في خطوة مفصلية نحو تعزيز الاستقرار في سوريا، أعلنت الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا ضمن ما يعرف بمحافظات "الجزيرة السورية"، عن توصل الطرفين إلى اتفاق تاريخي يهدف إلى تعزيز وحدة البلاد ودمج مؤسساتها المدنية والعسكرية. وبحسب البيان المشترك الذي وقع عليه كل من الرئيس السوري أحمد الشرع وزعيم تنظيم "قسد" مظلوم عبدي، فإن "الاتفاق يأتي استجابةً للتحديات الراهنة، مع التأكيد على ضرورة توحيد الصف الوطني لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، والحفاظ على سيادة الدولة السورية".
وأكد الاتفاق على العديد من البنود، أبرزها: وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم أو الانفصال، ودمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن المؤسسات العسكرية السورية تحت إشراف وزارة الدفاع، لضمان تكاملها في المنظومة الدفاعية. بالإضافة إلى إدماج المؤسسات المدنية للإدارة الذاتية ضمن هيكل الدولة السورية مع الحفاظ على بعض الخصوصيات لمناطق شمال وشرق سوريا وفقاً للقانون السوري. وكذلك إدارة مشتركة للمطارات والمعابر الحدودية وحقول النفط والغاز بين الحكومة السورية وقسد، لضمان استفادة جميع السوريين من الموارد الوطنية، إلى جانب إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في شمال وشرق سوريا بما يحقق التكامل مع المنظومة الأمنية الوطنية.
توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/SCSgFkN9YK
— رئاسة الجمهورية العربية السورية (@G_CSyria) March 10, 2025
ماذا الأهمية الاستراتيجية لمناطق الجزيرة السورية؟
- تعتبر الجزيرة السورية، التي تضم محافظات الرقة ودير الزور والحسكة من أبرز المناطق الاستراتيجية في سوريا بسبب مواردها الطبيعية الغنية مثل النفط والغاز، فضلاً عن كونها مصدراً رئيسياً للثروة الحيوانية وللقمح الذي يمثل أمناً غذائياً أساسياً للسوريين، لذلك دوماً ما يطلق عليها بلاد النفط والقمح.
- كما يمر عبرها نهرا الفرات ودجلة، اللذان يشكلان شرايين حيوية للري وتأمين مياه الشرب وتوليد الكهرباء، لمحافظات الجزيرة والمناطق حولها خاصة مدينة حلب. وسميت الجزيرة بهذا الاسم تاريخياً لوقوعها بمحاذاة نهري دجلة و الفرات.
- تجري في منطقة الجزيرة السورية عدة أنهار وهي: نهر الخابور ونهر البليخ ونهر جقجق وتصب جميعها في نهر الفرات، إضافة لنهر دجلة وعدد من الروافد الصغيرة، ما يجعلها رافداً هاماً لإرواء الأراضي الزراعية التي تمتاز بالخصوبة العالية في سوريا، وتزرع بالحنطة والقطن والشعير والعدس والسمسم وغيرها من الخضراوات.
- تتمتع الجزيرة السورية بموقع استراتيجي حيث يحدها من الشمال تركيا ومن الشرق العراق، وهي تمتد على مساحة تشكل الثلث من إجمالي مساحة سوريا، والتي تقدر بـ37 ألف كيلومتر مربع. ورغم مساحتها الشاسعة إلا أنها من المناطق الأقل كثافة سكانياً في سوريا.
- تأتي أهمية منطقة الجزيرة من أهميتها التاريخية والطبيعة البشرية والاقتصادية إذ نشأت في أرضها حضارات مختلفة دلت عليها الآثار المكتشفة، ومن أهم مميزات الجزيرة السورية، تنوعها الاجتماعي والديني، حيث يعيش فيها العرب، الأكراد، الآيزيديون، الشيشان، التركمان، بالإضافة إلى العديد من الطوائف المسيحية والإثنية الأخرى. وهذا التنوع جعل المنطقة محط اهتمام القوى المختلفة على مر العصور، سواء في العصور القديمة أو الحديثة، إذ عرفت بأنها جزء من بلاد ما بين النهرين التي نشأت فيها حضارات عظيمة وشهدت صراعات بين مختلف القوى الحضارية.
