هل يمكن لـ”الجنائية الدولية” ملاحقة مسئولين غربيين دعموا إسرائيل في حرب الإبادة.. هذا ما يقوله نظام روما الأساسي

عربي بوست
تم النشر: 2024/11/27 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/11/27 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش
المحكمة الجنائية الدولية، لاهاي، هولندا/ رويترز

عقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، برزت مطالبات من قبل ناشطين وحقوقيين بضم أسماء أخرى لشخصيات ومسؤولين غربيين وأمريكيين إلى قائمة مذكرات الاعتقال لدورهم في دعم الإبادة الجماعية في غزة.

وقال الناشط الحقوقي عبد الله عقل، وهو ناشط سياسي مخضرم يقيم في مدينة نيويورك، إنه من غير المعقول استبعاد شخصيات أمريكية من لوائح الاتهام.

وتساءل عقل قائلاً: "أين بقية مذكرات الاعتقال للأشخاص الذين كانوا متواطئين مثل الرئيس جو بايدن، مثل نائبة الرئيس كامالا هاريس، والقائمة تطول مع وزير الخارجية توني بلينكن وآخرين؟"، مضيفاً: "نريد مذكرة اعتقال بحق بايدن".

وقالت تقارير إن قرار المحكمة بإصدار مثل هذه المذكرات لأول مرة ضد زعماء دولة حليفة للغرب، يشكل سابقة قانونية يمكن أن تكون لها تداعيات كبيرة في القانون الدولي.

وقد يكون أحد هذه التداعيات هو إمكانية معاقبة مسؤولين غربيين بشكل عام، وأمريكيين بشكل خاص في المحكمة الجنائية الدولية بسبب دعمهم للجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

فمنذ أن شنّت إسرائيل حرباً على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تلقت دعماً عسكرياً غربياً شمل إرسال الآلاف من الذخائر والعربات المدرعة والقنابل الذكية.

وكانت أبرز الدول التي بادرت إلى دعم جيش الاحتلال عسكرياً الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا.

طائرة مروحية من طراز أباتشي تابعة لجيش الاحتلال/رويترز

هل يمكن إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين غربيين من الناحية القانونية؟

أفاد خبراء قانونيون بأن المحكمة الجنائية الدولية لديها الآليات القانونية التي تمكنها من الناحية الفنية توجيه اتهامات إلى مسؤولين غربيين، ومن بينهم شخصيات في إدارة بايدن.

ونقل تقرير لموقع ميدل إيست آي عن سيليست كميوتيك، المحامية في مشروع التقاضي الاستراتيجي في المجلس الأطلسي، قولها: "في نهاية المطاف، يعود الأمر إلى المحكمة لتقييم الأدلة ضد المسؤولين الأمريكيين، ولكن نظام روما الأساسي يتضمن بالتأكيد طرقاً يمكن من خلالها تحميل الأفراد المسؤولية الشخصية عن المساهمة في جرائم الحرب – بما في ذلك، على سبيل المثال، توفير الأسلحة".

ورغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا طرفين في نظام روما الأساسي، إلا أن فلسطين طرف فيه. ومع وقوع الحرب على غزة داخل الأراضي الفلسطينية، فإن هذا يمنح المحكمة الجنائية الدولية سلطة ملاحقة أي فرد متورط في الحرب.

وأضافت كميوتيك: "بما أن فلسطين دولة طرف في نظام روما، فإن الدائرة التمهيدية تستطيع إصدار مذكرات اعتقال بحق أي شخص، بغض النظر عن جنسيته، إذا كان مسؤولاً عن جرائم على الأراضي الفلسطينية".

وخلصت إلى أنه من الممكن إصدار أوامر اعتقال ضد "مسؤولين غربيين مثل أولئك الذين دعموا إسرائيل في الولايات المتحدة".

التعامل مع حزب الله خامنئي أمريكا الاحتلال
الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/الأناضول

ماذا يقول نظام روما الأساسي عن إصدار مذكرات اعتقال بحق داعمي إسرائيل؟

بحسب نظام روما الأساسي، فإن الطريق أمام المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة أوامر الاعتقال ضد المسؤولين الغربيين عن الجرائم المرتكبة في الحرب الإسرائيلية على غزة يكمن في المادة 25 من نظام روما الأساسي.

وتتناول المادة 25 من نظام روما الأساسي المسؤولية الجنائية الفردية.

وقالت منظمة "الديمقراطية في العالم العربي الآن" في بيان لها الأسبوع الماضي إن المسؤولين الأمريكيين قد يواجهون المسؤولية عن جرائم حرب بموجب البند (ج) من النقطة الثالثة في المادة 25.

وينص البند (ج) من النقطة الثالثة في المادة 25 على ما يلي:

3- وفقاً لهذا النظام الأساسي،  يسأل الشخص جنائياً ويكون عرضة للعقاب عن أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يلي :-

ج ) تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها.

ورغم أن الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا على سبيل المثل ليسوا أطرافاً في الحرب على غزة، إلا أن هذه الدول تدعم إسرائيل عسكرياً منذ بدء الحرب.

وقدمت الولايات المتحدة أكبر قدر من المساعدات العسكرية لإسرائيل مقارنة بأي دولة أخرى في العالم.

