6 أسئلة تشرح الإجابة.. ما مخاطر نُشوب كارثة نووية في القصف المتبادل بين إيران و”إسرائيل”؟

تم النشر: 2025/06/19 الساعة 10:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/06/19 الساعة 10:28 بتوقيت غرينتش
ديمونة مقابل فوردو.. هل بدأ العد التنازلي لـ"تشيرنوبل الشرق الأوسط"؟ (عربي بوست)

في ظل الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، تثار مخاوف من أن تؤدي الضربات العسكرية المتبادلة على منشآت نووية إلى كارثة نووية لا يُعلم حجمها أو مدى خطورتها، حيث تشن دولة الاحتلال منذ 13 يونيو/حزيران 2025 غارات جوية وهجمات واسعة النطاق ضد علماء نووين وقادة عسكريين ومواقع وقواعد إيرانية، من ضمنها منشآت تخصيب اليورانيوم في "نطنز" و"فوردو" ومفاعل "أصفهان" ومحطة "بوشهر"، بينما ردّت إيران بإطلاق عشرات الصواريخ الباليستية وطائرات مسيرة على مواقع ومنشآت وقواعد عسكرية عديدة بالغة الأهمية في إسرائيل، وهددت مراراً باستهداف مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي. 

ونظراً لأهمية هذه المنشآت وحساسية ما تحتويه من مواد نووية محتملة، فإن السؤال المطروح هو: هل يمكن أن يؤدي القصف الإسرائيلي لهذه المنشآت الإيرانية إلى حدوث كارثة نووية أو حتى تسرب إشعاعي؟ وماذا سيحصل أيضاً لو نجحت إيران باستهداف مفاعل "ديمونة" الإسرائيلي بالصواريخ؟ وهل سبق أن تعرضت منشآت نووية لقصف مشابه؟

