الترحيل الكبير.. هكذا بدأ ترامب تنفيذ تهديداته ضد المهاجرين

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/24 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/24 الساعة 14:02 بتوقيت غرينتش
لم تمضِ ساعات على توليه منصبه حتى أعلن عن فرض قيود صارمة على الهجرة واللجوء - عربي بوست

في إحدى تجمعاته الانتخابية، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب قائلاً: "بمجرد أن أقسم اليمين، سأطلق أكبر برنامج ترحيل في تاريخ أمريكا."

وبالفعل، لم تمضِ ساعات على توليه منصبه حتى أعلن عن فرض قيود صارمة على الهجرة واللجوء، شملت خططاً لإرسال قوات إلى الحدود الجنوبية مع المكسيك، وتعليق العمل بحق الحصول على الجنسية للأطفال المولودين على الأراضي الأميركية. ولا تقتصر قراراته على تعزيز القيود الحدودية فحسب، بل تمتد لتشمل تعليق برنامج إعادة توطين اللاجئين، وإعادة فرض حظر السفر من الدول ذات الأغلبية المسلمة، وتسهيل عمليات الترحيل الجماعي والاستعانة بالجيش، ومنح صلاحيات موسعة للوكالات الفيدرالية في إنفاذ قوانين الهجرة.

ولم يمضِ أسبوع إلا وقد أثارت هذه القرارات جدلاً داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث وصفها مؤيدوه بأنها ضرورية لحماية الأمن القومي، بينما اعتبرها منتقدوه تصعيداً ينتهك حقوق الإنسان ويهدد القيم الأميركية التقليدية.

في هذا التقرير، نستعرض أبرز هذه القرارات وتأثيرها على مجتمع المهاجرين واللاجئين.

ما هي خطة ترامب لوقف الهجرة وترحيل المهاجرين غير الشرعيين؟

وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة في حملاته الانتخابية بـ"المحتلة" من قبل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، وكثيراً ما كان ترامب يعد بالقيام بـ"أكبر عملية ترحيل جماعي" في تاريخ أميركا خلال حملاته الانتخابية، مستخدماً تصريحات غير مدعومة وأكاذيب.

على سبيل المثال، أثناء مناظراته مع المرشحة كامالا هاريس، ادعى زوراً أن المهاجرين "يأكلون الحيوانات الأليفة" في سبرينغفيلد بولاية أوهايو، وهي اتهامات تم نفيها على الفور من قبل المذيعين الذين ينظمون المناظرة.

الترحيل الكبير.. هكذا بدأ ترامب تنفيذ تهديداته ضد المهاجرين
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/رويترز

بحسب ترامب، من أجل الوصول إلى مستقبل تكون فيه أميركا بدون مهاجرين غير شرعيين "يجب العودة إلى عام 1789″، على حد تعبيره في تجمع انتخابي بولاية نورث كارولاينا، في إشارة إلى قانون "الأعداء الأجانب" الذي صدر عام 1789، ويمنح الرئيس صلاحيات لاعتقال واحتجاز وترحيل الأفراد من الدول التي في حالة حرب مع الولايات المتحدة، دون الحاجة للإجراءات القانونية المعتادة.

الترحيلات الجماعية:

خطط ترامب لإطلاق "أكبر عملية ترحيل في تاريخ أميركا"، مستهدفاً نحو 11 مليون مهاجر غير موثق. وتعتمد خطته على استخدام إجراءات الترحيل المعجل لتسريع العملية دون جلسات استماع قانونية.

استخدام الجيش في الهجرة:

وتعهد ترامب بنشر الجيش لتنفيذ سياسات الهجرة، عبر تفعيل قوانين تاريخية مثل "قانون الأعداء الأجانب" و"قانون التمرد".

