تسود حالة من القلق في إسرائيل بعد نقل مسؤولين "شديدي الدعم" لتل أبيب بشكل مفاجئ من مواقعهم في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي وسط مخاوف من أن تكون الخطوة الأمريكية مدفوعة بالخلاف بين واشنطن والاحتلال بشأن ملفات تتعلق بإيران والحرب على غزة، حسبما كشف إعلام عبري.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن هناك "قلقاً في إسرائيل من تغييرات داخل الإدارة الأمريكية".
وأوضحت الصحيفة أنه "في الأيام الأخيرة، تم بشكل مفاجئ نقل عدد من المسؤولين الذين يُعتبرون "شديدي الدعم لإسرائيل" من مناصبهم في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي".

وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك "يأتي على خلفية الخلافات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن هجوم محتمل على إيران، وكذلك فيما يتعلق باستمرار الحرب في قطاع غزة".
وعبرت إسرائيل مراراً عن رفضها للمفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج الأخيرة النووي، ولوحت بشن هجوم على إيران بشكل منفرد.
من هي الشخصيات التي تمت إقالتها من مجلس الأمن القومي الأمريكي؟
وفقاً لصحيفة يديعوت أحرونوت، فإن اثنين من المُقالين هما ميراف سيرين، مواطنة أمريكية إسرائيلية عُيّنت مؤخراً كرئيسة قسم إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي، وإريك تراغر، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وكلا من سيرين وتراغر عُيّنا من قبل مستشار الأمن القومي السابق مايك وولتز، الذي يُعتبر هو الآخر من "أشد المؤيدين لإسرائيل"، وقد أقاله الرئيس ترامب مؤخراً من منصبه، بحسب المصدر ذاته.
وأشارت الصحيفة إلى أن من يقف وراء إقالة سيرين وتراغر هو وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي خلف وولتز.
According to Isreal Channel 14 reports, Morgan Ortagus will leave her role as U.S. Deputy Special Envoy to the Middle East in a major reshuffle of Trump administration officials. Ortagus, Merav Ceren, and Eric Trager are among those affected, raising concerns about U.S.-Israel… pic.twitter.com/USkhA2p0Ce
— AL Khammas (@ALkhammas2) June 3, 2025
من هو إريك تراغر؟
- تخرج تراغر من جامعة هارفارد في عام 2005، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا.
- عمل تراغر باحثًا زميلاً في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث موالٍ لإسرائيل، حيث ركّز على مصر والإسلام السياسي والسياسة الأمريكية، وفقًا لملفه الشخصي على لينكدإن.
- وفي عام 2016، ألّف كتاباً عن صعود جماعة الإخوان المسلمين وسقوطها في مصر بعنوان: "الخريف العربي: كيف ربح الإخوان المسلمون مصر وخسروها في 891 يوماً"، والتي أدانها لاحقًا ووصفها بأنها "جماعة كراهية دولية" تسعى إلى تلميع سمعتها في الخارج.
- كان تراغر عضوًا في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الجمهوري.
- يعد تراغر من الداعمين لإسرائيل حيث تبرع لكنيس يهودي في واشنطن العاصمة، ولمنظمة "هارفارد هيليل"، وفقًا لتقارير جمع التبرعات الصادرة عن المنظمتين.
- نشر على حسابه على منصة إكس منشوراتٍ تدافع عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، وتنتقد لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.
- حظي خبر تعيين تراغر في مجلس الأمن القومي الأمريكي في يناير/كانون الثاني الماضي بإشادة سريعة من المحافظين والأصوات المؤيدة لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي.
من هي ميراف سيرين؟
- ميراف سيرين هي مواطنة إسرائيلية أمريكية ولدت في حيفا وداعمة لتل أبيب، شغلت مؤخراً منصب نائبة مدير السياسات لدى السيناتور الجمهوري تيد كروز.
- حصلت سيرين على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من كلية ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة بجامعة سيراكيوز الأمريكية.
- عملت سيرين سابقاً في وزارة الدفاع الإسرائيلية، حيث شاركت في المفاوضات في الضفة الغربية المحتلة بين منسق إسرائيل للأنشطة الحكومية في الأراضي الفلسطينية، المعروف باسم COGAT، ومسؤولي السلطة الفلسطينية، وفقاً لملف شخصي قدمه مركز أبحاث مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
- وفي عام 2005، نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز مقالًا أشار إلى عمل سيرين مع المنظمات غير الحكومية في إسرائيل.
