من يموّل منظمة “إغاثة غزة”؟.. أصابع الاتهام تشير إلى مقربين من نتنياهو، فما هدفهم الخفي؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/28 الساعة 13:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/28 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
ترتبط شخصيات مقربة من نتنياهو بالخطة الأمريكية لتوزيع المساعدات/ عربي بوست

تؤكد أوساط إسرائيلية أن الحكومة التي يقودها بنيامين نتنياهو هي التي تقف خلف منظمة "إغاثة غزة"، والتي سُجّلت في سويسرا على أنها أمريكية، فيما ذكر زعيم المعارضة يائير لابيد أن إسرائيل تقف خلف المنظمة، وأن استقالة جيك وود، الرئيس التنفيذي منها، جاءت بسبب إدراكه بأنه "كان يُلعب به".

وسجّلت منظمة "إغاثة غزة" فشلاً ذريعاً، الثلاثاء 27 مايو/أيار 2025، في تطبيق آلية توزيع المساعدات الجديدة في رفح، حيث اقتحم الفلسطينيون مركز التوزيع، ما تسبب بإطلاق قوات الاحتلال النار عليهم، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات منهم.

من يقف خلف تمويل مؤسسة "إغاثة غزة"؟

وقال لابيد في كلمة له أمام الكنيست إن "مسؤولين إسرائيليين يقفون وراء منظمتي المساعدات الأجنبية (في غزة)، والحكومة تخدع الرأي العام الإسرائيلي".

وكشف زعيم المعارضة أن منظمة "إغاثة غزة" (GHF) والشركة الأمنية (SRS) تم تسجيلهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، من قبل نفس المحامي، وهو ما ظهر أيضاً من تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز".

ويذكر لابيد أنه بعد تأسيس الشركتين، تم الاستعانة بإحداهما بخدمات الشركة الأخرى لتنظيم وتوزيع المساعدات في غزة.

وأضاف لابيد أنه في البداية أعلنت هذه الشركات أن دولاً عربية هي التي ستمول هذه المساعدات، لكن تلك الدول رفضت ذلك بسبب شكوكهم في طريقة إنشاء وإدارة هاتين المنظمتين منذ البداية.

ورغم رفض الدول العربية تمويل المنظمتين، إلا أنه، وبشكل مفاجئ، ظهر 100 مليون دولار في ميزانيتهما، وزعم جيك وود أن التبرع جاء من "دولة في أوروبا الغربية" دون أن يوضحها، كما يذكر زعيم المعارضة لابيد.

زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد/ الأناضول
زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد/ الأناضول

وأضاف لابيد أنه "وردت أنباء عن وجود متبرعين مجهولين لكلا الشركتين"، وتساءل قائلاً: "لماذا يرغب شخص ما في التبرع بأموال لمنظمات لا يعرفها أحد، ثم يُخفي هويته؟".

وقال لابيد: "إذا كانت هذه الأموال إسرائيلية، وكانت من خزينة الدولة، فلا ينبغي لإسرائيل إخفاؤها، هذا احتيال على المواطن الإسرائيلي، وأحد أكبر أعمال الحماقة السياسية".

وعقب تصريحات لابيد، زعم زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، أن مصادر التمويل هي من الموساد ووزارة الجيش، مشدداً على أن آلية توزيع المساعدات محكوم عليها بالفشل.

وكان السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، قد ذكر سابقاً أن "عدة أطراف تعهدت بالمساعدة في التمويل، لكنهم لا يريدون أن يتعرضوا للخطر".

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات السويسرية، الأحد الماضي، أنها تدرس فتح تحقيق جنائي في أنشطة مؤسسة "إغاثة غزة".

حيث قدمت منظمة "ترايال إنترناشونال"، وهي منظمة غير حكومية مقرها سويسرا، مذكرتين قانونيتين تطالبان السلطات بالتحقيق فيما إذا كانت مؤسسة "إغاثة غزة" تمتثل للقانون المحلي والقانون الإنساني الدولي.

من يقف خلف خطة توزيع المساعدات؟

وتُثار التساؤلات حول مدى التدخل الإسرائيلي في برنامج المساعدات، وعلاقته بخطة "الفقاعات الإنسانية" التي روج لها سابقاً وزير الجيش السابق يوآف غالانت.

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن المشروع الأمريكي الجديد هو من بنات أفكار إسرائيل، فقد اقترحه لأول مرة مسؤولون إسرائيليون في الأسابيع الأولى من الحرب على غزة.

