“انهيار الروح المعنوية”.. هل يدعم الإسرائيليون خطط نتنياهو بالعودة للحرب في غزة؟ هذا ما تقوله استطلاعات الرأي 

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/19 الساعة 14:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/19 الساعة 14:03 بتوقيت غرينتش
آلاف الإسرائيليين يحتجون في تل أبيب على قرارات نتنياهو بالعودة للحرب وإهمال الأسرى وكذلك قرار إقالة رونين بار مدير جهاز الشاباك 19 مارس 2025 (منصة X)

عادت حكومة بنيامين نتنياهو للحرب على غزة وارتكاب المجازر الجماعية بعد نحو شهرين من وقف إطلاق النار الذي تعرض لخروقات عديدة من جانب الاحتلال٬ وتقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية إنه كان من الواضح أن حكومة نتنياهو اليمينية سوف تطلب من الإسرائيليين في نهاية المطاف العودة إلى القتال، إما من خلال استئناف الحرب بشكل كامل أو جزئي، وربما لتنفيذ خططها لإخلاء غزة من سكانها وتهجيرهم لدول أخرى، ودفع ثمن ذلك٬ في الوقت الذي نواجه فيه مقاومة دائمة هناك٬ من شأنها أن تستنزف "إسرائيل" لوقت طويل.

ومع إدراك دولة الاحتلال لاحتمال تجدد الحرب الشاملة في ظل الخيارات التي يفرضها نتنياهو على شعبه، هل يدعم الإسرائيليون خطط رئيس الوزراء التي تخدم مصالحه الشخصية وأجنداته السياسية مع حلفائه من الأحزاب الدينية؟ تجيب "هآرتس" بأن هناك أسباب عديدة تدعو للشك أساساً في إمكانية إعادة إحياء الروح المعنوية للإسرائيليين مع عودة الحرب.

كيف اختلف مزاج الشارع الإسرائيلي حول الحرب على غزة؟

  • تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن حكومة نتنياهو عادت إلى القتال في غزة يوم الثلاثاء 18 مارس/آذار 2025، لكن من دون دعم شعبي وسط موجة من الاضطرابات السياسية التي تسببت في انخفاض الثقة في الحكومة بشكل غير مسبوق. مشيرة إلى أن الأجواء العامة في إسرائيل اليوم مختلفة تمامًا عما كانت عليه عندما شنت "إسرائيل" حربها ضد حماس بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ففي ذلك الوقت، وضع الإسرائيليون الخلافات السياسية الداخلية المريرة التي ملأت الشوارع بالمتظاهرين جانباً، وانضموا إلى المعركة ضد الفلسطينيين في غزة.
  • أصبح العديد من الإسرائيليين اليوم، حتى بعض اليمينيين منهم، أكثر اهتماماً بتحرير الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة في غزة، ويشعرون بأن أي تسوية تفاوضية للحرب مع حماس هي وحدها الكفيلة بإعادتهم إلى الحياة. وقد جاء هذا التحول في الرأي العام بعد صور عشرين أسيراً إسرائيلياً تم إطلاق سراحهم خلال الشهرين الماضيين ضمن صفقات تبادل، وكانوا في كثير من الأحيان في حالة سيئة، مع إصابات بسبب القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف طوال 15 شهراً على القطاع٬ أو سوء تغذية بسبب الحصار المستمر من جانب إسرائيل٬ مما صدم الإسرائيليين وزاد من المخاوف بشأن مصير الأسرى 59 المتبقين، والذين تعتقد إسرائيل أن ما يصل إلى 24 منهم فقط ربما ما زالوا على قيد الحياة.
  • إلى جانب ذلك٬ يُعيد نتنياهو إشعال فتيل نيران الخلافات الداخلية مع خصومه الذين نجح بتصفية العديد منهم٬ وهو يحاول إقرار تشريع من شأنه أن يمنحه سيطرة أكبر على النظام القضائي الإسرائيلي، وهي خطوةٌ أشعلت شرارةَ عامٍ من المظاهرات الحاشدة التي سبقت الحرب. كما يسعى نتنياهو إلى الحفاظ على إعفاء اليهود "الحريديم" المتشددين الذين يتزايد عددهم بسرعة٬ من الخدمة العسكرية. كما واصل تطهير المؤسسة الأمنية من مؤيدي وقف إطلاق النار مع غزة، وهو يُناور لإقالة رونين بار، رئيس جهاز (الشاباك)، مُدّعيًا أنه فقد ثقته.
  • واعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، إن إسرائيل، وليست حماس، هي التي تُعرقل وقف إطلاق النار في غزة وتمنع عودة الأسرى المحتجزين في القطاع. وأضافت في افتتاحيتها: "دفع نتنياهو ثمن عودة إيتمار بن غفير إلى الحكومة مُسبقًا. ليس من ماله الخاص بالطبع، بل بدماء الرهائن (الأسرى) 59 الذين قد يُحدد مصيرهم استئناف الحرب، التي حسمت بالفعل مصير مئات الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال". وكان حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف بقيادة ابن غفير قد أعلن عودته إلى الحكومة فور استئناف الجيش الإسرائيلي هجماته٬ وهو ما قد كان٬ حيث صادقت حكومة نتنياهو على عودة ابن غفير ووزيرين آخرين معه.
نتنياهو وإيتمار بن غفير في الكنيست/ flash90 
  • ومع عودة الحرب٬ تجددت التظاهرات والاحتجاجات في العديد من المدن المحتلة٬ حيث أغلق عدد كبير من المتظاهرين الإسرائيليين الأربعاء الطريق الواصل بين مدينتي تل أبيب والقدس المحتلتين احتجاجاً على إقالة رونين بار وإهمال قضية الأسرى المحتجزين في غزة بالعودة للقتال. كما خرجت مظاهرة أخرى أمام مكتب نتنياهو في القدس المحتلة لذات الأسباب.
  • رفع المتظاهرون لافتات تقول إن الحرب تقتل المخطوفين، في إشارة لاستئناف الجيش الإسرائيلي الحرب على قطاع غزة. وقد طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة بإيقاف الحرب فورا والعودة إلى المفاوضات، وقال ذوو الأسرى إن الحكومة أقدمت على خطوة مروعة بإنهاء مفاوضات تبادل الأسرى والعودة للقتال.

