قال البيت الأبيض، الإثنين 24 مارس/آذار 2025، إن مسؤولين كباراً في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشفوا خطأ عن خطط الحرب في مجموعة تراسل تضمنت صحفياً قبل وقت وجيز من هجوم الولايات المتحدة على الحوثيين، وذلك بعدما نشرت مجلة ذي أتلانتيك تقريراً عن المسألة.
وسرعان ما انتقد المشرّعون الديمقراطيون هذا الخطأ، قائلين إنه خرق للأمن القومي الأمريكي وانتهاك للقانون يجب أن يحقق الكونغرس فيه.
ويشنّ ترامب حملة من الضربات العسكرية واسعة النطاق على الحوثيين في اليمن منذ 15 مارس/آذار، بسبب هجمات الجماعة اليمنية على السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها في البحر الأحمر دعماً لغزة وفلسطين.
ماذا حدث؟
ذكرت مجلة ذي أتلانتيك، الإثنين 24 مارس/آذار، أن مسؤولين كباراً في إدارة ترامب، منهم نائب الرئيس جيه. دي فانس ووزير الدفاع بيت هيجسيث، أدرجوا عن طريق الخطأ صحفياً في مجموعة تراسل تناقش الضربات ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.
وقال جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة ذي أتلانتيك، في تقرير صدر الإثنين، إنه دُعي سهواً في 13 مارس/آذار 2025 إلى مجموعة دردشة مشفّرة على تطبيق "سيغنال" للمراسلة تُسمّى "مجموعة الحوثيين الصغيرة". وفي هذه المجموعة، كلّف مستشار الأمن القومي مايك والتز نائبه أليكس وونغ بتشكيل "فريق النمر" لتنسيق التحرك الأمريكي ضد الحوثيين.
وقال غولدبرغ إن هيجسيث نشر قبل ساعات من بدء تلك الهجمات تفاصيل عملياتية عن الخطة "ما في ذلك معلومات عن الأهداف والأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة وتسلسل الهجوم"، رافضاً الكشف عن تفاصيل ما وصفه بالاستخدام "المتهور بشكل صادم" لتطبيق الدردشة "سيغنال" لتنسيق الضربة.
وأحالت وزارة الدفاع الأمريكية طلباً من وكالة رويترز للتعليق على الأمر إلى مجلس الأمن القومي. وقال المتحدث باسم المجلس برايان هيوز إن مجموعة الدردشة تبدو حقيقية.
وقال هيوز: "في الوقت الحالي، يبدو أن سلسلة الرسائل التي ذكرها التقرير صحيحة، ونراجع كيفية إضافة رقم غير مقصود إلى المجموعة. توضّح هذه المجموعة التنسيق السياسي العميق والمدروس بين كبار المسؤولين. ويظهر النجاح المستمر لعملية الحوثيين عدم وجود أي تهديدات لأفراد جيشنا أو أمننا القومي".
American war planning usually takes place in highly secure facilities. But the Trump administration planned its strikes on the Houthis using a group chat—and accidentally included The Atlantic's editor in chief, @JeffreyGoldberg. https://t.co/MC5tzh084a
— The Atlantic (@TheAtlantic) March 25, 2025
وكان جو كينت، مرشح ترامب لمنصب مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، على ما يبدو في مجموعة تطبيق سيغنال على الرغم من عدم تأكيد مجلس الشيوخ تعيينه بعد.
ما هو موقف ترامب من التسريبات؟
قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض إنه ليس على علم بالواقعة. وأضاف: "لا أعرف أي شيء عن ذلك. أنا لست من كبار المعجبين بمجلة ذي أتلانتيك. وكان غولدبرغ قد أثار غضب ترامب خلال فترة ولايته الأولى، عندما ذكرت المجلة عام 2020 أنه استخفّ سراً بأفراد الخدمة العسكرية الأمريكية الذين لقوا حتفهم في زمن الحرب.
وقال مسؤول في البيت الأبيض في وقت لاحق إن التحقيق جارٍ في الأمر، وتم تقديم إحاطة لترامب بشأنه.
فيما نفى هيجسيث نشر خطط الحرب في مجموعة التراسل.
وقال للصحفيين أثناء زيارة رسمية إلى هاواي، الإثنين: "لم يرسل أحد خطط حرب عبر رسائل نصية، وهذا كل ما أستطيع قوله في هذا الشأن".
وردّ غولدبرغ على نفي هيجسيث قائلاً خلال مقابلة على شبكة سي إن إن في وقت متأخر من مساء الإثنين: "لا، هذا كذب. كان يكتب خطط الحرب في الرسائل".
كما أشارت تقارير أمريكية إلى أن الكشف المذهل أشعل نقاشاً حاداً داخل البيت الأبيض حول احتمال إجبار مستشار الأمن القومي والتز على تقديم استقالته.
وحذّر مسؤولون في البيت الأبيض من أن ترامب سوف يتخذ القرار في نهاية المطاف خلال اليوم أو اليومين المقبلين.
وقال مسؤول كبير في الإدارة لمجلة بوليتيكو إنهم منخرطون في محادثات نصية متعددة مع موظفين آخرين في الإدارة حول ما يجب فعله مع والتز.

ما هو ردّ فعل الديمقراطيين؟
أعرب المشرّعون الديمقراطيون عن استيائهم من الواقعة، وطالب النائب بيني جي. تومسون (من ولاية ميسيسيبي) بإجراء تحقيقٍ من قِبَل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
ووصف السيناتور جاك ريد، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، الإهمال بشأن تسريبات سيغنال بأنه صادم وخطير.
وقال ريد في بيان: "إذا صحّت هذه القصة، فإنها تُمثّل أحد أفظع إخفاقات الأمن العملياتي والمنطق السليم التي رأيتها على الإطلاق".