ووجدت صحيفة نيويورك تايمز أن الخطوط العريضة للخطة نوقشت لأول مرة في أواخر عام 2023، في اجتماعات خاصة لمسؤولين وضباط عسكريين ورجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة الإسرائيلية.

وأطلقت تلك المجموعة على نفسها اسم "منتدى ميكفيه إسرائيل"، وكان قد عقد المنتدى في ديسمبر/كانون الأول 2023 اجتماعه التأسيسي قرب تل أبيب، وشملت هذه المجموعة نجل غيرشون هكوهين، القائد السابق لهيئة الأركان، يوتام هكوهين، وهو مستشار يعمل مساعداً لوحدة تنسيق أعمال أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق، والتي تشرف على تسليم المساعدات إلى غزة.

نتنياهو وسكرتيره العسكري رومات جوفمان/ يديعوت أحرونوت
نتنياهو وسكرتيره العسكري رومات جوفمان/ يديعوت أحرونوت

كما تشمل المجموعة ضابط الاحتياط في وحدة الاستخبارات 8200، ليران تانكمان، وهو مستثمر في مجال التكنولوجيا يتمتع بعلاقات جيدة، وانضم أيضاً إلى مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق؛ بالإضافة إلى مايكل آيزنبرغ، وهو مستثمر إسرائيلي أمريكي ظل خارج الجيش، وزعم أن شبكات توزيع مساعدات الأمم المتحدة القائمة تدعم حماس وتحتاج إلى إصلاح شامل.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، شارك هاكوهين وتانكمان وآيزنبرغ في قيادة جلسة عصف ذهني مع مسؤولين وشخصيات نافذة، وقال أشخاص مطلعون على الاجتماعات إن المجموعة ناقشت مدى صعوبة هزيمة حماس من خلال القوة العسكرية وحدها، وسعت إلى إيجاد طرق لتقويض سيطرة الحركة على المدنيين في غزة، بما في ذلك من خلال المساعدات.

وروج أعضاء المجموعة لفكرة توزيع المساعدات من مناطق يحتلها الجيش الإسرائيلي، بعيدة عن متناول حماس، ومع مرور الوقت، استقروا على فكرة تكليف مقاولين من القطاع الخاص بإدارة توزيع الغذاء، وفقاً لمصادر مطلعة على الاجتماعات.

وفي مقال كتبه في مجلة نشرها الجيش الإسرائيلي في يوليو/تموز الماضي 2024، اقترح هاكوهين، الذي أصبح مقرباً إلى العميد رومات جوفمان، والذي يشغل منصب المستشار العسكري لنتنياهو، نسخة من الخطة من المقرر الآن تنفيذها.

وتضمنت الخطة التي كتبها هاكوهين في مقاله، "سحب البساط من تحت أقدام حماس بمجرد أن تبدأ إسرائيل العمل مباشرةً مع السكان المدنيين، وتتولى بنفسها توزيع المساعدات، وتبدأ بتحمل مسؤولية بناء اليوم التالي".

تزامن ذلك مع لقاء المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم هاكوهين وتانكمان، مع ضابط المخابرات السابق فيليب رايلي، والذي برز لاحقاً كشريك مفضل لإسرائيل.

بناءً على ذلك، تواصل رايلي مع مسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين لتطوير نماذج جديدة لتوزيع الغذاء في غزة، وفقاً لوثيقة أصدرتها شركة أوربيس، وفي أواخر عام 2024، عمل رايلي على دراسة تُحدد نسخة أكثر تفصيلاً من خطة الاستعانة بشركات ومؤسسات خاصة لتوصيل المساعدات الغذائية، وفقاً للوثيقة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، سجل ممثلو رايلي الشركتين SRS وGHF، وقد بدأت شركة SRS عملها في غزة في يناير/كانون الثاني 2025.

وتكشف صحيفة "واشنطن بوست" عن وثيقة تظهر توصية بأنه، رغم تمتع منظمة "إغاثة غزة" بدعم المسؤولين الإسرائيليين وحصولها على معلومات من الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، فإنه ينبغي عليها تجنب الظهور بمظهر "الوكيل" للحكومة الإسرائيلية.

