أزمة غير مسبوقة في الجيش الإسرائيلي.. نقص القوة البشرية يهدد خطط رئيس الأركان الجديد بغزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/22 الساعة 11:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/22 الساعة 11:22 بتوقيت غرينتش
يواجه الجيش الإسرائيلي أزمة غير مسبوقة بسبب الحرب الطويلة في غزة/ عربي بوست

تصطدم مساعي رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، المتعلقة بإعادة ترتيب وتطوير الجيش الإسرائيلي وشن عملية برية جديدة في قطاع غزة، بالعديد من التحديات التي تسببت بأزمة غير مسبوقة في الجيش الإسرائيلي الذي شارك لأول مرة في معارك مطولة، وقاتل في جبهات عدة بالتزامن أثقلت من كاهله.

وبعد تسلمه مهامه في 6 مارس/آذار 2025، أقر رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير عدة تغييرات في قيادة الجيش، أبرزها:

  • استبدال قائد المنطقة الجنوبية.
  • تعيين رئيس جديد لشعبة العمليات.
  • إقالة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل عغاري.
  • حل "فرقة الاستراتيجية وإيران" التي تشكلت عام 2020.
  • تخفيض رتب عشرات الضباط في الجيش.

كما قرر زامير إنشاء لواء دبابات إضافي ودراسة إنشاء لواء مشاة إضافي، وإعادة تشكيل وحدات الاستطلاع المدرعة التي تم تفكيكها، وفق وسائل إعلام عبرية.

ووضع زامير على رأس استراتيجيته العسكرية المواجهة مع حركة حماس في قطاع غزة، وإيران، ومن القضايا الأخرى المدرجة على استراتيجيته الاستعدادات الجديدة على حدود دولة الاحتلال، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

ويواجه زامير تحدياً داخلياً يتمثل في:

  • استعادة الثقة بين جنرالات هيئة الأركان.
  • استعادة الثقة بين قيادة الجيش والمستويات التكتيكية التي تقاتل في الميدان.
  • استعادة الثقة بين الجمهور والجيش الإسرائيلي.
  • تحسين قدرات الجيش الذي خاض معارك طويلة لأول مرة.

لكن معضلة كبيرة تتمثل أمام زامير مع عودة القتال في قطاع غزة، وهي الأزمة غير المسبوقة في أوساط جنود الاحتياط، حيث تظهر المؤشرات على عزوف متزايد عن التجاوب مع استدعاءات الخدمة العسكرية، مما يضعف قدرة إسرائيل على استئناف القتال البري مع انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.

إلى جانب ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي يواجه نقصاً حاداً في قوته البشرية، مع رفض الحريديم تجنيدهم في الوقت الذي تقاتل فيه إسرائيل على عدة جبهات في نفس الوقت لأول مرة.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي زامير/ الأناضول
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي زامير/ الأناضول

أولاً: النقص الحاد في القوة البشرية في الجيش النظامي

وفقاً لتقرير مطول لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الجيش الإسرائيلي يواجه عبئاً تشغيلياً حاداً منذ أيام حرب لبنان الثانية (2006)، والانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000/2005).

ويشعر الجنود النظاميون بالفعل بالضغط، ووفقاً لكبار الضباط، من غير المرجح أن يتغير جدول الانتشار المرهق في السنوات المقبلة (17 يوماً في الخدمة، تليها إجازة قصيرة تتراوح مدتها بين 3 إلى 4 أيام).

وتشير التقديرات إلى أن القوات النظامية ستواصل تحمل العبء الأكبر في السنوات القادمة، ويقول مسؤولون عسكريون إنهم بحاجة إلى آلاف الجنود لإدارة المواقع الجديدة المقامة داخل الأراضي اللبنانية، وفي مرتفعات الجولان السورية، وعلى طول المنطقة العازلة مع قطاع غزة.

وبحسب البيانات، فإنه تم تسريح أكثر من 10 آلاف جندي من الخدمة في الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب، كما قتل أو جرح ما يقارب 12 ألف جندي معظمهم من القوات المقاتلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

عناصر من الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في غزة/ رويترز
عناصر من الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في غزة/ رويترز

ويحتاج الاحتلال الإسرائيلي إلى تعزيز حدوده والتوسع السريع في الألوية المدرعة والهندسية التي خلّفت لدى الجيش عجزاً متزايداً في القوى العاملة، مما يقع على عاتق أفراد الخدمة الحاليين أعباء عمل شاقة لم يشهدها الجيش منذ عقدين.

