من أين تأتي أوروبا بسلاحها؟ ضغوط ترامب وتهديدات روسيا تكشف هشاشة الصناعة المحلية للقارة العجوز

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/10 الساعة 13:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/10 الساعة 13:24 بتوقيت غرينتش
مصنع تجميع مقاتلات إف-35 التابع لشركة لوكهيد مارتن الأمريكية في فورت وورث - تيكساس. (الصورة: شركة لوكهيد مارتن)

بينما تواجه أوروبا تحديات غير مسبوقة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا٬ يعمّقها الآن الصدامات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واحتمال انسحاب بلاده من حلف "الناتو"، تتسارع وتيرة التسلح الأوروبي بشكل كبير، لكن المصدر الرئيسي لهذا التسلح ليس أوروبياً٬ بل أمريكياً. حيث أظهرت دراسة جديدة لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن ما يقرب من ثلثي الأسلحة التي استوردتها الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى السنوات الخمس الماضية تم إنتاجها من قبل الولايات المتحدة، وهو ما يؤكد اعتماد القارة العميق على الأسلحة المصنوعة في الولايات المتحدة.

من أين تأتي أوروبا بسلاحها؟

  • بحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، تضاعفت واردات الأسلحة من الدول الأوروبية بأكثر من الضعف بين عامي 2020 و2024 مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، حيث ردت المنطقة على الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في عام 2022. وزودت الولايات المتحدة 64% من هذه الأسلحة، في ارتفاع من 52% عن فترة ما بين عامي 2015 و2019.  
  • وقال ماثيو جورج، مدير برنامج نقل الأسلحة في معهد سيبري، إن الدول الأوروبية تحركت قدماً في قرارات شراء الأسلحة الأميركية على الرغم من الدعوات العامة "لاتخاذ خطوات للحد من اعتمادها على واردات الأسلحة وتعزيز صناعة الأسلحة في أوروبا". وتؤكد هذه الأرقام حجم التحدي الذي يواجه القادة الأوروبيين في سعيهم إلى تقليص اعتمادهم العسكري على الولايات المتحدة، حيث طالب الرئيس دونالد ترامب أوروبا بأن تصبح أكثر مسؤولية عن أمنها. ورغم أن حلفاء القارة في حلف "الناتو" كانوا يتطلعون إلى تعزيز قدراتهم الوطنية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض أضافت زخماً جديداً.
  • في الأسبوع الماضي، أقر زعماء الدول الأعضاء السبعة والعشرين في الاتحاد الأوروبي مبادرات جديدة لتمويل الدفاع اقترحتها بروكسل، بما في ذلك إنشاء صندوق من شأنه توفير 150 مليار يورو في شكل قروض للعواصم الأوروبية لإنفاقها على القدرات العسكرية. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يوم الأحد 9 مارس/آذار 2025 إنها تريد استخدام القروض لتقليل الاعتماد على الأسلحة التي يتم شراؤها من خارج الاتحاد. وقالت إنه "من المهم للغاية" استخدام هذه القروض لتحقيق "البحث والتطوير والوظائف الجيدة هنا في أوروبا".  
  • تقول صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأمريكية٬ لقد أصبح الصندوق الذي تبلغ قيمته 150 مليار يورو نقطة خلافات جديدة في معركة طويلة الأمد بين فرنسا وألمانيا بشأن حملة إعادة تسليح القارة وما إذا كان ينبغي أن يشمل دولاً خارج الكتلة. ويعتقد رئيس المفوضية أنه من المهم أن نكون "أذكياء" وأن نحافظ على علاقات جيدة مع النرويج والمملكة المتحدة. 
هجوم روسي واسع النطاق
صواريخ باتريوت أمربكا ستقدم لأوكرانيا أنظمة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات والصواريخ – رويترز