من يقف خلف التعاقد مع "SRS"؟

وأكد تحقيق لصحيفة "هآرتس" أن مكتب نتنياهو هو الذي أشرف على عملية اختيار منظمة "SRS" التي تشرف أمنياً على توزيع المساعدات، دون علم قادة الأجهزة الأمنية.

وتدور القضية حول الحراك الذي قام به العميد رومات جوفمان، بتجنيد الشركة غير المعروفة، والتي قدمت نفسها على أنها أمريكية، لكن عناصر إسرائيلية يقفون خلفها.

ويشير التحقيق إلى أنه تم اختيار شركة "SRS" دون مناقصات، ودون المرور عبر القنوات المعتادة، بما في ذلك منسق أنشطة الحكومة في المناطق.

وتبين أن رجال الأعمال الذين تم تجنيدهم في قوات الاحتياط أصبحوا يشكلون "فريق جوفمان" الذي شجع على اختيار الشركة المجهولة.

حراس أمن أمريكيون في غزة
حراس أمن أمريكيون في غزة

وهناك اسم آخر متورط في عملية اختيار الشركة الأمنية، وهو شلومي فوجل، رجل الأعمال المقرب من نتنياهو.

كما شارك ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، وهما العميد احتياط إيريز وينر، والعقيد احتياط غابي سيبوني، وهما شخصان مقربان من كبار وزراء الحكومة، في المناقشات المتعلقة بتسليم المساعدات إلى الشركة الخاصة، وقد روجا لذلك طوال الفترة الماضية.

وكشفت صحيفة "هآرتس" أن قضية الشركة والاتصالات معهم يتم التعامل معها من قبل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأن الشخص الذي نسق القضية في المكتب هو الوزير رون ديرمر.

وتشير التحقيقات إلى أن تانكمان أُرسل إلى الولايات المتحدة للقاء ممثلي شركة "أوربيس" حتى قبل أن يتم اختياره. وتشير التقديرات إلى أن هذا الأمر تم بعلم جوفمان.

ولكن ما فاجأ موظفي وزارة الجيش أكثر، هو الطلب منهم دفع مبلغ ثلاثة ملايين شيكل تقريباً لشركة أوربيس مقابل عرض تقديمي يجب إعداده لتقديمه إلى ممثلين في إسرائيل.

وفي ضوء كل علامات الاستفهام التي نشأت ولا تزال تنشأ، هناك شعور متزايد بين كثيرين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن هناك مصالح شخصية واقتصادية متورطة في قضية الشركتين، بحسب "هآرتس".

وفي منتصف شهر مايو/أيار، اعترف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق إيال زامير، في محادثات خاصة بأنه لا يعرف بالضبط ما هي المسؤوليات المتبادلة بين المتعاقدين الأمريكيين والجيش الإسرائيلي، لكنه ظل ملتزماً بتنفيذ الخطة التي وافقت عليها القيادة السياسية الإسرائيلية.

ما علاقة الخطة الأمريكية باحتلال غزة؟

تقول القناة 12 العبرية إن آلية توزيع المساعدات الجديدة عبر شركة خاصة تخدم أهداف إسرائيل، لاحتلال كامل قطاع غزة، وتهجير سكانه إلى مساحات ضيقة، وتشجيعهم على الهجرة.

وتكشف التحقيقات الصحفية مؤخراً أن الآلية كانت مدبرة خلف الكواليس، مع تورط خفي من بعض الضباط في الجيش الإسرائيلي ورجال أعمال وشركات أمريكية مجهولة الهوية تسعى لإخفاء بياناتها.

مواطنون فلسطينيون يحصلون على مساعدات في رفح/ الأناضول
مواطنون فلسطينيون يحصلون على مساعدات في رفح/ الأناضول

وأوضحت القناة أن هذا المشروع، الذي يستفيد منه بعض المنتفعين عبر تضارب مصالح وفساد مستتر، يُعد جزءاً من خطة أشمل بكثير، ومن لا يصدق هذا، فليقرأ مقالاً نشره معهد القدس بقلم اثنين من ضباط الاحتياط الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات، وهما العميد إيرز وينر والعقيد غابي سيبوني.

وأشار إلى أن الضابطين أكدا أن الهدف الاستراتيجي للحرب يتطلب سيطرة أمنية مطلقة على قطاع غزة، بوجود عسكري مباشر على الأرض، مع ضرورة تشغيل شركات مدنية وقوى محلية تحت إشراف الحكم العسكري، مع تهيئة الظروف لهجرة السكان.

تحميل المزيد