مداهمات أماكن العمل:

و وعد ترامب أيضاً بتوسيع مداهمات أماكن العمل لاستهداف المهاجرين غير المسجلين واعتقالهم، في محاولة لتشديد إنفاذ قوانين الهجرة وتقليل التوظيف غير القانوني. يروج ترامب لهذه الخطوة باعتبارها وسيلة لتعزيز فرص العمل للأميركيين، لكنها، وفقاً لكثر من المحللين، قد تُحدث اضطرابات اقتصادية محلية وتزرع الخوف في مجتمعات المهاجرين.

توسيع الجدار الحدودي:

استكمال بناء الجدار الحدودي مع المكسيك يتصدر أجندة ترامب، ويبلغ طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك نحو 3218 كم. وخلال ولايته الأولى، بنى ترامب أقل من 804 كم من الجدار، ومعظمها كان استبدالاً للحواجز القديمة.

إعادة تفعيل سياسة "البقاء في المكسيك":

وعد بإعادة تفعيل سياسة "البقاء في المكسيك"، التي أجبرت أكثر من 65 ألف مهاجر على الانتظار في ظروف صعبة في المكسيك أثناء نظر قضايا لجوئهم.

مزيد من ضباط حرس الحدود:

خطط ترامب لتوظيف 10 آلاف عميل جديد في حرس الحدود. ووعد ترامب بتقديم زيادات في الأجور ومكافآت لتعزيز التوظيف والاحتفاظ بالعاملين داخل الوكالة.

وتهدف خطته إلى توسيع دورية الحدود بنسبة 50٪ وتتطلب موافقة الكونغرس. في فبراير، اتفق الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس على صفقة أمن الحدود التي كانت ستؤدي إلى إضافة 1500 عميل إضافي لدورية الحدود وموظفي الهجرة وتوسيع قائمة قضاة الهجرة وضباط اللجوء. ووعد الرئيس جو بايدن بالتوقيع على الإجراء. لكن مشروع القانون مات بعد أن طلب ترامب من الجمهوريين الانتظار لاتخاذ إجراء حتى بعد الانتخابات.

إنهاء حق المواطنة بالولادة:

تعهد ترامب في أول يوم له في منصبه بإصدار أمر تنفيذي ينهي المبدأ الدستوري القديم الذي يقضي بمنح الجنسية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة. وقال ترامب إنه سيصدر تعليمات للوكالات الفيدرالية لإلزام أي طفل يولد في الولايات المتحدة بأن يكون أحد والديه على الأقل مقيمًا دائمًا أو مواطنًا قانونيًا، قبل أن يتم إصدار جواز سفر له أو رقم ضمان اجتماعي له.

الفحص الإيديولوجي للمهاجرين:

وعد ترامب بإعادة فرض حظر السفر من الدول ذات الأغلبية المسلمة الذي فرضه في ولايته الأولى. وكتبت حملته على موقع X في أكتوبر 2023 أنه "سيعيد فرض حظر السفر من الدول التي تعاني من الإرهاب ويوسعه" و"سيطبق فحصًا أيديولوجيًا قوياً لجميع المهاجرين".

في ذلك المنشور، أدرجت حملة ترامب خططاً لإرسال عملاء الهجرة إلى الاحتجاجات في الولايات المتحدة لإبعاد المتظاهرين "المؤيدين للجهاديين" من البلاد وإلغاء تأشيرات الطلاب "الأجانب المتطرفين المعادين لأميركا والسامية" في الجامعات. وكتبت الحملة أن "التعاطف مع الجهاديين أو حماس أو أيديولوجية حماس سوف يؤدي تلقائيًا إلى استبعاد" المهاجرين الذين يتقدمون بطلبات لدخول الولايات المتحدة.

مؤيد لترامب من حركة ماغا يتجادل مع شاب أمريكي أثناء احتجاج ضد الهجرة – shutterstock

وقد تم توسيع نطاق هذه الأفكار في برنامج الحزب الجمهوري الذي تم تبنيه خلال المؤتمر الوطني الجمهوري في يوليو/تموز. فقد جاء في برنامج الحزب: "سوف يستخدم الجمهوريون القانون الفيدرالي القائم لإبعاد الشيوعيين والماركسيين والاشتراكيين الأجانب الذين يكرهون المسيحيين عن أميركا".