صفقات أسلحة أوروبية مع الولايات المتحدة لا تزال تنتظر مصيرها

  • هناك مخاوف متزايدة من أن الولايات المتحدة قد تقرر حتى حجب الدعم الحاسم لأنظمة الأسلحة الرئيسية عن أوروبا، مثل طائرة إف-35 المقاتلة المتقدمة. وقال بيتر ويزمان، الباحث البارز في معهد سيبري، إنه في مواجهة "روسيا العدوانية بشكل متزايد والضغوط عبر الأطلسي خلال رئاسة ترامب الأولى، اتخذت الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي خطوات لإنقاذ اعتمادها على واردات الأسلحة وتعزيز صناعة الأسلحة الأوروبية".   
  • ولكنه أكد أيضا على "الجذور العميقة" لاعتماد أوروبا على أسلحة الأمريكيين، مشيرا إلى أن العواصم الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لديها "ما يقرب من 500 طائرة مقاتلة والعديد من الأسلحة الأخرى لا تزال قيد الطلب من الولايات المتحدة". 
  • طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أنفقت الحكومات الأوروبية بسخاء على الأسلحة الأميركية الباهظة الثمن، معتبرة ذلك ثمناً للحفاظ على التزام واشنطن بأمن القارة. وقال وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش للصحفيين الشهر الماضي: "ينبغي لأوروبا أن تستثمر أكثر في الأمن للحفاظ على وجود الأميركيين في أوروبا، وليس استبدالهم". وأضاف أن "سياسة التأمين" هذه من شأنها أن تظهر للإدارة الجديدة أنها تلبي الشرطين اللذين يشدد عليهما ترامب بشكل متكرر باعتبارهما مقابل الدعم الأمريكي – زيادة الإنفاق الدفاعي و"العلاقات الاقتصادية المتبادلة للأعمال التجارية الأمريكية". 

أمريكا أكبر مصدر للأسلحة في العالم وأوكرانيا أكبر المستوردين

  • أكد التحليل السنوي الذي يصدره معهد ستوكهولم الدولي لمبيعات الأسلحة العالمية كيف عززت الولايات المتحدة مكانتها كأكبر مصدر للأسلحة في العالم، حيث زادت حصتها من الصادرات من 35% إلى 43% خلال فترة السنوات الخمس.
  • وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد قالت إن في السنة المالية 2024، بلغ إجمالي المبيعات العسكرية الأجنبية 117.9 مليار دولار. ويمثل هذا زيادة بنسبة 45.7٪  مقارنة بـ 80.9 مليار دولار في السنة المالية 2023. وهذا هو أعلى إجمالي سنوي على الإطلاق للمبيعات والمساعدة المقدمة لحلفاء أمريكا وشركائها.
  • وفي الوقت نفسه، أصبحت أوكرانيا أكبر مستورد للأسلحة الرئيسية في العالم خلال تلك الفترة الزمنية، حيث ارتفعت الواردات بنحو 100 مرة مع سعي البلاد لمحاربة القوات الروسية. ولأول مرة منذ عقدين من الزمن، ذهبت الحصة الأكبر من الأسلحة الأميركية إلى أوروبا وليس إلى الشرق الأوسط، على الرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت المتلقي الأكبر للأسلحة الأميركية. وأضاف المعهد أن الولايات المتحدة تظل المورد المفضل للقدرات الهجومية المتقدمة بعيدة المدى مثل الطائرات المقاتلة.
بريطانيا أسلحة مغشوشة
قوات تابعة لحلف الناتو في شرق أوروبا/ getty images