- وفي عام 2017، كتب سيرين مراجعة لكتاب "سحرة الأسلحة: كيف أصبحت إسرائيل قوة عسكرية عظمى عالية التقنية"، في مجلة نيو أتلانتس، حيث زعمت أن إسرائيل جعلت الحرب "أكثر عدالة" من خلال تقدمها في الأسلحة الدقيقة عالية التقنية.
- ودافعت سيرين أيضاً عن الغارات الإسرائيلية على المناطق السكنية في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2008، زاعمة أن حماس استخدمت المنازل المدنية لتخزين الأسلحة.
- انتقدت سيرين الاتفاق النووي الإيراني الذي توصلت إليه الولايات المتحدة مع طهران خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، ونشرت منشورًا على تويتر قائلة إن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي لم يدعم الاتفاق النووي.
هل هناك شخصيات أخرى محتملة داعمة لإسرائيل قد تتعرض للإقالة؟
بحسب يديعوت أحرونوت، من المتوقع أن تغادر مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث ستيف ويتكوف والمسؤولة عن الملف اللبناني في الإدارة الأمريكية، منصبها قريبًا – وليس بمبادرة منها.
ووفقًا للصحيفة العبرية، فإن "أورتاغوس، التي اعتنقت اليهودية وتضع بفخر قلادة عليها نجمة داوود حول عنقها، تُعد من أبرز المؤيدين لإسرائيل داخل الإدارة".
"وقد قامت بعمل ممتاز في جهود التهدئة بين إسرائيل ولبنان، وكذلك في إقناع الحكومة في بيروت باتخاذ موقف حازم تجاه حزب الله وبضرورة نزع سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في البلاد"، وفق ذات المصدر.
وأشارت إلى أن "قرار نقل أورتاغوس من منصبها قريبًا أثار صدمة في الأوساط المعنية بالإدارة الأمريكية في إسرائيل، كونها بلا شك تُعتبر من أكثر الشخصيات تعاطفًا وقربًا من إسرائيل".

لماذا تمت إقالة هذه المناصب من مجلس الأمن القومي الأمريكي؟
نقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر إسرائيلية مطلعة على العلاقات مع الولايات المتحدة لم تسمّها، إنها تقدر أن إقالة الثلاثة تمت في إطار أجندة "أمريكا أولاً" التي يتبناها الرئيس ترامب، وليس بالضرورة كخطوة موجهة ضد إسرائيل تحديدًا، "بل في سياق تقليص نفوذ أي دولة أجنبية داخل دوائر صنع القرار الأمريكية".
وبحسب هذه المصادر، فإن "المسؤولين لم يُقالوا بسبب مواقفهم المؤيدة لإسرائيل، وإنما كجزء من توجه ترامب لإضعاف مجلس الأمن القومي وتركيز إدارة السياسة الخارجية الأمريكية بيده شخصياً".
وقالت المصادر إنه "لهذا السبب، لم يعين ترامب بديلاً لمايك وولتز، وترك المنصب بيد ماركو روبيو".
وتساءلت الصحيفة: "لماذا كان ماركو روبيو – المعروف بدعمه القوي لإسرائيل – هو من قام بإقالة الاثنين؟".
وأجابت: "بحسب التقديرات، لم يغير روبيو مواقفه المؤيدة لإسرائيل، لكنه لا يتبنى الأجندة الإسرائيلية بالكامل كما فعل مايك وولتز، ويبدو أنه في نهاية المطاف شخص براغماتي يدرك 'اتجاه الرياح' السياسية".
وقالت مصادر مطلعة للصحيفة إنها لا تستبعد احتمال إقالة مزيد من الشخصيات "المؤيدة لإسرائيل" في الفترة المقبلة، خاصة وأن وتيرة التغييرات في إدارة ترامب تتم بشكل مفاجئ وسريع، ودون إنذارات مسبقة.
