موسكو وطهران تعززان تحالفهما مع عودة ترامب.. إليكم بنود معاهدة الشراكة الاستراتيجية التي وقعتها إيران وروسيا

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/21 الساعة 13:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/21 الساعة 13:39 بتوقيت غرينتش
ما أبرز بنود معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران؟ / عربي بوست

عشية تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي إطار تعزيز التحالف بين موسكو وطهران الخصمين اللدودين للمنظومة الغربية، أعلنت كل من روسيا وإيران توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، في 17 يناير/كانون الثاني 2025، حيث وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان، الاتفاقية التي طال انتظارها في موسكو. وهذا هو الاجتماع الثالث من نوعه بين الزعيمين منذ تولي بيزيشكيان السلطة في يوليو/تموز 2024.

وتُعد هذه المعاهدة التي تحدثت عنها موسكو وطهران منذ وقت طويل، تتويجاً لسنوات من التعاون بين البلدين في مجالات عديدة أبرزها الطاقة والدفاع، كما تفتح آفاقاً جديدة لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما يشمل الاقتصاد، الأمن، الطاقة، والنقل، وذلك في الوقت الذي تواجه موسكو وطهران فيه ضغوطاً جيوسياسية واقتصادية متزايدة. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع بيزيشكيان في موسكو أشاد بوتن بالاتفاق باعتباره "اختراقاً حقيقياً يخلق الظروف للتنمية المستقرة والمستدامة لروسيا وإيران والمنطقة بأكملها".

ويعزز الاتفاق الذي يمتد لـ20 عاماً مع تمديدات تلقائية لفترات لاحقة مدتها خمس سنوات، التعاون العسكري والدفاعي بشكل أوثق، وهو أمر من المرجح أن يثير قلق الغرب بحسب رويترز. كما يتضمن الاتفاق بنداً ينص على أن أيا من البلدين لن يسمح باستخدام أراضيه لأي عمل من شأنه أن يهدد سلامة البلد الآخر، ولا يقدم أي مساعدة لأي طرف يهاجم أيا من البلدين. 

ما أبرز بنود معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران؟

تشمل معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران 47 مادة شاملة تهدف إلى تعميق التعاون بين البلدين. حيث اتفق الجانبان على تعميق علاقتهما في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، وسيعملان على تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع، وتنسيق أنشطتهما على المستويين الإقليمي والعالمي، بهدف تحقيق شراكة شاملة واستراتيجية طويلة الأمد. ومن أبرز هذه البنود :

1. التعاون الأمني والعسكري والدفاعي

  • بحسب المعاهدة، سوف تعمل الدولتان معاً ضد التهديدات العسكرية المشتركة، وتشاركان في التدريبات المشتركة، وتطوران "تعاونهما العسكري التقني". وإذا تعرضت إحداهما للهجوم، فلن تساعد الأخرى المعتدي، وستسعى إلى حل الخلافات على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
  • ولن يسمح أي من الجانبين باستخدام أراضيه لدعم الحركات الانفصالية أو الأعمال التي تهدد استقرار الطرف الآخر وسلامة أراضيه. ومن أجل التصدي للتهديدات المشتركة، سوف تتبادل أجهزة الاستخبارات والأمن المعلومات والخبرة وتعمل بشكل أوثق معاً.
  • وتعهدت روسيا وإيران بتكثيف جهودهما في مكافحة التطرف والعنف المنظم في منطقة الشرق الأوسط والقوقاز.
  • وحول التكنولوجيا العسكرية، اتفق الطرفان على تعزيز التعاون في مجالات تبادل التكنولوجيا العسكرية والأمن السيبراني.

2. التعاون الاقتصادي والتجاري

  • التبادل التجاري بالعملات المحلية: اتفق الطرفان على تعزيز استخدام العملات المحلية (الريال الإيراني والروبل الروسي) في التعاملات التجارية بينهما. كما جرى الاتفاق على ربط أنظمة الدفع المصرفية في البلدين، مثل شبكة "مير" الروسية و"شتاب" الإيرانية.
  • خفض الرسوم الجمركية: تشمل المعاهدة التزامًا مشتركًا بتسهيل التجارة الثنائية عبر خفض الرسوم الجمركية وإزالة العقبات التنظيمية.
  • تعزيز الاستثمار: تتضمن المعاهدة توفير ضمانات للاستثمارات الثنائية بهدف تشجيع الشركات الروسية والإيرانية على التعاون في مشاريع مشتركة.

3. التعاون في مجال الطاقة والنووي "السلمي"

  • ستعمل روسيا وإيران على تعزيز التعاون بين شركات الطاقة في البلدين وتشجيع الاستثمارات في مشاريع تطوير حقول النفط والغاز.
  • وحول مشاريع الطاقة النووية، التزمت موسكو وطهران بتطوير مشترك لمحطات الطاقة النووية السلمية في إيران. وأكد الرئيس الإيراني أن الاتفاقية ستسهم في استكمال محطات نووية جديدة بالتعاون مع روسيا.
  • وفي مجال النفط والغاز، تضمنت الاتفاقية بنوداً تتعلق بتطوير حقول النفط والغاز في كلا البلدين وتبادل التكنولوجيا والخبرات.