- تحتوي محافظات الجزيرة السورية ثروات طبيعية هامة مثل احتياطات من النفط والغاز تتركز في حقول رميلان بالحسكة، وحقول "العمر" و"كونيكو" في دير الزور التي تعد الأكثر غزارة في سوريا، كما تتوزع مواقع النفط في محافظة الرقة على حقل الثورة النفطي، وحقول "الوهاب" و"الفهد" و"دبيسان" و"القصير" و"أبو القطط" و"أبو قطاش". وهذه الأهمية جعل مناطق الجزيرة السورية ساحة لصراعات كبرى بين النظام، المعارضة، وقوى إقليمية ودولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ما بعد عام 2011.

ما هي محافظات الجزيرة السورية وما أهم مواردها؟
1- دير الزور
- دير الزور هي عاصمة محافظة دير الزور وثانية كبرى المحافظات السورية من حيث المساحة بعد حمص، حيث تبلغ المساحة الكلية للمحافظة 33.06 ألف كم مربع، بنسبة 18% من مساحة سوريا الإجمالية.
- تقع دير الزور شرق سوريا على بُعد نحو 450 كيلومتراً شمال شرق دمشق، بالقرب من الحدود العراقية. ويقسمها نهر الفرات إلى قسمين، ومعظم أحيائها تقع على الضفة الغربية للنهر.
- قبل الثورة السورية، بلغ عدد سكان محافظة دير الزور نحو مليون إنسان 300 ألف منهم يسكنون في المدينة ذاتها، معظمهم من العرب إلى جانب أقليات كردية وأرمنية. وترتبط المدينة بشبكة خطوط حديدية ومطار دولي، مما يعزز تواصلها مع باقي المدن.
- تمتاز دير الزور بثروتها النفطية والغازية، حيث تعد حقولها الأكثر غزارة في سوريا، مثل "حقل العمر" و"كونيكو". وهذه الأهمية جعلتها ساحة لصراعات كبرى بين النظام، المعارضة، وقوى إقليمية ودولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
2- الرقة
- تمثل محافظة الرقة، الواقعة في شمال سوريا، واحدة من أكثر المناطق السورية أهمية من الناحية الاستراتيجية والاقتصادية، وقد لعبت دوراً بارزاً في الحرب السورية منذ اندلاعها عام 2011. تعرضت المحافظة لتحولات كبيرة في السيطرة والنفوذ، وانتقلت من أيدي النظام السوري إلى جماعات المعارضة المسلحة، ومن ثم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وأخيراً إلى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة أمريكياً٬ رغم أن الغالبية العظمى من سكان المحافظة هم من العشائر العربية، وهذا حال مدن الجزيرة السورية عموماً التي تسيطر عليها قوات كردية.
- غالبية السكان محافظة الرقة هم من العرب السنة، إضافة إلى أقلية كردية وتركمانية. لكن التركيبة السكانية تعرضت لتغييرات نتيجة الصراع المستمر، بما في ذلك النزوح الداخلي والخارجي.
- يقدر عدد سكان محافظة الرقة بأكثر من 900,000 نسمة قبل عام 2011، لكن هذا العدد شهد تغييرات كبيرة نتيجة الحرب السورية والنزوح٬ فيما كان عدد سكان مدينة الرقة، وهي المركز الإداري للمحافظة، يزيد على 220,000 نسمة قبل الحرب، وقد انخفض هذا العدد بشكل ملحوظ خلال فترة سيطرة تنظيم "داعش" على المدينة حتى عام 2017. ولا يعلم الآن العدد الحقيقي للسكان.
- تقع الرقة على ضفاف نهر الفرات، وتعتبر نقطة وصل بين شمال سوريا وشرقها٬ وهي رابع المحافظات السورية من حيث المساحة (10,6٪ من مساحة سوريا الإجمالية). للمحافظة حدود دولية مع تركيا من الشمال، وحدود مع محافظة حلب من الغرب، وحدود مع محافظتي الحسكة ودير الزور من الشرق، وحدود مع محافظتي حماة وحمص من الجنوب. وتنقسم المحافظة إلى ثلاث مناطق: الرقة والثورة وتل أبيض. وهذا ما يجعلها محوراً جغرافياً حيوياً للتحركات العسكرية.
- تبلغ مساحة محافظة الرقة حوالي 19,616 كيلومتر مربع، وهي تشكل جزءاً كبيراً من شمال سوريا. أما مساحة مدينة الرقة، وهي مركز المحافظة، فتقدر بحوالي 20 كيلومتر مربع تقريباً، وفق التقديرات.
