“إسرائيل المنبوذة”.. استطلاعات الرأي تكشف تزايد كراهية الاحتلال حتى بين الحلفاء بعد الحرب على غزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/10 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/10 الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش
احتجاجات داعمة لفلسطين في لندن - رويترز

أظهرت استطلاعات رأي جديدة في أوروبا وأمريكا تراجعاً في الدعم الغربي لإسرائيل مقارنةً بفترات سابقة، حيث أعرب 38% من الألمان عن وجهة نظر سلبية تجاه دولة الاحتلال في استطلاع جديد نشرت نتائجه الجمعة 9 مايو/أيار 2025.

وبلغت نسبة الألمان الذين أعربوا عن وجهة نظر إيجابية تجاه إسرائيل 36% فقط مقارنة بنسبة بلغت 46% في عام 2021، مما يشير إلى تراجع الدعم الغربي لإسرائيل منذ ذلك الحين.

وكشف الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة بيرتلسمان الألمانية المستقلة قبيل الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أن الشعب الألماني أصبح أكثر انتقاداً لإسرائيل على مر السنين.

وقال ستيفان فوبل، مدير الاستطلاع، إن نتائج الدراسة "مقلقة". وأضاف أن ما يثير القلق بشكل خاص هو "تصاعد المواقف السلبية تجاه إسرائيل بين الشباب، والتي تقترب الآن من معدلات الفئات العمرية الأخرى"."

كيف تراجع دعم إسرائيل دولياً بعد الحرب على غزة؟

ومنذ أن شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات غربية بارزة عن ارتفاع وجهات النظر الداعمة لفلسطين في مقابل انخفاض التأييد الدولي لإسرائيل التي تواجه اتهامات في المحاكم الدولية بارتكاب إبادة جماعية في القطاع المحاصر.

وكان للارتفاع الكبير في أعداد الضحايا المدنيين في غزة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل، والذي خلف حوالي 160 ألفاً ما بين قتيل وجريح فلسطيني، دور بارز في تصاعد مشاعر الكراهية ضد تل أبيب وحربها على القطاع.

وطالب المشاركون في استطلاعات الرأي حكومات بلادهم بوقف الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل وكبح جماح حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة.

ما هي أبرز استطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع الدعم الدولي لإسرائيل؟

أولاً: تعاطف الأمريكيين مع الإسرائيليين يتراجع إلى أدنى مستوياته منذ 25 عاماً

تراجع دعم الأمريكيين لإسرائيل إلى أدنى مستوياته منذ 25 عاماً، بينما ارتفع التعاطف الأمريكي مع الفلسطينيين إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، بحسب استطلاع رأي أجراه معهد غالوب مؤخراً.

وأظهر الاستطلاع الذي أجري في مارس/أذار 2025 ارتفاع نسبة الأمريكيين الذين أعربوا عن تعاطفهم مع الفلسطينيين بمقدار 6 نقاط مئوية عن العام الماضي إلى 33%، وهي أعلى نسبة على الإطلاق لهذا المقياس.

وأعرب 46% فقط من الأمريكيين عن دعمهم لإسرائيل (وهو أدنى مستوى منذ 25 عاماً من المتابعة السنوية التي أجرها معهد غالوب).

وشهد الاستطلاع نتائج متباينة وفقاً لما إذا كان الشخص الذي يحمل وجهة النظر ديمقراطياً أم جمهورياً.

وأظهر الاستطلاع أن الجمهوريين أكثر ميلاً من الديمقراطيين إلى رؤية إسرائيل بشكل إيجابي (83% مقابل 33% على التوالي)، في حين ينظر الديمقراطيون إلى الأراضي الفلسطينية بشكل أكثر إيجابية من الجمهوريين (45% مقابل 18%).

غزة
مدينة غزة / رويترز

ودعم الجمهوريون والمستقلون الإسرائيليين باستمرار منذ عام 2001، على الرغم من أن دعم المستقلين للإسرائيليين أصبح الآن عند أدنى مستوياته في استطلاعات الشؤون العالمية بنقطة واحدة. 

ولسنوات، كان حل الدولتين فكرةً محوريةً في محادثات السلام، وقد أجرت مؤسسة غالوب استطلاعاتٍ لآراء الأمريكيين حول هذا الموضوع منذ عام 1999.

ومنذ ذلك الحين، أيد عدد أكبر من الأمريكيين إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة مقارنةً بمعارضيها، ولا يزال هذا الوضع مستمراً حتى اليوم. وحالياً، يؤيد 55% إقامة الدولة، بينما يعارضها 31%، بينما لا يملك 14% رأياً واضحاً.