هل يدعم الإسرائيليون خطط نتنياهو بالعودة للحرب في غزة؟ هذا ما تقوله استطلاعات الرأي

  • أظهر استطلاع رأي نشره "معهد إسرائيل للديمقراطية"، في 9 مارس/آذار، أن 73% من الإسرائيليين يؤيدون التفاوض مع حماس لإنهاء القتال وانسحاب "إسرائيل" من غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى المتبقين. والجدير بالذكر أن 56% من الإسرائيليين اليمينيين الذين شملهم الاستطلاع أيدوا اتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك 62% من ناخبي حزب الليكود بزعامة نتنياهو. 
  • وبعد إعلان نتنياهو عن نيته إقالة رئيس جهاز (الشاباك) رونين بار٬ أظهر استطلاع رأي أُجري يوم الاثنين 18 آذار/مارس 2025 أن غالبية الإسرائيليين الذين شملهم الاستطلاع رفضوا قرار رئيس الوزراء٬ كانت نسبتهم 43%٬ مقابل 33 فقط أيدوا القرار (أما البقية فلم يعرفوا الإجابة)، وذلك في استطلاع أجرته هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية (كان)٬ وهو مؤشر على حجم فقدان الثقة بنتنياهو وقراراته.
  • وأظهر استطلاع رأي أجراه معهد دراسات الأمن القومي في فبراير/شباط أن 57% من الإسرائيليين يثقون بجهاز (الشاباك)، بما في ذلك 64% من اليهود الإسرائيليين، بينما لا يثق سوى 21% بالحكومة وزعيمها نتنياهو. بينما يعتقد 6 من كل 10 إسرائيليين في استطلاع أجرته القناة 12 في أوائل مارس/آذار، أجرته شركة ميدغام، أن على نتنياهو الاستقالة. وطوال فترة الحرب، طالب غالبية الإسرائيليين باستقالة نتنياهو فوراً أو بعد انتهائها.
  • لكن هذا التوجه يخفي تراجعاً حاداً بين السكان اليهود، الذين يُشكلون الغالبية العظمى ممن يخوضون الحرب بالفعل. وفي استطلاع أجراه معهد دراسات الأمن القومي في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد أيام قليلة من هجوم السابع من أكتوبر٬ اعتقد 92% من اليهود الإسرائيليين أن الجيش الإسرائيلي سينتصر. وبحلول أوائل عام 2024 كانت هذه النسبة 78% . وفي الشهر الماضي، اعتقد 66% فقط من اليهود أن الجيش الإسرائيلي سينتصر في غزة.
  • وتسأل استطلاعات الرأي التي أجراها معهد دراسات الأمن القومي (INSS) المشاركين عما إذا كانوا واثقين من تحقيق "إسرائيل" لأهدافها الحربية، مع أن السؤال لم يُفصّل ماهيتها. وبحلول يونيو/حزيران 2024، كان أقل من نصف الإسرائيليين – 45% – واثقين من تحقيق جميع أهدافها الحربية أو جزء كبير منها. ولم تتغير هذه النتيجة منذ ذلك الحين: فقد أعطى 45% من إجمالي العينة الإجابة نفسها في فبراير/شباط، وفي هذه المرحلة، يعتقد عدد أكبر بقليل من الإسرائيليين – 47% – أن الأهداف لن تتحقق.
