“غير واقعي، وقد يكون فخاً”.. خلافات بين نتنياهو وقادة الجيش حول سيناريو احتلال قطاع غزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/06 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/06 الساعة 13:54 بتوقيت غرينتش
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي/رويترز

تشهد إسرائيل انقساماً داخلياً بسبب الخطة المحتملة التي يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لاحتلال قطاع غزة، وسط تحذيرات من أنها قد تؤثر سلباً على إسرائيل.

ويأتي الطرح الإسرائيلي الجديد بعد سلسلة من المخططات التي قدمتها، كانت آخرها عملية "عربات جدعون"، استمرت قرابة العامين ضد حركة حماس، لكنها لم تحقق الأهداف التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي، والمتمثلة بـ"النصر المطلق" على حماس، وإعادة الأسرى الإسرائيليين.

وتعصف في إسرائيل خلافات حادة بين مكوّنين، أحدهما يدفع باتجاه احتلال قطاع غزة، والآخر يعتقد أن هذا الطرح سيؤثر سلباً على إسرائيل.

خلافات بين نتنياهو وزامير بسبب فكرة احتلال قطاع غزة

وتقول القناة 14 العبرية، إن النقاش الأمني الذي عقد الثلاثاء 5 أغسطس/آب 2025، كشف عن فجوات عميقة بين نتنياهو وقيادة الجيش الإسرائيلي التي تعارض فكرة احتلال قطاع غزة.

وذكرت وسائل إعلام عبرية أن توترات حادة اندلعت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس الأركان، ففي الوقت الذي يشدد فيه نتنياهو على تغيير النهج المتبع في غزة، حذّر زامير من أن قرار احتلال قطاع غزة قد يصبح "فخاً استراتيجياً".

وشدد زامير على أن فكرة احتلال قطاع غزة تعرّض الأسرى الإسرائيليين للخطر، لكنه أوضح أن الجيش مستعد لتنفيذ القرار فور اتخاذه.

واقترح زامير بديلاً لعملية احتلال قطاع غزة، بحسب "القناة 13"، يتمثل في:

  • عزل قطاع غزة.
  • فرض حصار محكم على مدينة غزة.
  • تنفيذ ضربات جوية على مواقع حماس.

لكن نتنياهو رفض المقترح وأصر على المضي في خطة احتلال قطاع غزة، فيما ألمح زامير إلى التهديد بالاستقالة، قائلاً: "لا أملك إلا رصاصة واحدة في فمي".

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي زامير/ الأناضول
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي زامير/ الأناضول

فيما أكد وزير الجيش يسرائيل كاتس أن الأهداف الرئيسية للحرب هي هزيمة حركة حماس وتهيئة الظروف اللازمة لاستعادة الأسرى، مضيفاً: "بمجرد أن تتخذ القيادة السياسية القرارات اللازمة، سينفذها الجيش كما فعل في جميع ساحات الحرب حتى الآن".

المعارضة ترفض فكرة احتلال قطاع غزة

ويعتزم نتنياهو لقاء زعيم المعارضة يائير لابيد الأربعاء 6 أغسطس/آب 2025، في محاولة لحشد دعم المعارضة لإعادة احتلال قطاع غزة.

لكن لابيد قال على منصة (إكس): "نهج الحكومة الإسرائيلية والكابينت سيؤدي إلى موت جميع المخطوفين جوعاً، وسيعرضهم للخطر بسبب عمليات الجيش".

وتابع لابيد: "سنستيقظ كل صباح على المزيد والمزيد، وسنسيطر على مليوني فلسطيني، على أن نمول تزويدهم بالكهرباء والمياه، ونبني لهم مدارس ومستشفيات بأموال الإسرائيليين"، على حد قوله.

من جانبه، دعا رئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان إلى مظاهرات عارمة ضد حكومة نتنياهو وشل الاقتصاد الإسرائيلي على خلفية خطة إعادة احتلال قطاع غزة.

فيما حذرت عائلات الأسرى الإسرائيليين من أن الحكومة برئاسة نتنياهو "على وشك اتخاذ قرارات قد تسبب كارثة لدولة إسرائيل وكارثة للرهائن".

ومساء الثلاثاء، أغلق مئات المتظاهرين الإسرائيليين شارعاً رئيساً يوجد فيه مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، للمطالبة بإعادة الأسرى ولو مقابل إنهاء الحرب على غزة، بحسب إعلام عبري.

هل نتنياهو يريد فعلاً احتلال قطاع غزة؟

في الوقت الذي تؤكد فيه وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو يتبنى فكرة احتلال قطاع غزة ويدفع باتجاهها، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر حكومي تشكيكه في نية نتنياهو احتلال قطاع غزة.

وأوضحت أن كثيرين في الساحة السياسية يعتقدون أن التلويح باحتلال قطاع غزة مجرد تكتيك ومحاولة للضغط.

وتشير التقديرات، بحسب الصحيفة، إلى أن نتنياهو لن يلجأ إلى إقالة رئيس الأركان، وأنهم سيتوصلون إلى اتفاق بشأن خطوة عسكرية محدودة بهدف تقديم موقف حازم ضد حركة حماس.

فيما نقلت "وول ستريت جورنال" عن محللين أن نتنياهو ربما يستغل التهديد للضغط على حركة حماس لقبول شروط إسرائيل لوقف إطلاق النار.

نتنياهو وسكرتيره العسكري رومات جوفمان/ يديعوت أحرونوت
نتنياهو وسكرتيره العسكري رومات جوفمان/ يديعوت أحرونوت

ورجحت صحيفة "يديعوت أحرونوت" ألا يقوم الجيش الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة، وحتى لو اتخذ مثل هذا القرار، فإنه سيفشل في اختبار التنفيذ بسبب ما يسمى بالواقع.