- يشتهر سكان الرقة بتوجههم الزراعي، حيث يعتمدون على الأراضي الخصبة القريبة من نهر الفرات. ومنذ أواسط السبعينيات يعتمد اقتصاد الرقة على سد الفرات وعلى الزراعة وعلى الحقول النفطية المجاورة.
- تتوزع مواقع النفط في محافظة الرقة على حقل الثورة النفطي، الواقع جنوب غربي محافظة الرقة الذي يزيد إنتاجه على ستة آلاف برميل نفط في اليوم٬ وحقول "الوهاب" و"الفهد" و"دبيسان" و"القصير" و"أبو القطط" و"أبو قطاش"، جنوب غربي الرقة قرب بلدة الرصافة، وهي آبار ذات إنتاج قليل بالماضي ويقدر إنتاجها حالياً مجتمعة بنحو 2000 برميل يومياً.
- بعد أن كانت جميع مواقع وآبار النفط والغاز، تتبع نظام الأسد، تبدلت خريطة السيطرة مرات عدة، منذ اندلاع الثورة في مارس/ آذار 2011، إذ سيطر الثوار على مناطق إنتاج النفط، بعد انسحاب قوات بشار الأسد عام 2012 من مناطق شمال شرق سورية، ليسيطر تنظيم "داعش" أواسط عام 2013 على مناطق إنتاج الطاقة، وليتقاسم لاحقاً السيطرة والإنتاج، مع "المليشيات الكردية" حتى سبتمبر/أيلول 2017 وقت سيطرت قوات سورية الديمقراطية "قسد" على مدن الحسكة والرقة بالكامل وشرقي دير الزور، التي تضم أكبر 11 حقلاً للنفط.
3- الحسكة
- تقع محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا على الحدود مع تركيا والعراق، وتبلغ مساحتها 32334 كلم مربع، ويزيد عدد سكانها وفقا لإحصاء عام 2005 على مليون نسمة، أكثرهم من الأكراد والسريان والآراميين والآشوريين إلى جانب عدد من القبائل العربية وجماعات من الأرمن.
- تتميز الحسكة كذلك بتنوعها السكاني وتعدد مواقعها الأثرية ونهضتها العمرانية الحديثة ومشاريعها الزراعية والصناعية، وتعتمد في اقتصادها بشكل رئيسي على زراعة القطن والقمح والحبوب.
- تعتبر الحسكة منذ السبعينيات أهم مناطق إنتاج النفط في البلاد وتحديدا منطقة الرميلان، حيث تنتشر حقول النفط في رميلان و الهول و الجبسة
محافظات "الجزيرة السورية" تحت السيطرة الكردية
- يمثل الكرد نحو من 7-10% من سكان سوريا، وتشير بعض الاحصائيات غير الرسمية إلى أن تعدادهم 2.5 مليون إنسان ومعظمهم من المسلمين السنة، وبعضهم من اليزيديين إضافة إلى عدد قليل من المسيحيين والعلويين الكرد.
- لعقود طويلة كان نظام الأسد الأب والإبن يفرض عليهم سياسات تهميشية، مما أدى إلى انعدام الهوية القومية والحقوق السياسية لديهم بالإضافة إلى التهميش الخدماتي في مناطق شمال شرق سوريا.
- يتركز أكراد سوريا في الشمال الشرقي للبلاد، في ثلاثة مناطق رئيسية تحديداً تقع على طول الحدود التركية، حيث يقطنون في شمال محافظة الحسكة و شمال شرق محافظة حلب (منطقة عين العرب) وشمال غربها (منطقة عفرين).
- مع بداية الثورة السورية في 2011، ظهرت الفرصة أمام الأكراد لتأسيس "كيان يعبر عن طموحاتهم السياسية"، وهو ما مهد الطريق لتشكيل تنظيمات مسلحة في مناطق عديدة شمال وشرق سوريا، مثل الحسكة والرقة ودير الزوق وحتى ريف إدلب وحلب وحمص.
- في السنوات التالية، برزت العديد من التنظيمات الكردية المسلحة، حيث نفذت عمليات عسكرية ولعبت دور سياسي مؤثر في هذه المنطقة الاستراتيجية بعدما حظيت بدعم غربي وأمريكي.

