إسرائيل تُعلن دعمها للهند ضد باكستان.. هل تسعى تل أبيب إلى تدخل عسكري يُحوّل كشمير إلى غزة جديدة؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/02 الساعة 11:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/02 الساعة 11:33 بتوقيت غرينتش

تطور خطير وغير معهود في سياسات إسرائيل الخارجية تمثل بإعلان دعمها للهند في توتر علاقاتها الجاري مع باكستان، وتصاعد الموقف بينهما عقب تفجير إقليم كشمير، وسط خشية عالمية من انزلاقه لمواجهة عسكرية، مع أنه ليس سرّاً أن إسرائيل متورّطة في كثير من الصراعات المسلحة حول العالم، بل وتقوم بتغذيتها بالسلاح والوسائل القتالية.

لكن في الوقت ذاته، تفرض رقابة صارمة عليه، وتمنع نشر أي معلومات خاصة بهذا السياق، إلا أن سلوكها في هذه الحالة مع الهند مدعاة للتوقف، ومعرفة أسباب اتخاذها لموقف علني، بينما اتخذت غالبية دول العالم مواقف متوازنة، داعية لكبح جماح التوتر، وعدم تصعيد الميدان عسكرياً.

مفردات تحريضية ومزاعم عن علاقة حماس بجيش محمد الكشميري

بدأ التدخل الإسرائيلي في الأزمة المتصاعدة بين الهند وباكستان باتصال مفاجئ من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع نظيره الهندي ناريندرا مودي، للإعراب عن تعازيه بقتلى ما وصفه بـ"الهجوم الإرهابي الإسلامي"، مؤكداً له الوقوف جنباً إلى جنب في ما أسماها "المعركة الحرجة" ضد ما اعتبره "الإرهاب القاتل".

بل إن السفير الإسرائيلي في نيودلهي رؤوفين آزار استغل تفجير كشمير لربطه بالمقاومة الفلسطينية، معتبراً الحرب التي تخوضها الهند ضد تنظيم "جيش محمد" امتداداً للحرب الإسرائيلية ضد حماس.

وزعم أن عدداً من كوادر الحركة زاروا مؤخراً إقليم كشمير، مشبّهاً هجوم "باهالغام" بهجوم السابع من أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة، بل إنه أشاد بخطوات نيودلهي تجاه باكستان، خاصة تعليق معاهدة مياه نهر السند.

اللافت أننا أمام انحياز سياسي مكشوف من إسرائيل تجاه الهند، أكثر من كونها خطابات تعزية وتضامن، مما تُرجم بصدور دعوات من يمينيين هنود ومقدمي برامج حوارية على التلفزيونات الرسمية للانتقام من الكشميريين على غرار ما نفذته إسرائيل ضد غزة في حرب الإبادة.

في المقابل، دفع نشطاء كشميريون لتحذير الهند من اتباع هذه الإبادة، التي باتت نموذجاً يُحتذى به لكل محتل فاشي في العالم.

فيما أعلن التلفزيون الباكستاني الرسمي أن الموساد الإسرائيلي يقف وراء تفجيرات كشمير، عبر وجود ضباط له في الهند لتنسيق مؤامرة على باكستان، واتهام إسرائيل بالتسبب بالتصعيد الجاري لصرف نظر العالم عن حرب الإبادة التي يشنها على غزة.

وأعلنت باكستان، في سنوات سابقة، أن الدول التي تدعم الهند في نزاعها بشأن كشمير تقع في مرمى صواريخها، لأنها معادية، وعليها الاستعداد لذلك. وقد توقفت إسرائيل عند هذا التهديد في حينه، لأن الهند تستخدم أسلحتها ضد باكستان، مما دفع العديد من وسائل الإعلام الهندية والباكستانية لعدم الاستخفاف بهذا التهديد.

هذا الانحياز الصريح للهند يعيدنا إلى بدايات العدوان الإسرائيلي على غزة، حين ظهر لافتاً صدور إدانة هندية رسمية لهجوم حماس في السابع من أكتوبر، من رئيس الوزراء ناريندرا مودي ووزير خارجيته سوبراهمانيام جيشانكار.

وشكلت صياغة الإدانة، وسرعتها، دليلاً على التغيرات الجارية في علاقات تل أبيب ونيودلهي، ولم يقتصر الأمر على الإدانة الخطية فقط، بل إن نيودلهي تصدت للمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين بين جمهورها، ودافعت عن الاحتلال في المحافل الدولية، وزودت جيشه بأسلحة كبيرة، ودعمته علناً في حرب الإبادة ضد غزة.

