من ينتصر في سباق القاذفات الشبحية: B-21 الأمريكية أم H-20 الصينية أم PAK DA الروسية؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/06 الساعة 14:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/06 الساعة 14:02 بتوقيت غرينتش
تعتبر القاذفة B-21 قاذفة قنابل ثقيلة، وهي قيد التطوير من قبل شركة "نورثروب غرومان"/ B-21 Raider Northrop Grumman

في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة وسباق التسلح المستمر، تتنافس القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، الصين، وروسيا، لتطوير قاذفات قنابل شبحية استراتيجية جديدة تُعيد تشكيل ميزان القوى العالمي. وتهدف هذه القاذفات إلى تجاوز الدفاعات الجوية المتقدمة، وتنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى، وتوفير ردع نووي موثوق. 

وخلال السنوات الأخيرة، عادت قاذفات القنابل الشبحية إلى الواجهة كأدوات استراتيجية حاسمة في ميزان الردع النووي والهجوم بعيد المدى بين المؤسسات العسكرية في واشنطن وبكين وموسكو. وتسعى هذه القوى إلى تطوير جيل جديد من هذه القاذفات، يتميز بقدرات تخفٍ متقدمة، مدى أطول، وحمولة أكبر، مما يعكس تحولاً في العقيدة العسكرية نحو التركيز على التفوق الجوي والضربات الاستراتيجية الدقيقة.

وفي هذا التقرير، نُسلط الضوء على ثلاث قاذفات شبحية قيد التطوير وذات قدرات غير مسبوقة، وهي B-21 Raider الأمريكية، H-20 الصينية، وPAK DA الروسية، مع تحليل مفصل لقدراتها العسكرية وتوجهاتها الاستراتيجية، حيث من المتوقع أن يُحدث نشر هذه الطائرات تأثيراً كبيراً على موازين القوى والاعتبارات الاستراتيجية خلال العقود المقبلة.

ما الأهمية الاستراتيجية لقاذفات القنابل الاستراتيجية؟

  • تعد القاذفات الاستراتيجية طائرات حربية متوسطة إلى طويلة المدى، مصممة لإسقاط كميات كبيرة من الأسلحة جو-أرض على هدف بعيد لأغراض إضعاف قدرة العدو على شن الحرب. وعلى عكس القاذفات التكتيكية والقاذفات الخارقة والقاذفات المقاتلة والطائرات الهجومية، والتي تُستخدم في مهاجمة المقاتلين الأعداء والمعدات العسكرية، فإن القاذفات الاستراتيجية مصممة للطيران إلى أراضي العدو لتدمير الأهداف الاستراتيجية (مثل البنية التحتية والخدمات اللوجستية والمنشآت العسكرية والمصانع وما إلى ذلك). بالإضافة إلى القصف الاستراتيجي، يمكن استخدام القاذفات الاستراتيجية في المهام التكتيكية.
  • تُعتبر الولايات المتحدة وروسيا والصين اليوم الدول الوحيدة في العالم التي تُشغّل نوعاً مُحدداً من قاذفات القنابل بشكل لا يضاهى في ترسانة أي دولة أخرى. وهذا النوع من الطائرات (القاذفات الاستراتيجية) موجود منذ الحرب العالمية الثانية، التي شنّت خلالها قوات الحلفاء ودول المحور حملات قصف استراتيجي واسعة النطاق.
  • وتمثل قاذفات القنابل الاستراتيجية أهمية بالغة في العقيدة العسكرية الحديثة، إذ تُعد أدوات حيوية للردع النووي، وإسقاط القوة، وتنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى. تُسهم هذه الطائرات في تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية للدول، وتُشكّل عنصرًا أساسيًا في التوازنات الجيوسياسية العالمية.
  • وتُعتبر القاذفات الاستراتيجية أحد أركان "الثالوث النووي"، إلى جانب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والغواصات النووية. تُوفر هذه القاذفات مرونة في النشر والقدرة على استدعائها، مما يُتيح خيارات متعددة للردع والتصعيد. كما تُساهم في تعزيز القدرة على تنفيذ ضربة ثانية في حال تعرضت الدولة لهجوم نووي، مما يُعزز من حاجة الدول إلى الردع النووي. 
  • كما تُستخدم القاذفات الاستراتيجية كأداة لإظهار القوة العسكرية والتأثير السياسي. على سبيل المثال، قامت الولايات المتحدة بنشر قاذفات B-52 في المملكة المتحدة كإشارة ردع لروسيا خلال فبراير/شباط 2025، كما نشرت واشنطن في الشرق الأوسط قاذفات أخرى عدة مرات بين عامي 2024-2025 وسط حملة قصف على اليمن وتصاعد للتوتر مع إيران، وهو ما يُبرز قدرة هذه الطائرات على التأثير في الديناميكيات الإقليمية. 
  • تتميز القاذفات الاستراتيجية بقدرتها على تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف عالية القيمة في عمق أراضي العدو، مما يُقلل من الحاجة إلى عمليات برية موسعة. على سبيل المثال، قامت قاذفات من طراز B-1 وB-2 بتدمير أكثر من 100 هدف في ليبيا خلال 24 ساعة عام 2011 خلال الإطاحة بنظام القذافي.
  • وتُتيح القاذفات الحديثة مثل B-2 Spirit وB-21 Raider الأمريكيتين قدرات تخفي متقدمة، مما يُمكنها من اختراق أنظمة الدفاع الجوي المتطورة. كما تُوفر هذه الطائرات مرونة في تحميل أنواع متعددة من الذخائر، بما في ذلك الأسلحة النووية والتقليدية، وهو ما يُعزز من قدراتها التشغيلية في مختلف السيناريوهات. كما تُسهم القاذفات الاستراتيجية في تشكيل العقيدة العسكرية للدول، حيث تُعتبر أدوات ردع فعالة تُقلل من احتمالية اندلاع النزاعات. كما تُؤثر في التوازنات الدولية من خلال تعزيز قدرات الردع والرد.

