دعا مشرعون في كوريا الجنوبية، الأربعاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، إلى عزل الرئيس يون سوك يول بعد أن أعلن الأحكام العرفية قبل أن يتراجع عنها بعد ساعات مما أثار أكبر أزمة سياسية منذ عقود في رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وفق وكالة رويترز.
الإعلان المفاجئ، أمسِ الثلاثاء، أشعل مواجهة مع البرلمان الذي رفض محاولته حظر النشاط السياسي وفرض رقابة على وسائل الإعلام، فيما اقتحمت قوات مسلحة مبنى الجمعية الوطنية (البرلمان) في سول.
وقال ائتلاف من المشرعين من أحزاب المعارضة إنه يعتزم تقديم مشروع قانون لعزل يون اليوم والذي يجب التصويت عليه في غضون 72 ساعة.
وقال هوانج أون ها، أحد النواب في الائتلاف للصحفيين: "يجب على البرلمان أن يركز على تعليق أعمال الرئيس على الفور لإقرار مشروع قانون العزل في أقرب وقت ممكن".
والثلاثاء، طالب الحزب الديمقراطي المعارض الرئيس يون بتقديم استقالته من منصبه فوراً.
وقال مسؤول رئاسي إن كبير موظفي الرئاسة وكبار معاوني الرئيس عرضوا الاستقالة بشكل جماعي.
⭕️ #عاجل | رئيس #كوريا_الجنوبية:
— عربي بوست (@arabic_post) December 3, 2024
🔷️ المحاولات المتكررة من المعارضة لعزلي غير مسبوقة في تاريخ البلاد والسياسة العالمية، وقد أعاقت عمل السلطة التنفيذية
🔷️ الجمعية الوطنية أصبحت ملاذًا للمجرمين، مما يعطل النظام القضائي والإداري ويهدد النظام الديمقراطي pic.twitter.com/Dib8tqO5e8
لماذا أعلن الرئيس الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية؟
في خطاب تلفزيوني مفاجئ في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، أعلن الرئيس يون فرض الأحكام العرفية، مبرراً ذلك بالحاجة إلى حماية البلاد من "القوات الشيوعية في كوريا الشمالية" ومواجهة ما وصفه بـ"العناصر المعادية للدولة".
وأكد يون أن هذا القرار ضروري للحفاظ على النظام الدستوري الليبرالي للبلاد وإزالة القوى المؤيدة لكوريا الشمالية من داخل كوريا الجنوبية. ورغم تأكيده على عدم وجود خيار آخر أمامه، فإنه لم يحدد الإجراءات التي سترافق فرض الأحكام العرفية.
وتبع ذلك على الفور مرسوم من 6 نقاط أصدره قائد الأحكام العرفية الجديد، الجنرال بارك آن سو، شمل حظر الأنشطة السياسية والأحزاب، و"الدعاية الكاذبة"، والإضرابات و"التجمعات التي تحرض على الاضطرابات الاجتماعية".
كما أمر المرسوم بإخضاع جميع وسائل الإعلام لسلطة الأحكام العرفية، وأمر جميع العاملين في المجال الطبي، بما في ذلك الأطباء المضربين، بالعودة إلى العمل خلال 48 ساعة.
ورغم أن هذا الإعلان كان غير متوقع، إلا أنه جاء في سياق نزاع متفاقم بشأن الميزانية بين يون والحزب الديمقراطي المعارض.
وكانت المعارضة قد خفضت حوالي 4.1 تريليون وون (2.8 مليار دولار) من ميزانية يون المقترحة البالغة 677 تريليون وون للعام المقبل، مما دفع الرئيس إلى الشكوى من أن "جميع الميزانيات الرئيسية الضرورية للوظائف الأساسية للبلاد" يتم خفضها.
ماذا كان رد فعل المعارضة والبرلمان على إعلان الأحكام العرفية؟
أثار إعلان الرئيس الكوري الجنوبي عن الأحكام العرفية انتقادات واسعة من قادة المعارضة والحزب الحاكم.
ووصف زعيم حزب قوة الشعب المحافظ الذي ينتمي إليه يون قرار فرض الأحكام العرفية بأنه "خطأ". وقال لي جاي ميونج، زعيم المعارضة الذي خسر بفارق ضئيل أمام يون في الانتخابات الرئاسية لعام 2022، إن إعلان يون "غير قانوني وغير دستوري".
كما وصف حزب المعارضة الرئيسي في كوريا الجنوبية، الديمقراطي، بقيادة لي، خطوة الرئيس بأنها "انقلاب".
وتبع ذلك مشاهد فوضوية، إذ تسلق جنود مبنى البرلمان من خلال النوافذ المحطمة وحلقت مروحيات عسكرية في السماء. وحاول موظفون في البرلمان إبعاد الجنود باستخدام طفايات الحريق، واشتبك المتظاهرون مع الشرطة في الخارج.
