“اللقاء الأكثر فشلاً”.. كيف قرأ الإعلام الإسرائيلي نتائج لقاء نتنياهو بترامب؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/04/08 الساعة 12:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/04/08 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض/رويترز

"الزيارة التي تحطمت على أرض الواقع"، هكذا وصفت صحيفة معاريف العبرية رحلة بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى الولايات المتحدة ولقاءه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي كان يأمل من خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي إحراز تقدم في عدة ملفات داخلية وخارجية.

وشملت تلك الملفات الرسوم الجمركية، والملف النووي الإيراني، والحرب على غزة، فضلاً عن صراع النفوذ مع تركيا في سوريا.

وأضافت صحيفة معاريف: "نتنياهو، الذي كان يأمل في أن يتمكّن عبر زيارته الخاطفة من حلّ العديد من القضايا دفعة واحدة، وتسجيل المزيد من النقاط قبل العودة إلى الواقع الإسرائيلي المعقّد، ينهي أسبوعه في الخارج بحدث محرج ترك وراءه الكثير من علامات الاستفهام والقليل من الإجابات".

فيما جاء عنوان التقرير الذي نشره موقع والا العبري تعليقاً على زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة كالتالي: "نتنياهو يعود من البيت الأبيض خالي الوفاض، وفي جعبته مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

ووصف الموقع العبري اللقاء بأنه ربما كان الأكثر فشلاً على الإطلاق بين نتنياهو وترامب.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن زيارة نتنياهو إلى واشنطن انتهت فجأة وبسرعة مثيرة للريبة إلى حدّ ما.

وجاءت زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض في الوقت الذي استأنفت فيه تل أبيب الحرب على غزة بعد رفضها المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وبعد عدة أيام من إعلان ترامب فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ومن بينهم تل أبيب.

كيف كانت نتائج زيارة نتنياهو لواشنطن؟

برزت ملامح فشل زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض في ثلاثة ملفات بشكل واضح نستعرضها فيما يلي:

أولاً: الرسوم الجمركية

بينما سعى نتنياهو خلال زيارته إلى الحصول على إعفاء أمريكي من الرسوم الجمركية، أو تخفيضها على الأقل، رفض ترامب في المؤتمر الصحفي المشترك معه الالتزام بإلغاء الرسوم الجمركية بنسبة 17% التي فرضها على المنتجات الإسرائيلية.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان سيتراجع عن القرار، قال ترامب: "نحن نتحدث عن تجارة جديدة تماماً. ربما لا".

وكانت إسرائيل تأمل في تجنّب المرسوم الواسع الذي أصدره ترامب الأسبوع الماضي بفرض رسوم على الواردات العالمية، ولكنها فُرضت عليها رسوم بنسبة 17%، رغم قيامها بإلغاء جميع الرسوم المتبقية على الواردات الأمريكية في محاولة أخيرة للإعفاء من القرار.

وقال ترامب، فيما كان نتنياهو إلى جانبه يستمع إلى الانتقادات المبطنة: "لا تنسوا، نحن نساعد إسرائيل كثيراً. نحن نمنح إسرائيل 4 مليارات دولار سنوياً، وهذا رقم كبير".

واعتبرت وسائل إعلام عبرية أن التقييمات الأولية والإحاطات الصحفية التي قدّمها مسؤولون إسرائيليون، والذين تحدثوا عن نصر سريع، وأن نتنياهو سيحصل من ترامب، إن لم يكن على إلغاء كامل للرسوم الجمركية، فخفضها بشكل كبير على الأقل، قد انهارت على أرض الواقع.

وعلى الرغم من صغر حجم سوق إسرائيل للمنتجات الأمريكية، تُعدّ الولايات المتحدة شريكاً تجارياً رئيسياً لإسرائيل، وقد استوردت في عام 2024 بضائع إسرائيلية بأكثر من 13.5 مليار دولار. ويتعلق جزء كبير من هذه التجارة بخدمات التكنولوجيا المتقدمة، التي لا تتأثر مباشرةً بالرسوم الجمركية، ولكن قد تتأثر صناعات إسرائيلية رئيسية، وفق تقرير لوكالة أسوشيتد برس.

مدينة
مدينة "تل أبيب" العاصمة الاقتصادية لدولة الاحتلال/ أرشيفية (رويترز)

ووفقاً لتحليل نُشر الأحد الماضي من قبل رابطة المصنعين في إسرائيل وقدّم إلى نتنياهو، فإن الصادرات الإسرائيلية ستتكبد خسائر سنوية بقيمة 2.3 مليار دولار إذا استمرت الرسوم عند مستوى 17%، كما قد يفقد ما بين 18 ألفاً و26 ألف إسرائيلي وظائفهم.

وحذّرت الرابطة أيضاً من أنه في حال قرر ترامب توسيع نطاق الرسوم لتشمل صناعات الأدوية والرقائق الإلكترونية – التي لم تطلها الرسوم بعد – فإن الأضرار التي ستلحق بالصادرات الإسرائيلية قد تصل إلى 3 مليارات دولار سنوياً.

وأضافت الرابطة أن القطاعات المتوقع أن تتضرر بشدة تشمل التكنولوجيا العالية، بما في ذلك التكنولوجيا الحيوية، البلاستيك، المعادن، الكيماويات والوقود، الروبوتات، والمكونات الإلكترونية.

وقال رئيس رابطة المصنعين، الدكتور رون تومر، في رسالة إلى نتنياهو إن الضرر الناجم عن الرسوم "من المتوقع أن تكون له تداعيات كبيرة على القدرة التنافسية للاقتصاد ككل، وعلى قدرة جذب الاستثمارات، وعلى تفوقنا التكنولوجي، وغيرها".