أمريكا وروسيا والصين.. مقارنة بين الجيل الجديد من قاذفات القنابل الاستراتيجية

بينما يواصل سلاح الجو الأمريكي إحراز تقدم في برنامج قاذفة الشبح بي-21 من الجيل الجديد، تعمل الصين وروسيا على نشر قاذفاتها الشبحية الخاصة التي تُضاهيها. وقد كشفت كل من موسكو وبكين عن أهدافهما لتطوير طائرتي PAK DA (الروسية) وH-20 Xian(الصينية) على التوالي. ووفقاً لوسائل الإعلام الروسية الحكومية، فإن "باك دا"، من تصميم شركة "توبوليف" الروسية، تقترب من مرحلة الإنتاج، فيما من المتوقع أن تدخل H-20 الخدمة في أواخر العقد الحالي مما سيعزز من قدرات الصين في مجال الردع النووي والضربات الاستراتيجية خلال سنوات قليلة.

1- قاذفة القنابل B-21 Raider: الجيل القادم من القاذفات الأمريكية

  • الشركة المصنعة: شركة نورثروب غرومان.
  • لمحة عامة: تُعد B-21 Raider أحدث قاذفة شبحية تطورها الولايات المتحدة، وهي مصممة لتحل محل قاذفات B-1 وB-2 وقد تصل قيمة الطائرة الواحدة منها 700 مليون دولار. تم الكشف عنها لأول مرة في ديسمبر 2022، وأجرت أول رحلة تجريبية في نوفمبر 2023. وتتميز B-21 بتقنيات شبحية متقدمة وقدرة على تنفيذ ضربات نووية وتقليدية.
  • القدرات والتقنيات: تتميزB-21 بقدرات تخف عالية، ومصممة بشكل "جناح طائر" مع مقطع عرضي راداري منخفض، مما يُصعّب اكتشافها بواسطة الرادارات الحديثة. كما تم تطويرها باستخدام تقنيات رقمية متقدمة، مما يُسهّل صيانتها وتحديثها مستقبلاً. وتركز B-21 Raider على دمج تقنيات متقدمة ومبادئ الحرب الشبكية، مستفيدة من خبرة الولايات المتحدة الطويلة في تطوير طائرات التخفي.
بي-21 رايدر، سلاح الجو الأمريكي. – الصورة: سلاح الجو الأمريكي.
  • التسليح: القاذفة B-21 قادرة على حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة النووية والتقليدية، مع إمكانية تنفيذ ضربات دقيقة في عمق أراضي العدو. وبحسب البنتاغون، فإن الطائرة "بي-21" قادرة على حمل الحمولات التقليدية والنووية على مسافات "لا مثيل لها". كما أنها مصممة لتنفيذ مهام طويلة المدى دون الحاجة للتزود بالوقود، مع قدرة على العمل في بيئات معادية.
  • التوجه الاستراتيجي: تُعتبر القاذفة B-21 جزءًا أساسياً من استراتيجية الردع النووي الأمريكية، مع تركيز خاص على منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة التهديدات المتزايدة من الصين. وتُخطط القوات الجوية الأمريكية لاقتناء ما لا يقل عن 100 طائرة من هذا الطراز.