ما هي الأوامر التنفيذية الخاصة بالهجرة التي أصدرها ترامب في أول يوم؟

بدأت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحد من الهجرة حيز التنفيذ، حيث شرعت الإدارة الأمريكية في تسهيل عمليات الترحيل للمهاجرين عبر توسيع نطاق الصلاحيات الممنوحة للجهات المعنية لتشمل وزارة العدل وإداراتها المختلفة. كما اتخذت الإدارة خطوات استباقية لمنع دخول مهاجرين جدد إلى الولايات المتحدة، مما دفع منظمات حقوقية إلى اتخاذ إجراءات قانونية تهدف إلى إيقاف عمليات الترحيل الجماعي.

  • نقلاً عن صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أصدرت الإدارة الأمريكية قراراً يقضي بمنح عملاء اتحاديين في وكالات مختلفة في الولايات الأمريكية، صلاحيات مماثلة لصلاحيات ضباط الهجرة، وذلك تسهيلاً لعمليات ترحيل المهاجرين إلى خارج الولايات.
  • ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، أصدرت الإدارة الأمريكية قرارًا يمنح عملاء اتحاديين من وكالات مختلفة صلاحيات مماثلة لضباط الهجرة، لتسهيل عملية ترحيل المهاجرين خارج البلاد.

كما تضمنت القرارات الجديدة وقف العمل بالتصاريح الرسمية سارية المفعول للهجرة، ووقف إجراءات دخول اللاجئين الجدد إلى الولايات المتحدة. 

  • وأصدرت إدارة ترامب قاعدة جديدة تهدف إلى توسيع نطاق الإبعاد المستعجل للمهاجرين. يأتي القرار الأمريكي بعد خطط جديدة طرحها القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي الأمريكي بنيامين هوفمان لتوسيع صلاحيات إنفاذ قانون الهجرة لوكالات وزارة العدل، بما يشمل إدارة مكافحة المخدرات ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات وإدارات أخرى.

إذ سيتم فحص جميع الأجانب الذين يعتزمون القبول أو الدخول أو المتواجدين بالفعل داخل الولايات المتحدة إلى أقصى درجة ممكنة، وخاصة الأجانب القادمين من مناطق أو دول ذات مخاطر أمنية محددة.

الترحيل الكبير.. هكذا بدأ ترامب تنفيذ تهديداته ضد المهاجرين
مئات المهاجرين أمام الجدار حتى يتمكنوا من تسليم أنفسهم لدوريات الحدود في الأراضي الأميركية، لطلب اللجوء الإنساني – shutterstock
  • أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الطوارئ عند الحدود الجنوبية مع المكسيك، مما أدى إلى إعلان عن سلسلة إجراءات صارمة تستهدف الحد من الهجرة غير الشرعية:
  • رفض دخول اللاجئين: بحسب وثيقة حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست ونشرت تقريراً عنها الأربعاء، فإن ترامب يستعد لنشر 10,000 جندي إضافي على الحدود الجنوبية مع المكسيك.
  • إلغاء مقابلات اللجوء: تم إلغاء مواعيد نحو 30,000 مهاجر في المكسيك، مما أضاف تعقيدات جديدة لطالبي اللجوء.
  • تعزيزات عسكرية: إرسال 10,000 جندي إضافي إلى الحدود، ليرتفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 12,000 جندي لدعم الأمن الوطني.
  • مراكز احتجاز جديدة: التخطيط لإنشاء مرافق احتجاز بقدرة استيعابية كبيرة لاستيعاب المهاجرين المحتجزين.

هذه الخطوات تهدف إلى تشديد الرقابة على الحدود وتقييد حركة المهاجرين، لكنها تثير تساؤلات إنسانية وقانونية حول تأثيرها على اللاجئين وحقوق المهاجرين.