بداية.. ما حجم تضرر المواقع النووية الإيرانية من القصف الإسرائيلي؟

  • رغم الغارات المكثفة التي يشنها سلاح الجو الإسرائيلي منذ يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، يقول خبراء إن صور الأقمار الاصطناعية لم تظهر بعد أضراراً كبيرة في البنية التحتية النووية لإيران. وتقول صحيفة "واشنطن بوست" نقلاً عن مصادر إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مفاعلات نطنز وفوردو لم تُسجِّل أي ارتفاع في مستويات الإشعاع. فيما أبلغ رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، بأن إمدادات الكهرباء في نطنز تضررت، لكن "لم تحدث أي زيادة في مستويات الإشعاع" وذلك لأن القسم الذي تم ضربه كان فوق الأرضي ويحوي معدات تخصيب، وليس قلب المفاعل المختبئ تحت الأرض. 
  • ويقول الخبير النووي الأمريكي ديفيد ألبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي، لوكالة فرانس برس، أنه "فيما يتعلق بالأضرار المرئية، فإننا لا نرى الكثير وسنرى ما سيحدث"، معتقدا بأن "الضربات الإسرائيلية لا تزال في مرحلة مبكرة".
  • لكن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أكدت أن الهجمات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بمفاعل نطنز على سبيل المثال، وأنه تم رصد تلوث كيميائي وإشعاعي داخل المنشأة فقط. ورغم أن حجم الدمار لا يزال غير واضح، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية التابعة للأمم المتحدة، أعلنت يوم الثلاثاء 17 يونيو/حزيران أن الجزء الواقع تحت الأرض من نطنز، والذي يحتوي على أجهزة الطرد المركزي، قد تعرض لقصف مباشر. 
منشأة نطنز بعد القصف الإسرائيلي في 15 يونيو 2025 – ماكسار تكنولوجيز
  • وصرح رافائيل غروسي، رئيس الوكالة الدولية، بأن أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز "تضررت بشدة، إن لم تُدمر بالكامل". وفيما يتعلق بمنشأة فوردو، صرح غروسي بأن الوكالة لم ترصد أي آثار أضرار أو تسرب إشعاعي. لكنه أشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي على منشأة أصفهان للتكنولوجيا النووية ألحق أضراراً بأربعة مبانٍ فيها، بما في ذلك منشأة تحويل اليورانيوم إلى غاز سداسي (فلوريد اليورانيوم) الذي يُغذّى في أجهزة الطرد المركزي في منشأتي نطنز وفوردو.
  • من جهته، يرى الخبير ديفيد ألبرايت، أن وضع مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب غير معروف وإن من المحتمل أن تكون تل أبيب قد تجنبت شن هجمات كبيرة على المواقع النووية بسبب مخاوف من إصابة مفتشين دوليين كانوا هناك في بداية الهجمات. 
  • وقال ألبرايت إن "هناك آلاف من أجهزة الطرد المركزي في محطة نطنز تحت الأرض، وإن قطع إمدادات الكهرباء عنها سوف يؤدي إلى تشغيل نظام بطاريات احتياطية" فيما أضاف أن "من المرجح أن تغلق إيران أجهزة الطرد المركزي في الموقع تحت الأرض بطريقة محكمة، وهي عملية ضخمة"، مشيراً إلى أن "البطاريات… تدوم لفترة، لكنها ستنفد في النهاية، وإذا توقفت أجهزة الطرد المركزي عن العمل بشكل لا يُمكن السيطرة عليه، فسيتعطل الكثير منها".
  • أما جيفري لويس، خبير منع الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، فيقول للوكالة الفرنسية إن "الأضرار التي لحقت بمنشأة نطنز تبدو "متوسطة". مشيراً إلى أن "إسرائيل دمرت محطة تخصيب الوقود، بالإضافة إلى بعض المباني المرتبطة بإمدادات الطاقة"، ويضيف أن تل أبيب قصفت أيضاً مبنى للدعم، ربما لقطع إمدادات الطاقة، قرب منشأتين نوويتين تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم. وأردف: "لا يبدو أن قاعات التخصيب تحت الأرض، وكذلك المنشأة تحت الأرض الكبيرة القريبة في الجبال قد تعرضت لأي ضرر".
  • ولا يعد الهجوم الإسرائيلي الجاري، هو الأول من نوعه على منشأة نطنز. فقد خرب ستوكسنت، وهو فيروس حاسوبي خبيث، وصفه مسؤولون أمريكيون بأنه عملية إسرائيلية أمريكية مشتركة، أجهزة الطرد المركزي في نطنز عام 2010. كما أدى انفجاران منفصلان في عامي 2020 و2021 إلى إلحاق أضرار بالمنشأة. ألقت إيران باللوم على إسرائيل، التي لم تتبنى رسمياً الحادثين، وكان تم إصلاح نطنز بعد كل هجوم، ولم يتم التبليغ عن أي إشعاعات.

ما الحالات التي يمكن أن يقع فيها التلوث الإشعاعي.. وما تداعيات ذلك على إيران والمنطقة؟

