نتنياهو يتحدى القضاء ويعيّن رئيساً جديداً للشاباك.. من هو “الصهيوني الديني” ديفيد زيني، وما علاقة سارة بتعيينه؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/23 الساعة 13:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/23 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش
نتنياهو يعيّن ديفيد زيني رئيساً للشاباك/ عربي بوست

خلافاً لقرار المحكمة العليا والمستشارة القضائية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعيين رئيس جديد لجهاز "الشاباك" من خارج المؤسسة ذاتها، في خطوة وصفها المعارضون بأنها تقوض مجدداً "سيادة القانون".

ومساء الخميس، قال مكتب نتنياهو إن رئيس الوزراء قرر تعيين اللواء ديفيد زيني رئيساً للشاباك، خلفاً للمقال رونين بار.

ويأتي الإعلان خلافاً لقرار المستشارة القضائية، بأن نتنياهو لا يملك حالياً صلاحية تعيين بديل للرئيس الحالي للشاباك بار، قبل استيفاء الفحص القانوني لقرار إقالته، كما أنه جاء بعد يوم واحد من حكم المحكمة العليا بأن قرار حكومة نتنياهو إقالة بار يخالف القانون.

كيف بدت ردود فعل الائتلاف والمعارضة على تعيين ديفيد زيني؟

وفي تعقيبها على قرار تعيين زيني، شددت المستشارة القضائية على أن عملية التعيين تمت بطريقة غير قانونية وتحت شبهات "تضارب المصالح"، معتبرة أن هذا الإجراء "معيب".

وسارع قادة الائتلاف بتهنئة رئيس الوزراء الإسرائيلي على قراره الذي وصفوه بـ"الشجاع والضروري"، واصفين اللواء زيني بأنه "الرجل المناسب في الوقت المناسب".

فيما أثارت الخطوة غضب قادة المعارضة في إسرائيل، وعلّق زعيمها يائير لابيد بأن نتنياهو "لديه تضارب مصالح خطير فيما يتعلق بتعيين رئيس الشاباك بسبب فضيحة قطر غيت.. أدعو الجنرال زيني إلى الإعلان عن أنه لا يستطيع قبول التعيين حتى تصدر المحكمة حكمها في هذه المسألة".

فيما اعتبر رئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس أن نتنياهو "تجاوز خطاً أحمراً، متجاهلاً توجيهات النائب العام"، مشدداً على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يقوض مجدداً "سيادة القانون" ويقود إسرائيل إلى صراع دستوري على حساب أمنها.

أما زعيم حزب الديمقراطيين يائير غولان، فاعتبر قرار التعيين "هجوماً على إسرائيل الديمقراطية" من عائلة نتنياهو "الإجرامية"، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء تصرف خلافاً لقرار المحكمة العليا.

كما هاجمت المنظمات المدنية التي تشرف على الاحتجاجات في إسرائيل قرار التعيين، وأعلنت ما يسمى "حركة جودة الحكم" أنها ستلجأ إلى المحكمة العليا.

فيما اعتبرت منظمة "إخوان السلاح" أن نتنياهو أصبح يشكل خطراً على الديمقراطية، ويتصرف بصراع مصالح خطير من أجل تخريب التحقيقات ضد شركائه، ويجب ألا يستمر في منصبه.