  • وقع ترامب أمرا تنفيذيا بتعليق برنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة، مدة أربعة أشهر، اعتبارا من 27 يناير/كانون الثاني 2025.

وفي أعقاب أمر تنفيذي وقعه ترامب الاثنين بعد ساعات من تنصيبه، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنه "تم إلغاء جميع الرحلات المنظمة مسبقاً للاجئين للمجيء إلى الولايات المتحدة"، وفق مذكرة أرسلتها إلى مجموعات تعمل مع الوافدين الجدد.

هدف التعليق إلى مراجعة وتقييم البرنامج، مع تقديم تقرير إلى الرئيس في غضون 90 يوماً بشأن ما إذا كان استئناف دخول اللاجئين إلى الولايات المتحدة يصب في المصلحة الوطنية.

القرار أدى إلى وقف إعادة توطين عشرات الآلاف من اللاجئين في الولايات المتحدة، فيما أشارت وكالة أسوشيتد برس إلى أن آلاف اللاجئين الآخرين، الذين كانوا قد حصلوا على موافقة لإعادة التوطين، تقطعت بهم السبل في مختلف أنحاء العالم نتيجة لهذا الإجراء.

وفقاً لتقرير موقع Truthout الأمريكي، أن حوالي 1600 أفغاني تم فحصهم وتم السماح لهم بإعادة التوطين في الولايات المتحدة – بما في ذلك القُصَّر غير المصحوبين بذويهم الذين يجتمعون مع أفراد أسرهم – تم منعهم دخولهم إلى الولايات المتحدة.

  • وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً ينهي حق الحصول على الجنسية الأميركية بالولادة لأطفال المهاجرين غير القانونيين، وهو حق يكفله الدستور الأميركي وأكدته المحكمة العليا منذ أكثر من 125 عاماً. وفقاً للأمر، اعتباراً من 19 فبراير/شباط 2025، لن يُعتبر أطفال غير المواطنين "خاضعين لولاية قضائية" للولايات المتحدة، مما يتناقض بشكل مباشر مع التعديل الرابع عشر للدستور.

ووفقاً لتقرير لموقع Truthout، يُتوقع أن يحرم القرار أكثر من 150 ألف طفل سنوياً من حقهم في الحصول على الجنسية. كما سيقطع التمويل الفيدرالي لخدمات الرعاية البديلة للأطفال المهملين والمعنفين، والتدخلات المبكرة للرضع والأطفال الصغار والطلاب ذوي الإعاقة.

في الحادي والعشرين من يناير/كانون الثاني، رفعت 22 ولاية دعاوى قضائية ضد ترامب وبعض رؤساء أقسامه في المحكمة الجزئية الأميركية في مقاطعة ماساتشوستس، زاعمة أن الأمر ينتهك التعديل الرابع عشر في الدستور، ومبدأ الفصل بين السلطات، وقانون الهجرة والجنسية، وقانون إجراءات الإدارة. ويطلب المدعون إعلاناً بأن أمر ترامب ينتهك الدستور والقوانين الأميركية، فضلاً عن أمر قضائي دائم يمنع تنفيذه.

وفي سياتل أوقف قاضٍ فيدرالي تنفيذ الأمر "مؤقتاً"، مما منح المدعين فرصة لمتابعة الإجراءات القانونية.

ولتفادي العقبات البيروقراطية التي قد تعيق تنفيذ تهديداته بشأن الهجرة، أصدرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقاً لتقرير وكالة رويترز، توجيهات للمدعين العامين للتحقيق مع المسؤولين المحليين والولائيين الذين يرفضون التعاون مع جهود إنفاذ قوانين الهجرة. وشملت هذه التوجيهات، التي أعلنها نائب المدعي العام بالوكالة إميل بوف، دعوة المدعين الفيدراليين للنظر في إمكانية مقاضاة المسؤولين الرافضين، بالإضافة إلى الطعن في القوانين المحلية التي تعيق هذه الجهود.

تحميل المزيد