القصف الإسرائيلي لم يردعهم.. لماذا صعّد الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر؟ وكيف ستتأثر حركة الشحن العالمية؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/11 الساعة 11:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/11 الساعة 11:17 بتوقيت غرينتش
صور بثتها جماعة الحوثي للاستيلاء على "سفينة إسرائيلية" في البحر الأحمر/ الأناضول

صعّد الحوثيون هجماتهم مؤخراً في البحر الأحمر بشكل ملحوظ ما دفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى مطالبة إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، باستئناف ضرباتها ضد الجماعة اليمنية.

وخلال الأسبوع الجاري، أعلنت جماعة الحوثي استهداف وإغراق السفينتين "إترنيتي سي" و"ماجيك سيز" في البحر الأحمر، بدعوى توجههما إلى موانئ إسرائيلية. وتحمل السفينتان علم ليبيريا وتداران من قبل شركتين يونانيتين. 

كما تحدثت الجماعة عن إطلاق 5 صواريخ باليستية و8 مسيرات على عدة أهداف في إسرائيل، شملت مطار بن غوريون، وميناءي أسدود وإيلات، ومحطة كهرباء عسقلان. فيما ادعت تل أبيب اعتراض هذه الصواريخ والمسيرات.

ووصف خبراء بحريون الهجمات الأخيرة بأنها كانت "أكثر عدوانية بكثير" من الهجمات السابقة.

استهداف سفينة شحن
يحيى سريع الناطق باسم القوات التابعة لجماعة الحوثي اليمنية/ رويترز

وأفادت هيئة البث العبرية الرسمية، الخميس 10 يوليو/تموز 2025، بأن إسرائيل بعثت برسالة إلى إدارة ترامب، "تطالبه فيها بالعودة إلى مهاجمة جماعة الحوثي"، دون أن توضح الجهة التي بعثت بالرسالة، وما إذا كانت رسالة شفهية أم مكتوبة.

وبررت تل أبيب مطلبها بـ"تزايد إطلاق الصواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، وتصاعد هجمات الجماعة العنيفة على السفن في البحر الأحمر".

وتأتي هذه الهجمات في سياق رد الحوثيين على حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة للشهر الـ22 على التوالي، حيث أكدوا مراراً مواصلة استهدافهم للسفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئها، حتى وقف تلك الإبادة.

لماذا صعّد الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر؟

أعلن زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، الخميس 10 يوليو/تموز، أن الهجمات الأخيرة على السفن في البحر الأحمر جاءت رداً على محاولة إعادة تشغيل ميناء إيلات الإسرائيلي من قبل شركات انتهكت قرار حظر الوصول إلى موانئ إسرائيل.

وفي كلمة مصورة بثتها قناة "المسيرة" الفضائية التابعة للجماعة، قال الحوثي: "العمليات البحرية الأخيرة نفذتها القوات اليمنية (الحوثية) بالاشتراك بين البحرية والصاروخية والطيران المسير، أفضت إلى إغراق سفينتين".

وأضاف: "اليمن ثابت في موقفه الحازم والحاسم في حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن طالما استمر العدوان والحصار على غزة".

وأشار الحوثي إلى أن قرار الحظر "مستمر ولم يتوقف"، وأن عملية الرصد كانت مستمرة لمراقبة كل حركة في البحر، لكنه أكد أن ما استجد هو "مخالفة بعض الشركات ومحاولة إعادة تشغيل ميناء أم الرشراش (إيلات) الإسرائيلي، وانتهاك قرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة (إسرائيل)".

وتابع قائلاً: "بعض شركات النقل البحري حاولت مخالفة قرار الحظر وبدأت الشحن إلى ميناء أم الرشراش، متجاهلة للحظر".

واختتم بالقول: "ما حصل في البحر الأحمر فيه درس واضح لكل شركات النقل البحري التي تتحرك للنقل لصالح العدو الإسرائيلي بأنها ستعامل بالحزم، ولا يمكن السماح لأي شركة تقوم بالنقل لبضائع العدو الإسرائيلي عبر مسرح العمليات المعلن عنه".