- يقاتل في شمال سوريا مجموعة تسمى "قسد" أو SDF وهي "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تعتبر مظلة جامعة لعدد من المجموعات المسلحة الكردية والعربية في شمال سوريا التي تشكلت في عام 2015 وذلك في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، إحدى المناطق الحدودية في شمال سوريا التي تسكنها أغلبية كردية، وكانت المسرح الرئيسي لعمليات "قسد".
- و"قوات سوريا الديمقراطية" هي تحالف بين مقاتلين من الأكراد والعرب يحظون بدعم الولايات المتحدة، وقد أسست "قسد" أو"SDF" منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا تدعى "روج آفا" بقوة الأمر الواقع بعد طرد تنظيم "داعش" بدعم أمريكي كامل عام 2015.
- وتعرف "روج آفا" بأنها "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"؛ هي منطقة تمتدّ في شمال وشرق سوريا أُنشئَ فيها حكم ذاتي كردي بحكم الأمر الواقع تتحكم به "قوات سوريا الديمقراطية". تشمل هذه الإدارة أجزاء من محافظات الحسكة، الرقة، حلب ودير الزور. و هذه المنطقة متعددة الأعراق وموطنًا لأعداد كبيرة من السكان العرب والكرد والسريان والآشوريين.
- وتتكون "قسد" من عدة مجموعات رئيسية يبلغ عدد عناصرها بحسب بعض الإحصاءات الغربية 40 ألف مقاتل. حتى مطلع مارس/آذار 2025 كانت "قوات سوريا الديمقراطية" تسيطر على نحو ثلث المساحة الكلية لسوريا بدعم أمريكي.
- تعتبر تركيا أن وجود التنظيمات الكردية المسلحة في سوريا يمثل تهديداً مباشراً لأمنها القومي. شنت أنقرة خلال السنوات الماضية عدة عمليات عسكرية مثل "درع الفرات"، "غصن الزيتون"، و"نبع السلام" لطرد هذه التنظيمات من المناطق الحدودية.
ما التنظيمات الكردية المسلحة التي تسيطر على مناطق الجزيرة السورية؟
1. وحدات حماية الشعب (YPG)
تعتبر وحدات حماية الشعب العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (SDF). وتأسست وحدات حماية الشعب في عام 2011 كجناح عسكري لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD)، الذي يعد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المصنف كمنظمة إرهابية من قبل تركيا وعدة دول غربية. أنشأت هذه الوحدات لـ"الدفاع عن المناطق الكردية في وجه الجماعات المسلحة الأخرى، وضمان الحكم الذاتي لكردستان سوريا".
يتألف التنظيم من قوات مدربة أمريكياً تنشط بشكل رئيسي في مناطق الحسكة، الرقة، ودير الزور. وقد تمكنت من تشكيل إدارة ذاتية ديمقراطية تعتمد على فلسفة "الكونفدرالية الديمقراطية" المستوحاة من أفكار قائد تنظيم حزب العمال الكردستاني "عبد الله أوجلان" الذي تعتقله تركيا منذ عام 1999.
2. قوات سوريا الديمقراطية (SDF)
أُسست في عام 2015 كمظلة تضم مختلف الفصائل المسلحة، أبرزها وحدات حماية الشعب. تشمل أيضاً فصائل عربية، سريانية، وآشورية. قالت الولايات المتحدة إن "قوات سوريا الديمقراطية" أنشأت بهدف القضاء على تنظيم "داعش"، وضمان الاستقرار والأمن في المناطق المحررة، مع دعم مشروع "الإدارة الذاتية" الذي يديره الأكراد في شمال شرق سوريا.
كانت "قوات سوريا الديمقراطية" التي يتزعهما "مظلوم عبدي" شريكاً رئيسياً للتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا في طرد تنظيم "داعش" من الرقة ودير الزور، وكوباني، والباغوز وغيرها من المناطق. لكن التنظيم ينصف كجماعة إرهابية من قبل تركيا التي ترفض الدعم الأمريكي له.

3. وحدات حماية المرأة (YPJ)
تم تشكيل وحدات حماية المرأة في عام 2013 كجناح نسائي لوحدات حماية الشعب. بهدف "تمكين المرأة الكردية من الدفاع عن مناطقها، والمساهمة في كسر القيود الاجتماعية التقليدية". وهو تنظيم يصنف كجماعة إرهابية في تركيا أيضاً. وشاركت "وحدات حماية المرأة" (YPJ) في معارك كبرى مثل تحرير كوباني، واكتسبت شهرة دولية بفضل التغطية الإعلامية الغربية لدورها ضد "داعش".
