“مساعدات دموية”.. هكذا تحصد فخاخ الموت الأمريكية الإسرائيلية أرواح المُجوّعين في غزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/06/03 الساعة 13:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/06/04 الساعة 06:24 بتوقيت غرينتش
مراكز توزيع المساعدات في غزة تتحول إلى مصيدة الموت - عربي بوست

تحولت خطة "المساعدات" الأمريكية التي بلورتها إسرائيل لإقصاء حماس والمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة، إلى ألعاب جوع سايكوباثنية دموية، فمنذ إطلاق آلية المساعدات المشبوهة المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً في 27 مايو/أيار 2025 تحت اسم "هيئة إغاثة غزة الإنسانية"، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في مصائد الموت أو مراكز توزيع المساعدات أكثر من 102 فلسطيني وجرح المئات، فيما لا يزال عدد غير معلوم من المفقودين في مواقع التوزيع التي يسيطر عليها جيش الاحتلال وسط وجنوب القطاع.

وخلال الأيام الماضية، بدأت مؤسسة "غزة الإنسانية" التي يديرها شخصيات أمنية أمريكية متقاعدة مرتبطة بحكومة الاحتلال الإسرائيلي وشخص نتنياهو، توزيع طرود غذائية بكميات محدودة، في مركز أقامته غرب مدينة رفح التي يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأعلنت الهيئة أنها ستقيم 4 مراكز أخرى في وسط القطاع وجنوبه. لكن المؤسسة لا تملك قواعد بيانات خاصة بالسكان، ولا تنسق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أو أي من المنظمات الدولية المعتمدة التي تريد إسرائيل إنهاء دورها في القطاع المحاصر.

مصائد الموت.. الاحتلال يستدرج الموجوعين نحو الفخاخ الدموية

  • في كل صباح ومنذ ساعات الفجر الأولى، تسير أفواج من الغزيين المجوعين من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو 3 أشهر، ويقطعون مسافات طويلة للحصول كسرة خبز أو شربة ماء، يتزاحمون بأكياسهم الفارغة على الطريق المؤدي لمواقع مراكز المساعدات الأمريكية الإسرائيلية الواقعة في مناطق حمراء يحتلها الجيش الإسرائيلي، وهم يعلمون أنهم يحملون أرواحهم على أكفهم على ذات الطريق وأن لقمتهم مغمسة بالدم والإذلال، حيث يمطرهم الاحتلال بالرصاص ويرتكب بحقهم أفظع المجارز على الهواء مباشرة، فمنهم من يعود شهيداً ومنهم من يعود بكيس طحين ووجهه مغطى بالدم.
  • مجازر عدة ارتكبها جيش الاحتلال في مراكز التجويع المذلة على مدار الأيام الماضية، كان آخرها فجر اليوم الثلاثاء 3 يونيو/حزيران 2025 حيث نفذ الاحتلال مجزرة مروعة بحقه أفواج المجوعين في مدينة رفح، راح ضحيتها 27 شهيداً وأكثر من 90 مصاباً، ممن وصلوا المستشفيات.
إنفوجرافيك: مراكز توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية: مصيدة الموت (عربي بوست)
إنفوجرافيك: مراكز توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية: مصيدة الموت (عربي بوست)
  • وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين الذين استهدفهم الجيش الإسرائيلي بمراكز توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية إلى 102 شهيدا و490 مصابا خلال 8 أيام.
  • اتهم المكتب الحكومي الاحتلال الإسرائيلي بتحويل مراكز توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية إلى مصائد موت جماعي وفخاخ دموية، فمنذ 27 مايو/ أيار، حين بدأت إسرائيل بتشغيل المشروع المشبوه الذي تروج له تحت مسمى "الاستجابة الإنسانية"، فقد مارس الجيش "القتل على الملأ وعلى الهواء مباشرة" بحق الفلسطينيين "المجوّعين".
  • وتقول حكومة غزة "إن ما يُسمى بمراكز توزيع المساعدات التي تقام في مناطق حمراء مكشوفة وخطيرة وخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال، تحوّلت إلى مصائد دم جماعية، يُستدرج إليها المدنيون المُجوَّعون بفعل المجاعة الخانقة والحصار المشدد، ثم يتم إطلاق النار عليهم عمداً وبدم بارد، في مشهد يختصر خُبث المشروع ويُعري أهدافه الحقيقية".
  • حمل المكتب الحكومي الإدارة الأمريكية التي تدعم بشكل سياسي وميداني "المشروع الدموي" لتوزيع المساعدات، "المسؤولية المباشرة عن استخدام الغذاء سلاحا في حرب الإبادة الجماعية الجارية بغزة".
  • تقول حكومة غزة إن المجازر الإسرائيلية اليومية بحق الفلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات من شأنها أن "تكشف للعالم أن ما يجري هو استخدام متعمد للمساعدات كأداة للقتل والتطهير الجماعي، وهو ما يرقى لجريمة إبادة بموجب المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948".
  • المكتب الحكومي طالب "الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومنظمات حقوق الإنسان، بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية، والتحرك الفوري والضغط بكل الوسائل المتاحة لفتح المعابر الرسمية دون تدخل أو شروط من الاحتلال، وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية" من خلال مؤسسات أممية ودولية محايدة. كما دعا إلى "تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه المجازر وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية، محذرا من مغبة "الصمت الدولي الذي يعطي الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من المجازر".