  • يقول خبراء لصحيفة "واشنطن بوست" إن الضربات الإسرائيلية على مواقع مثل نطنز وفوردو وأصفهان لا تشكل خطراً إشعاعياً إقليمياً كبيراً، ولكنها قد تؤدي إلى إطلاق سحب من المواد الكيميائية السامة. وهذا ما يؤكده الباحث الفرنسي جان كولين من حملة "الحد من الأسلحة النووية"، إذ يقول أنه "في حال وقوع انفجار في نطنز أو فوردو، فإنه سيكون داخلياً نظراً لوقوعه في أعماق الأرض (حيث يقع الموقعان في قلب منطقة جبلية)، وبالتالي لن يُسفر عن "انفجار نووي"، بل على الأرجح عن انتشار إشعاعي محدود النطاق، ولكن إذا تأثرت مواقع التخصيب بشدة بواسطة قنابل أمريكية خارقة للتحصنيات، فسيكون هناك انتشار إشعاعي على نطاق جغرافي يعتمد على الظروف الجوية؛ فالغبار الإشعاعي لا يقتصر على حدود الدولة!".
  • لكن في الوقت نفسه، يشمل البرنامج النووي الإيراني أيضاً محطة بوشهر للطاقة النووية، وهو مفاعل نووي تجاري يقع في الجنوب بالقرب من الخليج العربي، ومركز طهران للأبحاث النووية، الذي يحتوي على مفاعل أبحاث نووية صغير قدمته الولايات المتحدة للنظام الإيراني السابق في عام 1967. 
منشأة فوردو بعد القصف الإسرائيلي – 15 يونيو 2025 – ماكسار تكنولوجيز
  • يقول الخبراء، إنه سينشأ أكبر خطر للتداعيات النووية – أي الجسيمات المشعة المنبعثة في الغلاف الجوي – إذا ما قررت إسرائيل مهاجمة أحد المفاعلات النووية الإيرانية مثل بوشهر ومركز طهران. فقد تُسبب المواد من المفاعل نفسه، أو الوقود المستهلك المُخزّن في خزانات التبريد في تلك المواقع، حادثًا يُشبه كارثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في الاتحاد السوفيتي عام 1986 أو محطة فوكوشيما للطاقة في اليابان عام 2011.
  • ويقول نيكولاس روث، المدير الأول لأمن المواد النووية في المعهد الوطني للأمن النووي: "فيما يتعلق بإيران، فإن المرافق التي تثير قلقنا بشكل أكبر هي محطات الطاقة العاملة، وتأتي محطة بوشهر على رأس القائمة". ويرى مدير "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" (آيكان) في فرنسا جان كولين بأن "محطة بوشهر للطاقة النووية المدنية، التي قد تُسهم بشكل غير مباشر في إنتاج اليورانيوم (لأن الوقود المستهلك لا يزال بحاجة إلى إعادة المعالجة).
  • ويعدّ مفاعل بوشهر للطاقة -روسيّ البناء- من نوع VVER بقدرة 1000 ميغاوات (BWR)، وهو الوحيد العامل في إيران. إذا أصاب القصف هذا المفاعل أثناء تشغيله أو لو قدر وجوده به وقود نووي مُشعّ، فقد يكون العواقب أكثر خطورة. ويقول محققون إن حجم مفاعل بوشهر الإيراني كبير بما يكفي أن يؤدي تدميره إلى "وقوع كارثة مثل كارثة تشيرنوبل" من حيث شدة الإشعاعات.
محطة بوشهر الإيرانية للطاقة النووية – رويترز
  • وفيما يقع المفاعل في جنوب غربي إيران بعيداً عن التجمعات السكانية الكبيرة، وقد لا يتأثر على السكان في طهران والأماكن الأخرى الواقعة شمالاً، حيث أنه محاط بصحراء، لكن قريب على الساحل الفارسي، حيث ستحمل الرياح الملوثات جنوباً باتجاه مياه الخليج، مما قد يخلق كارثة لدول المنطقة على الشطر الآخر من الخليج.
  • وأعربت حكومات عربية في المنطقة، بما فيها قطر، عن قلقها إزاء احتمالية حدوث تداعيات نووية. وصرح مسؤول خليجي، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسألة حساسة، بأن حكومته قلقة للغاية من أن تؤدي ضربة على مواقع نووية، عن غير قصد، إلى انفجار يؤدي إلى انتشار المواد النووية في المنطقة.