4. التجارة والنقل والبنية التحتية

  • سيعمل الجانبان معاً على إنشاء نظام دفع حديث مستقل عن البلدان الثالثة، مع التسوية بالعملات الوطنية. وسيعملان على تعزيز التعاون المباشر بين البنوك والترويج لمنتجاتهما المالية الوطنية.
  • ممر النقل الدولي شمال-جنوب: أكدت الاتفاقية الاستراتيجية على دعم مشروع ممر النقل الدولي الذي يربط آسيا الوسطى بالبحر الأسود عبر إيران وروسيا، مما يعزز دور البلدين كمحور رئيسي في التجارة الإقليمية والدولية.
  • تطوير البنية التحتية، حيث تشمل الاتفاقية العمل على تحسين الطرق وخطوط السكك الحديدية لتسهيل حركة البضائع والمسافرين.

5. التعاون الثقافي والعلمي

  • تبادل الخبرات العلمية: التزم البلدان بتوسيع برامج التبادل الأكاديمي والبحثي وتعزيز التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
  • تعزيز السياحة: تم الاتفاق على تسهيل منح تأشيرات الدخول وزيادة التعاون في قطاع السياحة والتبادل الثقافي.

ما أهمية هذه المعاهدة وفي هذا التوقيت؟

تتمثل أهمية معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران في أنها نقطة تحول في العلاقات الثنائية والإقليمية بين الحليفين الخصمين للغرب، على المستويات التالية:

1. تعزيز التحالف في مواجهة الغرب

تعكس هذه المعاهدة تحالفاً استراتيجياً بين بلدين يسعيان للحد من النفوذ الغربي في المنطقة والعالم. وصرح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن "هذه الاتفاقية تأتي في وقت يشهد تصاعد الضغوط الغربية على كلا البلدين"، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا وعلى إيران بسبب برنامجها النووي.

2. التوازن الإقليمي

تأتي هذه المعاهدة في سياق التوترات الإقليمية وخسارة الطرفين لنفوذهما الكبير في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، فيما أكد الجانبان أهمية "دعم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والقوقاز". كما أشار بوتين إلى أن "التعاون مع إيران يوفر فرصة لمواجهة التحديات الإقليمية"، بما في ذلك الأزمة في أفغانستان.

3. الأبعاد الاقتصادية والتنموية

تسهم الاتفاقية في تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة لكلا الطرفين. فإيران، التي تسعى لتعزيز اقتصادها وسط العقوبات الغربية قد تتصاعد في عهد ترامب، ترى في روسيا شريكاً اقتصادياً موثوقاً. في المقابل، تستفيد روسيا من تعزيز دورها كمصدر رئيسي للتكنولوجيا والطاقة لإيران.

4. البُعد الجيوسياسي

ترى موسكو في هذه المعاهدة فرصة لإظهار قوتها كقوة عظمى قادرة على بناء تحالفات استراتيجية. كما أن توقيع المعاهدة يأتي قبل أيام من عودة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، مما قد يعكس تحدياً للنظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

ما أهمية تطوير التعاون العسكري والدفاعي الآن بين الطرفين؟

  • شهد التعاون العسكري بين روسيا وإيران تصاعداً كبيراً خلال السنوات الأخيرة شمل توقيع اتفاقيات دفاعية مشتركة وإجراء مناورات عسكرية ثنائية أو مع الصين.
  • وفي ظل الحرب المتصاعدة في الشرق الأوسط وفي أوكرانيا، أصبحت القوتين الحليفتين تتبادلان العديد من القدرات العسكرية مما يدعم مصالح كلٍ منهما سواء في الحرب الروسية الأوكرانية، أو المواجهة الإيرانية الإسرائيلية المتصاعدة المحتملة.
  • منذ أن شنت روسيا هجومها على أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، تضخم التعاون العسكري الروسي الإيراني، فقد زودت طهران موسكو بآلاف الطائرات الهجومية أحادية الاتجاه من طراز شاهد وغيرها من المساعدات العسكرية، بما في ذلك مساعدة روسيا في إنشاء مصنع للطائرات المسيرة على أراضيها.
  • في المقابل، عرضت روسيا على الجمهورية الإسلامية "تعاوناً دفاعياً غير مسبوق"، كما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي العام الماضي 2023. ويشمل هذا بيعاً محتملًا لطائرات مقاتلة روسية من طراز سوخوي-35 لإيران وقد يعني بيع طهران منظومة إس-400 الدفاعية القادرة على تهديد الطائرات الإسرائيلية في حال قررت إسرائيل شن هجوم ما بضوء أخضر من ترامب الذي يتوعد طهران بـ"العقاب".
  • ولا شك أن المزيد من الدعم الروسي لإيران فيما تحتاجه من أسلحة أو منظومات دفاعية قد يزيد من التهديد الذي تشكله طهران لإسرائيل أو للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، خصيصاً بعد "طوفان الأقصى" 7 أكتوبر 2023.
  • يعرب المسؤولون الأمريكيون والغربيون عن قلقهم إزاء تكثيف موسكو "لتعاونها النووي" مع طهران مؤخراً، وهو ما قد يجعل الإيرانيين أقرب إلى امتلاك سلاح نووي. وهذا من شأنه أن يشكل تراجعاً دراماتيكياً عن تعاون روسيا السابق مع الغرب في كبح جماح البرنامج النووي الإيراني.
  • في الوقت نفسه قد تزيد روسيا من دعمها لبرنامج الفضاء الإيراني. فقد أطلقت موسكو بالفعل عدة أقمار صناعية إيرانية إلى مداراتها باستخدام صواريخ روسية. ومن الممكن أن تساعد روسيا طهران في تسريع تطوير مركبات الإطلاق الفضائية الخاصة بها أيضاً. ومن الممكن أن تساعد هذه التكنولوجيا بدورها إيران في تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على تهديد القارة الأوروبية وحتى أمريكا، وليس إسرائيل أو القواعد الأمريكية في المنطقة.
تحميل المزيد