يبدو أن صاروخ KD-21 الباليستي الصيني، السلاح الذي ظل غامضاً خلال العامين الماضيين ويُنظر إليه كجزء من ترسانة الصين البحرية سريعة التطور، قد دخل الخدمة الفعلية. حيث ظهر الصاروخ الفرط صوتي مؤخراً في تدريبات تحاكي حصاراً لجزيرة لتايوان التي تطالب بها الصين، مما يؤكد دوره المحتمل في إستراتيجية الردع البحري، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة.
ويُعدّ صاروخ KD-21 الأحدث في سلسلة الصواريخ الباليستية الصينية التي يخشاها خصوم الصين وعلى رأسهم الأمريكيين. ويعتبر هذا الصاروخ من الأسلحة المضادة للسفن، بل يعرف لدى الأمريكيين بأنه "من الأسلحة المخصصة لاستهداف حاملات الطائرات"، كما يمكن استخدامه ضد أنواع عديدة من السفن الحربية، إلى جانب مجموعة أخرى من الصواريخ الخاصة بالبحرية الصينية.
الصين تدخل رسمياً صاروخ KD-21 الباليستي الجوّي إلى الخدمة
بعد فترة من التكهنات والتسريبات، أكدت مصادر رسمية صينية في مطلع إبريل/نيسان 2025 دخول الصاروخ الباليستي الجوّي الجديد KD-21 (المعروف أيضاً باسم YJ-21) إلى الخدمة الفعلية ضمن سلاح الجو التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني (PLAAF).
الصاروخ KD-21 الذي ظهر سابقاً في مقاطع فيديو غير رسمية وشارك لأول مرة علنًا في معرض تشوهاي الجوي عام 2022، تم رصده مؤخراً وهو محمول على قاذفة H-6K تابعة للفرقة العاشرة للقاذفات، ما يؤكد بدء استخدامه في العمليات القتالية بحسب تقديرات غربية.
That's interesting: AFAIR it is the first time confirmed, to see the KD-21 ALBM being carried by an operational bomber.
— @Rupprecht_A (@RupprechtDeino) April 1, 2025
Here a H-6K assigned to the 10th Bomber division carries two KD-21s during the ongoing exercise.
(Images via @太湖军I名 from Weibo) pic.twitter.com/EszNyGrPd9
والتقطت المشاهد المصورة للصاروخ الفرط صوتي خلال مناورات عسكرية واسعة شاركت فيها القوات الجوية والبحرية والبرية الصينية، وشملت محاكاة لفرض حصار كامل على جزيرة تايوان، في خطوة تصعيدية لافتة ضمن استراتيجية بكين العسكرية في المنطقة.
وبشكل أساسي، يبدو أن صاروخ KD-21 يعد مصمماً للاستخدام في مسارح عمليات قريبة، تشمل اليابان، كوريا الجنوبية، الفلبين، وتايوان. ويعكس دخوله الخدمة تركيز بكين على تطوير قدراتها لضرب أهداف استراتيجية في نطاقها الإقليمي، وتعزيز قدرتها على فرض سيطرتها في محيطها البحري.
المواصفات الفنية لصاروخ KD-21 الباليستي الصيني
على الرغم من أن العديد من تفاصيل الصاروخ لا تزال سرية، إلا أن مصادر مختلفة تتحدث عن المواصفات التالية:
- سرعة انطلاق الصاروخ 6 ماخ، وسرعة النهائية 10 ماخ.
- الطول: حوالي 8.3 متر.
- رأس حربي باليستي.
- منصة الإطلاق البحرية: مدمرة من النوع 055.
- منصة الإطلاق الجوية: قاذفة شيان H-6K.