من هو ديفيد زيني؟

  • زيني هو شخصية صهيونية دينية، وُلد في مدينة القدس المحتلة عام 1974، وتلقى تعليمه في مدينة أسدود، وينحدر من عائلة متدينة، وهو حفيد الحاخام مائير زيني، آخر الحاخامات السفاراديين من شمال أفريقيا، وأبرز الحاخامات اليهود في الجزائر.
  • درس في شبابه في المؤسسات التعليمية الدينية التوراتية، وانضم إلى الجيش الإسرائيلي عام 1992، وتطوع في وحدة "سييرت ماتكال"، وهي إحدى وحدات النخبة في الجيش، وتصنّف ضمن دوائر المخابرات، ويُعرف بأن هدفها الأساسي والمركزي هو جمع معلومات استخباراتية من عمق مواقع البلاد العربية.
  • تدرج في مناصب قيادية مختلفة، بما في ذلك قائد كتيبة في لواء غولاني، والتي قادها في معارك جنوب لبنان عام 2006.
  • وفي صيف عام 2007 قاد الكتيبة في نشاط عملياتي في قطاع غزة حتى فبراير/ شباط 2008.
  • وفي عام 2008 تم تعيينه قائداً لوحدة إيغوز، وهي وحدة استطلاع استخبارية خاصة، وقادها خلال الحرب على غزة عام 2008/2009.
  • وفي عام 2011 تمت ترقيته إلى رتبة لواء وتولى لواء ألكسندروني، وخلال الحرب على غزة عام 2014، وبعد إصابة قائد لواء غولاني غسان عليان، تم تعيين زيني مؤقتاً خلفاً له، وقاد العمليات في الشجاعية شرق غزة حينها.
رئيس الشاباك الجديد ديفيد زيني/ الجيش الإسرائيلي
رئيس الشاباك الجديد ديفيد زيني/ الجيش الإسرائيلي
  • ومع تأسيس لواء الكوماندوز "عوز"، والذي يُعد من بنات أفكار رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت، استخلاصاً للدروس العملية المستفادة من حرب غزة 2014، وحرب لبنان الثانية 2006، تم تعيين ديفيد زيني قائداً مؤسساً له.
  • وفي العام 2018، تمت ترقية ديفيد زيني إلى رتبة عميد، وتعيينه قائداً لفرقة "عيدان" التي انحلّت في ديسمبر/ كانون الأول 2020.
  • في العام 2020 تم تعيين ديفيد زيني قائداً للمركز الوطني لتدريب القوات البرية، وشغله حتى عام 2022.
  • في مارس/ آذار 2023، أعد زيني تقريراً لقائد فرقة غزة بشأن فحص استعدادات الفرقة لأي حدث مفاجئ ومعقد، وفي إطار استنتاجات التقرير، كتب أنه في أي قطاع تقريباً، يمكن تنفيذ غارة مفاجئة على القوات.
  • وفي يونيو/ حزيران 2023، تمت ترقيته إلى رتبة لواء، ثم تولى بعد شهر منصب رئيس قيادة التدريب في هيئة الأركان العامة.
  • بعد رحيل اللواء آفي حيل عن منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء في نهاية عام 2023، طُرح اسم زيني كمرشح بديل عنه.
  • وفي خضم إمكانية طرح مشروع قانون جديد خلال الحرب على غزة، شارك زيني في المبادرة لإنشاء لواء حريدي جديد، يُتاح فيه اندماج الحريديم في الجيش الإسرائيلي مع المحافظة على قيمهم وأحكام القيادة الحريدية.
  • وفي يوليو/ تموز 2024، تعرض ديفيد زيني مع العميد شاي طيب، رئيس قسم الأفراد في القوات البرية، لهجوم من الشبان الحريديم في بني براك بعد لقائه الحاخام الحريدي ديفيد ليبيل.

ما علاقة ديفيد زيني بسارة نتنياهو؟

تقول وسائل إعلام إسرائيلية إن زوجة نتنياهو، خلال المناقشات المتعلقة بتعيين رئيس أركان جديد خلفاً لهرتسلي هاليفي، ضغطت على رئيس الوزراء الإسرائيلي لإضافة ديفيد زيني ضمن قائمة المرشحين، رغم أنه لم يكن يُعتبر مرشحاً طبيعياً.

وأوضحت أن هناك صلة عائلية وراء هذه العلاقة، فشقيق اللواء زيني، شموئيل زيني، هو الرجل الأمين للملياردير سيمون فاليك، الذي يعيش في ميامي، وله علاقات وثيقة مع عائلة نتنياهو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة/ الأناضول
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة/ الأناضول

وذكرت القناة 12 العبرية أن منزل فاليك كان بمثابة مكان إقامة لسارة نتنياهو أثناء الحرب.

ما موقف ديفيد زيني من 7 أكتوبر/تشرين الأول والحرب على غزة؟

في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وصل زيني من منزله في مرتفعات الجولان إلى كيبوتس مفلاسيم، وشارك في المعارك ضد مقاتلي حماس.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن زيني قال لسكان الكيبوتس إن الخلل لا يكمن في عدد المقاتلين، بل في شكل التنظيم الدفاعي، "والعجز في رؤية أسلوب العدو هو جوهر الفشل".

وأضاف قائلاً: "لقد فشلنا في أساسيات المهنة العسكرية في مجالات عديدة، وليس في نقطة واحدة فقط، ومن يبحث عن حل سهل هنا بالقول إن فلاناً من الأشخاص كانوا مهملين، فهذا سيمنعنا حقاً من استخلاص العبر".