كيف يتشكل الإشعاع إذا ما تم قصف محطات الطاقة النووية؟

  • مع ذلك، يقول خبراء نوويين إن الهجمات على منشآت التخصيب المدفونة في إيران، أو على اليورانيوم المخصب بدرجة عالية المخزن، لا تشكل خطراً إشعاعياً كبيراً على من هم خارجها بسبب طبيعة المادة نفسها واحتمال عدم انتقالها بعيداً. 
  • وقال غروسي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين: "يُشكل الإشعاع، الذي يتكون أساساً من جسيمات ألفا، خطراً جسيماً في حال استنشاق اليورانيوم أو ابتلاعه"، وهو خطر يُمكن التخفيف منه بتوفير أجهزة حماية للمتواجدين في المنشأة. وأضاف: "ومع ذلك، يُمكن إدارة هذا الخطر بفعالية من خلال اتخاذ تدابير وقائية مناسبة، مثل استخدام أجهزة حماية الجهاز التنفسي أثناء التواجد داخل المنشآت المتضررة".
  • الأمر الأكثر إثارة للقلق هو انبعاث سحابة من المواد الكيميائية السامة التي قد تتشكل عند ملامسة مادة اليورانيوم، المُخزّن معظمها على شكل غاز سداسي فلوريد اليورانيوم، للماء على شكل رطوبة في الهواء. يؤدي ذلك إلى تكوين حمض الهيدروفلوريك، وهو غاز شديد الخطورة. قال إدوين ليمان، مدير سلامة الطاقة النووية في مبادرة التهديد النووي: "إن الحديث عن تحول هذه المنشآت إلى قنابل قذرة وما شابه ذلك، لا يدعمه العلم، لكن المخاطر الكيميائية حقيقية جدًا".
  • وسيكون خطر التسربات الإشعاعية الأكبر هو على العمال في محيط المنشأة. فكلٌّ من فوردو ونطنز بعيدان نسبياً عن المناطق المأهولة بالسكان، وسيتبدد الغاز على بُعد بضعة كيلومترات من الموقع. وقال إدوين ليمان إن مدى الخطر يعتمد أيضاً على قوة الانفجار – ما إذا كان سيؤدي إلى انهيار الجبل الذي دفنت تحته منشأة فوردو، أو احتواء المواد الخطرة بشكل فعال ومنعها من الهروب في الهواء، أو خلق حفرة.
خارطة المفاعلات والمنشآت ومحطات الطاقة النووية في إيران (عربي بوست)
خارطة المفاعلات والمنشآت ومحطات الطاقة النووية في إيران (عربي بوست)

هل "إسرائيل" قادرة على تدمير المواقع النووية تحت الأرض؟

  • تقول "إسرائيل" والولايات المتحدة إن إيران تخصب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهي درجة قريبة من مستوى 90 بالمئة اللازم لصنع الأسلحة النووية في المحطة التجريبية، لكنها تنتج كميات أقل من اليورانيوم المخصب مقارنة بمنشأة فوردو. 
  • وأفاد معهد دراسات الحرب في تقرير نشر هذا الأسبوع، نقلاً عن خبير عسكري قوله "إن إسرائيل إذا لم تجعل محطة فوردو لتخصيب الوقود غير صالحة للعمل، فستكون إيران قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع تسعة أسلحة نووية بحلول نهاية الشهر الأول باستخدام مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة قبل الهجوم".
  • ويقول الخبير الفرنسي جان-ماري كولين إنه "رغم وجود مخاوف تحيط ببرنامج طهران النووي إلا أن "الوكالة الذرية ولا أي دولة أخرى (باستثناء إسرائيل)، لم تؤكد بشكل قطعي بأن إيران على وشك امتلاك أسلحة نووية خلال أسابيع".
  • ويرى الباحث الفرنسي أن "احتمال توجيه ضربات مباشرة للمنشآت النووية الإيرانية "يشكل خطراً جسيماً". حيث أن "مهاجمة مواقع تخصيب اليورانيوم قد يؤدي إلى انبعاثات إشعاعية، ذات عواقب وخيمة ودائمة على المدنيين والبيئة. كما أن أي عملية عسكرية تستهدف محطة بوشهر للطاقة النووية على وجه التحديد قد تكون كارثية، تُضاهي تكرار مأساة تشيرنوبيل".
  • وأضاف كولين أن "هذه المخاوف ليست جديدة، بل تذكرنا بتلك التي ترافقت مع ضرب روسيا المنطقة المحيطة بمحطة الطاقة النووية الأوكرانية في زابوريجيا قبل بضعة أشهر. فعلاوة على ذلك، يجب التذكير بأن أي هجوم على المنشآت النووية محظور بموجب القانون الدولي وقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

