمام في هذا الصدد.
ويوضح مقال في صحيفة هآرتس أن الخليل تضم العديد من القبائل الفلسطينية، وتضم محكمة عشائرية مُصممة لحل النزاعات، ونادراً ما تتدخل السلطة الفلسطينية في هذا النظام الخارج عن نطاق القضاء.
وأشار إلى أن قانون الانتخابات الفلسطيني يولي أهمية كبيرة لمكانة القبائل الفلسطينية وهيمنتها في المجلس التشريعي.
وتشير الوقائع إلى أن مدينة الخليل من أكثر المناطق التي أصبحت مهيأة للفصل في الضفة الغربية، بسبب تعقيداتها الجغرافية الناجمة عن "اتفاقية الخليل"، التي سمحت للاحتلال الإسرائيلي بتشديد الخناق عليها، وعزلها عن باقي المناطق.
في هذا الإطار، يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، بلال الشوبكي، إن الاحتلال يستخدم الثقل العشائري في مدينة الخليل ليكون مدخلاً لمخططه.
وأضاف الشوبكي لوكالة الأناضول أن "الخليل هي المدينة الوحيدة التي يتخلل الاستيطان أحياءها الفلسطينية، وهي محاطة بالمستوطنات من جميع الجهات، ما يجعل السيطرة الأمنية عليها ممكنة، بخلاف بعض مناطق شمال الضفة".
وتابع أن "المدينة محاصرة من كل الجهات، ولها خصوصية عقائدية وأيديولوجية، وفيها غلاة المستوطنين، من بينهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير"، مشيراً إلى أن الخليل شهدت مؤخراً هدوءاً نسبياً مقارنة بشمال الضفة.
واعتبر أن هذا المسار "سيؤدي إلى تحويل المؤسسة الرسمية الفلسطينية إلى مؤسسات متناثرة تقدم خدمات معيشية فقط دون اتصال بينها، ما يضع الفلسطينيين أمام حكم الأمر الواقع".