ما حصيلة الحرب الإسرائيلية على المستشفيات والكوادر الصحية خلال 450 يوماً من الحرب على غزة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/12/28 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/12/28 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
الدمار في مجمع الشفاء الطبي على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي٫ إبريل 2024 - منظمة الصحة العالمية

في جريمة مكتملة الأركان وعلى مرأى ومسمع من العالم٬ دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي كامل المنظومة الصحية في شمال قطاع غزة، بعد اعتقاله مدير مستشفى "كمال عدوان" الطبيب حسام أبو صفية وأفراداً من طاقمه الذين قتل بعضهم حرقاً بحسب شهود عيان وتقارير صحفية وبيان للدفاع المدني في القطاع٬ في إطار عملية عسكرية أخرجت آخر مرفق صحي رئيسي في المنطقة عن الخدمة.

ونعت منظمة الصحة العالمية الجمعة 27 ديسمبر 2024 مستشفى كمال عدوان٬ وقالت إن المستشفى الواقع في بيت لاهيا شمال القطاع خرج عن الخدمة بالكامل، بعد ساعات من تأكيد الجيش بدء عملية عسكرية زعم أنها "تستهدف عناصر من حماس". واتهمت وزارة الصحة الفلسطينية الجيش باقتحام المستشفى وإحراق أقسامه وقتل بعض طواقمه واعتقال آخرين واقتيادهم إلى جهة غير معلومة٬ بالإضافة إجبار مرضى ومصابين على النزوح جنوباً بعدما أجبروا أيضاً على خلع ملابسهم في البرد القارص.

ومنذ بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023، واجه القطاع الصحي في غزة استهدافاً ممنهجاً وغير مسبوق أدى إلى تدمير المستشفيات وقتل الأطباء وتدمير البنية التحتية الصحية. وتعد هذه الأعمال خرقاً فاضحاً وواضحاً للقانون الدولي الإنساني الذي يحمي المنشآت الطبية والكوادر الصحية في أوقات النزاعات. 

ومنذ اللحظات الأولى للحرب٬ بدا واضحاً الحرب على المنظومة الصحية جزء أصيل من استراتيجية الحرب التي تشنها "إسرائيل" على غزة، وأن المنشآت الطبية، من مشافٍ ومرافق رعاية أولية وقوى بشرية، أضحت هدفاً من أهدافها، دون الأخذ بأي اعتبار للقوانين الدولية والإنسانية. فبالإضافة إلى المستشفيات، تم تدمير عشرات مراكز للرعاية الصحية الأولية، مما أدى إلى تعطيل قدرة النظام الصحي على تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية. كما تم استهداف مخازن الأدوية الرئيسية، مما تسبب في نقص حاد في الإمدادات الطبية، بما في ذلك أدوية الطوارئ والمضادات الحيوية٬ وتم قتل واعتقال مئات الأطباء والعاملين في الكوادر الصحية.