ولكن في غضون ساعات من الإعلان، أقر البرلمان بحضور 190 من أعضائه البالغ عددهم 300، بالإجماع اقتراحاً برفع الأحكام العرفية، بما في ذلك جميع الأعضاء الثمانية عشر الحاضرين من حزب يون. ثم ألغى الرئيس الإعلان.
وهتف المتظاهرون خارج الجمعية الوطنية مرددين "لقد فزنا!"، وصفقوا وقرعوا الطبول.
📷 صور من انتشار الجيش الكوري الجنوبي في الشوارع عقب إعلان الأحكام العرفية بالبلاد#كوريا_الجنوبية pic.twitter.com/beYiewEo1R
— عربي بوست (@arabic_post) December 3, 2024
لماذا تراجع الرئيس عن إعلان الأحكام العرفية؟
بموجب دستور كوريا الجنوبية، يتعين احترام التصويت البرلماني لرفع الأحكام العرفية.
وقال مسؤولون عسكريون في البداية إنه على الرغم من التصويت، فإن الأحكام العرفية ستظل قائمة حتى يرفعها يون بنفسه.
وبعد ست ساعات من إعلان الأحكام العرفية، قال يون إن القوات ستعود إلى ثكناتها وسيتم رفع الأمر بعد اجتماع لمجلس الوزراء.
ما هو رد الفعل الدولي؟
أثارت الخطوة غير المتوقعة من جانب يون، والتي تمثل المرة الأولى التي يتم فيها إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية منذ أكثر من أربعة عقود، قلق الولايات المتحدة وحلفاء آخرين.
وقال البيت الأبيض إنه "يشعر بالارتياح" لتراجع يون عن إعلانه الأحكام العرفية. وقال متحدث باسم البيت الأبيض: "الديمقراطية هي أساس التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وسنستمر في مراقبة الموقف".
وأفادت وكالة يونهاب للأنباء بتأجيل محادثات دفاعية مقررة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وتدريبات عسكرية مشتركة بين الجانبين .
وكانت الولايات المتحدة قالت في وقت سابق إنها تتابع "بقلق بالغ" الأحداث في حليفتها الآسيوية الرئيسية، حيث لديها 28500 جندي متمركزين للحماية من كوريا الشمالية.
فيما قالت وزارة الخارجية التركية، الثلاثاء، إنها تتابع تطورات الأحداث الجارية في كوريا الجنوبية.
وقال متحدث باسم رئيس وزراء السويد أيضاً إنه أرجأ زيارة لكوريا الجنوبية.
⭕️ #عاجل | تلفزيون كوريا الجنوبية: هبوط مروحيات على مقر البرلمان في #سيول وإغلاقه عقب إعلان الأحكام العرفية في البلاد pic.twitter.com/SK44DNceWA
— عربي بوست (@arabic_post) December 3, 2024
ماذا بعد؟
من المتوقع حدوث المزيد من الاحتجاجات الأربعاء مع اعتزام أكبر ائتلاف نقابي في كوريا الجنوبية، الاتحاد الكوري للنقابات العمالية، عقد تجمع حاشد في سول وتعهده بالإضراب لحين استقالة يون.
وحثت السفارة الأمريكية المواطنين الأمريكيين في كوريا الجنوبية على تجنب المناطق التي تشهد احتجاجات، بينما نصحت بعض الشركات الكبرى الموظفين بالعمل من المنزل.
وشهدت الأسواق المالية تقلبات، مع هبوط الأسهم الكورية الجنوبية بنحو 2% في وقت مبكر من اليوم الأربعاء، بينما استقر الوون عند حوالي 1418 للدولار، بعد أن هبط إلى أدنى مستوى له في عامين.
وعقد وزير المالية تشوي سانج موك ومحافظ بنك كوريا ري تشانج يونج اجتماعات طارئة خلال الليل ووعدت وزارة المالية بدعم الأسواق إذا لزم الأمر.
وقال رافائيل رشيد، مراسل صحيفة الغارديان البريطانية من سيول:" يتساءل الجميع عن الهدف النهائي الذي كان يسعى إليه يون. وبات التعجيل بمحاكمة يون الكلمة التي تتردد على ألسنة الناس. ومن داخل عالم السياسة، يواجه يون دعوات بالاستقالة أو الخضوع للمحاكمة."
ما هي الأحكام العرفية؟
تشير الأحكام العرفية إلى فرض سيطرة عسكرية مؤقتة على السلطات المدنية أثناء الأزمات عندما يُعتبر أن الإدارة المدنية العادية غير كافية. غالباً ما تشمل تعليق الحقوق المدنية العادية وتطبيق القوانين العسكرية. وعلى الرغم من أن الهدف منها يكون عادة مؤقتاً، إلا أنها قد تستمر لفترات طويلة أحياناً.