5 إجراءات اتخذتها بريطانيا ضد إسرائيل.. هل يكفي ما فعلته لوقف الإبادة في غزة؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/22 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/22 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
أطفال قطاع غزة/ الأناضول

رغم الخطوات الأخيرة التي اتخذتها بريطانيا تجاه إسرائيل رداً على سياسة التجويع التي تمارسها في غزة بحق الفلسطينيين، برزت مطالبات عدة بأن تتبنى حكومة حزب العمال بقيادة كير ستارمر نهجاً أكثر صرامة مع تل أبيب.

وكانت حكومة حزب العمال قد علّقت محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل قبل عدة أيام، وفرضت عقوبات على عدد من المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، وأفادت تقارير بأن بريطانيا تدرس أيضاً فرض عقوبات على وزراء في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية.

وجاءت هذه الإجراءات البريطانية في وقت يتصاعد فيه الغضب الدولي إزاء الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة بشكل خاص بعدما رفضت حكومة نتنياهو المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.

لجنة إدارية في غزة
مناقشات لتشكيل لجنة إدارية في غزة تركز جهودها على الإغاثة والإعمار/ رويترز

والإثنين الماضي، هدد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل إذا لم توقف حملتها العسكرية التي استأنفتها على قطاع غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات.

وذكر بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية: "منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي".

ما هي الإجراءات التي اتخذتها بريطانيا تجاه الاحتلال رداً على المجاعة في غزة؟

1- تعليق محادثات التجارة مع تل أبيب

أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الثلاثاء 21 مايو/أيار، تجميد مفاوضات اتفاقية تجارة حرة جديدة مع إسرائيل وهدد بـ"خطوات إضافية"؛ جراء "الوضع المتدهور" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتطرق لامي، في كلمة أمام البرلمان، إلى هجمات إسرائيل المتصاعدة على قطاع غزة.

وقال: "لا يمكننا أن نظل متفرجين على هذا الوضع المتدهور، فهو يتعارض مع المبادئ التي تشكل أسس علاقتنا الثنائية مع إسرائيل، ويُعدّ إهانة لقيم الشعب البريطاني".

وأضاف: "لهذا، أُعلن اليوم أننا علّقنا مفاوضاتنا الجارية مع الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة، فأعمال حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جعلت هذا القرار ضرورياً".

وأضاف لامي: "إذا واصلت إسرائيل هذا الهجوم العسكري كما تهدد، ولم تضمن توفير المساعدات الإنسانية دون عوائق، فسنتخذ خطوات إضافية رداً على ذلك".

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية إنه سيكون هناك آثار اقتصادية خطيرة متوقعة على إسرائيل لا سيما بصناعة التكنولوجيا الفائقة بعد تعليق بريطانيا مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة.

ستارمر
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر / رويترز

2- فرض عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة

وأفادت تقارير أن بريطانيا أعلنت نيتها فرض عقوبات على شخصيات إسرائيلية استيطانية بارزة في الضفة الغربية المحتلة؛ لتورطهم في "أعمال تهديد وعنف" ضد الفلسطينيين أو دعمها والسماح بها".

ومن بين هؤلاء المستوطنين: رئيسة حركة "نَحالَة" دانييلا فايس، وعضو قيادة اتحاد المزارعين إلياف ليبي، وزوهار صباح وهو مالك مزرعة في غور الأردن.

وستطال العقوبات أيضاً بؤرة "مزرعة نيريا" التابعة للمستوطن نيريا بن بازي؛ على خلفية "انتهاكات لحقوق الإنسان".

3- دراسة فرض عقوبات على سموتريتش وبن غفير

تدرس المملكة المتحدة فرض عقوبات على اثنين من وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو، في الوقت الذي تكثف فيه لندن ضغوطها على إسرائيل بسبب العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وغزة.

وتدرس حكومة حزب العمال البريطانية فرض حظر على السفر وتجميد الأصول على وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، حسبما نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مصادر مطلعة.

وتتعلق العقوبات في المقام الأول بالعنف في الضفة الغربية، حيث تقول المملكة المتحدة إن هناك "زيادة كبيرة" في الهجمات التي يشنّها المستوطنون اليهود المتطرفون ضد الفلسطينيين على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.

ورغم عدم اتخاذ قرار نهائي بعد، فإن المناقشة تسلط الضوء على الإحباط المتزايد في بريطانيا إزاء سلوك حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة مع توسيعها لحربها المستمرة منذ 19 شهراً في غزة، وانحدار العلاقات بين المملكة المتحدة وإسرائيل إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات، بحسب فايننشال تايمز.