مؤشرات التورط الإسرائيلي في المواجهة

ليست المرة الأولى التي تظهر فيها جملة مؤشرات متزايدة بشأن دور إسرائيلي في إذكاء الصراع الهندي الباكستاني حول كشمير، بل وتصعيده، في ظل علاقاتها المتنامية مع نيودلهي، بل إن الدعم العسكري الإسرائيلي للهند بدأ منذ عام 1971، وقبل إقامة علاقاتهما الرسمية، عندما خاضت الأخيرة حرباً مع باكستان نتج عنها إنشاء بنغلاديش.

وفي 1999 ظهرت إسرائيل كإحدى الدول القليلة التي ساعدت الهند في نزاع "كارجيل" مع باكستان، وأمدّتها بالصواريخ الموجهة بالليزر وطائرات تجسس دون طيار.

تتوفر العديد من المعطيات التي "تكشف المستور" في الدعم الإسرائيلي للهند ضد باكستان، أهمها:

  • الادعاء بأن الهند وإسرائيل تخوضان حروباً متماثلة ضد الجماعات المسلحة، ولديهما صراعات مع دول تحوز أسلحة غير تقليدية، فالأولى تواجه باكستان النووية وإقليم كشمير والحركات المسلحة، والثانية تسعى لإحباط تطلعات إيران النووية، وتواجه حماس وحزب الله.
  • السلاح الإسرائيلي الذي يلعب دوراً مفصلياً في التوتر القائم بين القوتين النوويتين؛ فالهند شريك أساسي لإسرائيل في التعاون العسكري، وتعتبر أكبر مستورد لسلاحها بنسبة 49% من مجمل صادراتها العسكرية، بقيمة زادت عن عشرين مليار دولار.
  • تزايد التقارير التي تتحدث أن قصف الهند للمواقع الباكستانية في جميع المحطات تمّ بصواريخ "سبايس" الإسرائيلية، فيما تولّت منظومة "سبايدر" الإسرائيلية حماية أجوائها من التجسس الباكستاني.
  • المشاركة الإسرائيلية الفاعلة في تصميم العقيدة الأمنية العسكرية الهندية ضد باكستان، خاصة استنساخ "عقيدة الضاحية" التي تنفذها في الأراضي الفلسطينية ودول أخرى، حتى أن مذيعاً في التلفزيون الهندي سأل ذات مرة: هل ترد الهند على الهجمات المعادية بالطريقة الإسرائيلية؟
  • المصلحة الإسرائيلية في زيادة الوجود العسكري الهندي في بحر العرب والبحر الأحمر، لمواجهة الساحات التي تهددها إيران، وتكثيف تعاونهما لضمان حرية الملاحة في المنطقة.

شراكة استراتيجية وتبادل معلومات استخبارية

يكتسب التورط الإسرائيلي في الانحياز للهند ضد باكستان في جميع مراحل مواجهاتهما المسلحة جذوراً راسخة في ظل شراكتهما الاستراتيجية التي ترسخت منذ تطبيع علاقاتهما في 1992، وأخذت قطاعات أوسع في ضوء ما تعتبرانه "التهديدات المشتركة والقواسم الثنائية" التي تجمعهما في عديد المجالات، لا سيما الأمنية والعسكرية، التي تعود لأواخر الستينيات.

حيث تتشاركان بتبادل المعلومات الأمنية، حتى تحوّلتا مع مرور الوقت لشريكتين حليفتين ضد باكستان والحركات الإسلامية، اعتقاداً من الهند بأن تطوير علاقاتها مع إسرائيل جزء من تسهيل موافقة واشنطن على منحها القروض المالية، والإسهام في تحسين علاقاتها معها.

ولأن للهند سفارة في تل أبيب، فإن للأخيرة سفارة في نيودلهي، وقنصليتين في مومباي وبنغالور، وهذه دلالة لافتة على تزايد الاهتمام الإسرائيلي بالدولة التي ستكون الأكبر في العالم في 2050، وسيتجاوز عدد سكانها الصين بأكثر من ربع مليار نسمة، وسادس أكبر اقتصاد، وستصل إلى المركز الثالث في 2048، مما جعلها قبلة لزيارات القادة الإسرائيليين.