أما العامل الآخر الذي ساهم في نقص القوى العاملة، فهو قرارات رئيس الأركان الجديد المتعلقة بإنشاء لواء مشاة جديد إضافي، كما سيتم إنشاء كتيبة هندسية واحدة على الأقل، وسيتم إعادة إنشاء سرايا استطلاع للألوية المدرعة التي تم إغلاقها في العقد الماضي.

ووفقاً للصحيفة، فإن ذلك سيتطلب آلاف الجنود القتاليين الإضافيين الذين يفتقر إليهم الجيش الإسرائيلي حالياً، مما يعني أن العبء سيزداد على القوات الحالية.

ثانياً: انخفاض الملتحقين بالخدمة من جنود الاحتياط

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن ضباط في جيش الاحتلال، أن هناك انخفاضاً حاداً في نسبة الملتحقين بالخدمة العسكرية من صفوف الاحتياط وصلت إلى 30%، مشيرين إلى نقص القوى البشرية في الجيش.

ويقول ضباط إسرائيليون إنه تم إلغاء سرايا بأكملها، نظراً لعدم توفر ضباط عسكريين يتولون قيادتها، وأن الجيش الإسرائيلي تحول إلى خدمة عسكرية عالية الأجر للملتحقين بالخدمة لأسباب مادية، وهو ما بات يثقل كافة الميزانية العامة في إسرائيل.

وتتراوح أسباب انخفاض الملتحقين بالخدمة من جنود الاحتياط ما بين:

  • خشية الاختطاف، والإرهاق من الخدمة العسكرية طويلة الأمد.
  • تزايد الأعباء المادية والمعيشية.
  • عدم رغبة عدد منهم في تأخير دراستهم الجامعية.
  • انهيار المشاريع الخاصة لجنود الاحتياط.
  • مشاكل أسرية.

التحدي المستجد الذي يؤجج الأزمة في الجيش الإسرائيلي هو أن إقالة رئيس الشاباك رونين بار ستسهم في تعميق الاضطرابات الداخلية في إسرائيل، مما يؤدي إلى إحياء المخاوف من أزمة دستورية، أدت قبل هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى قيام آلاف جنود الاحتياط بتعليق خدماتهم احتجاجاً على الإصلاحات القضائية.

ويقول المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، إن جنود الاحتياط قد يفعلون ذلك مرة أخرى، إذا شعروا "أنهم معرضون لأن يكونوا ضحية أهداف اليمين المتطرف."

جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول
جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول

البحث عن جنود في الجيش النظامي والاحتياطي

ولسد بعض الفجوات في الجيش الإسرائيلي، تعمل شعبة شؤون الأفراد على بناء خطة تتضمن عناصر عدة، وهي:

  • توسيع قاعدة التجنيد عبر السماح لأصحاب الملف الطبي رقم 64 بالانضمام إلى الوحدات القتالية.

ويعد الملف الطبي 64 أحد التصنيفات الطبية المستخدمة في الجيش الإسرائيلي لتحديد مدى أهلية المجندين للخدمة العسكرية، ويشمل هذا التصنيف أولئك الذين يعانون مشكلات صحية مزمنة، مثل أمراض القلب، اضطرابات الجهاز العصبي، وأمراض الجهاز العضلي الهيكلي، ما يجعلهم غير مؤهلين للقيام بمهام قتالية شاقة.

  • إنشاء شركات مقاتلة "قصيرة الأمد".
  • زيادة تجنيد النساء للقيام بأدوار قتالية.
  • التواصل مع جنود مقاتلين سابقين من كبار السن في محاولة لتشكيل ألوية احتياطية جديدة من المتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 سنة.

وكشفت صحيفة "هآرتس" أن الجيش لجأ إلى إنشاء نظام للإعلان عن الوظائف على موقعه الإلكتروني لتعويض النقص الخطير الذي يعاني منه جيش الاحتياط، ومع ذلك تفضل معظم الوحدات والفرق القيام بذلك عبر مجموعات خاصة يتم فتحها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحسب ضباط للصحيفة العبرية، فإن هذه المجموعات أصبحت بمثابة "وكالة تجنيد بديلة"، وقد رصدت تسعة إعلانات وظائف نشرتها وحدات وألوية احتياطية، معظمها لأدوار قتالية.

