مجمعون على الإبادة.. كيف كشفت تصريحات “يائير غولان” وحدة الموقف الإسرائيلي على قتل الفلسطينيين في غزة؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/21 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/21 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
تصريحات يائير غولان بشأن قتل المدنيين في غزة أثارت ضجة في إسرائيل/ عربي بوست

كشفت تصريحات رئيس حزب الديمقراطيين في إسرائيل، يائير غولان، توحّد الائتلاف اليميني والمعارضة الإسرائيلية على قتل الفلسطينيين في قطاع غزة، لكنهم يختلفون حول أولوياتها، فما أن اتهم إسرائيل بقتل الأطفال الفلسطينيين في غزة، حتى فُتحت عليه "أبواب الجحيم" من الجميع.

إذ أثارت تصريحاته موجة من الغضب والانتقادات التي اتهمته بأنه "إرهابي كاذب" و"معادٍ للسامية"، و"داعِم لأعداء إسرائيل". وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليسارية، فإن وسائل الإعلام جميعها اتفقت مع القناة 14 اليمينية المتطرفة على مهاجمة يائير غولان، فلم يجد صحفياً أو معلقاً أو برنامجاً تلفزيونياً يدعمه.

وانعكس الأمر كذلك على النظام السياسي في إسرائيل، حيث واجه يائير غولان إدانات بالإجماع من الحكومة والمعارضة وحتى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ. وهذا يعني أنه لا توجد معارضة حقيقية على شكل الحرب على غزة، كما تذكر الصحيفة.

ماذا قال يائير غولان؟

في مقابلة له على هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، استنكر رئيس حزب الديمقراطيين، يائير غولان، الممارسات التي ترتكبها تل أبيب في قطاع غزة، معتبراً أن "الدولة العاقلة لا تشن حرباً على المدنيين ولا تقتل الأطفال كهواية ولا تنتهج سياسة التهجير".

وزاد غولان بالقول، إن "إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم، مثل جنوب إفريقيا في الماضي، إذا لم تعد وتعمل كبلد عاقل"، محملاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية ما يجري في غزة.

وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية "مليئة بأشخاص لا علاقة لهم باليهودية، أشخاص من أتباع كاهانا، يفتقرون إلى الذكاء والأخلاق والقدرة على إدارة الدولة في أوقات الطوارئ. وجودهم يشكل خطراً على بقائنا".

زعيم حزب الديمقراطيون يائير غولان/ الأناضول
زعيم حزب الديمقراطيون يائير غولان/ الأناضول

ورغم مطالبته بإنهاء الحرب، فإن يائير غولان لم يختلف عن الآخرين بشأن "القضاء على حركة حماس"، معتبراً أن الأولوية هي استعادة الأسرى الإسرائيليين، وأنه "من الممكن تصفية الحساب مع حماس بعد عامين وثلاثة وخمسة وعشرة أعوام".

من هو يائير غولان؟

اللافت أن الانتقادات اللاذعة للحكومة الإسرائيلية جاءت من شخصية لديها خلفية عسكرية، وكاد أن يصبح في السابق رئيساً لأركان الجيش.

وغولان، هو لواء متقاعد في الجيش الإسرائيلي، شغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة، وكاد نتنياهو أن يختاره لرئاسة الأركان عام 2015، لكنه تراجع بسبب موقفه من الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية من المستوطنين.

انتقل يائير غولان إلى عالم السياسة، وأصبح عضواً في الكنيست عن حزب ميرتس من عام 2019 إلى 2022، ونائباً لوزير الاقتصاد والصناعة من عام 2021 إلى 2022.

سعى لتشكيل إطار سياسي مشترك للكتلة اليسارية في إسرائيل، وفي 30 يونيو/حزيران 2024، وقّع على اتفاقية بين أحزاب العمل وميرتس لتأسيس حزب موحد اسمه "الديمقراطيون".

ويعرف يائير غولان نفسه بأنه "يساري صهيوني"، وفيما يتعلق بالسياسة تجاه قطاع غزة، فإنه يؤيد الفصل الكامل، كما يدعم فكرة "حل الدولتين"، ولكن ليس على أساس حدود الـ67، بل على أساس الكتل الاستيطانية، متمسكاً بحق الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، كما يعارض الانسحاب من مرتفعات الجولان.