  • الأمر الأكثر دلالة من الأرقام بشكل عام٬ هو قلة عدد الإسرائيليين الذين يؤيدون فعلياً العودة إلى القتال في غزة. وقد وجد مؤشر الصوت الإسرائيلي الذي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في أواخر فبراير/شباط أن الدعم للمرحلة الثانية من صفقة الرهائن، بما في ذلك " وقف كامل للأعمال العدائية، والانسحاب من غزة ، وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن"، كان في ارتفاع: 73% كانوا موافقين.
  • في فبراير أيضاً، وجد استطلاع أجراه معهد دراسات الأمن القومي أن ربع الإسرائيليين فقط (24%) اختاروا "العودة إلى القتال المكثف" من بين ثلاثة خيارات مطروحة للخطوة التالية لإسرائيل في غزة. وكانت النتيجة أعلى بقليل بين اليهود المتدينين: 28% فقط اختاروا خيار العودة إلى القتال.
أنقاض المنازل التي دمرها جيش الاحتلال في مخيم جباليا شمال قطاع غزة / رويترز

"الروح المعنوية تنهار ونتنياهو يريد حرباً لا نهاية لها في غزة"

  • تقول الكاتبة الإسرائيلية في "هآرتس" داليا شندلين إن حكومة نتنياهو التي تُلحّ على مواطنيها لخوض حربٍ لا نهاية لها٬ لن تُسعدها أن تجد أن أغلبية الإسرائيليين بحسب استطلاعات الرأي تُفضّل أن تُركّز إسرائيل على "إنهاء الحرب في غزة وإبرام اتفاقياتٍ دبلوماسية" فقط. وحتى بين اليهود المتدينين، فضّلت أغلبيةٌ ضئيلةٌ بلغت الثلث إنهاء الحرب.
  • بالنسبة لبقية الإسرائيليين ــ من نحو النصف الذين لا يعتقدون أن إسرائيل قادرة على تحقيق أهدافها في الحرب، إلى 60% الذين يريدون استقالة نتنياهو، إلى 73% الذين يفضلون إنهاء الحرب بشكل كامل والانسحاب من غزة ــ هل هناك أي دافع متبق للقتال بعد هذه الاستطاعات؟ تتساءل شندلين.
  • في منتصف عام 2024 شهد الجيش الإسرائيلي انخفاضاً في معدلات الاستجابة لاستدعاءات الاحتياط. وبحلول وقف إطلاق النار في يناير، كانت هذه المشكلة أكثر انتشارًا واستمرت حتى الآن. وذكرت صحيفة هآرتس هذا الشهر أن "حوالي نصف جنود الاحتياط فقط التحقوا بالعديد من وحدات الجيش مؤخراً".
  • وتقول هآرتس٬ منذ ذلك الحين، شهد غالبية الإسرائيليين انهياراً في الروح المعنوية والثقة بقرارات القيادة السياسية؛ واتسع نطاق التجمّع في تل أبيب للمطالبة بصفقة إطلاق سراح رهائن فورية ولوقف الحرب أشدّ غضباً. 
تحميل المزيد