ثانياً: الملف الإيراني

وربما كان العنصر الأكثر مفاجأة لرئيس الوزراء الإسرائيلي خلال لقائه بترامب في البيت الأبيض هو إعلان الرئيس الأمريكي عن إجراء مباحثات "مباشرة" مع إيران السبت المقبل في سلطنة عُمان.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن إعلان ترامب إجراء محادثات مباشرة مع إيران "بالتأكيد هو آخر شيء أراد نتنياهو حدوثه في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض". 

وأضافت القناة 12 أن إجراء هذه المحادثات كان السبب الرئيسي لما وصفته بـ "استدعاء بنيامين نتنياهو بشكل عاجل إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس دونالد ترامب".

وكان موقع أكسيوس الأمريكي قد نقل عن مسؤول إسرائيلي كبير قبل أيام من زيارة نتنياهو إلى واشنطن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعتقد أن فرص التوصل إلى اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران منخفضة للغاية، ويريد التوصل إلى تفاهم مع ترامب بشأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية مع فشل الجهود الدبلوماسية.

ومع ذلك، قال ترامب إن بلاده بدأت "محادثات مباشرة" مع إيران بشأن برنامجها النووي، وأن "التوصل إلى اتفاق مع إيران يُعد خياراً مفضلاً للجميع".

وتابع: "نجري محادثات مباشرة مع إيران، وقد بدأت وستستمر يوم السبت. لدينا اجتماع مهم للغاية، وسنرى ما يمكن أن يحدث. وأعتقد أن الجميع متفق على أن التوصل إلى اتفاق سيكون أفضل".

فيما أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية على تطبيق تلغرام، الثلاثاء، بأن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، التي ستُعقد في 12 أبريل/نيسان المقبل في سلطنة عُمان، سيقودها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.

وقال نتنياهو، الذي أبدى القليل من الدعم لعقد مفاوضات بين واشنطن وطهران، إنه إذا كانت الدبلوماسية قادرة على منع طهران من امتلاك أسلحة نووية "بشكل كامل، كما حدث في ليبيا، فإنني أعتقد أن هذا سيكون أمراً جيداً".

ورأت صحيفة هآرتس العبرية أن إعلان ترامب عن إجراء مباحثات مع إيران يمثل تراجعاً من جانب الرئيس الأمريكي عن موقفه في ولايته الأولى، عندما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران تحت ضغط من نتنياهو.

ووفقاً لصحيفة معاريف الإسرائيلية، فإن نتنياهو يدرك أنه إذا لم تنتهِ الحرب الحالية على غزة بصورة "النصر" أو إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، فإنه قد يجد نفسه أمام طريق ثالث، وهو إيران.

ويُجري جيش الاحتلال الإسرائيلي استعدادات مسبقة لسيناريوهات الرد الإيراني، كما يُعد جهاز الاستخبارات لسيناريوهات "الحزمة الواحدة"، أي هجوم مشترك ومنسق على عدة جبهات، بحسب صحيفة معاريف.

وبالنسبة إلى نتنياهو، فقد يتم تفسير الهجوم على إيران ليس فقط باعتباره رداً استراتيجياً، بل باعتباره الفصل الأخير من الرواية التي اختلقها لنفسه: "الرجل الذي أوقف البرنامج النووي الإيراني".

ثالثاً: تركيا

وخلال اللقاء مع ترامب، أعرب نتنياهو أيضاً عن قلقه الكبير إزاء النشاط التركي في سوريا، وطلب من الرئيس الأمريكي الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال موقع والا العبري إن نتنياهو فشل أيضاً في تحقيق أي اختراق في هذا الملف مع الرئيس الأمريكي، الذي أكد على أهمية الدور التركي في سوريا، واصفاً الرئيس أردوغان بأنه "رجل قوي وذكي للغاية".

وأوضح ترامب أنه يتمتع بعلاقات جيدة جداً مع أردوغان، مشدداً على أهمية دور تركيا في سوريا.

وقال: "لدي علاقات جيدة جداً مع رجل يُدعى أردوغان. أعلم أن الصحافة غاضبة مني لهذا السبب، لكنني أحبه، وهو يحبني أيضاً، وليست هناك أي مشاكل بيننا".

وأضاف: "أردوغان رجل قوي وذكي للغاية، فعل شيئاً لا يمكن لأحد أن يفعله (في سوريا)، ويجب الإقرار بذلك".

ورداً على تصريحات نتنياهو بوجود مشاكل مع تركيا في سوريا، قال ترامب مخاطباً نتنياهو: "أعتقد أنه يمكنني حل كل مشكلة لديك مع تركيا بخصوص سوريا. ما دام تصرفتم بعقلانية، يجب أن تكون أنت ونحن معقولين في هذا الشأن".

وعلّق موقع تايمز أوف إسرائيل على موقف ترامب من الرئيس التركي بقوله: "بطريقة ما، نجح أردوغان… في كسب ودّ ترامب، ولا يبدو أن نتنياهو يملك الكثير ليفعله لتغيير ذلك".

ورغم أن الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، لم تهدد إسرائيل بأي شكل، تشنّ تل أبيب، بوتيرة شبه يومية منذ أشهر، غارات جوية على سوريا، ما أدى إلى مقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.

يأتي ذلك بينما أشارت تقارير إلى أن نتنياهو مارس ضغوطاً على وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لمنع بيع طائرات إف-35 إلى تركيا، مشيراً إلى مخاوف بشأن نفوذ أنقرة المتزايد في سوريا.

ونقل موقع ميدل إيست آي البريطاني عن مصادر غربية أن نتنياهو أثار قضية طائرات إف-35 خلال مكالمات متعددة مع روبيو في مارس/آذار الماضي وأبريل/نيسان الجاري.

تحميل المزيد