إسرائيل حائرة في غزة بعد فشل “عربات جدعون”.. أمامها 3 خيارات بينها “اتفاق شامل”

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/01 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/01 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي - رويترز

مع فشل "عربات جدعون" وتعليق مفاوضات إنهاء الحرب على قطاع غزة، بدأ الاحتلال يدرس خيارات بديلة بشأن التعامل مع غزة، وسط تزايد الفجوات بين المستوى السياسي في إسرائيل والمؤسسة الأمنية التي بدأت بسحب فرق لها من القطاع.

يأتي ذلك في الوقت الذي وصلت فيه المفاوضات إلى طريق مسدود، مع الرفض الإسرائيلي الانسحاب من مناطق في القطاع، وإصراره على آلية المساعدات الأمريكية الإسرائيلية، في الوقت الذي تشتد فيه المجاعة في القطاع بشكل غير مسبوق.

الجيش يسحب قوات من غزة وفجوة مع المستوى السياسي

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس 31 يوليو/تموز 2025، سحب الفرقة 98 من شمالي قطاع غزة، في خطوة اعتبرتها صحف إسرائيلية مؤشراً على قرب نهاية "عربات جدعون" العسكرية.

وفي الأسابيع الأخيرة غادر لواء المظليين والكوماندوز القطاع، حيث نقل المظليون إلى مهام أمنية في الضفة الغربية، بينما أرسل الكوماندوز إلى الجبهة الشمالية.

كما سحب الجيش الإسرائيلي لواء المدرعات السابع وأيضاً لواء الاحتياط 646 ولواء الاحتياط 179، فيما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن 4 فرق عسكرية لا تزال تتمركز بالقطاع، اثنتان منهما فقط تنفذان مهام قتالية داخله.

ورغم أن عملية "عربات جدعون" التي بدأها الاحتلال في 17 مايو/آيار 2025، كانت تهدف إلى الضغط على حركة حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وإلحاق ضرر كبير بالقدرة العسكرية والحكومية للحركة، إلا أنها لم تستطع تحقيق أهدافها وسط تبادل للاتهامات بين رئيس الأركان إيال زامير، وشخصيات في الحكومة الإسرائيلية مثل بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، تتهم الجيش بعدم الالتزام بتوجيهات الحكومة في الحرب على غزة.

وشهدت جلسة الحكومة الإسرائيلية التي عقدت الثلاثاء الماضي، خلافات حادة بين زامير وسموتريتش الذي قال: "نفتقد رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي"، مهاجماً رئيس الأركان الجديد بلهجة حادة، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

ويقول المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، آفي اشكنازي، إن بيان الجيش الإسرائيلي بسحب الفرقة 98 يكشف عن عمق الفجوة بين المستوى السياسي والجيش.

عناصر من الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في غزة/ رويترز
عناصر من الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في غزة/ رويترز

وقبل أيام، أبلغ الجيش الإسرائيلي المستوى السياسي بأنه أكمل المهمة العسكرية، وأن الوقت قد حان الآن لتنفيذ المهمة السياسية، إلا أن الحكومة ترفض اتخاذ قرارات بهذا الاتجاه، بحسب اشكنازي.

ووفق المحلل العسكري الإسرائيلي، فإن المشكلة الآن تكمن في عجز الحكومة عن توجيه الجيش بشأن مواصلة حصار مدينة غزة ومخيمات الوسط، أو احتلال القطاع بأكمله، أو وقف العمليات، وذلك لإتمام مفاوضات تتضمن إنهاء الحرب وإعادة الأسرى.

فيما يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، إن زامير اتخذ قرار سحب الفرقة 98 من جانب واحد، مشيراً إلى أن حرب الاستنزاف المتآكلة في غزة لها عواقب وخيمة، أبرزها مشاكل خطيرة في الانضباط العملياتي، وزيادة إرهاق المقاتلين الاحتياطيين والنظاميين، والانهيار النفسي للجنود الذين يرغبون في عدم العودة إلى القتال، وتزايد الانتحار.

وأضاف أن رئيس الأركان المطلوب منه الآن ليس الاستقالة لأن ذلك سيرضي سموتريتش وبن غفير، اللذين يبحثان عن رئيس أركان هجومي بامتياز بدلاً من زامير الذي خيب آمالهما.

3 خيارات بديلة بشأن التعامل مع غزة

ومع الحديث عن انهيار المفاوضات بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، فإن الجيش الإسرائيلي ينتظر تعليماته من المستوى السياسي وإعداد خطة بديلة لمواصلة الحرب على القطاع.

