يشهد الساحل السوري توتراً هو الأعنف منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وذلك بعد مقتل عدد من عناصر الأمن في كمائن شنها موالون للنظام البائد.
وبحسب وكالة الأنباء السورية "سانا"، فإن إدارة الأمن العام أعلنت حظراً للتجوال في مدينتي اللاذقية وطرطوس، وبدء عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى المحيطة.
وأكد مصدر أمني للوكالة السورية أن عمليات التمشيط سوف تستهدف فلول نظام الأسد، ومن قام بمساندتهم ودعمهم.
ما الذي حدث في الساحل السوري؟
في 6 مارس/آذار 2025، نفذ مسلحون كمائن وهاجموا عدة مواقع للأمن العام قرب بلدة بيت عانا بريف اللاذقية، ما أدى إلى مقتل نحو 16 عنصراً من قوات الأمن.
ونقلت وكالة سانا عن مصدر أمني أن "مجموعات الفلول" قامت أيضاً باستهداف سيارات الإسعاف التي حاولت إجلاء المصابين.
وبحسب المصدر، فإنه "بعد استقدام تعزيزات أمنية إلى المنطقة، قامت فلول ميليشيات الأسد بالتمركز داخل بلدة بيت عانا وبدأت باستهداف قواتنا بشكل مباشر".

وقال مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي، إن الهجوم كان "مدروساً ومعداً مسبقاً"، حيث استهدفت المجموعات المسلحة عدة نقاط وحواجز أمنية، إضافة إلى دوريات في منطقة جبلة وريفها.
وأضاف كنيفاتي أن المباني الحكومية والممتلكات العامة والخاصة في جبلة ومحيطها تعرضت للتخريب والتكسير جراء الهجمات، ما استدعى استنفاراً كاملاً من القوات الأمنية لاحتواء الهجوم في ريف جبلة.
🎥- اشتباكات بين الأمن العام السوري وفلول النظام المخلوع في ريف #طرطوس pic.twitter.com/mWeILudLmX
— عربي بوست (@arabic_post) March 7, 2025
وخلال الحملة التي نفذتها في جبلة، أعلنت إدارة الأمن العام "اعتقال اللواء المجرم إبراهيم حويجة، رئيس المخابرات الجوية السابق في سوريا"، والمتهم باغتيال المئات خلال حكم حافظ الأسد.
لكن الهجمات سبقها توتر في بلدة عانا، مسقط رأس سهيل الحسن، بعد منع قوات الأمن من توقيف مطلوب بتهمة تجارة السلاح، وفق المرصد السوري، ما تطور لاحقاً إلى اشتباكات بين العناصر ومسلحين.
ومنذ يومين، قُتل عنصران من وزارة الدفاع السورية في كمين مسلح نفذه عناصر يتبعون لـ"فلول النظام" في منطقة الدعتور باللاذقية، بحسب وكالة سانا.
وفي 2 مارس/آذار 2025، أعلنت وزارة الداخلية القبض على عدد من المطلوبين من عناصر النظام السابق في بلدة عين شقاق بريف مدينة جبلة.

وسبق ذلك حملات أمنية للجيش السوري في مناطق الساحل السوري، حيث عثرت القوات على أسلحة، وأعلنت مديرية أمن حمص ضبط مستودع يحتوي على قذائف هاون بمختلف العيارات في بلدة كفر عبد بريف حمص الشمالي.
وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت وزارة الداخلية السورية أن 14 عنصراً من الوزارة قُتلوا على يد "فلول" نظام الأسد في ريف طرطوس، بعد فرض حظر التجوال فيها وفي عدد من المحافظات إثر خروج مظاهرات واندلاع أعمال شغب.
من يقف خلف الهجمات في الساحل السوري؟
تقول السلطات في سوريا إن من يقف خلف الهجمات وإثارة الفوضى في البلاد هم "فلول ميليشيات الأسد".
وأعلنت قوات الأمن أنها تخوض اشتباكات مع مجموعات مسلحة تابعة للعقيد السابق سهيل الحسن.
وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بيان منسوب إلى الضابط في جيش النظام السابق، العميد الركن غياث سليمان دلا، يعلن فيه "إنشاء وانطلاق المجلس العسكري لتحرير سوريا".
ويزعم هذا المجلس أنه يهدف إلى "إسقاط النظام القائم، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية وديمقراطية".
ونقلت قناة الجزيرة عن مصدر أمني أن مجلس دلا بدأ في توسيع نفوذه على الأرض، وأنشأ تحالفات مع قيادات سابقة في جيش نظام الأسد البائد.
مشاهد على طريق اللاذقية تظهر رتل عسكري لوزارة الدفاع يرد على مصادر النيران pic.twitter.com/sC79jIzHo3
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) March 7, 2025
ومن ضمن الشخصيات التي أقام معها دلا تحالفاً ياسر رمضان الحجل، الذي كان قائداً ميدانياً ضمن مجموعات سهيل الحسن.
وبحسب مصادر الجزيرة، فإن دلا هو اليد التنفيذية لماهر الأسد، القائد السابق للفرقة الرابعة، في العمليات الجارية حالياً في الساحل السوري.
ما الإجراءات التي اتخذتها قوات الأمن السورية؟
وقالت وزارة الداخلية إن مؤازرات عديدة من محافظات عدة، إضافة إلى استقدام تعزيزات عسكرية من وزارة الدفاع، وصلت إلى الساحل السوري.
ومع انتشار خبر مقتل عناصر من قوات الأمن، الذين ينحدر معظمهم من إدلب، تصاعد التوتر في المدينة، حيث تجمع حشد من الشبان وسط المدينة دعماً للقيادة العسكرية. كما دعت مساجد عبر مكبرات الصوت إلى "الجهاد" ضد المسلحين في الساحل السوري.
وقال مصدر أمني لقناة الجزيرة إن قوات وزارة الدفاع قضت على الكمائن التي نصبها فلول النظام المخلوع على طريق إدلب-اللاذقية خلال الليل.
"فسيفساء عريقة" استغلها الأسد لتثبيت أركان حكمه.. ما هي الطوائف الدينية والعرقية في سوريا؟
كما أعلنت إدارة الأمن العام في مدينتي اللاذقية وطرطوس فرض حظر التجوال العام، مرجعة ذلك إلى "التوجيهات الأمنية والاحتياطات اللازمة لسلامة المواطنين".
وقبل ساعات من الإعلان عن فرض حظر التجوال في اللاذقية وطرطوس، تم الإعلان عن إجراء مماثل في حمص، التي شهدت هجمات من جانب موالين للنظام السابق قبل أسابيع.
وقالت وزارة الدفاع إنها تمكنت من دخول مدينة طرطوس دعماً لقوات الأمن العام ضد "فلول ميليشيات الأسد" ولإعادة الاستقرار والأمن للمنطقة.
ونقلت وكالة سانا عن مصدر قيادي بإدارة الأمن العام أن عمليات تمشيط واسعة بدأت في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة في الساحل السوري.
🎥- تعزيزات أمنية وعسكرية من مناطق سورية عدة لدعم جهود التصدي للهجوم الواسع الذي تشنه مجموعات عدة من فلول مليشيات الأسد بمنطقة جبلة وريفها في محافظة #اللاذقية شمال غرب البلاد. pic.twitter.com/0HAEciXpeR
— عربي بوست (@arabic_post) March 6, 2025
احتجاجات داعمة وأخرى مناهضة للحكومة
والليلة الماضية، خرجت مظاهرات حاشدة في مدن دمشق وريفها، وحمص، وحماة، وحلب، ودرعا، ودير الزور، والبوكمال، دعماً لعمليات السلطات ضد "فلول النظام السابق".
فيما دعا "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر"، الذي يقول إنه يمثل الطائفة العلوية في سوريا، إلى الاحتجاجات ضد الحكومة في الساحل السوري.