وفي التسجيل المسرب لسكان الكيبوتس، يقول زيني: "سمحنا لعدونا بالتمركز على السياج، فضلنا السلام على الحرب، ولم نكن مستعدين لهجوم واسع النطاق، وقد بُني الدفاع على الحدود على التحذير والردع فقط، لكن الفترة الزمنية بين الخروج من الشجاعية إلى ناحل عوز ليست فترة زمنية تسمح بالتحذير".

وأشار أيضاً إلى الإخفاقات الاستخباراتية: "لقد فشلنا في المنظور الاستراتيجي في فهم حماس، التي ارتكبت خدعة هنا، وفي السنوات الأخيرة بثت عمداً أنها تريد تسوية".

ويتابع قائلاً: "لقد قَدَّرنا أن حماس قد ردعت ولا تريد الحرب، وتعاملنا مع التهديد الأكثر خطورة في نظرنا، كما فهمناه في ذلك الوقت، إيران وحزب الله، واعتقدنا أن عملية التسوية ستحل المشكلة".

عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر 2023/ رويترز
عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر 2023/ رويترز

وفي تقييمه بشأن سلاح الجو الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أوضح زيني أنه "لم يكن مستعداً وجاهزاً للعمل الفوري، واحتاج تجهيز الأدوات، والذخيرة، وفرق الصيانة، بعض الطائرات قصفت أهدافاً خاطئة بسبب تقييم خاطئ للوضع".

وكان زيني أحد كبار المسؤولين الأوائل في الجيش الإسرائيلي الذين تبنوا مفهوم "النصر الكامل"، الذي يستخدمه نتنياهو في كثير من الأحيان، وفي مقطع فيديو من شهر فبراير/شباط، ظهر وهو يلتقي بمقاتلي الجولاني، ويقول لهم: "نحن نثق بأنكم ستقودوننا إلى النصر الكامل".

لماذا أغضب تعيين ديفيد زيني لرئاسة الشاباك رئيس الأركان؟

  • تسبب نتنياهو بأزمة داخل الجيش الإسرائيلي بتعيين ديفيد زيني، فقد تبين أنه لم يُبلغ رئيس الأركان إيال زامير بالقرار، الأمر الذي أثار غضب الأخير.
  • وتقول صحيفة "معاريف" إنه بحسب نظام الجيش الإسرائيلي، يُحظر على الضابط الدخول في حوار مع مستوى سياسي دون علم وموافقة رئيس الأركان.
  • وعلم الجيش الإسرائيلي أن اللواء زيني أجرى محادثات مع رئيس الوزراء قبل أن ينشر رئيس الحكومة أمس الإعلان عن اختياره لهذا المنصب.
  • وبحسب "معاريف"، اتصل نتنياهو برئيس الأركان قبل نصف ساعة من إعلانه، وأخبره بأنه يرغب في تعيين ديفيد زيني لرئاسة الشاباك، لكن زامير رأى أنه يجب أن يكون الاختيار لأحد نواب رئيس الشاباك.
  • وتفاجأ زامير بعد نصف ساعة من إعلان نتنياهو، معتبراً أن رئيس الوزراء خدعه، وكان أول إجراء يقوم به زامير في الصباح هو الاتصال باللواء زيني للاستيضاح منه.
  • وأوضح اللواء زيني لرئيس الأركان أنه قبل نحو أسبوعين ونصف التقى بالصدفة مع رئيس الوزراء، وسأله الأخير إذا كان لديه الاستعداد لتولي المنصب، والذي بدوره أجاب بالإيجاب.
  • وأبلغ رئيس هيئة الأركان، الجمعة، اللواء دافيد زيني بقرار إقالته من الجيش الإسرائيلي في أي حال من الأحوال. ويأتي ذلك في وقت لا يزال من غير الواضح فيه ما إذا كان تعيينه رئيساً للشاباك سوف يتم في نهاية المطاف.

ما العقبات القانونية التي تواجه تعيين ديفيد زيني في منصب رئيس الشاباك؟

تقول وسائل إعلام إسرائيلية إن نتنياهو تجاهل توجيهات المستشارة القضائية، التي تمنعه في الوقت الراهن من تعيين رئيس الشاباك بسبب "تضارب المصالح الذي يجد نفسه فيه فيما يتعلق بالشاباك، بسبب قضية قطر جيت".