حرب "إسرائيل" على المستشفيات في غزة

  • قتلت "إسرائيل" أكثر من 1000 طبيب وممرض فلسطيني في هجمات ممنهجة على الكوادر الصحية على قطاع غزة ما بين أكتوبر 2023 وأكتوبر 2024. وبحسب  مكتب الإعلام الحكومي في غزة فإن "أكثر من 310 آخرين من الكوادر الطبية اعتقلوا وعذبوا وأعدموا في السجون والمعتقلات.
  • وخلال الحرب٬ منع جيش الاحتلال أيضاً دخول الإمدادات الطبية والوفود الصحية ومئات الجراحين إلى غزة٬ حيث يتهم مكتب الإعلام جيش الاحتلال باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج، ضمن خطة لتقويض المنظومة الصحية في غزة.
  • وبحسب بيانات للهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة٬ فإن المنظومة الصحية الفلسطينية تعيش فترة صعبة منذ بداية العدوان الإسرائيلي وتعرضها للاستهداف المباشر، حتى خرجت أكثر من 34 مستشفى (من أصل 36) عن الخدمة نتيجة تدميرها وقصفها وإحراقها من قبل جيش الاحتلال خلال 450 يوم من الحرب٬ بالإضافة إلى تدمير 80 مركزاً صحياً، واستهدف أكثر من 134 سيارة إسعاف في أكثر من 480 هجوم إسرائيلي.
  • يقول الهلال الأحمر الفلسطيني إن هناك 3 مستشفيات فقط كانت عاملة في شمال غزة لكنها خرجت عن الخدمة مؤخراً٬ كان آخرها مستشفى "كمال عدوان"٬ إلى جانب مستشفيين في دير البلح والوسطى، وآخريين في خانيونس، حيث أن معظم المستشفيات المركزية الرئيسية التي كانت تقدم الخدمات الصحية المميزة والعمليات، تم تحييدها وتدميرها من قبل قوات الاحتلال بطريقة ممنهجة خلال الحرب٬ مثل مجمع مستشفى الشفاء٬ ومستشفى القدس٬ والمستشفى الإندونيسي٬ ومستشفى بيت حانون، وكلها تعرّضت لأضرار جسيمة جراء القصف، وأصبح غير قادر على تقديم كامل الخدمات الأساسية للجرحى والمرضى.
  • بعد يومين فقط من بداية الحرب٬ في 9 أكتوبر 2023، خرج مستشفى بيت حانون في شمال غزة عن الخدمة، تلاه أمر من الجيش الإسرائيلي بإخلاء المستشفيات من المرضى والعاملين، وإفراغ المرافق الصحية المختلفة في مدينة غزة وشمالها، الأمر الذي رفضه العاملون في القطاع الصحي الذين أصروا على الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية والطارئة.
  • تم دفع السكان إلى التوجه إلى جنوب القطاع في محاولة لتهجيرهم، وتباعاً تم قصف المستشفى المعمداني مرات عديدة وارتكاب مجزرة هناك في 17 أكتوبر 2023. بالإضافة إلى تهديد محيط بعض مباني المستشفيات الأُخرى وتطويقها وقصفها وإحراقها وتخريبها مرات عديدة مثل مستشفى الشفاء، أكبر المشافي في القطاع، بالإضافة إلى مستشفى العودة والإندونيسي وكمال عدوان وغيرها، في محاولات مستمرة لتفريغ المستشفيات والمرافق الطبية وإجبار الناس على النزوح والمغادرة.
  • تحت وطأة الإجراءات الإسرائيلية، والإجراءات القمعية المتتابعة، واعتقال الطواقم، والقصف الممنهج، أُجبرت الطواقم العاملة في هذه المنشآت على النزوح، وجرى تقليص خدماتها بشكل كبير، ما شكل ضربة قاضية للمنظومة الطبية في مدينة غزة وشمالها، حيث تشكل هذه المستشفيات العمود الفقري للخدمات الطبية، وتخدم أكثر من ثلثي السكان لما تتمتع به من إمكانات فنية متخصصة لا يمكن توفيرها بسهولة في أماكن أُخرى في قطاع غزة، بسبب توفر الطواقم البشرية المتخصصة والتجهيزات والتقنيات الطبية المتقدمة.
  • وكان لأوامر القادة الإسرائيليين بمنع الماء والوقود والكهرباء والغذاء والإمدادات الطبية والإنترنت عن قطاع غزة أثرها الكارثي على المستشفيات والمراكز الصحية، الأمر الذي تسبب بتقويض عملها وجعلها في حالة انهيار وشلل تام، وبالحد من قدرتها على التعاطي مع الحالة الطارئة النامية والمتسارعة، وعلى الاستجابة لحاجات السكان الطبية والصحية الأساسية.

ماذا يقول القانون الدولي حول استهداف المستشفيات والكوادر الصحية؟

  • تجرم العديد من الاتفاقيات الدولية استهداف الكوادر والمنشآت الطبية أثناء الحروب، ومن ضمنها المادة 12 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، التي تؤكد "ضرورة احترام وحماية الوحدات الطبية المتنقلة والثابتة في جميع الأوقات".
  • كما تنص المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على أنه "لا يجوز مهاجمة المستشفيات المدنية المنظمة لرعاية الجرحى والمرضى، ويجب أن تحترم وتُحمى من جميع الأطراف المتحاربة".
  • فيما تعتبر المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن "تعمد توجيه الهجمات ضد الوحدات الطبية أو الأفراد العاملين فيها جريمة حرب، خاصة إذا كانوا يؤدون واجباتهم وفقا للقانون الإنساني الدولي".
  • وتشكل الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات والمراكز الصحية خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني. وفقاً لتقرير أصدرته لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة، فإن الاستهداف الممنهج للبنية الصحية يمكن أن يُصنف كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
مشاهد مروعة لمجمع الشفاء
صور تظهر أقسام مجمع الشفاء وسط غزة قبل وبعد تدميره٫ أبريل 2024/ القناة 12

ما التأثيرات المباشرة لهذه الهجمات؟

نتيجة للهجمات، يعاني القطاع الصحي في قطاع غزة من انهيار شبه كامل٬ ويواجه تأثيرات كارثية مباشرة:

  • نقص الأدوية والمعدات: أدى استهداف مخازن الأدوية إلى نقص حاد في الأدوية الأساسية، بما في ذلك أدوية التخدير والجراحة.
  • العجز عن استيعاب الجرحى: مع تدمير المستشفيات، باتت المستشفيات المتبقية غير قادرة على استيعاب العدد المتزايد من الجرحى.
  • ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين: ارتفعت معدلات الوفيات بسبب عدم القدرة على توفير الرعاية الطبية العاجلة.
  • انتشار الأمراض المعدية: مع تدهور النظافة العامة وانهيار الخدمات الصحية، انتشرت الأمراض المعدية مثل الكوليرا وغيرها من الأمراض٬ فاقمها الحصار وانقطاع المياه.
تحميل المزيد