KD-21.. الصاروخ المخصص لمواجهة حاملات الطائرات
- تقول مجلة Inside Over يُرجّح أن يكون الهدف الأساسي لصاروخ KD-21 هو ضرب حاملات الطائرات الأميركية ومجموعاتها القتالية، بما ينسجم مع العقيدة العسكرية الصينية "منع الوصول/ منع التمركز في المنطقة" (A2/AD). وهذه الاستراتيجية تعتمد على منظومة من الأسلحة، من ضمنها صواريخ كروز وصواريخ باليستية أرضية مضادة للسفن، مثل DF-21D وDF-26، المعروفة بقدرتها على استهداف القطع البحرية المتحركة، خاصة مع تزويدها برؤوس مناورة دقيقة التوجيه.
- تشير بعض التحليلات إلى أن الصاروخ KD-21 يشبه الصاروخ الروسي الفرط صوتي "Kh-47M2 كينجال" المستخدم على مقاتلات MiG-31K. وعلى غرار "كينجال"، يُعتقد أن الصاروخ الصيني KD-21 قد يكون نسخة مشتقة من صاروخ بحري مضاد للسفن، وهو CM-401، المعروف بإمكانية إطلاقه من البر أو البحر، وقدرته على ضرب أهداف بحرية وبرية بسرعة تصل إلى ما بين ماخ 4 وماخ 6 في المرحلة النهائية.
- كما هو الحال مع جميع الصواريخ الباليستية المحمولة جواً في الصين، يهدف هذا الصاروخ بشكل رئيسي إلى استهداف السفن، وتم تصميمه خصيصاً لضرب الأسلحة الهجومية المحمولة على حاملات الطائرات الأمريكية، وبالتحديد النواة المركزية لتلك المجموعات، أي حاملات الطائرات نفسها.
- ويشمل ترسانة الصواريخ الصينية حالياً صاروخين هما "دي إف-21 دي" و"دي إف-26″، وهما صاروخان باليستيان، الأول متوسط المدى والآخر بعيد المدى، وكلاهما يمكن أن يُستخدم في مهام هجومية ضد السفن. ويُطلق على الصاروخ الأول تحديداً اسم "قاتل حاملات الطائرات"، نظراً لاعتقاد الخبراء بأنه مزود برأس حربي قابل للمناورة خلال مرحلة دخول الصاروخ إلى الغلاف الجوي، إلى جانب نظام توجيه نهائي متطور.
صاروخ فرط صوتي يصعب اعتراضه ويمنح الصين أفضلية تكتيكية في محيطها
- يقول موقع "The War Zone" الأمريكي إن الصاروخ الصيني KD-21 يمكنه الوصول إلى سرعات فرط صوتية عالية، ما يجعل اعتراضه صعباً من قبل أنظمة الدفاع الجوي، خصوصاً إذا استُخدم ضمن هجوم كثيف يضم صواريخ كروز وصواريخ باليستية أخرى. كما أن إطلاقه من مسافة آمنة بعيداً عن مناطق الدفاع الجوي المعادية يمنحه قدرة هجومية استراتيجية أكبر.
- لكن تظل نقطة الضعف في أن هذه الصواريخ تُحمل على قاذفات H-6، وهي نسخة صينية قديمة من الطائرة السوفيتية "تو-16″، ما يجعلها عرضة لاحتمال الاستهداف من قِبل المقاتلات الحديثة المزودة بصواريخ بعيدة المدى.

- وفي حال اندلاع صراع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فإن صواريخ الباليستية التي تطلق من الجو مثل KD-21 ستكون أحد عناصر استراتيجية الردع الصينية المتعددة الطبقات، والتي تشمل أيضاً طائرات بدون طيار وصواريخ كروز وأنظمة دفاع جوي متكاملة.
- ويمنح القرب الجغرافي من تايوان وجنوب بحر الصين أفضلية تكتيكية للصين، حيث يمكن لطائراتها العمل تحت مظلة حماية جوية قوية. أما مدى KD-21، والذي قد يزيد عن 290 كيلومتراً عند إطلاقه من الجو، فلا يجعله مؤهلاً لضرب أهداف بعيدة مثل غوام أو هاواي أو ألاسكا، حيث تظل تلك المهام من اختصاص القوة الصاروخية الصينية.
- وفي أماكن أخرى من مسرح العمليات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يمكن استخدام صاروخ KD-21 لضرب منشآت العدو الحيوية على طول سلسلة الجزر الأولى وأبعد من ذلك في المحيط الهادئ.
"أسلحة تُغير قواعد اللعبة"
- يقول تقرير عرض على الكونغرس الأمريكي في آب/أغسطس 2024 حول تحديث البحرية الصينية وتداعيات ذلك على قدرات البحرية الأمريكية، إن إلى جانب الكشف عن صاروخ KD-21 أو (YJ-21) نشرت الصين نوعين من الصواريخ الباليستية الأرضية القادرة على ضرب السفن وحاملات الطائرات في البحر على مسافات ممتدة مثل الصاروخ DF-21D ، وهو صاروخ باليستي مضاد للسفن متحرك على الطرق بمدى يزيد عن 1500 كيلومتر.

- وهناك أيضاً الصاروخ وDF-26 الباليستي متوسط المدى متعدد الأدوار، يتحرك على الطرق، ويبلغ مداه الأقصى ما بين 3000 إلى 4000 كيلومتر. وتقول وزارة الدفاع الأميركية إن هذا الصاروخ "مصمم لتبادل الرؤوس الحربية التقليدية والنووية بسرعة، وهو قادر على تنفيذ هجمات برية دقيقة وضربات مضادة للسفن في غرب المحيط الهادئ، والمحيط الهندي، وبحر الصين الجنوبي من البر الرئيسي للصين".
- وأعرب الجنرالات الأمريكيون عن مخاوفهم الشديدة بشأن هذه الصواريخ الباليستية المضادة للسفن الصينية، لأنها إلى جانب أنظمة المراقبة والاستهداف البحرية واسعة النطاق، ستسمح للصين بمهاجمة حاملات الطائرات، أو سفن البحرية الأمريكية الأخرى، أو سفن القوات البحرية الحليفة أو الشريكة العاملة في غرب المحيط الهادئ بسهولة.
- ويقول تقرير الكونغرس، إن البحرية الأمريكية لم تواجه مسبقاً تهديداً من صواريخ باليستية عالية الدقة قادرة على إصابة السفن المتحركة في البحر مثل هذه الصواريخ الصينية. لهذا السبب، وصف بعض المراقبين الأمريكيين الصواريخ الباليستية المضادة للسفن التي تملكها الصين بأنها "سلاح يُغير قواعد اللعبة".