الاحتلال يسابق الزمن لابتلاع الضفة.. حزمة تشريعات بالكنيست وتحركات ميدانية لا تتوقف

عربي بوست
تم النشر: 2025/02/16 الساعة 08:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/02/16 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
الاحتلال يسعى لفرض السيادة على الضفة الغربية/ عربي بوست

سارعت الحكومة الإسرائيلية اليمينية الخطى في فرض واقع جديد يمهد لضم الضفة الغربية سواء ميدانياً، أو عبر تشريع قوانين جديدة في الكنيست، مستغلة دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لذلك.

ومع وصول الائتلاف اليميني الذي يقوده بنيامين نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل، تزايدت الإجراءات الميدانية التي تهدف لابتلاع الضفة، وتنوع ذلك ما بين إنشاء مستوطنات جديدة وتشريع بؤر استيطانية، وشق طرقات، وتهجير الفلسطينيين في مناطق "ج"، وفرض سيادة أمنية ومدنية على مناطق "ب"، وتضييق الخناق عليهم في مناطق "أ".

ووفقاً لاتفاقية أوسلو، فإن أراضي الضفة الغربية توزعت إلى مناطق تابعة للسيادة الفلسطينية، وأخرى تابعة لسيادة "فلسطينية-إسرائيلية مشتركة"، إلى جانب مناطق تتبع "السيادة الإسرائيلية الأمنية مباشرة".

وعقب الإعلان عن فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، تعالت الأصوات في الائتلاف اليميني الذي يقوده نتنياهو، باعتبار "2025 عام السيادة الإسرائيلية" في الضفة الغربية.

وبدأ في تكريس واقع ابتلاع الضفة الغربية الذي تزايد خلال عام 2024، عبر تشريع قوانين عدة في الكنيست الإسرائيلي أبرزها تسمية الضفة بالاسم التوراتي، ورافق ذلك حراك من مشرعين بالحزب الجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ بمشروع قانون مماثل يحظر استخدام "الضفة الغربية" في الوثائق الحكومية الأمريكية.

خريطة لمناطق الضفة الثلاث بحسب اتفاقية أوسلو/ عربي بوست
خريطة لمناطق الضفة الثلاث بحسب اتفاقية أوسلو/ عربي بوست

كما أعلنت النائبة الأمريكية كلوديا تيني عن تشكيل "مجموعة أصدقاء يهودا والسامرة" في الكونغرس لتعزيز السياسات الداعمة للسيطرة الإسرائيلية على المنطقة.

الكنيست يسابق الزمن لإصدار حزمة قوانين

خلال الأسابيع القليلة الماضية، يسابق الكنيست الإسرائيلي، بمبادرات من اليمين المتطرف، الزمن لإصدار حزمة تشريعات تكرس لعمليات ابتلاع الضفة، قمنا بحصرها على النحو التالي:

  • حظر استعمال كلمة "الضفة الغربية"، حيث وافق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يتم بموجبه حظر استعمال كلمة "الضفة الغربية" واستخدام مسمى "يهودا والسامرة".
  • فرض السيادة الكاملة على الضفة، حيث قدم أعضاء حزب "الصهيونية الدينية" مشروع قانون يهدف إلى إعلان فرض السيادة على المنطقة الفلسطينية.
  • شراء الأراضي: وفي 29 يناير/كانون الثاني 2025، صادق الكنيست على قانون بالقراءة التمهيدية يجيز للمستوطنين اليهود شراء وتملك الأراضي في الضفة الغربية بغض النظر عن المنطقة الموجودة فيها، دون الرجوع إلى الجيش.

ما الهدف من تشريع القوانين؟

في الممارسة العملية، فإن ما يجري هو تطبيق لـ"خطة الحسم" لسموتريتش، التي قدمها هو وحزبه عام 2017، حيث حدد الوزير المتطرف سيناريوهين لكيفية التعامل مع الفلسطينيين:
* سيسمح للفلسطينيين الذين يتخلون عن حقوقهم الوطنية بالبقاء في "الدولة اليهودية".
* إذا لم يفعلوا ذلك، فسيكون لديهم خيار "المغادرة" أو سيجبرون عليها.

وبالإشارة إلى القوانين السابقة، فإن تكريس الاسم التوراتي للضفة الغربية، يهدف إلى "تنظيم استخدام المصطلحات الجغرافية في القوانين الإسرائيلية، بما ينسجم مع التوجهات السائدة بشأن العلاقة مع المنطقة"، وفق مقترحي المشروع.

وفي العام 1977، قررت الحكومة الإسرائيلية أن جميع الوثائق الرسمية للدولة، بما في ذلك الأوامر العسكرية، يجب أن تشير إلى مسمى "يهودا والسامرة".

خطة الحسم لسموتريتش تسعى للسيطرة المدنية على كامل الضفة الغربية/ بتسيلم
خطة الحسم لسموتريتش تسعى للسيطرة المدنية على كامل الضفة الغربية/ بتسيلم

ويقول عمر بارتوف، الأستاذ اليهودي لدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة براون في الولايات المتحدة لموقع "TRT WORLD"، إن التشريع يحمل طبيعة دعائية بالدرجة الأولى.

فيما يقول ريتشارد فلك، الأستاذ الفخري بالقانون الدولي بجامعة برينستون، إن التدويل هو وسيلة رمزية للمشروع الصهيوني للتعبير عن رفضه للدولة الفلسطينية.