قتل الأسرى
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير/ رويترز

4- بدء محادثات رسمية بشأن الاعتراف بدولة فلسطين

تعتزم دول غربية بدء محادثات في بريطانيا، الجمعة 23 مايو/أيار، على المستوى الرسمي بشأن إمكانية الاعتراف بدولة فلسطين، حسب صحيفة الغارديان.

وقال دبلوماسي عربي كبير في لندن: "لو سألتني قبل أسبوعين عما إذا كان سيكون هناك اعتراف أوسع بفلسطين من قبل الدول الغربية لقلت لا، ولكنني الآن لست متأكداً من ذلك".

وصرح وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، هذا الأسبوع: "لا يمكننا أن نترك لأطفال غزة إرثاً من العنف والكراهية. لذا، يجب أن يتوقف كل هذا، ولهذا السبب نحن مصممون على الاعتراف بدولة فلسطينية".

وتأتي هذه التطورات قبيل مؤتمر ترعاه الأمم المتحدة في نيويورك ويبدأ في 17 يونيو المقبل وتستضيفه السعودية وفرنسا.

وسيتعين على المسؤولين في المؤتمر مناقشة سياق الاعتراف بدولة فلسطين. ويُطرح سؤالٌ واحد: هل ستكون هناك حاجةٌ لاعترافٍ موازٍ بإسرائيل من قِبَل دولٍ مثل إندونيسيا والسعودية، وهو أمرٌ يُعتبر مستحيلاً في غياب مسارٍ واضحٍ نحو حل الدولتين.

ومن بين القضايا قيد المناقشة ما إذا كان الاعتراف بفلسطين سيكون له آثار على الشركات أو الأفراد الذين يمارسون التجارة في الأراضي المحتلة.

5- تقديم مساعدات إنسانية لغزة بقيمة 5.3 مليون دولار

أعلنت بريطانيا، الأربعاء 21 مايو/أيار، عزمها تقديم "4 ملايين جنيه إسترليني (حوالي 5.3 مليون دولار) من المساعدات الإنسانية" إلى قطاع غزة.

ووصفت وزيرة التنمية الدولية في الخارجية البريطانية جيني تشابمان، في بيان، نقص المساعدات الإنسانية التي تصل إلى الفلسطينيين في غزة بأنه "مروع".

وتابعت: "هناك عدد قليل جداً من شاحنات المساعدات التي يمكنها دخول غزة. وقد حذّرت الأمم المتحدة من أن نحو نصف مليون فلسطيني، بينهم أطفال، يواجهون خطر الجوع".

وقالت تشابمان: "موقف بريطانيا واضح: لا يمكن لإسرائيل أن تضمن أمنها من خلال إطالة أمد معاناة الشعب الفلسطيني".

وأكدت ضرورة وقف النار الفوري في غزة وإطلاق سراح جميع الأسرى وزيادة المساعدات وفتح الطريق المؤدي إلى سلام دائم.

الاحتلال يضم مساحة غير مسبوقة من أراضي الضفة الغربية
منظر عام يظهر بناء مستوطنة رمات جفعات زئيف الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة/ رويترز

ما هي أبرز ردود الفعل على الإجراءات البريطانية؟

قوبلت الخطوات التي اتخذتها حكومة ستارمر بانتقادات من نواب وأكاديميين وحقوقيين بريطانيين بوصفها "رداً محدوداً" من جانب حزب العمال على تصرفات إسرائيل.

وقالت النائبة العمالية الموقوفة، زهرة سلطانة: "الأطفال يتضورون جوعاً. أُبيدت عائلات. دُمرت مستشفيات. ومع ذلك، تدّعي الحكومة في المحكمة أنه لا يوجد دليل على استهداف إسرائيل للمدنيين".

وأضافت: "وزير الخارجية مسؤول شخصياً ويرفض حظر جميع مبيعات الأسلحة لهذه الدولة المُرتكبة للإبادة الجماعية. لذا، مثلي مثل الكثيرين في جميع أنحاء بريطانيا، عليّ أن أسأل وزير الخارجية: كيف تنام في الليل؟"

وتسائل النائب المستقل، شوكت آدم، موجهاً حديثه لوزير الخارجية البريطاني: "يتحدث وزير الخارجية عن تعليق المفاوضات بشأن صفقات تجارية جديدة. ألا يكون التعليق أكثر فعالية في حال تطبيقه على صفقات تجارية قائمة؟"

وقالت كارلا دينير، الرئيسة المشاركة لحزب الخضر، إن "الأمم المتحدة حذّرت من احتمال وفاة 14 ألف رضيع خلال الـ 48 ساعة القادمة. لقد طال انتظار اتخاذ إجراءات ملموسة ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القاتلة".