هل سبق وأن تعرضت مفاعلات نووية للقصف.. وهل أحدث ذلك تسرب إشعاعي؟

  • بالفعل، شهد الشرق الأوسط عمليات عسكرية ضد منشآت نووية مختلفة، ففي 7 يونيو 1981، استهدفت مقاتلات إسرائيلية من طراز "إف-15 وإف-16" (F-15 وF-16) مفاعل "تموز" أو "أوزيراك" النووي العراقي الذي كان يقع جنوب شرق بغداد، خلال عملية حملت اسم "أوبرا" أو "بابل"، ونجحت دولة الاحتلال في إقصائه قبل أن يبدأ عمله ونشاطه. وكان المفاعل قد أُنشِئ بالتعاون مع فرنسا بإتفاقٍ بين الرئيسين صدام حسين وجاك شيراك عندما كان الأوّل نائباً للرئيس وكان الثاني رئيساً للحكومة الفرنسية في عام 1975. 
  • قبل عملية "أوبرا" الإسرائيلية بعام، قامت إيران بمحاولة تدمير مفاعل تموز العراقي دون جدوى، خلال الحرب بين الجارتين، ضمن عملية أسمتها "السيف المحروق"، وهي أوّل عملية قصف مفاعل جوية في التاريخ، حيث شنت طائرات إيرانية في 30 سبتمبر/أيلول 1980 غارات جوية على المفاعل العراقي لكنها لم تصب أي منشآت مهمة فيه بأذى بسبب فشل معظم القنابل التي تم إلقاءها بالوصول لهدفها، واقتصرت الأضرار حينها على الأبنية الفرعية، وتم إصلاح المفاعل خلال شهرين.
صحفيون يتجمعون بالقرب من مفاعل تموز (أوزيراك) النووي العراقي، روسي الصنع، الذي قصفته إسرائيل خلال غارة جوية عام 1981 جنوب شرق بغداد – wikipedia commons
  • وخلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات أيضاً، شنت الطائرات العراقية هجمات متعددة على مفاعلي الطاقة الإيرانيين المبنيين جزئياً في بوشهر. وفي عام 1991، أثناء حرب الخليج الثانية، قصفت الولايات المتحدة منشأة التويثة للأبحاث النووية، والتي كانت تمثل بقايا المشروع النووي العراقي الذي بنته فرنسا (مشروع اوزيراك) الذي دمرته إسرائيل.
  • وفي العام نفسه 1991 شن الرئيس العراقي صدام حسين هجوماً بواسطة صواريخ "سكود" على موقع مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي، لكن الصواريخ سقطت في مناطق مفتوحة بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي حينها مؤكداً أنها لم تسبب أي أضرار، فيما تكتمت دولة الاحتلال على تفاصيل ووثائق ذلك الهجوم -الذي شمل قصف تل أبيب- لنحو 30 عاماً.
  • وفي 6 سبتمبر/أيلول 2007 خلال عملية عسكرية حملت اسم "البستان"، شنت "إسرائيل" هجوماً جوياً على مفاعل نووي سوري في مدينة دير الزور، حيث نجحت دولة الاحتلال في تدمير المفاعل بالكامل بعدما بنته سوريا سراً بمساعدة خبراء من كوريا الشمالية وبتمويل من إيران. وبعد ذلك الهجوم التزمت سوريا الصمت ولم ترد عسكرياً، فيما لم تعترف تل أبيب بمسؤوليتها عن العملية إلا بعد أكثر من عقد، وأكدت تل أبيب حينها أن ذلك الهجوم كان يمثل رسالة تحذير واضحة لإيران، بأن إسرائيل لن تسمح لها بامتلاك سلاح نووي.
  • الشاهد هنا، أنه لم تتحدث أي تقارير عن تسرب إشعاعات نووية من هذه المفاعلات بعد استهدافها، ويقول تقرير لـ"جمعية مراقبة الأسلحة" إنّ "أيّاً من هذه الهجمات لم يسبب تسرباً إشعاعياً، لأنّ المفاعلات المستهدفة كانت إمّا قيد الإنشاء أو أنها لم تُزوّد بالوقود النووي (كما حدث في مفاعلي "تموز" و"بوشهر")، أو أن الوقود كان قد نُزِع منها قبل القصف (كما حدث في مفاعل التويثة)، أو أن القصف لم يصب الهدف بدقة كما حصل في هجوم ديمونة. لكن يخلص التقرير إلى أنّ "نتيجةً ضربة ناجحة على مفاعل ديمونة تحديداً قد تكون مختلفة" نظراً لتاريخ المحطة الإسرائيلية وحجمها ونجاحها في إنتاج قنابل نووية منذ وقت طويل، رغم تكتم إسرائيل على ذلك. 