ميناء إيلات
ميناء إيلات/رويترز

ماذا يعني تصعيد الحوثيين؟

تجنب الشحن عبر البحر الأحمر:

  • من المتوقع أن تؤدي الحملة المتجددة التي شنّها الحوثيون في اليمن ضد السفن التجارية في البحر الأحمر إلى ردع العديد من أصحاب السفن عن العودة إلى طريق التجارة الرئيسي دون وعد بالحماية البحرية، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

ارتفاع تكلفة التأمين:

  • قالت مصادر في قطاع النقل البحري لوكالة رويترز إن تكلفة التأمين على شحن البضائع عبر البحر الأحمر ارتفعت بأكثر من المثلين في الأيام القليلة الماضية بعد هجمات الحوثيين الأخيرة.
  • ويُعد البحر الأحمر ممراً مائياً حيوياً للنفط والبضائع، لكن حركة الملاحة انخفضت على نحو حاد منذ بدء هجمات الحوثيين قبالة سواحل اليمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
  • وقالت مصادر مطلعة إن علاوات التأمين على مخاطر الحرب ارتفعت إلى حوالي 0.7% من قيمة السفينة، من حوالي 0.3% الأسبوع الماضي قبل وقوع أحدث الهجمات، إذ أوقفت بعض شركات التأمين تغطية بعض الرحلات.
  • وحددت شركات الضمان الفردية الأسعار لفترة رحلة تقليدية مدتها سبعة أيام هذا الأسبوع بنسبة تصل إلى 1%، وهو ما يضاهي مستوى الذروة في عام 2024 عندما وقعت الهجمات اليومية. ويضيف هذا تكاليف إضافية لكل شحنة بمئات الألوف من الدولارات.
  • وقال نيل روبرتس، رئيس قسم النقل البحري والطيران لدى لويدز ماركت أسوشيشن التي تمثل مصالح جميع الضامنين لدى لويدز أوف لندن: "سلّطت أحدث الهجمات في البحر الأحمر الضوء على الحاجة إلى توخّي الحذر عند التفكير في النقل".
  • وقالت مصادر في قطاع التأمين إن شركات التأمين ستحاول تجنّب تغطية أي سفينة لها علاقة بإسرائيل، حتى لو كانت غير مباشرة.
  • ونقلت رويترز عن مونرو أندرسون، رئيس العمليات في شركة فيسيل بروتيكت المتخصصة في التأمين ضد مخاطر الحرب البحرية، قوله: "يبدو أن ما رأيناه في الأسبوع الماضي هو… العودة إلى معايير استهداف منتصف عام 2024، والتي تشمل بشكل أساسي أي سفينة لها صلة، ولو بعيدة، بإسرائيل".

عدم فعالية الهجمات الإسرائيلية والأمريكية:

  • تشير الهجمات أيضاً إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية لم تحرم الحوثيين من قدرتهم على شن الهجمات، وفق تقرير لوكالة أسوشيتد برس.
  • ونقل تقرير صحيفة فايننشال تايمز عن مارتن كيلي، رئيس قسم الاستشارات في مجموعة EOS Risk Group لخبراء الأمن البحري، قوله: "كان لديهم ستة أشهر لتجديد مخزوناتهم من الصواريخ المضادة للسفن والطائرات البحرية المسيّرة، وهو ما قد يكون عاملاً مؤثراً".
  • من جانبه، قال فارع المسلمي، الخبير اليمني في شؤون شبه الجزيرة العربية بمعهد تشاتام هاوس: "احتاج الحوثيون إلى كسب الوقت بعد أن تضرروا بشدة من الغارات الجوية الأمريكية. والآن يريدون استئناف هجماتهم".
  • ورأى روبرت بيترز، من شركة أمبري لإدارة المخاطر البحرية، المشاركة في عمليات الإنقاذ، أن التحولات في الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة قدّمت فرصة للحوثيين لشن هجوم هذا الأسبوع.
  • وقال كريستوفر لونغ، الضابط البحري البريطاني السابق في الشرق الأوسط، والرئيس الحالي للاستخبارات في شركة الأمن البحري نبتون بي تو بي، إن الافتقار إلى الوجود العسكري بالقرب من معاقل الحوثيين في جنوب البحر الأحمر يعني أن شركات الشحن معرضة للخطر بشكل كامل في المنطقة.
  • ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول أمريكي كبير قوله إن الجهود الدولية لحماية الممرات البحرية أصبحت أقل قوة في الأشهر الأخيرة، حيث أصبح عدد أقل من القوات البحرية يملك القدرة على مواجهة ترسانة الحوثيين المتطورة بشكل متزايد.
  • وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن حملة ترامب لقصف الحوثيين تعرضت لانتقادات داخلية، بعدما كشفت تقارير أن الحملة لم يكن لها سوى تأثير محدود في تدمير قدراتهم.
احتجاجات أمام الكونغرس ؤقالة غالانت
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/الأناضول

ماذا نعرف عن هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر؟

شن الحوثيون أكثر من 100 هجوم على السفن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأغرقوا أربع سفن واستولوا على أخرى.