على عكس أوروبا.. روسيا والصين تعتمدان على نفسيهما بشكل كبير في صناعات الأسلحة

  • أظهرت البيانات أيضا أن أكبر 10 دول مصدرة للأسلحة في السنوات الخمس الماضية كانت هي نفسها التي كانت في الفترة السابقة، لكن روسيا تراجعت إلى المركز الثالث خلف فرنسا بسبب تراجع الصادرات. وقفزت إيطاليا من المركز العاشر إلى المركز السادس. 
  • وانخفضت صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 64 في المائة بين عامي 2015 و2019، وبين عامي 2020 و2024، حيث أدت حرب أوكرانيا إلى "تسريع" تراجع قدرة موسكو على تصدير الأسلحة. وقال الباحث ويزمان إن السبب في ذلك هو أن روسيا تحتاج إلى الاحتفاظ بمزيد من إنتاجها المحلي لاستخدامه في ساحة المعركة، فضلاً عن تحدي العقوبات والضغوط الغربية على الدول الأخرى لعدم الشراء من موسكو٬ ولذلك موسكو تعتمد بشكل شبه كلي على نفسها في التصنيع العسكري على عكس أوروبا.
  • وبحسب البحث، فإن ثلثي صادرات الأسلحة الروسية ذهبت إلى الهند والصين وكازاخستان. وانخفضت واردات الصين من الأسلحة بنسبة 64% بين الفترتين، حيث استبدلت البلاد بشكل متزايد الواردات ــ وخاصة من روسيا ــ بأنظمة أسلحة مصممة ومنتجة محلياً. ومن المرجح أن تستمر واردات الصين من الأسلحة في الانخفاض مع نمو قدرة صناعة الأسلحة المحلية والاعتماد على الذات، وفقا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام.   

ما أنواع الأسلحة التي تصدرها أمريكا للدول الأوروبية؟

تُصدِّر الولايات المتحدة مجموعة واسعة من الأسلحة المتقدمة إلى الدول الأوروبية، وخاصةً أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو). وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا دخلت أنواع جديدة من الأسلحة التقليدية التي كانت تحصل عليها القارة من الولايات المتحدة٬ تشمل هذه الأسلحة:

1. الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي:

  • الطائرات المقاتلة: مثل طائرات F-35 Lightning II وF-16 Fighting Falcon وF-15 Eagle.
    طائرات النقل والاستطلاع: مثل C-130 Hercules وP-8 Poseidon والطائرات بدون طيار MQ-9 Reaper.
  • أنظمة الدفاع الجوي: مثل أنظمة صواريخ باتريوت (Patriot) وNASAMS (نظام صواريخ أرض-جو المتقدم الوطني) وTHAAD (نظام الدفاع في المناطق ذات الارتفاعات العالية الطرفية).

2. الدبابات والمركبات المدرعة والمدفعية

  • الدبابات: مثل دبابات M1 Abrams.
  • المركبات القتالية المدرعة: مثل مركبات Stryker وBradley Fighting Vehicle وJLTV (المركبة التكتيكية الخفيفة المشتركة).
    أنظمة المدفعية والصواريخ: مثل نظام M142 HIMARS (نظام المدفعية الصاروخية عالية الحركة) ومدافع M777.

3. الصواريخ والذخائر الموجهة بدقة

  • صواريخ جو-جو: مثل AIM-120 AMRAAM وAIM-9 Sidewinder.
  • صواريخ جو-أرض: مثل AGM-88 HARM وAGM-158 JASSM (صاروخ المواجهة المشتركة جو-أرض).
  • صواريخ مضادة للسفن وصواريخ كروز: مثل صواريخ Harpoon وصواريخ Tomahawk كروز.
  • الصواريخ المحمولة على الكتف: مثل صواريخ Javelin المضادة للدبابات وStinger أرض-جو.

4. المعدات البحرية والسفن الحربية

  • المدمرات والفرقاطات: مثل مدمرات فئة Arleigh Burke (المباعة لبعض حلفاء الناتو).
  • الغواصات: التعاون في تكنولوجيا الغواصات النووية مع الحلفاء (مثل اتفاقية AUKUS).
  • أنظمة الدفاع البحري: مثل نظام القتال Aegis ونظام الإطلاق العمودي MK 41.

5. أنظمة الحرب الإلكترونية والسيبرانية

  • أدوات الدفاع السيبراني المتقدمة، وأنظمة التشويش الإلكتروني، ومعدات جمع المعلومات الاستخباراتية المختلفة.

6. الطائرات بدون طيار والأنظمة غير المأهولة

  • الطائرات بدون طيار MQ-9 Reaper (للهجوم والاستطلاع).
  • طائرات درون Switchblade (الطائرات بدون طيار الانتحارية).
تحميل المزيد