ويحاول منظمو الإعلانات تقديم بعض الحوافز من أجل تشجيع الإسرائيليين على التجنيد، بما في ذلك نظام المداومة.

هل الجيش الإسرائيلي قادر على القتال مجدداً في غزة؟

تقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الغموض لا يزال يكتنف خطط الجيش الإسرائيلي في غزة، وقد طالبت القيادة السياسية مؤخراً باستدعاء جماعي لمئات الآلاف من جنود الاحتياط بموجب أمر التعبئة الطارئة المفتوح.

لكن العديد من قادة الاحتياط حذروا المسؤولين من تبعات هذا الأمر، وحتى مع عملية التدوير، فإنه لا يستجيب حالياً سوى 50% إلى 70% من جنود الاحتياط للاستدعاءات بسبب الانقطاعات الطويلة عن العمل والدراسة والحياة الأسرية، ولا يمكن تخفيف هذا العبء بالمال وحده.

ويقول الكاتب يوفال جرين في مقال على صحيفة "هآرتس"، وهو من ضباط الاحتياط الذين عملوا في قطاع غزة، إنه قرر عدم الاستجابة للعودة إلى الحرب على غزة.

وأوضح أنه ومجموعة آخرين من منظمة "جنود من أجل المختطفين"، أنهم لم يكونوا على استعداد للمواصلة التعاون على التخلي عن الأسرى الإسرائيليين.

المحلل العسكري عاموس هارئيل، أشار إلى أن اتساع رقعة الحرب مجدداً يعرض حياة الأسرى الإسرائيليين وحياة الجنود للخطر، ويعيد إشعال نقاشات حادة في جيش الاحتياط الذي يلمح إلى إمكانية وقف التطوع للخدمة رداً على التطورات الداخلية في إسرائيل.

نقل مصابين من الجنود خلال عمليات سابقة في غزة/ الأناضول
نقل مصابين من الجنود خلال عمليات سابقة في غزة/ الأناضول

وفي مقال آخر، يذكر هارئيل أن النقاش السياسي حول سيناريو العودة إلى غزة، الذي يقوده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وأمثاله، لا يزال يعبر عن لا مبالاة واسعة النطاق تجاه العبء الملقى على عاتق جنود الاحتياط والجيش النظامي.

وتشير تقديرات الجيش بحسب هارئيل إلى أن النقص في الجنود من وحدات الاحتياط سوف يكون أكثر حدة في العام المقبل، بسبب العبء المتوقع عليهم، ويأتي ذلك في ظل مطالب شن عملية برية جديدة على قطاع غزة، والمطالب الناجمة عن قرار إبقاء القوات داخل أراضي الدول المجاورة، وفي مرتفعات الجولان، وجبل الشيخ في سوريا، وفي جنوب لبنان، بحسب صحيفة هآرتس.

فيما طالبت الكاتبة في "هآرتس" نوريت بليزانتل، رئيس الأركان الجديد بأن يدرك أنه لا يملك الجنود الكافيين للحرب التي يعد لها، وأن يطلع القيادة السياسية على المستجدات بناء على ذلك.

ويقول موقع "تايمز أوف إسرائيل"، إن العودة إلى حرب برية شاملة ضد فصائل المقاومة الفلسطينية قد تكون أكثر تعقيداً الآن في ظل تراجع الدعم الشعبي، والإرهاق الذي تعرض له جنود الاحتياط، والتحديات السياسية.

ويضيف الموقع الإسرائيلي أن الأشهر الثلاثة التي سبقت وقف إطلاق النار، تسببت هجمات حماس في خسائر بشرية فادحة هي الأعلى في صفوف الجيش خلال الحرب، الأمر الذي أثار تساؤلات في إسرائيل حول تكاليف الهجوم ومكاسبه.

ومع استمرار الحرب، واجه الكثيرون صعوبة في الموازنة بين العمل والأسرة والدراسة والانتشار العسكري، وفقاً لما ذكره جنود الاحتياط الذين أشاروا إلى تزايد أعداد الذين يطلبون الإعفاء من جولات الخدمة العسكرية.

تحميل المزيد