آخرها قام بها نتنياهو، وسبقه أريئيل شارون والرئيسان السابقان رؤوفين ريفلين وشمعون بيريس، ووزيرا الحرب السابقان موشيه يعلون وبيني غانتس، بينما حظيت إسرائيل بزيارات هندية أهمها ناريندرا مودي رئيس الحكومة، والرئيس براناب مخرجي، ووزيرة الخارجية سوشما سواراج.

على الصعيد الأمني والعسكري، كشفت العديد من التقارير الإسرائيلية أن تل أبيب ونيودلهي تُبرمان بصورة دائمة صفقات سلاح مشتركة وصناعات عسكرية، وتبادلاً للمعلومات الأمنية، ومراقبة تحويل الأموال للمنظمات المسلحة، والتعرف على طرق التجنيد المتبعة لديها، وتدريب عناصرها.

كما يشمل تعاونهما الثنائي توريد كميات كبيرة من السلاح الإسرائيلي والوسائل التكنولوجية ذات الاستخدامات العسكرية، بينها الطائرات المُسيّرة بدون طيار، وأدوات رؤية ليلية، وجدران إلكترونية لتحسين الرقابة على الحدود الهندية، فضلاً عن الذخيرة والصواريخ والمضادات الجوية والأرضية.

الصفقات الأمنية والعسكرية

تُعدّ الهند أكبر مشترٍ للمعدات العسكرية الإسرائيلية بنسبة 49% من مجمل وارداتها، بقيمة 15 مليار دولار، أما إسرائيل فهي ثالث أكبر مورّد تسليحي للهند بعد روسيا والولايات المتحدة، مما يجعلهما شريكين أساسيين في التعاون العسكري.

وشهد ارتفاع مبيعاتهما من الأسلحة بنسبة 175%، مع مساهمة إسرائيلية فاعلة في تحديث الجيش الهندي، من خلال إمداده بكميات كبيرة من السلاح والذخيرة والصواريخ والمضادات الجوية والأرضية، بجانب المناورات العسكرية المشتركة.

وقد باعت الصناعات الجوية الإسرائيلية الصفقة الأكبر في تاريخها بملياري دولار لإمداد الهند بنظام دفاع جوي صاروخي، بعد شراء صواريخ "سبايك" بـ500 مليون دولار، و131 صاروخ أرض-جو بـ70 مليون دولار، وكلها بهدف حماية الأجواء الهندية من أي تهديدات من الجوّ والبحر والبرّ، كما شاركتا في المناورة الجوية "العلم الأزرق" في سماء النقب قبل أعوام.

المشاريع الاقتصادية والأعمال التجارية

تُسارع الهند وإسرائيل خطاهما لتنمية شراكتهما الاقتصادية والتجارية، مما يجعلهما تتبادلان الفائدة في مجالات الهايتك والتكنولوجيا، وظهر ذلك جلياً إبان اصطحاب نتنياهو لمائة من رجال الأعمال ورؤساء الشركات خلال زيارته للهند.

وكان ذلك بغرض زيادة حجم تبادلهما التجاري من أربعة إلى عشرة مليارات دولار سنوياً، عبر تنويع وتوسيع العلاقات التجارية، التي شملت توفير خط طيران مباشر لطيرانهما، وحصول قفزة بنسبة 22% من حركة الطيران المتبادل، وبلوغ عدد مسافريها حد الذروة بما يقدّر بـ158 ألفاً.

تُقدّر العلاقات التجارية بين الهند وإسرائيل بخمسة مليارات دولار، معظمها في الماس والسلاح، مما يجعل إسرائيل الشريك التجاري الـ39 للهند، التي تعتبر ثالث أكبر شريك تجاري آسيوي لإسرائيل، وعاشر أكبر شريك تجاري لها بشكل عام.

وتتركز في التكنولوجيا المالية، والإنترنت، والسيارات الكهربائية، وتحلية المياه، والأدوات التحليلية للمختبرات، والتعلم الآلي، وإدارة البيانات، وخطط لتعظيم الإمكانات التجارية، وقد أنشأتا صندوق ابتكار بـ40 مليون دولار لتمويل 11 مشروعاً في الصناعة والبحوث التكنولوجية والمياه والزراعة والطاقة والصحة والمعلومات.