وأضافت يديعوت أحرونوت: "إقالة هؤلاء المسؤولين لم تأتِ من فراغ، بل تُعد جزءًا من حالة التباعد المتزايد بين إسرائيل وإدارة ترامب، ويبدو أن الأمريكيين اختاروا هذا النهج بناء على اعتباراتهم الخاصة".
وبحسب الصحيفة، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مؤخرًا، خلال مناقشات مغلقة، لمقربه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، قائلاً إنه لم يتوقع بشكل صحيح الاتجاه الذي تتجه إليه الولايات المتحدة في ما يتعلق بإسرائيل والشرق الأوسط.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في الحكومة أن نتنياهو لم يُخفِ خيبة أمله من الوزير ديرمر، المسؤول بما في ذلك عن العلاقات مع واشنطن.
وقالوا: "ديرمر لم يفهم ما يحدث، وببساطة تم التلاعب به. كان واثقًا بأن الولايات المتحدة لن تقف ضدنا".
وأضافوا: "ديرمر لم يتنبأ بالتغير في موقف الولايات المتحدة تجاه إسرائيل. وحتى الآن لا يزال يعتقد أن أمريكا ستواصل دعم إسرائيل، ولن تعارضها، وأن التنسيق سيستمر. لكن الحقيقة أن ديرمر فقد البوصلة".
وبحسب ما أفاد به المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية للصحيفة، فإن نتنياهو يشعر بقلق بالغ من التغيرات الجارية في الولايات المتحدة، ومن التأثير المتزايد للتيار الانعزالي المعروف باسم "الوايت ووك" (White Woke) على الرئيس ترامب، خاصة من قِبل شخصيات مثل المذيع المحافظ تاكر كارلسون.
وتابعوا: "هؤلاء أشخاص خطيرون يؤثرون على الرئيس ترامب. إنهم يغذون مشاعر الشك تجاه إسرائيل، ويهمسون في أذنه بأن إسرائيل تريد جرّ الولايات المتحدة إلى حرب. هذه هي أمريكا الجديدة، وهذا يقلق نتنياهو بشدة".
ماذا يحدث داخل مجلس الأمن القومي الأمريكي؟
كشفت وكالة رويترز عن خمسة مصادر مطلعة أن ترامب أقدم، الجمعة 30 مايو/أيار، على إقالة العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في إطار مساعيه لإعادة هيكلة المجلس والحد من دوره الواسع الذي تمتع به سابقاً.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إنه تم تسريح موظفين يتولون قضايا جيوسياسية مهمة من أوكرانيا إلى كشمير.
وجاءت هذه الخطوة بعد أسابيع فقط من تولي وزير الخارجية، ماركو روبيو، منصب مستشار الأمن القومي خلفاً لمايك وولتز.
وأوضحت المصادر أن إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي من المتوقع أن تؤدي إلى تراجع نفوذه بشكل أكبر وتحويله من جهة رئيسية لصياغة السياسات إلى كيان صغير يكرس جهوده لتنفيذ أجندة الرئيس بدلاً من تشكيلها.
وأضافت المصادر أن هذه الخطوة ستمنح فعلياً المزيد من الصلاحيات لوزارة الخارجية ووزارة الدفاع وغيرها من الوزارات والهيئة المعنية بالشؤون الدبلوماسية والأمن القومي والمخابرات

وتسعى إدارة ترامب إلى تقليص حجم مجلس الأمن القومي ليقتصر على عدد محدود من الموظفين. وقالت أربعة مصادر مطلعة على الخطط إن العدد النهائي المتوقع للموظفين في المجلس سيبلغ نحو 50 شخصاً.
وعادة ما يعتبر مجلس الأمن القومي الجهة الرئيسية التي يعتمد عليها الرؤساء في تنسيق سياسات الأمن القومي. ويقوم العاملون فيه بدور محوري في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الأزمات العالمية الأكثر تقلباً، إلى جانب مساهمتهم في الحفاظ على أمن البلاد.
وتجاوز عدد موظفي مجلس الأمن القومي 300 موظف في عهد الرئيس الديمقراطي السابق، جو بايدن، إلا أن عددهم حتى قبل عمليات التسريح الأخيرة في عهد ترامب كان أقل من نصف هذا الرقم.
وأوضح مصدران لرويترز أن الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم من المجلس سيتم نقلهم إلى مناصب أخرى داخل الحكومة.