أما تشريع شراء الأراضي في الضفة:

  • فإنه يلغي وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، القانون الأردني رقم 40 لسنة 1953، وهو "قانون إيجار وبيع الأموال غير المنقولة من الأجانب"، المعمول به حالياً في الضفة، التي خضعت لحكم الأردن منذ نكبة 1948 وحتى احتلالها عام 1967.
  • كما يلغي أيضاً القرارات العسكرية الإسرائيلية التي صدرت وأعطت الإدارة المدنية، أحد أذرع الجيش بالضفة، الحق في التشريع وتفسيرات القانون الأردني بشكل يتلاءم مع مشروع الاستيطان، بزعم أن المستوطنات "حاجة أمنية" وفق تفسيرات المحكمة الإسرائيلية.
  • كما يهدف هذا التشريع إلى تمكين المستوطنين من شراء الأراضي دون أي رقابة في كافة الضفة الغربية، وتحويلهم فعلياً إلى ملاك دائمين لها.
  • ويحذر المراقبون من أن هذا القانون سيمكن المستوطنين من الانخراط في عمليات تزوير وسرقة الأراضي على نطاق واسع.
  • كما يؤدي إلى تسجيل الأراضي المسروقة وبناء بؤر استيطانية، وتعزيز سياسة التهجير تجاه الفلسطينيين.

إلى جانب هذه القوانين، فإن الاحتلال بالممارسة العملية، يعمل على تطبيق الوجود الإسرائيلي، وإرساء وضع راهن جديد، يقضي على إمكانية التوصل إلى حل الدولتين، أو التفاوض على دولة فلسطينية هناك.

ممارسات عملية تهدف لابتلاع الضفة

في العام 2023، تم إنشاء إدارة استيطانية داخل وزارة الجيش الإسرائيلي، كجزء من تنفيذ الاتفاقيات الائتلافية بين حزبي الليكود و"الصهيونية الدينية".

كما ساهم تعيين إيتمار بن غفير كمسؤول عن الشرطة في انخفاض كبير في إنفاذ القانون على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

لكن عام 2024، اتسم بسياسة تقليص المساحة الفلسطينية في المنطقتين "ج" و"ب"، وتوسيع الوجود الإسرائيلي في تلك المناطق.

وتالياً: أبرز الممارسات العملية الهادفة لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، بحسب بيانات منظمة "السلام الآن" و"هيئة مقاومة الجدار والاستيطان":

أولاً: المستوطنات والبؤر الاستيطانية

  • تم إنشاء ما لا يقل عن 59 بؤرة استيطانية جديدة، معظمها بؤر زراعية، وللمقارنة فإنه من عام 1996 إلى بداية عام 2023، تم إنشاء أقل من 7 بؤر استيطانية في المتوسط كل عام.
  • ولأول مرة منذ اتفاقيات أوسلو، تم إنشاء ما لا يقل عن 8 بؤر استيطانية في المنطقة "ب"، وهذا يعني أن ما لا يقل عن 13% من إجمالي البؤر التي أقيمت في الضفة عام 2024، كانت تقع في تلك المنطقة.
  • تم شق مئات الطرق غير القانونية، التي يبلغ طولها أكثر من 114 كيلومتراً، من أجل توسيع المستوطنات، ومنع الوصول إليها.
  • نشر عطاءات جديدة لبناء آلاف الوحدات السكنية في مختلف الضفة الغربية، باستثناء شرقي القدس.
  • إعلان 24,258 دونماً كـ"أراضي دولة"، أي ما يقرب من نصف إجمالي الأراضي التي تم إعلانها تحت هذا المسمى منذ اتفاقيات أوسلو.
  • الاعتراف بـ70 بؤرة استيطانية غير قانونية باعتبارها مؤهلة للتمويل والبنية التحتية.
  • إعلان خطة لإنشاء جيب استيطاني جديد في الخليل، يضم 234 وحدة سكنية شمال مستوطنة كريات أربعة.
البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية والحواجز الإسرائيلية/ بتسيلم
البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية والحواجز الإسرائيلية/ بتسيلم

ثانياً: مضاعفة الميزانيات:

وضاعفت الحكومة الإسرائيلية من ميزانية وزارة الاستيطان من خلال:

  • إضافة 80 مليون دولار مخصصة للمستوطنات.
  • تخصيص 1.85 مليار دولار لطرق المستوطنات.
  • تخصيص 109 مليون دولار لمشاريع فريدة في المستوطنات.

ثالثاً: تقليص المساحة المعيشية للفلسطينيين:

  • تهجير ما يقرب من 47 تجمعًا فلسطينيًا قسرًا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 بسبب عنف المستوطنين.
  • صفر موافقات لبناء الفلسطينيين في مناطق "ج" و"ب".
  • هدم 1065 مبنى فلسطينيًا في الضفة الغربية عام 2024، بحجة عدم وجود تصاريح بناء، بما في ذلك 17 في المنطقة "ب".
  • هدم 215 منزلاً في شرقي القدس عام 2024، بحجة عدم حصولها على تراخيص البناء.
  • منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية القريبة من المستوطنات.
  • وصل عدد الحواجز والبوابات الحديدية التي نصبها الاحتلال في الضفة إلى 898 حاجزًا عسكريًا وبوابة، منها 18 بوابة حديدية منذ بداية العام 2025، وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
  • القيام بعمليات عسكرية يتخللها تجريف البنية التحتية وهدم منازل في مناطق المخيمات شمال الضفة الغربية، وجعلها غير صالحة.
  • تزايد أعمال عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، حيث تم تسجيل 2971 انتهاكًا خلال عام 2024 ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية.

وتقول منظمة "السلام الآن"، إن ما يجعل عام 2024 خطيرًا بشكل خاص هو السابقة التي أرستها الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث عملت من خلال الوسائل القانونية وغير القانونية على ضم المستوطنات إلى إسرائيل وتوسيع مناطق الضم قدر الإمكان، حتى في أعماق المنطقة "ب".

تحميل المزيد