في المقابل.. ماذا سيحدث لو نجحت إيران في ضرب مفاعل "ديمونة" الإسرائيلي؟

  • ردّاً على الضربات الإسرائيلية، توعّدت طهران مراراً باستهداف مفاعل "ديمونة". لنفرض جدلاً أن صواريخ إيرانية باليستية ذو رأس تفجيري قوي أو صواريخ كروز أصابت ديمونة أو منشآتها في منطقة النقب. فما النتائج المتوقعة؟
  • الضرر المباشر: يقول خبراء، قد يتسبب انفجار عادي – كبير في مفاعل ديمونة بإلحاق ضرر في مبنى المفاعل أو اختراق الهيكل المحيط به، خاصة قبة الاحتواء، في إطلاق في غازات مشعة (أكسجين مشع، يود، سيزيوم الخ) وربما بلوتونيوم. وستخلف هذه العملية خطر إشعاعي كبير على الأماكن الجنوبية من "إسرائيل"، حيث يُحتمل أن تتأثر القرى والمدن الصحراوية والبدوية حول ديمونة مثلاً "إيلات" و"وبئر السبع" ومناطق أخرى بهذه الإشعاعات.
  • وعلى المديين المتوسط والطويل، يمكن أن تهب الرياح الشرقية بأكوام من الإشعاعات نحو ضواحي النقب الشرقية وكذلك المناطق الأردنية القريبة من ديمونة، مما يستدعي إجلاء السكان ومراقبة الأراضي الزراعية لسنوات للتأكد من عدم وقوع خطر إشعاعي.
صورة غير مؤرخة لمفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي - رويترز
صورة غير مؤرخة لمفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي – رويترز
  • وبالمقارنة مع كارثة تشيرنوبل، سيكون حجم المفاعل في ديمونة أقل 5% من حجم مفاعل تشيرنوبل وفقاً لمصادر إسرائيلية، ولذلك من الممكن أن تكون التداعيات الصحية أخف نسبيّاً. ويشير تحليل إلى أنّه لو حدثت كارثة في ديمونة، فإن التلوث الشديد يقتصر أساساً على محيط المفاعل، فقد وجدوا أن "أشدّ النتائج الإشعاعية ستسقط في محيط ديمونة المباشر، وإن ظهرت بقع عالية الإشعاع بالهواء". 
  • أما التكلفة الاقتصادية، فستكون هائلة؛ في كارثة تشيرنوبل تحمّلت الدول السوفييتية السابقة مئات المليارات من الدولارات لإعادة تأهيل أراضٍ زراعية وسكنية، ونقل نصف مليون شخص إلى أماكن أخرى بعيداً عن الإشعاع. وإن كانت التقديرات تشير إلى أن الصواريخ الإيرانية لن يقضي على المشروع النووي الإسرائيلي (إسرائيل لم تعلن رسميّاً امتلاكها قنابل ذرية)، إلا أنها (إن وقعت) فستدخل إسرائيل البلاد في أزمة بيئية ومدنية خطيرة، وفي النهاية قد يؤدي هجوم من هذا النوع إلى تفعيل "أزرار الدمار المباشر" بين الطرفين.
تحميل المزيد