استخدم لأول مرة لضرب إسرائيل.. ماذا نعرف عن صاروخ “سجيل” الإيراني؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/06/19 الساعة 10:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/06/19 الساعة 10:21 بتوقيت غرينتش
عرض لصاروخ الباليستي الإيراني متوسط ​​المدى من طراز "سجيل" يعمل بالوقود الصلب في ساحة آزادي (الحرية) غرب طهران خلال تجمع حاشد لإحياء الذكرى الخامسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، في 11 فبراير 2024 - رويترز

أعلن الحرس الثوري الإيراني، اليوم الأربعاء، إطلاق الموجة الثانية عشرة من هجماته الصاروخية باتجاه إسرائيل، مستخدماً صواريخ باليستية متوسطة المدى من طراز "سجيل-2" تعمل بالوقود الصلب باتجاه الأراضي المحتلة، في تصعيد جديد ضمن عملية "الوعد الصادق 3".

وقد أظهرت مقاطع فيديو حجم الدمار الكبير الذي لحق بعدة مناطق في وسط تل أبيب وبئر السبع، بما في ذلك إصابات مباشرة لأبنية ومستشفى "سوروكا"، أحد أكبر المراكز الطبية في جنوب الأراضي المحتلة، الذي يخدم أكثر من مليون نسمة، ويقع سوروكا على بعد 22 ميلاً فقط من غزة، ويعد وجهة رئيسية لجنود الاحتلال المشاركين في حرب الإبادة في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب موقعها الإلكتروني.

ورغم أن سلطات الاحتلال لم تُعلن رسمياً عن حجم الخسائر، نقلت إذاعة الجيش عن مصادر أمنية قولها إن الهجوم كان "استثنائياً" من حيث نوع الذخيرة وشدة الانفجار. وفي تطور لافت، وقّعت الرقابة العسكرية الإسرائيلية أمراً طارئاً يمنحها سلطات موسعة لحجب أو تقييد أي منشورات تُعتبر مهددة للأمن، بما في ذلك ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

بعد هذه الضربة، يعود إلى الواجهة صاروخ "سجيل" الإيراني، أحد أبرز الأسلحة الباليستية في ترسانة طهران، فما هو هذا الصاروخ؟ وما الذي يميّزه عن غيره من أنظمة الصواريخ الإيرانية؟

ما هو صاروخ سجيل؟

صاروخ "سجيل" الباليستي يُعدّ من أبرز الصواريخ في الترسانة الصاروخية الإيرانية، وقد أعلنت طهران رسمياً استخدامه للمرة الأولى في الهجوم الأخير الذي استهدف مواقع داخل الأراضي المحتلة، ضمن ما سمّته "عملية الوعد الصادق 3".

مواصفاته

وبحسب تقرير صادر عن "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" (CSIS) ومقره واشنطن، يبلغ طول صاروخ سجيل نحو 18 متراً، وقطره 1.25 متر، بينما يصل وزنه الإجمالي عند الإطلاق إلى نحو 23,600 كغم. ويمكنه حمل رأس حربي بزنة تصل إلى 700 كغم، لمسافة تصل إلى 2000 كيلومتر.

ومن المفترض أن يحمل الصاروخ رؤوساً حربية شديدة الانفجار (HE) إلى حين امتلاك إيران رؤوساً نووية. ويبلغ أقصى مدى للصاروخ حوالي 2000 كيلومتر، إلا أن هذه الأرقام تستند إلى هيكل صاروخي مصنوع من فولاذ ذي مواصفات تُستخدم في صناعة الطائرات.

وعلى الرغم من أن صاروخ "سجيل" يُشابه في الحجم والوزن والمدى نسخ صاروخ "شهاب-3″، فإن اعتماده على الوقود الصلب يُعدّ نقلة نوعية مقارنةً بتصميم "شهاب"، ما يقلل من المدة التي يكون فيها الصاروخ عرضة للهجوم أثناء التحضير للإطلاق. كما أن هذه الصواريخ لا تحتاج إلى تزويد فوري بالوقود قبل الإطلاق، مما يُسهل نقلها وتشغيلها ميدانياً.

استخدم لأول مرة لضرب إسرائيل.. ماذا نعرف عن صاروخ
صاروخ سيجيل 2 الباليستي الإيراني – أرشيفية – التلفزيون الإيراني

لكن في المقابل، فإن الصواريخ التي تستخدم الوقود الصلب تتسم بخصائص أداء تجعل من توجيهها والسيطرة عليها تحدياً تقنياً. ولا يزال من غير المعروف كيف تمكّن المهندسون الإيرانيون من تجاوز هذه العقبات، إلا أن الترجيحات تشير إلى أنهم ربما أجروا تعديلات على أنظمة التوجيه الخاصة بصواريخ "شهاب"، أو تلقوا دعماً تقنياً خارجياً كبيراً في هذا المجال.