وأظهرت دراسة أمريكية صدرت في وقت سابق أن الولايات المتحدة أنفقت ما لا يقل عن 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة.

المستشار الألماني أولاف شولتس / رويترز

وتعتبر ألمانيا ثاني أكبر مزود أسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة.

ونشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مشاهد تظهر استخدام سفينة حربية تم تصنيعها في مدينة كيل الألمانية بواسطة شركة Thysen Krupp لقصف غزة.

وقالت المحامية كميوتيك: "لا بد أن تكون المساعدة قد ساهمت في تعزيز الجريمة أو مواصلة ارتكابها بطريقة ما، ولا بد أن تكون قد تمت، أولاً، على الأقل مع الوعي بأن الجرائم ذات الصلة سوف تحدث في سياق الأحداث العادي، وثانياً، بغرض تسهيل تلك الجرائم ــ وهو عنصر عقلي متزايد".

ومع ذلك رأى خبراء أخرون أنه سيكون من الصعب إثبات الزعم بأن المسؤولين الغربيين كانوا يعتزمون تسهيل ارتكاب جرائم حرب.

وقال عادل حقي، أستاذ القانون، وجون أو نيومان، القاضي والباحث في جامعة روتجرز، إنه قد يكون من الصعب على المحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة ضد كبار المسؤولين الأمريكيين بموجب البند (ج) من النقطة الثالثة في المادة 25  لأنهم "من المرجح أن يجادلوا بأن مساعدة إسرائيل على ارتكاب جرائم بإرسال أسلحة أمريكية إليهم ليس هدفهم".

وقال حقي: "حتى لو كان هؤلاء المسؤولون الأمريكيون يعرفون أو يتوقعون أن إسرائيل سترتكب مثل هذه الجرائم، فإن هذه المعرفة وحدها قد لا تثبت القصد أو الغرض المطلوب".

هل هناك بنود أخرى في نظام روما الأساسي تدعم توجيه اتهامات لمسؤولين غربيين؟

بحسب البند (د) من النقطة الثالثة في المادة 25، يمكن توجيه الاتهامات أيضاً إلى مسؤولين غربيين.

وينص البند (د) من النقطة الثالثة في المادة 25 على ما يلي:

د ) المساهمة بأية طريقة أخرى في قيام جماعة من الأشخاص، يعملون بقصد مشترك، بارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، على أن تكون هذه المساهمة متعمدة وأن تقدم :-

ا " إما بهدف تعزيز النشاط الإجرامي أو الغرض الإجرامي للجماعة،  إذا كان هذا النشاط أو الغرض منطوياً على ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.

2 " أو مع العلم بنية ارتكاب الجريمة لدى هذه الجماعة".

وأوضح أستاذ القانون عادل حقي أن البند (د) يقدم حجة أقوى، وبشكل أكثر تحديداً فيما يتعلق بفقرته الثانية، التي تنص على أن الفرد يساهم في جريمة وأن القرار يتخذ "مع معرفة بنية المجموعة ارتكاب الجريمة".

وبعبارة أخرى، ليس من الضروري أن يشارك الفرد في نية المجموعة في ارتكاب الجريمة. ويكفي أن يعرف الفرد نية المجموعة ويقرر المساهمة على أي حال، بحسب ما ذكره حقي.

وأكد قانونيون أن المساهمة الأمريكية بالدعم العسكري تمت عمداً ومع العلم بأن إسرائيل كانت تخطط لارتكاب جرائم حرب في غزة.

ما هي المحكمة الجنائية الدولية؟
المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي/ Open source photo

ما هو رد الفعل الأمريكي إزاء مذكرات الاعتقال؟

وصف البيت الأبيض مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت بأنها "شائنة".

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في بيان: "لقد أوضحت الولايات المتحدة أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها سلطة قضائية على هذه المسألة. وبالتنسيق مع الشركاء، بما في ذلك إسرائيل، نناقش الخطوات التالية".

وهدد عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأمريكي المحكمة الجنائية الدولية بمعاقبة أفرادها بعد إصدارها مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.

وتحدثت تقارير عما يسمى "قانون غزو لاهاي"، وهو القانون الذي صدر في عام 2002، والذي  يشرعن إمكانية تنفيذ عملية عسكرية ضد المحكمة الجنائية الدولية.

وحصل القانون على اسمه من المادة 2008، من قانون حماية أعضاء الخدمة العسكرية الأمريكية، التي تسمح للرئيس الأمريكي باستخدام "جميع الوسائل الضرورية والمناسبة" لإطلاق سراح أفراد الجيش الأمريكي و"الأشخاص المتحالفين المشمولين".

و"يعني مصطلح "الأشخاص المتحالفين المشمولين" الأفراد العسكريين والمسؤولين المنتخبين أو المعينين وغيرهم من الأشخاص العاملين أو العاملين بالنيابة عن حكومة دولة عضو في الناتو، أو حليف رئيسي من خارج الناتو (بما في ذلك أستراليا ومصر وإسرائيل واليابان) والأردن والأرجنتين وجمهورية كوريا ونيوزيلندا)" كما يقول القانون.

ويسمح القانون للرئيس بإصدار أمر بعمل عسكري أمريكي، مثل غزو هولندا، حيث تقع لاهاي، لحماية المسؤولين والعسكريين الأمريكيين من محاكمتهم أو إنقاذهم من الحجز.

تحميل المزيد