كيف رد الائتلاف اليميني على تصريحات غولان؟

  • رد نتنياهو على تصريحات يائير غولان معتبراً إياها بأنها "تحريض على جنود الدولة"، مضيفاً: "غولان، الذي يشجع على رفض الخدمة العسكرية، والذي سبق أن قارن إسرائيل بالنازيين وهو يرتدي الزي العسكري، وصل الآن إلى مستوى جديد من الانحدار بادعائه أن إسرائيل تقتل الأطفال كهواية"، حسب تعبيره.
  • كما تابع نتنياهو أن "غولان ورفاقه في اليسار الراديكالي يواصلون تكرار الافتراءات ضد جنودنا ودولتنا، ولا حدود للانحدار الأخلاقي".
  • من جهته، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن كلمات غولان "لا تُغتفر وستكون وقوداً لمعاداة السامية" على حد تعبيره.
  • أما وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فقد دعا إلى طرد غولان من الحياة السياسية، قائلاً إن "تصريح أحد زعماء المعارضة الذي يتهم فيه جنود الجيش بـ"قتل الأطفال في غزة كهواية"، هو افتراء دموي بغيض ضدهم".
  • وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إن "يبدو أن غولان أخذ كتيب رسائل المتحدث باسم حماس وتبناها، وقد كانت هواية غولان الوحيدة دائماً نشر الافتراءات الدموية المعادية للسامية ضد دولة إسرائيل. يائير، اخجل من نفسك".
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش/رويترز
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش/رويترز
  • واتهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش غولان بتشويه سمعة إسرائيل والجيش الإسرائيلي في العالم، مضيفاً أنه "يشارك في مؤامرات الأعداء الدموية لقتلنا".
  • وطالب وزير العدل ياريف ليفين رئيس الأركان بسحب رتبة غولان، الذي تم تسريحه من الجيش الإسرائيلي برتبة لواء.
  • كما هاجمت وزيرة الهجرة والاستيعاب أوفير سوفر، فزعمت أن "الادعاء بأن دولة إسرائيل "تقتل الأطفال كهواية" كذبة شنيعة وإهانة بالغة لأخلاقيات الجيش الإسرائيلي القتالية، وسمعته كدولة إسرائيل".
  • وذهب وزير الاتصالات شلومي كرعي إلى أبعد من ذلك بوصف غولان بـ"الإرهابي"، وزعم بأنه يحاول عرقلة أهداف الحرب.
  • أما وزير التعليم يوآف كيش فقال مخاطباً غولان: "عار عليك، مثل هذه الافتراءات على دولة إسرائيل لا تُسمع إلا من أفواه ألدّ أعدائنا".
  • كما توجه أعضاء كنيست من حزب الليكود إلى النائب العام للمطالبة بفتح تحقيق جنائي ضده بتهمة "التحريض ومساعدة العدو في زمن الحرب".

كيف ردت المعارضة على تصريحات أحد زعمائها؟

  • وانضمت المعارضة الإسرائيلية وزعماؤها إلى مهاجمة يائير غولان على تصريحاته، معتبرين أنها تضر بـ"أمن الدولة".
  • وهاجم زعيم المعارضة يائير لابيد، غولان زاعماً أن "مقاتلي الجيش أبطال يحمون أرواحنا"، معتبراً أن تصريحات زعيم حزب الديمقراطيين "هدية للأعداء".
  • كما أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت تصريحات يائير غولان، معتبراً أن "إسرائيل تخوض حرباً دفاعية صعبة"، زاعماً أن "مقاتلينا يتصرفون وسيواصلون بشجاعة وأخلاق حقيقية وعزيمة لحمايتنا".
زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد/ الأناضول
زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد/ الأناضول
  • ودعا زعيم حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس، غولان إلى التراجع عن تصريحاته والاعتذار لمقاتلي الجيش، واصفاً إياها بـ"المتطرفة والكاذبة"، وتعرض الجنود للخطر أمام القانون الدولي.
  • وكتب زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، قائلاً: "الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقية في العالم، وأي تصريح كاذب ضده يضر بجنودنا وأمن الدولة".

وعقب العاصفة التي أحدثها غولان في إسرائيل، رفض زعيم حزب الديمقراطيين التراجع عن تصريحاته التي اتهم فيها بلاده بـ"قتل الأطفال كهواية"، قائلاً في الوقت ذاته إنه كان يقصد حكومة نتنياهو وليس الجيش.

لماذا أثارت تصريحات غولان غضب الإسرائيليين؟

يقول المحلل السياسي الإسرائيلي شالون يروشالمي، في مقال على موقع "زمن إسرائيل"، إن تصريحات غولان تسببت بأضرار كبيرة، موضحاً أنه "في الوقت الذي تدير الدول الصديقة ظهرها لنا بسبب توسع الحرب وعواقبها، فإن أعداءنا يستغلون كلمات نائب رئيس الأركان السابق".

وتسارعت منظمات جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي إلى شن هجوم على غولان، معتبرة أن تصريحه خطير "وغير مسؤول".

وشددت تلك المنظمات على أن ما ذكره غولان في تصريحاته يضر بالمقاتلين أنفسهم، ويعرض الجنود للخطر في الساحة الدولية، معتبرة أن الأمر خرج عن كونه صداماً سياسياً.

ويقول جنود الاحتياط إن تصريحات غولان تحريض خطير، وتشهير ضد الجنود، يتسبب بضرر في معنويات المقاتلين.

ويقول موقع "ذا تايمز أوف إسرائيل" إنه على الرغم من الاختلافات السياسية، فإن انتقاد الجيش الإسرائيلي ظل لفترة طويلة من المحرمات بين الأحزاب الإسرائيلية.

وتشير صحيفة "هآرتس" إلى أن غولان يُعد أول من طرح خياراً يعتبر إسرائيل دولة غير أخلاقية خرجت عن المسار وترتكب جرائم ضد الإنسانية، وهذا يجعله زعيم المعارضة الوحيد في إسرائيل.

وجاءت تصريحاته في الوقت الذي تنشط فيه منظمات غير حكومية في مختلف دول العالم في ملاحقة الجنود الإسرائيليين المشاركين في الحرب على قطاع غزة.

كما جاءت أيضاً في الوقت الذي تُحاكم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في محكمة العدل الدولية، ويخشى الإسرائيليون من أن تصريحاته تُعد إدانة جديدة في المحاكم الدولية.

أطفال غزة/الأناضول
أطفال غزة/الأناضول

وقال المحامي شلومو ليرنر: "عندما يقدم لواء متقاعد مثل هذه الاتهامات، فإنه يعرض جنود الجيش الإسرائيلي للخطر على الساحة الدولية أيضاً".

وتقول صحيفة "معاريف" إن تصريحات غولان تساهم في تعزيز تفكير الدول التي تسعى إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وتدفع زعماء بريطانيا وكندا وفرنسا إلى اتخاذ قرار بأن إسرائيل يجب أن تُزال من العائلة الأممية.

تحميل المزيد