الجيش الإسرائيلي يقر بارتكاب المجازر.. والمؤسسة الأمريكية تبرئ نفسها 

  • أقر الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على فلسطينيين قرب مركز توزيع "مساعدات" في منطقة العلم بمدينة رفح بزعم وجود "تحرك مشبوه" تجاه قواته. ويجري توزيع "المساعدات" في ما تُسمى "مناطق عازلة" وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط؛ إذ توقفت عمليات التوزيع بشكل متكرر في الأيام الماضية بسبب تدفق أعداد كبيرة من المجوعين ما دفع القوات الإسرائيلية إلى إطلاق النار، مخلفة عشرات الشهداء وجرحى في صفوف المدنيين.
  • تتم عملية التوزيع وفق آلية وُصفت من منظمات حقوقية وأممية بأنها "مهينة ومذلة"، حيث يُجبر المحتاجون على المرور داخل أقفاص حديدية مغلّفة بأسلاك شائكة، في مشهد شبّهه مراقبون بممارسات "الغيتوهات النازية" في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. كما أن الكميات الموزعة من المساعدات توصف بأنها "شحيحة جدا"، ولا تفي بمتطلبات مئات الآلاف من المجوعين في القطاع.
  • زعمت "مؤسسة غزة الإنسانية" أنها غير مسؤولة عن مقتل فلسطينيين قرب مركز توزيع "المساعدات" في منطقة العلم برفح، يوم الثلاثاء. ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية بيانا للمؤسسة قالت فيه: "لا نسيطر على المنطقة الواقعة خارج مواقع توزيع المساعدات والمناطق المحيطة بها، وليس لدينا أي علم بأنشطة الجيش الإسرائيلي خارج محيطنا، الذي لا يزال منطقة حرب نشطة".
  • يقر الإسرائيليون بأن مخطط "توزيع المساعدات"، عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" المشبوهة، يهدف إلى تسريع إخلاء سكان شمال القطاع، من خلال حصر توزيع المساعدات في 4 نقاط فقط تقع جنوب غزة. وحذرت "حكومة غزة" ومنظمات حقوقية مثل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن ذلك يأتي تمهيدا لتهجير الفلسطينيين وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي يصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنها باتت ضمن أهداف الحرب.

مصائد للموت بهدف نشر الفوضى وتقويض حكم حماس للقطاع وإقصاء الأمم المتحدة 

  • وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في 25 مايو/أيار أن الخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات، قد صُممت إسرائيلياً لعدة أهداف أهمها تقويض سيطرة حركة حماس على غزة، ومنع وصول الغذاء إلى أيدي المسلحين (المقاومين) وغيرهم. بالإضافة إلى تجاوز الأمم المتحدة، التي لا يثق بها المسؤولون الإسرائيليون ويتهمونها بـ"التحيز ضد إسرائيل" وإنهاء دورها في القطاع.
  • وبحسب الصحيفة، جادل مسؤولون إسرائيليون بأن خطتهم ستنقل توزيع المساعدات من "المناطق الفوضوية الخارجة عن القانون إلى مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية"، لكن ما يحصل على الأرض طوال فترة الحرب هو أن الجيش الإسرائيلي دعم ومكّن العصابات المسلحة الخارجة عن القانون لتقويض سلطة الإدارة المحلية للقطاع وإشاعة الفوضى بين السكان ونهب المساعدات. كما أنه حول مراكز التوزيع إلى مصائد للموت الجماعي في كل صباح منذ إطلاق هذه الخطة.
  • ووصف الأمريكيون مؤيدو خطة المساعدات الجديدة بأنها "مبادرة مستقلة ومحايدة يديرها بشكل رئيسي متعاقدون أمريكيون"٬ وتم الترويج لها على أنها مرتبطة بالمبعوث الرئاسي الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف٬ كما نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" مطلع مايو 2025. لكن الحقائق تثبت العكس. وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن هذا النظام صُممه وطوره الإسرائيليون إلى حد كبير كوسيلة لتقويض حماس في غزة بالدرجة الأولى.
فلسطينيون بالقرب من مركز توزيع مساعدات في رفح وتتصاعد خلفهم أعمدة الدخان – رويترز
  • كما أفاد تحقيق لصحيفة هآرتس العبرية٬ أن الشركة التي قدّمت نفسها على أنها أمريكية أو محايدة، تقف خلفها جهات إسرائيلية مرتبطة برئيس الوزراء نتنياهو. وكشفت "هآرتس" أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو اختار الجهة التي ستتولى توزيع المساعدات في قطاع غزة من وراء ظهر المؤسسة الأمنية ودون علمها". وقالت الصحيفة: "من دون مناقصة أو إجراء قانوني سليم، قام طاقم برئاسة السكرتير العسكري لنتنياهو بتجنيد شركة غامضة وعديمة الخبرة لتنسيق العمليات الإنسانية في قطاع غزة".
  • ومنذ عقود، اعتمد سكان غزة المحاصرين على الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ذات الخبرة لتأمين الغذاء والإمدادات الأساسية. والآن، يتم استبدال هذا النظام بإطار غامض تديره شركات خاصة حديثة التأسيس، بقيادة متعاقدين أجانب من بينهم ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية، وبدعم وتخطيط كامل من مسؤولين إسرائيليين.
  • وقبل إطلاق هذه الخطة المشبوهة في 27 مايو/أيار، حذرت الأمم المتحدة من الخطة الإسرائيلية الأمريكية قائلة إنها ستُقيّد وصول المساعدات الغذائية المحدودة إلى مناطق محدودة من غزة وتحت سيطرة الجيش الإسرائيلي بالكامل. كما ستُعرّض المدنيين الفلسطينيين للخطر بإجبارهم على السير لأميال عبر الحدود العسكرية الإسرائيلية للوصول إلى الغذاء وفي مناطق حمراء. كما حذّرت الأمم المتحدة من أن النظام الجديدة لتوزيع المساعدات سيُسهّل الخطط الإسرائيلية لتهجير سكان شمال غزة٬ لأن مواقع التوزيع ستكون محصورة في مناطق معينة بالجنوب فقط.
تحميل المزيد