وقالت المستشارة القضائية إن تصرف نتنياهو يتعارض مع التوجيهات القانونية، وذكرت صحيفة "هآرتس" أنه من المتوقع أن تُقدَّم التماسات إلى المحكمة العليا ضد التعيين.

وتشير صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن تعيين ديفيد زيني رئيساً للشاباك من قِبَل نتنياهو هو خطوة ضد النظام القضائي، ويضع زيني أمام معضلة صعبة، حيث يعلم الأخير رأي المستشارة القانونية للحكومة.

وينص القانون في إسرائيل على أن توجيهات المستشارة القضائية ملزمة للحكومة حتى صدور حكم مختلف من المحكمة العليا، ويتعين على نتنياهو احترام القانون الذي كان موجوداً منذ تأسيس الدولة.

وتطرّق نتنياهو إلى قرار النائب العام في المؤتمر الصحفي الذي عقده الليلة الماضية، وقال إن الحكومة التي يرأسها هي التي تعيّن الرئيس المقبل للشاباك. وأشار رئيس الوزراء أيضاً إلى حكم المحكمة العليا، قائلاً إنه "مخزٍ ويضر بالقانون والديمقراطية وأمن الدولة".

المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا/ الأناضول
المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا/ الأناضول

فيما حذّر رئيس المحكمة العليا من أن رئيس الشاباك هو "حارس البوابة" بالنظر إلى دور الجهاز في الحفاظ على أوامر النظام الديمقراطي ومؤسساته، ونظراً للخوف من استغلال الصلاحيات الواسعة الممنوحة للجهاز.

ورداً على مسألة تضارب المصالح، قال مكتب نتنياهو في بيان صادر عن رئيس الوزراء إن "التحقيقات في قضية قطر تُجرى من قبل جهاز الشاباك والشرطة الإسرائيلية، ويرافقها ويشرف عليها المستشار القانوني للحكومة".

وتابع مكتب نتنياهو: "لا يملك رئيس جهاز الشاباك المُعيّن أي تأثير على هذا الأمر على الإطلاق، ومع ذلك، ومن أجل منع الكلام الفارغ بشأن تحقيقات قطر جيت، أوضح رئيس الوزراء أن ديفيد زيني لن يشارك في هذه التحقيقات على الإطلاق".

وتنتهي ولاية رونين بار في 15 يونيو/حزيران 2025، ويجب إتمام عملية الانتقال بحلول هذا التاريخ، ولكن وفقاً للقانون فإن عملية تعيين ديفيد زيني يجب أن تتم على مرحلتين، وهما:

  • عرض التعيين على لجنة غرونيس للمناصب العليا التي تتحقق من نزاهة تعيينه وكفاءته.
  • بعد موافقة اللجنة، عرض التعيين على الحكومة الإسرائيلية.

ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصدر قانوني أن لجنة غرونيس التي تتمثل وظيفتها عادة في التدقيق فيما إذا كان التعيين قد تم بشكل قانوني، وما إذا كان المرشح كفؤاً، سوف تضطر إلى القيام بعمل أكثر شمولاً في فحص المرشح مقارنة بالماضي.

في الحكومات السابقة، عندما يتم اكتشاف تضارب في المصالح يتعلق برئيس الوزراء أو الوزير المُعيّن، كانت الحكومة تُفوض السلطة إلى أحد الوزراء، ولكن من الواضح أنه في هذه الحالة، وأيضاً بسبب سيطرة نتنياهو المطلقة على وزراء حكومته، فإن تفويض السلطة لوزير آخر هو بمثابة "خدعة"، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

والمعضلة التي تواجه لجنة غرونيس حالياً أنها غير مكتملة النصاب، في ظل غياب مفوض دائم للخدمة المدنية، وتعارض مصالح أحد أعضائها بسبب تورط نجله في القضية ذاتها.

وفي ظل هذا الفراغ، يخشى خبراء القانون أن يتجاوز نتنياهو الآلية القانونية المتبعة، ما يعزز المخاوف من دخول إسرائيل في أزمة دستورية، خاصةً مع احتمال تقديم التماسات جديدة أمام المحكمة العليا لوقف تنفيذ التعيين.

وتشير الصحيفة إلى أن هناك احتمالاً أن يشغل أحد نواب رونين بار مكانه لفترة زمنية محددة، ومع ذلك يعارض النظام القانوني تعيين بدلاء هم أيضاً مرشحون للمنصب، خوفاً من أن يصبحوا معتمدين.

تحميل المزيد