وفي بيان لها، قالت حركة حماس، الخميس 31 يوليو/تموز 2025، إنها جاهزة "للانخراط الفوري في مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار حال تم إيصال المساعدات لمستحقيها في قطاع غزة، وإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة"، محذرة من أن استمرار التفاوض في ظل المجاعة يفقده مضمونه.

وقبل أيام انسحبت دولة الاحتلال وأمريكا من المفاوضات غير المباشرة مع حماس بقطر، جراء تصلب مواقف تل أبيب بشأن الانسحاب من غزة، وإنهاء الحرب، والأسرى الفلسطينيين، وآلية توزيع المساعدات.

وبحسب مصادر لـ"عربي بوست" فإن حركة حماس وافقت على أن يبقى الاحتلال في بعض المناطق بطول 1200 متر، ومناطق أخرى تصل إلى 800 متر، على أن يتم الانسحاب الكامل من القطاع مع بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

كما طالبت حركة حماس بأن يكون هناك انسحاب تدريجي من الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا، خلال صفقة الـ"60 يوماً"، وهو ما رفضته إسرائيل.

كما شددت حركة حماس على ألا تكون "مؤسسة غزة للإغاثة"، وهي الآلية الأمريكية الإسرائيلية، أي دور في ملف المساعدات الإنسانية، مطالبة بأن يكون ذلك عبر المنظمات الأممية.

زيارة سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي لقطاع غزة
زيارة سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي لقطاع غزة

حركة حماس طالبت أيضاً بالإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل جثامين الأسرى الإسرائيليين، وهو ما رفضته إسرائيل.

ومع رفض إسرائيل لمطالب حركة حماس، فقد قررت الحركة، بحسب مصادر لـ"عربي بوست"، عدم التجاوب مع المفاوضات حتى يتم إيصال المساعدات إلى المواطنين الذين يتعرضون للمجاعة في قطاع غزة.

وفي ظل تعليق المفاوضات وفشل عملية "مركبات جدعون"، فإن الخيارات البديلة التي يتناولها الإسرائيليون تتمثل بخيارين عملياتيين وخيار سياسي ثالث يهدف إلى ضم أراضٍ، قد ينفذ بالتوازي مع العمليات العسكرية، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

ومع بقاء 8 ألوية فقط تابعة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، فإن الخيارات الثلاثة الرئيسية التي تدرس في الأوساط السياسية الإسرائيلية هي:

  • الاستمرار بخطة الحصار والاستنزاف بهدف تهيئة ظروف عملياتية قد تدفع حماس للنظر في صفقة جزئية.
  • اجتياح بري واسع رغم المخاطرة في حياة الأسرى الإسرائيليين.
  • تحرك سياسي يشمل عرضاً علنياً أو سرياً لوقف كامل للقتال وانسحاب كلي لقوات الجيش، مقابل جميع الأسرى الإسرائيليين.

وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الخيار الأول يتبناه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ويشمل تطويق المخيمات في وسط القطاع ومدينة غزة، مع شن غارات جوية دقيقة، وعمليات برية محددة الأهداف.

فيما يتضمن الخيار الثاني ما يسمى تحقيق "نصر ميداني" وتدمير معاقل حركة حماس المتبقية، في إشارة إلى مخيمات وسط القطاع.

أما بالنسبة للخيار الثالث والأخير، فيقول مسؤول إسرائيلي كبير إنه مع تعثر المفاوضات فقد اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة الآن على السعي إلى إطار شامل بدلاً من وقف جزئي لإطلاق النار.

وأوضح المسؤول الإسرائيلي للصحفيين أنه "لن تكون هناك صفقات جزئية أخرى"، مشيراً إلى أن تل أبيب وواشنطن اتفقتا الآن على الحاجة إلى "الانتقال من إطار لإطلاق سراح بعض الأسرى إلى إطار لإطلاق كافة الأسرى، ونزع سلاح حماس".

ومع الدعوات من اليمين المتطرف في الائتلاف الذي يقوده نتنياهو تجاه احتلال قطاع غزة، حذر زامير من عواقب هذا التوجه، بما في ذلك الخطر المتزايد على حياة الأسرى، ومقتل الجنود، وعبء إضافي على التشكيل القتالي النظامي والاحتياطي.

ورأى المحلل العسكري هارئيل أن زامير قد يتجه نحو خيار تشديد الحصار على الجيوب وهي: مدينة غزة، ومخيمات الوسط، ومنطقة المواصي في خانيونس.

وأوضح أن زامير لديه مجال للقيام بأمور لم يفعلها، وهي سحب بعض القوات من القطاع من جانب واحد، ومطالبة مجلس الوزراء بعقد مناقشة مفصلة حول تداعيات التحركات الهجومية التي يطالب بها الوزراء للجيش الإسرائيلي.

تحميل المزيد