ويُرجّح أن عملية تطوير صاروخ "سجيل" قد بدأت في أواخر التسعينيات، إلا أن المشروع يُعد امتداداً مباشراً لجهود تطوير سابقة لصواريخ إيرانية، وبشكل خاص صاروخ "زلزال" قصير المدى. ويُعزى استخدام الوقود الصلب في "سجيل" إلى التقدّم التكنولوجي في مجال الوقود الصلب الذي تحقق خلال برنامج "زلزال" في التسعينيات، والذي يُعتقد أن الصين لعبت دوراً مساعداً في تطويره.

وبحسب تقرير المعهد، يبدو أن صاروخ "سجيل" يُمثّل تصميماً إيرانياً فريداً لا يستند إلى نماذج خارجية معروفة بشكل مباشر. ورغم وجود تكهنات تشير إلى تشابهات محتملة مع الصواريخ الصينية من طراز DF-11 وDF-15، إلا أن الأبعاد والمواصفات التقنية الخاصة بـ"سجيل" تُرجّح أنه نتاج تطوير محلي مستقل.

وعلى خلاف العديد من الأنظمة الصاروخية الإيرانية السابقة التي ارتكزت إلى نماذج كورية شمالية، لا يبدو أن "سجيل" يعتمد على أي تصميم مُسبق معروف. ومع ذلك، أشار المركز إلى أنه من المرجّح أن المشروع استفاد من دعم خارجي فني أو تكنولوجي، خاصة في مراحله الأولى.

تاريخ الخدمة

وبحسب تقرير المعهد عن الصاروخ، أُجري أول اختبار لصاروخ سجيل عام 2008، ويُقال إن الصاروخ قطع حينها مسافة 800 كيلومتر. ثم تَبِعَه اختبار ثانٍ في مايو/أيار 2009 لتجريب أنظمة التوجيه والملاحة المُحسّنة. ومنذ عام 2009، تم تنفيذ أربع تجارب إطلاق إضافية، بلغ في سادسها مدى الصاروخ نحو 1900 كيلومتر، حيث سقط في المحيط الهندي.

ففي عام 2009، أشارت إيران إلى الاختبار الذي أجرته باسم "سجيل 2". كما أفادت تقارير غير مؤكدة أن تطوير نسخة "سجيل 3" جارٍ، ويُقال إنها ستكون بثلاث مراحل، ويبلغ مداها الأقصى نحو 4000 كيلومتر، ويصل وزنها عند الإطلاق إلى 38,000 كغم.

وأشار المعهد إلى أنه من الممكن أن يكون هناك نسخ متعددة من نظام "سجيل"، ففي عام 2009، أعلنت طهران عن تجربة صاروخ جديد أطلقت عليه اسم "سجيل 2". ومنذ ذلك الحين، تواترت تقارير – لم تُؤكد رسمياً – عن مشروع تطوير نسخة ثالثة "سجيل 3″، يُقال إنها ستعمل بثلاث مراحل، ويصل مداها إلى نحو 4000 كيلومتر، مع وزن إطلاق يصل إلى 38,000 كغم.

وبعد فترة صمت استمرت قرابة عقد، عاد "سجيل" إلى الواجهة في يناير/كانون الثاني 2021، خلال مناورات "الرسول الأعظم 15″، حين اختُبر مجدداً ضمن عرض لقدرات الردع الإيراني. وقد كشفت لقطات من التجربة أن النظام خضع لتحديثات تقنية بارزة، من بينها تحسين منظومة التوجيه عبر اعتماد نظام "سترب داون" (strap-down) المتطور، وإدماج زعانف توجيهية مستمدة من تصميم صاروخ "قادر".

كم من الوقت يستغرقه الصاروخ الباليستي الإيراني للوصول للأراضي المحتلة؟

تختلف مدة وصول الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية إلى إسرائيل بحسب نوع السلاح وسرعته. فالصواريخ الباليستية متوسطة إلى طويلة المدى تصل سرعتها إلى نحو 5 ماخ (ما يعادل 6000 كم/ساعة)، ما يمكّنها من قطع المسافة بين إيران وإسرائيل في حوالي 12 دقيقة فقط، وفقاً لتقديرات نشرها موقع "جلوبس" الإسرائيلي.

تمتلك إيران نوعين من الصواريخ الباليستية، تلك التي تعمل بالوقود الصلب وأخرى بالسائل، ولا تستغرق الصواريخ الباليستية العاملة بالوقود الصلب سوى دقائق لتحضيرها قبيل الإطلاق، في مقابل وقت أطول قد يصل إلى ساعات لصاروخ يعمل بالوقود السائل غير مزود بالوقود، مما يجعلها أقل عرضة للضربات الاستباقية، وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.

تحميل المزيد