ويعمل 30 مركزاً تقنياً مشتركاً بينهما، حيث تعمل شركاتهما الثنائية على تنويع المحاصيل، والطاقة الشمسية، والإنتاجية، واستخدام المياه، وتوفّر إسرائيل التدريب لملايين المزارعين الهنود بأحدث التقنيات الزراعية.

مع العلم أن اتفاقيات التطبيع بنت جسراً جديداً بين الهند وإسرائيل، نتج عنه منتدى I2U2 لجمع الشراكة بين: المعرفة الإسرائيلية، ورأس المال الإماراتي، وسوق الهند الضخم.

العداء الإسرائيلي لباكستان بسبب حيازتها السلاح النووي

لا تُخفي إسرائيل تشاركها مع الهند في عدائها لباكستان، لكن أسبابها الخاصة تتركز في حيازة الأخيرة للسلاح النووي، الذي يكسر احتكار الاحتلال الإسرائيلي له.

وقد شهدت السنوات القليلة التي سبقت إعلان العلاقات الدبلوماسية الهندية الإسرائيلية تطوراً لافتاً تمثّل في اجتماع ضابطين إسرائيليين مع نظرائهم الهنود في نيودلهي لتبادل المعلومات والتقييمات بشأن المشروع النووي الباكستاني.

وبعد عام، زار رئيس جهاز الاستخبارات الهندية تل أبيب برفقة خبير نووي كبير، وتناولت الزيارة إقامة علاقات استخباراتية مشتركة، وافتتاح مكتب تمثيلي لجهاز الموساد في الهند، مما أثار مخاوف باكستان من هجوم هندي إسرائيلي مشترك، آنذاك، على منشآتها النووية في "كاهوتا" غير البعيدة عن حدود كشمير.

كما زعمت المحافل الإسرائيلية وجود جهود كبيرة للعالم الباكستاني عبد القدير خان، "أبو القنبلة النووية الإسلامية"، في بناء المفاعل النووي الليبي السابق، وإنشاء نواة للمفاعل النووي في سوريا، الذي دمّرته إسرائيل في 2007.

وهي جهود تمت في غفلة من أجهزتها الاستخبارية، معتبرة أن "كلمة السرّ" في المشاريع النووية في المنطقة هي باكستان، صحيح أن آخر مشروعين تم تدميرهما، لكن نشوءهما في مراحلهما المبكرة شكّل مصدر إخفاق إسرائيلي يصعب إخفاؤه تجاه إسلام آباد.

وفي السنوات الأخيرة، اتهمت تل أبيب إسلام آباد بالانخراط في مساعدة السعودية لحيازة سلاح نووي، وليس من قبيل الصدفة، وفق المزاعم الإسرائيلية، أن ولي العهد محمد بن سلمان يحرص على زيارتها بشكل متكرر، وفي أولى زياراته لها عام 2016، أعلنتا عن اتفاقية تعاون عسكري شامل.

أوجه الشبه بين الاحتلال الهندي لكشمير، والإسرائيلي لفلسطين

لا ترتبط الهند وإسرائيل بتجارة الأسلحة فقط، على أهميتها، بل إن كليهما يتبع نهجاً قمعياً للمسلمين، الكشميريين والفلسطينيين، ويسعيان لتوثيق تحالفهما، مما يجعل أسباب تقاربهما أعمق بكثير من احتياجاتهما العسكرية الفورية للدولتين العنيفتين.

من حيث التوظيف السافر للعقيدتين اليهودية والهندوسية كوسيلة لتبرير كراهية المسلمين في باكستان وفلسطين، واتباع سياسة التطهير العرقي ضدهما، ولعل أخطر أوجه التشابه التاريخي، السياسي، والأيديولوجي، أن المفهوم القومي الهندوسي مستوحى من الصهيونية!

وفي جميع مراحل النزاع المتجدد بين الهند وباكستان بشأن كشمير، ربطته إسرائيل بالنزاع القائم في الضفة الغربية المحتلة، وفيما أعلنت الهند إلغاء الحكم الذاتي للإقليم، فإنه يشبه نواياها بإعلان ضمّ أجزاء من الضفة.

مما يُفسّر التوجهات اليمينية للحكومتين اليمينيتين معاً، ومفادها أن الوضع القائم في كشمير والضفة يعمل لصالحهما، وبات احتلالهما يشتركان في الخصائص المتشابهة، فهما يطبّقان سياسة تطهير عرقي ضد سكانهما الأصليين، وتقومان بدعاية مماثلة لإخفاء حقيقة كونهما احتلالين يسرقان الأرض ويقتلان أهلها.