وناشد النائب عن حزب المحافظين، كيت مالثاوس، وزير الخارجية البريطاني اتخاذ إجراءات أكثر حزماً، قائلاً: "خلال الأشهر القليلة الماضية، جرّبنا الغضب والسخط ولم نصل إلى نتيجة. حاولنا إجبار الوزراء على اتخاذ إجراءات، ولم نصل إلى نتيجة".

دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة – رويترز

وأضاف: "هل يحتاج المسؤولون إلى أن نتوسل من أجل حياة هؤلاء الأطفال الفلسطينيين قبل أن يتخذوا هذا الإجراء الملموس؟"

وطالب زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي في مجلس العموم، ستيفن فلين، بالسماح لأعضاء البرلمان بالتصويت على الاعتراف بدولة فلسطينية وإنهاء جميع مبيعات الأسلحة لإسرائيل.

من جانبه، ورداً على البيان البريطاني المشترك مع فرنسا وكندا، قال تيم بيرلي من منظمة "العدالة العالمية الآن": "يجب أن يكون واضحاً الآن أن الهجوم الإبادي الإسرائيلي على غزة لن ينتهي دون ضغوط خارجية كبيرة"، مضيفاً: "يجب على المملكة المتحدة والدول الأخرى تطبيق العقوبات على إسرائيل بشكل عاجل".

وقال بيرلي: "وبموجب القانون الدولي، فإن المملكة المتحدة ملزمة بمنع الإبادة الجماعية، إلا أنها لم تتخذ أي إجراء ذي معنى لحماية الشعب الفلسطيني. إن العقوبات ستكون متماشية مع نهج المملكة المتحدة تجاه روسيا بعد غزوها لأوكرانيا – وستكون بمثابة رد متناسب على الانتهاكات الإسرائيلية المدمرة".

وبجانب ردود الفعل التي صدرت عن مشرّعين، انتقدت تقارير مواصلة الدعم العسكري البريطاني لتل أبيب.

وأفاد موقع ديكلاسيفايد، نقلاً عن وزارة الدفاع البريطانية، أن سلاح الجو الملكي البريطاني سيواصل إرسال طائرات مراقبة فوق غزة لجمع المعلومات الاستخباراتية لصالح إسرائيل.

وأضاف الموقع البريطاني أنه وبعد حوالي أربع ساعات من إعلان وزير الخارجية لامي بشأن تعليق محادثات التجارة مع إسرائيل، انطلقت طائرة تجسس من قاعدة أكروتيري التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في قبرص وقضت حوالي خمس ساعات في جمع اللقطات فوق غزة.

وفي مايو/أيار 2025، كشفت تقارير أن الشركات البريطانية صدّرت آلاف المعدات العسكرية بما في ذلك الذخائر إلى إسرائيل على الرغم من تعليق الحكومة تراخيص تصدير الأسلحة الرئيسية إلى البلاد في سبتمبر/أيلول الماضي، وفقاً لتحليل جديد لبيانات التجارة البريطانية.

وأثارت البيانات تساؤلات حول ما إذا كانت المملكة المتحدة قد استمرت في بيع مكونات من طائرة F-35 مباشرة إلى إسرائيل في انتهاك لتعهدها ببيعها فقط إلى شركة لوكهيد مارتن الأمريكية كوسيلة لضمان عدم تعطيل سلسلة التوريد العالمية للطائرة المقاتلة، وهو أمر قالت الحكومة إنه ضروري للأمن القومي وحلف الناتو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

فيما اعتبر محللون ومختصون أيضاً أن هناك الكثير من الإجراءات الأكثر جدية التي يمكن لبريطانيا وغيرها من العواصم الغربية أن تتخذها، والتي كان بإمكانها أن تتخذها منذ عدة أشهر.

وقال الكاتب البريطاني جوناثان كوك:"كان بإمكان المملكة المتحدة وأوروبا التوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة اللازمة لذبح الأطفال الفلسطينيين في غزة. في سبتمبر/أيلول الماضي، وعد ستارمر بخفض مبيعات الأسلحة لإسرائيل بنحو 8%، لكن حكومته أرسلت في الأشهر الثلاثة التالية أسلحةً لتسليح إسرائيل في الإبادة الجماعية، أكثر مما أرسله حزب المحافظين طوال الفترة الممتدة بين عامي 2020 و2023″.

وتابع في مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، أن بإمكان بريطانيا التوقف عن نقل أسلحة دول أخرى لتل أبيب وتنفيذ رحلات استطلاعية فوق غزة نيابةً عن إسرائيل. 

وطالب كوك بأن تفرض المملكة المتحدة عقوبات على وزراء في الحكومة الإسرائيلية، وأن تُعلن استعدادها لتنفيذ اعتقال نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وفقًا لمذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، إذا زار بريطانيا. 

تحميل المزيد