وفيما يلي تفاصيل بعض الهجمات:

  • التاسع من يوليو/تموز 2025: غرقت السفينة (إترنيتي سي) التي ترفع علم ليبيريا والمملوكة لليونان بعد تعرضها لنيران زوارق مسيرة وصواريخ على مدى يومين. 
  • ويقول مسؤولون بحريون إن أربعة بحارة قتلوا خلال الهجمات، وجرى إنقاذ 10 بحارة في حين فقد 11 آخرون. واتهمت البعثة الأمريكية في اليمن الحوثيين باختطاف عدد من أفراد الطاقم المفقودين الذين لا يزال مصيرهم مجهولا.
  • السادس من يوليو/تموز 2025: غرقت ناقلة أخرى ترفع علم ليبيريا وتديرها اليونان، وهي السفينة (ماجيك سيز) بعد تعرضها لأضرار من إطلاق نار وصواريخ ومسيرات بحرية وأربعة قوارب متفجرة يتم التحكم فيها عن بعد. 
  • وتم إجلاء جميع أفراد الطاقم إلى جيبوتي على متن سفينة تجارية عابرة. وبعد فترة وجيزة نشرت الذراع الإعلامية للحوثيين مقطع فيديو للهجمات وما تلاها من اقتحام مسلحين للسفينة.
  • 21 أغسطس/آب 2024: تعرضت الناقلة اليونانية المسجلة "سونيون"، والتي تحمل 150 ألف طن من النفط الخام، لضربة بعدة صواريخ وطائرات مسيرة واشتعلت فيها النيران مما أثار مخاوف من تسرب نفطي قد يتسبب في أضرار بيئية كارثية. واستغرق الأمر شهوراً لحين إعلان سلامة السفينة وإزالة الشحنة.
  • يونيو/حزيران 2024: غرقت ناقلة الفحم اليونانية "توتور" بعد أيام من قصفها بصواريخ وقارب محمل بالمتفجرات يتحكم فيه الحوثيون عن بعد بالقرب من ميناء الحديدة اليمني. ولم يُعثر قط على أحد أفراد الطاقم الذي يُعتقد أنه كان يعمل في غرفة محرك السفينة. وأجلي الباقون وأعيدوا إلى أوطانهم.
  • مارس/آذار 2024: أدى هجوم صاروخي للحوثيين إلى مقتل ثلاثة بحارة على متن السفينة اليونانية (ترو كونفيدنس) التي ترفع علم باربادوس، في أول وفيات معروفة جراء هذه الهجمات. وأشعل الهجوم النيران في السفينة على بعد نحو 50 ميلاً بحرياً من ساحل ميناء عدن اليمني.
  • فبراير/شباط 2024: تعرضت السفينة روبيمار المملوكة لبريطانيا لضربة بصواريخ متعددة، لتصبح أول سفينة يغرقها الحوثيون. وغرقت في الثاني من مارس/ آذار من العام الماضي.
  • يناير كانون الثاني 2024: كانت السفينة اليونانية زوغرافيا تبحر من فيتنام إلى إسرائيل وعلى متنها طاقم من 24 فرداً وكانت فارغة من البضائع عندما تعرضت للهجوم قبالة ميناء الصليف اليمني. وتسبب الهجوم في ثقب كبير بجسم السفينة أسفل منسوب الماء.
  • نوفمبر تشرين الثاني 2023: احتجزت قوات خاصة من الحوثيين السفينة (جالاكسي ليدر) التي ترفع علم جزر الباهاما وطاقمها في المياه الدولية. ولم يفرج الحوثيون عن أفراد الطاقم، وعددهم 25، إلا في يناير/ كانون الثاني 2025، أي بعد أكثر من عام من احتجازهم.
تحميل المزيد