4. حزب العمال الكردستاني (PKK)
بالرغم من أن PKK اليساري المسلح يعد تنظيماً قادماً من تركيا في الأساس، إلا أن تأثيره يمتد إلى شمال شرق سوريا من خلال قيادته الأيديولوجية والتنظيمية لوحدات حماية الشعب وخصيصاً بعد عام 2011. حيث تعتمد PYD وأذرعها العسكرية على نهج الحزب وأفكاره. ويثير وجود PKK في سوريا توترات كبيرة مع تركيا من سنوات طويلة، التي شنت عدة عمليات عسكرية عبر الحدود لاستهداف مقاتلي الحزب و"وحدات حماية الشعب".
يصنف "حزب العمال الكردستاني" كتنظيم إرهابي في تركيا والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية وأستراليا وكندا منذ عام 2004، وتتهمه أنقرة بشن مئات الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة آلاف المواطنين منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي.
في النهاية.. ماذا سيعني عودة مناطق الجزيرة السورية لسيطرة الدولة في دمشق؟
- بناء على ما سبق سرده من مقومات مناطق الجزيرة السورية وثرواتها النفطية والزراعية والحيوانية والمائية، فلا شك أن عودتها لسيطرة الدولة السورية بعد اتفاق الشرع ومظلوم عبدي سيعني على الأقل، الاكتفاء النفطي للدولة السورية بعد سنوات من الاستيراد تحت عصا العقوبات وحتى تصدير النفط والغاز، مما سيوفر الطاقة والإيرادات الحكومية الضرورية لاستقرارها وحتى إعادة إعمارها.
- قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في عام 2015 أن سوريا تمتلك 2.5 مليار برميل من احتياطيات النفط المؤكدة. وحتى عام 2010، أنتجت سوريا 383 ألف برميل يومياً من النفط. وفي عام 2015، قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية احتياطيات سوريا من الغاز الطبيعي بنحو 240 مليار متر مكعب، وتمتلك سوريا نوعين من الغاز: الرطب والجاف.
- يُستخدم الغاز الطبيعي السوري لإنتاج الطاقة، وهو ضروري لإعادة ضخه في حقول النفط السورية. ووفقًا لشركة بي بي، أنتجت سوريا 8.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عام 2011، وانخفض هذا الإنتاج إلى 3 مليارات متر مكعب سنوياً بحلول سقوط نظام الأسد عام 2024. ووفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، شكّل الغاز الطبيعي ربع إمدادات الكهرباء في سوريا عام 2022.

- وتعتبر موارد النفط في مناطق الجزيرة السورية محوراً استراتيجياً للدولة السورية، حيث تضم أكثر من 1500 مصفاة تقليدية، إلا أنها تعاني من تحديات كثيرة كتكرار حوادث استهداف خطوط أنابيب النفط والغاز وعدم وجود شركات متخصصة بمعدات حديثة لاستخراج النفط وإعادة تكريره.
- وباستعادة نحو ثلث مساحة سوريا ذات الأرض الخصبة، ستحظى البلاد بوفرة بالقمح والحنطة من الجزيرة السورية التي كانت تعتبر على الدوام "سلة خبز سوريا"، بعد 14 عاماً من الشدة في عهد النظام المخلوع وسنوات الحرب القاسية، بالإضافة إلى زيادة الموارد عبر الحدود مع العراق وتركيا والتي تعطلت منذ عام 2011 واستمرت لاحقاً بسبب سيطرة التنظيمات الكردية عليها.
- سيتيح الاتفاق أيضاً إن كتب له النجاح للدولة السورية استعادة السيطرة على معبر اليعربية مع العراق، ومعبر نصيبين-القامشلي مع تركيا، إضافة إلى استعادة السيطرة على مطار القامشلي الدولي، وهو ثالث أهم مطارات البلاد بعد مطاري دمشق وحلب. ولا شك أن كل هذه العوامل تمنح دفعة اقتصادية مهمة لخزينة الدولة، وتساهم في حل جزء كبير من أزمة الكهرباء والوقود والغذاء في سوريا.