وقد اعترف وزير الدفاع الهندي الأسبق شاراد باوار بوجود تعاون أمني مع إسرائيل لمكافحة "الإرهاب"، بما فيه تبادل المعلومات حول الجماعات المسلحة، وخبراتهما العملياتية، واستراتيجياتهما وأساليبهما وتكتيكاتهما في الغزو والسيطرة.

وقد ظهر لافتاً أن وزير الخارجية الإسرائيلي السابق إيلي كوهين أطلع مودي، خلال زيارته نيودلهي، على أنشطة أجهزة أمن الاحتلال ضد المقاومين الفلسطينيين، وناقشا أهمية مكافحة العمليات التي تهدد المستوطنين.

اللافت أن الاحتلال الهندي لكشمير، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، حدثا في العام نفسه 1948، مما أنشأ حالة من التضامن بين الشعبين الكشميري والفلسطيني منذ خمسينيات وستينيات القرن العشرين، فيما استفادت الهند وإسرائيل من خبراتهما الاستيطانية في تعميم القوانين العنصرية، التي سمحت لهما بمصادرة الأراضي المملوكة للكشميريين والفلسطينيين.

أكثر من ذلك، فحين اندلعت انتفاضة الحجارة ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1987، فقد تزامنت مع انطلاق الانتفاضة المسلحة في كشمير ضد الاحتلال الهندي، وبعد إقامة علاقتهما الرسمية عام 1992، انتهجتا مفردات سياسية متطابقة، بتأكيدهما على قضايا "الأمن، والحرب ضد الإرهاب، والتهديد الذي تشكله الحركات الإسلامية".

ومع مرور الوقت، باتت السياسة الهندية في كشمير نسخة من نظيرتها الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنها إنشاء مستوطنات مخصصة للهندوس فقط، على غرار الاستيطان اليهودي، كوسيلة لإحداث تغييرات ديموغرافية، بما يشمله من قوانين الإقامة العنصرية الهادفة لتغيير التركيبة الديموغرافية لصالح الهندوس على حساب الكشميريين.

من الواضح أن هذه التغييرات الهندية في كشمير مستوحاة من نموذج الاستيطان الإسرائيلي، بل إن الصهاينة والهندوس يتشاركون معاً في أن وجود العديد من الدول الإسلامية في العالم يخلق الحاجة لإقامة دولتين هندوسية ويهودية.

وبالتالي، فإن الفلسطينيين والمسلمين الهنود يمكنهم العيش في أماكن أخرى، خارج حدودهما، لكنهم اختاروا العيش في فلسطين والهند فقط من أجل استفزاز اليهود والهندوس!

في الوقت نفسه، فإن مجموعة من السياسات القمعية التي تستخدمها الهند للسيطرة على الكشميريين تتطابق مع نظيرتها الإسرائيلية في فلسطين، وتشمل: الاعتقالات التعسفية، الإعدامات خارج نطاق القضاء، الاختفاء القسري، حظر التجول، العقوبات الجماعية، الاعتقالات الإدارية، الاعتداء الجنسي، قمع حرية التعبير والتجمع، هدم المنازل، وغيرها.

حتى أن فلسطين أصبحت استعارة مُلهِمة بين الكشميريين لوصف معاناتهم، مما يعكس خوفهم العميق من التطهير العرقي، ومصادرة الأراضي، وهندسة الاحتلال المشددة باستمرار من قبل الهند، وبات الفلسطينيون والكشميريون معاً يعتقدون بأن إسرائيل والهند دولتان قمعيتان متشابهتان متواطئتان في الممارسات القمعية.

وقد ألغت الهند المادتين 35أ و370 من الدستور لتمهيد الطريق لوجودها في كشمير، وتغيير التركيبة السكانية من خلال السماح للهنود بشراء العقارات والاستقرار فيه، تماماً كما يفعل الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية.

وأصبحت النشاطات الاستعمارية في كشمير وفلسطين مترابطة، فما تفعله إسرائيل في فلسطين تكرره الهند في كشمير، والعكس صحيح. وبعد أن ضمّت الهند كشمير المحتلة بالكامل، اقترح دبلوماسي هندي رفيع المستوى أن تحذو الهند حذو "النموذج الإسرائيلي" في الإقليم، في إشارة لمستوطنات الضفة والقدس المحتلتين.

تحميل المزيد