وأضاف: "يجب التعامل مع العمليات العسكرية بأقصى درجات الحذر، باستخدام قنوات اتصال معتمدة وآمنة، لأن أرواح الأمريكيين في خطر".
وقال تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ: "هذا أحد أكثر الخروق الصادمة للمعلومات العسكرية التي قرأت عنها منذ فترة طويلة للغاية"، مضيفاً أنه سيطلب من زعيم الأغلبية في المجلس جون ثون التحقيق.
ما هو أبرز ما تضمنته الرسائل النصية؟
1- رفض نائب الرئيس قصف الحوثيين
- بدا نائب الرئيس جيه دي فانس متردداً في المضي قدماً في حملة القصف ضد الحوثيين.
- وذكرت مجلة ذي أتلانتيك أن الشخص الذي يظهر في المحادثة باسم فانس أثار مخاوف بشأن توقيت الضربات، وقال إن هناك أسباباً قوية تجعلهم يؤجلونها لمدة شهر.
- وكتب: "لست متأكداً من أن الرئيس يدرك مدى تناقض هذا مع توجهه بشأن أوروبا حالياً. هناك خطر آخر يتمثل في أن نشهد ارتفاعاً يتراوح بين متوسط إلى حاد في أسعار النفط"، لكنه عبّر عن استعداده لدعم أي إجماع في المجموعة.
2- الموقف من الحلفاء في أوروبا
- وبحسب لقطات للمحادثة التي ذكرها تقرير مجلة ذي أتلانتيك، ناقش المسؤولون في المجموعة ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة تنفيذ الضربات، وفي مرحلة ما من النقاش بدا أن نائب الرئيس فانس يتساءل عمّا إذا كان حلفاء واشنطن الأوروبيون، الأكثر تأثراً باضطرابات الشحن في المنطقة، يستحقون المساعدة الأمريكية.
- وكتب فانس: "إننا نرتكب خطأ" بقصف الحوثيين، لأن أوروبا تعتمد على التجارة عبر البحر الأحمر أكثر من الولايات المتحدة.
- وقال: "يمر 3% من التجارة الأمريكية عبر قناة السويس، و40% من التجارة الأوروبية تمر عبرها. هناك خطر حقيقي يتمثل في عدم فهم الجمهور لهذا الأمر أو ضرورته".
- وكتب مخاطباً هيجسيث: "إذا كنت تعتقد أن علينا أن نفعل ذلك، فلنفعله". وأضاف: "أكره فقط إنقاذ أوروبا مجدداً".
- وردّ شخص يظهر باسم هيجسيث: "نائب الرئيس، أشاطرك تماماً كراهيتك للاستغلال الأوروبي. إنه أمر مثير للازدراء".
- ولم يتضح بعد حجم التعويضات التي سعت الولايات المتحدة للحصول عليها من حلفائها الأوروبيين بسبب الضربات في اليمن، وفقاً لتقرير لموقع أكسيوس.
3- قادة الأمن القومي ربما شاركوا معلومات سرّية
- أرسل رئيس وكالة المخابرات المركزية، جون راتكليف – أو أحد موظفيه باستخدام اسمه – رسالة نصية تحتوي على معلومات الدردشة في سيغنال، والتي رفض غولدبرغ طباعتها قائلاً إنها "تحتوي على معلومات يمكن تفسيرها على أنها مرتبطة بعمليات استخباراتية فعلية وحالية".
- كما أطلع وزير الدفاع هيجسيث المجموعة على معلومات أخرى يُحتمل أن تكون سرّية. وقال غولدبرغ: "تضمنت مشاركة هيجسيث تفاصيل عملياتية للضربات القادمة على اليمن، ما في ذلك معلومات عن الأهداف والأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة وتسلسل الهجمات".
4- الخلاف حول "الرسائل"، وليس الاستراتيجية العسكرية
- لا يوجد أي نقاش في الرسائل التي شاركها غولدبرغ حول الفعالية العسكرية المحتملة للضربات في اليمن. وربما جرت مثل هذه المحادثات في أماكن أخرى.
- لكن ما يُظهره النص المُسرّب هو نقاش حول كيفية صياغة الرواية في الداخل الأمريكي.
- وكتب هيجسيث رداً على مخاوف فانس من أن الخطة ستكون مخالفة لـ "رسالة ترامب بشأن أوروبا": "أعتقد أن الرسالة ستكون صعبة مهما كان الأمر – لا أحد يعرف من هم الحوثيون – ولهذا السبب نحتاج إلى التركيز على: 1) فشل بايدن، و2) تمويل إيران".
"A mack-truck-sized breach": @JeffreyGoldberg discusses being accidentally added to a Trump administration group chat planning military strikes.
— The Atlantic (@TheAtlantic) March 24, 2025
Read more in The Atlantic Daily: https://t.co/GEvKlE63Je
ما هو التالي؟
من المقرر أن تدلي مديرة المخابرات الوطنية جابارد بإفادة أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء بشأن التهديدات العالمية التي تواجه الولايات المتحدة.
وبموجب القانون الأمريكي، قد يعد سوء التعامل مع المعلومات السرية أو إساءة استخدامها جريمة، لكن من غير الواضح ما إذا كانت المحادثة انتهكت هذه الأحكام.
كما تثير الرسائل، التي ذكر تقرير المجلة أن والتس مهد لاختفائها من تطبيق سيغنال بعد فترة، تساؤلات حول احتمال انتهاك قوانين حفظ السجلات الاتحادية، وفق وكالة رويترز.
وكان العديد من المشاركين في الدردشة الجماعية، بما في ذلك والتز وروبيو، قد انتقدوا لسنوات وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون لاستخدامها خادم بريد إلكتروني خاص لإجراء أعمال حكومية.