ثانياً: ثلثا الأمريكيين لا يثقون في رئيس الوزراء الإسرائيلي

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث في مارس/آذار الماضي أيضاً أن 53% من الأمريكيين أعربوا عن رأي سلبي تجاه إسرائيل، وهو ما يمثل زيادة قدرها 11 نقطة مئوية منذ المرة الأخيرة التي أُجري فيها الاستطلاع في عام 2022.

ووفقاً للاستطلاع، لا تزال ثقة الأمريكيين برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو منخفضة نسبياً (32%).

وأُجري الاستطلاع في الفترة من 24 إلى 30 مارس/آذار، أي قبيل زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن، على عينة تمثيلية وطنية شملت 3605 بالغين أمريكيين.

مركبات جدعون في غزة
جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول

ثالثاً: غالبية أوروبية تطالب بتعليق اتفاقية التجارة مع إسرائيل

وأظهر استطلاع للرأي نشرته مؤسسة إيكو لمراقبة الشركات في الفترة من 5 إلى 10 يونيو/حزيران 2024 أن أكثر من 60% من الأوروبيين يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يعلق التجارة الحرة مع إسرائيل التي تتيحها اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

وأظهر الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة يوجوف دعماً شعبياً واسع النطاق للفكرة في جميع البلدان التي شملها الاستطلاع.

وحتى في المجر، الحليف الأوروبي الأقوى لإسرائيل، لم يعارض تعليق التجارة مع إسرائيل سوى 39% من المشاركين. وكانت النسبة أقل في فرنسا (29%)، وهولندا (27%)، وبلجيكا (23%).

وفي نفس الفترة، كشف استطلاع رأي أجراه معهد يوجوف في مايو/أيار 2024 أن أغلبية الألمان لا يوافقون على الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة لأنه أودى بحياة العديد من المدنيين.

وأعرب ما يصل إلى 51% من الألمان عن دعمهم لفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على إسرائيل بسبب هجومها العسكري على رفح، حيث لجأ 1.4 مليون مدني فلسطيني. وفي المقابل، عارض 26% فقط من الألمان مثل هذه الخطوة ضد الحكومة الإسرائيلية.

وأجرى الاستطلاع معهد يوجوف في الفترة من 31 مايو/أيار إلى 5 يونيو/حزيران 2024 على عينة ممثلة على المستوى الوطني تضم 2295 شخصاً.

قضايانا بين المثقّف والمؤثّر
من مظاهرات في أسبانيا لدعم غزة – الأناضول

رابعاً: مواطنو دول أوروبية يطالبون بوقف الدعم العسكري لإسرائيل

وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوجوف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد والدنمارك والمملكة المتحدة أن الرأي الأكثر شيوعاً في كل بلد ــ بنسبة بلغت 43% في ألمانيا، و46% في فرنسا، و47% في المملكة المتحدة، و57% في إيطاليا، إلى نسبة مرتفعة بلغت 65% في إسبانيا ــ هو أن الهجمات الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لم تكن مبررة.

وقالت أغلبية مماثلة، وإن كانت أكبر قليلاً ــ 47% في الدنمارك إلى 49% في ألمانيا، و50% في فرنسا والمملكة المتحدة، و68% في إسبانيا، وهي واحدة من الدول الأعضاء الأكثر تأييداً للفلسطينيين في الاتحاد الأوروبي باستمرار ــ إن هجمات إسرائيل على لبنان كانت غير مبررة أيضاً.

وعندما سُئل المشاركون في الاستطلاع عما إذا كان ينبغي لأوروبا والولايات المتحدة أن تبذلا المزيد من الجهود لمساعدة إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية أو كبح جماح حكومة بنيامين نتنياهو عن القيام بعمل عسكري، اختارت أغلبية تتراوح بين 22% (فرنسا) و36% (إسبانيا) الخيار الأخير.

ماذا يعني تحول الرأي العام الدولي تجاه إسرائيل؟

وبينما لم تُفضِ هذه التحولات في الرأي العام إلى تغيير كبير في السياسات الدولية تجاه إسرائيل وخاصة على الصعيد الأمريكي، حيث لا يزال معظم السياسيين المنتخبين حريصين على إبراز أهمية التحالف القوي مع إسرائيل، يعتقد البعض أن تحولاً مستداماً وطويل الأمد في الرأي العام قد يؤدي في النهاية إلى تراجع الدعم الفعلي لإسرائيل، مع ضعف العلاقات الدبلوماسية وتقليص المساعدات العسكرية.

ويشعر البعض داخل إسرائيل بهذه المشكلة بشكل حاد، وفق تقرير لموقع بي بي سي البريطاني.

فقبل بضعة أشهر من السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حذّر الجنرال الإسرائيلي السابق ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، تامير هايمان، من تصدعات في العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة، ويعود ذلك جزئياً إلى ما وصفه بتباطؤ ابتعاد اليهود الأمريكيين عن الصهيونية."

تحميل المزيد