من جهته، يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، معلقاً على الأزمة العلنية بين نتنياهو وزامير، إن رئيس الوزراء مهتم بإبقاء حدة المواجهة مع رئيس الأركان مشتعلة لأسباب مختلفة، وهي:

  • يُظهر لشركائه اليمينيين المتطرفين أنه لا يتجاهل مطالبهم باحتلال القطاع بأكمله.
  • يحاول تهديد حركة حماس بعد تعثر محادثات صفقة الأسرى في ظل أزمة الجوع في قطاع غزة.
  • صرف الانتباه عن إخفاقاته من خلال تصوير رئيس الأركان "كبش فداء" محتمل، بعد أن فشل الائتلاف في الوفاء بوعوده بتحقيق "النصر الكامل".

وتساءل هارئيل حول جدية نتنياهو في شن هجوم شامل، بينما قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في حالة ركود منذ فترة طويلة.

وأوضح أنه للسيطرة على الربع المتبقي من قطاع غزة، وإطلاق عملية عسكرية في قلب المناطق التي دفعت إسرائيل إليها نحو مليوني فلسطيني، هناك حاجة إلى تعزيزات، ومن المشكوك فيه أن تكون الوحدات النظامية كافية.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي قد انسحب مؤخراً من قطاع غزة بأمر من زامير، الذي يريد منح الجنود قسطاً من الراحة، ويبدو أنه لن يكون هناك مفر من تجنيد جنود احتياط جدد، خلافاً لجميع الخطط.

وقد يستغرق نقل هذه القوات إلى قطاع غزة حوالي أسبوعين، وقد يستغرق احتلال المناطق المتبقية من القطاع وتطهيرها من المسلحين فعلياً حوالي عام أو عامين، وفقاً للجيش.

وأكد أنه طالما لا يوجد تحرك حقيقي للقوات ولا تحرك جدي في قطاع غزة، يبقى الشك قائماً.

لماذا تؤثر خطوة احتلال قطاع غزة سلباً على إسرائيل؟

يقول منتقدو خطة احتلال قطاع غزة، ومعظمهم من اليسار والوسط وبعض اليمين في إسرائيل، إن تل أبيب يجب أن تركز طاقتها على تأمين وقف إطلاق النار لاستعادة الأسرى المتبقين، وتخفيف التكلفة الإنسانية المتزايدة للحرب، والتي جعلت إسرائيل معزولة على الصعيد الدولي بشكل متزايد، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وفي هذا الإطار، فقد حذر أسرى إسرائيليون سابقون الجيش الإسرائيلي من أن حماس تمتلك وسائل تكنولوجية خاصة لرصد اقتراب قوات الجيش من أماكن احتجاز الرهائن.

ونقل الناجون من الأسر هذا التحذير إلى عناصر الأجهزة الأمنية وكذلك إلى عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين يخشون توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة.

وأوضح الناجون من الأسر أن حماس تمتلك وسائل تكنولوجية متنوعة، كالكاميرات المزودة بأجهزة استشعار أو القنابل التي يُفترض تفعيلها في حال اقتراب قوات الجيش من مكان وجود الأسرى الإسرائيليين. ووصفت عائلاتهم هذه المعلومات بالخطيرة، وأشاروا إلى أن احتلال القطاع قد يكون حكماً بالإعدام على الأسرى المتبقين لدى حماس.

جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول
جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول

ويشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن إسرائيل ستواجه تحدياً إذا نجحت في تنفيذ خطة سيطرتها الكاملة على غزة:

  • ستكون مسؤولة عن الحياة اليومية لسكان القطاع، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والخدمات المدنية الأخرى.
  • ستحتاج إسرائيل إلى قوة عسكرية كبيرة داخل غزة للحفاظ على الأمن وسط شعب معادٍ لها إلى حد كبير.
  • ستكون التكلفة باهظة، حيث ستكلف إسرائيل ما يعادل حوالي 10 مليارات دولار لدفع رواتب الجنود وتمويل الخدمات المدنية في غزة، وفقاً لدراسة أجراها البروفيسور إستيبان كلور، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس.

ويمثل هذا الرقم حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي الذي لم يُرصد له ميزانية، كما لا يشمل هذا تكلفة إعادة بناء البنية التحتية في غزة، وهي تكلفة قد تضطر إسرائيل إلى تحملها إذا رفضت الدول المانحة المحتملة التعاون معها.

وكانت إسرائيل قد موّلت سابقاً حكومة عسكرية في غزة بين عامي 1967 و2005، وذلك في الغالب باستخدام عائدات الضرائب المحصلة في القطاع، قبل أن تخلي مستوطناتها هناك، لكن هذا الخيار أصبح غير مجدٍ نظراً لحالة اقتصاد غزة بعد قرابة عامين من الحرب، بحسب البروفيسور الإسرائيلي.

كما يؤكد محللون إسرائيليون أنه ليس من الواضح ما إذا كان الاحتلال العسكري من شأنه أن يهزم حماس أو يقويها، حيث سيتمكن مقاتلوها الذين خاضوا الحرب بأكملها بملابس مدنية من مواصلة تكتيكات حرب العصابات.

وقد يعزز احتلال قطاع غزة صفوف مقاتلي حركة حماس ويمنحهم قدرة أكبر على استهداف القوات الإسرائيلية المتمركزة بشكل دائم داخل غزة لإدارة الحكم العسكري.

ومن المرجح أن تثير هذه الخطوة الإسرائيلية ردود فعل دولية غاضبة، حيث يطالب معظم العالم بإنهاء الحرب فوراً.

وشكك أفنير جولوف، نائب رئيس منظمة "مايند إسرائيل"، في دعم المجتمع الإسرائيلي لفكرة احتلال قطاع غزة بأكمله.

تحميل المزيد