2- قاذفة القنابل H-20 Xian: أول قاذفة شبحية استراتيجية صينية

  • الشركة المصنعة: شركة شيان لصناعة الطائرات.
  • لمحة عامة: تُعد H-20 Xian أول قاذفة شبحية استراتيجية تطورها الصين، وهي تمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز قدرات الصين في مجال الضربات بعيدة المدى. تم الكشف عن مشروع H-20 في عام 2016، مع تأكيدات في عام 2018 على تحقيق تقدم كبير في التطوير. ويسمي الصينيون H-20 Xian "إله الحرب في السماء"، وهي تشبه في الشكل والمظهر قاذفة "بي-2" الأمريكية. 
  • القدرات والتسليح: بحسب تقارير صينية وأمريكية، تمتلك القاذفة H-20 تقنيات متطورة، ونصف قطر قتالي من شأنه أن يعرض القواعد الأمريكية في هاواي وأستراليا للخطر. ويصل مدى هذه القاذفة H-20 إلى 8500 كيلومتر دون الحاجة إلى التزود بالوقود. وفي يوليو/حزيران 2022، أفادت صحيفة جلوبال تايمز الصينية عن رحلة تجريبية للطائرة الاستراتيجية Xian H-20، حيث يتم تجهيز القاذفة H-20 بصواريخ نووية وتقليدية بوزن إقلاع لا يقل عن 200 طن، وحمولة تصل إلى 45 طناً؛ ما يمنح الصين ثالوثاً كاملاً من الغواصات والصواريخ البالستية والقاذفات ذات القدرة النووية. 
  • التوجه الاستراتيجي: تُشير التقارير إلى أن H-20 ستُعزز قدرة الصين على تنفيذ ضربات استراتيجية بعيدة المدى، مما يُغير من ميزان القوى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. تهدف الصين من خلالها إلى تعزيز قدرتها على الردع والقدرة الهجومية في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها.
رسم توضيحي لقاذفة الشبح H-20 الصينية – (مصدر الصورة: Social Network)

3- قاذفة القنابل PAK DA: القاذفة الشبحية الروسية المنتظرة 

  • الشركة المصنعة: مكتب تصميم توبوليف.
  • لمحة عامة: تُعد القاذفة الروسية PAK DA (المعروفة أيضاً باسم "Poslannik") قاذفة شبحية استراتيجية تطورها روسيا لتكون بديلاً للقاذفات القديمة مثل Tu-95. بدأ برنامج PAK DA في أواخر التسعينيات ومطلع الألفينات، مع توقعات بدخولها الخدمة بحلول عام 2027. 
  • ووفقاً لبعض التقارير، صُممت قاذفة الشبح القادمة لتعتمد بشكل كبير على قاذفة تو-160 الأسرع من الصوت. ومع ذلك، تؤكد تصريحات أحدث صادرة عن مسؤولين في الكرملين أن القاذفة ذات تصميم جديد كلياً. ووفقاً لهاريسون كاس، الطيار السابق في سلاح الجو الأمريكي وخبير الأمن القومي، خلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أن التقدم الذي أحرزته روسيا في تطوير قاذفة الشبح PAK-DA يفوق جهود الصين في تطوير قاذفة Xian H-20. 
  • التقنيات والتصميم: يعتمد تصميم PAK-DA على جناح الطائرة الموحد لتقليل البصمة الرادارية مما يعزز قدراته في التخفي.  ويصل مدى هذه القاذفة بحسب تقارير إلى 12,000 كيلومتر، مع قدرة على البقاء في الجو لمدة تصل إلى 30 ساعة. وهيتعمل بسرعة دون سرعة الصوت، مما يتيح لها تنفيذ مهام طويلة المدى بكفاءة. 
  • التسليح: فيما يتعلق بالتسليح فهي قادرة على حمل ما يصل إلى 30 طناً من الأسلحة النووية والتقليدية، بما في ذلك صواريخ كروز فرط صوتية مثل Kh-95. ووفقًا لتقريرٍ لوكالة تاس من العام الماضي، "من المتوقع أن تحمل باك دا صواريخ كروز خفية من طراز Kh-102 ذات الرؤوس النووية، وعددًا من التصاميم الأحدث التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، بما في ذلك مشتقات من صواريخ Kh-47M2".
  • التوجه الاستراتيجي: تُعتبر PAK DA جزءًا من استراتيجية الردع النووي الروسية، مع تركيز على تعزيز القدرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى ضد أهداف استراتيجية. وتهدف موسكو بها استبدال طائرات Tu-95 وTu-160 حيث تُخطط روسيا لاقتناء عدد محدود منها.
تحميل المزيد