أطلقت روسيا صاروخاً جديداً باليستياً فرط صوتي متوسط المدى على مدينة دنيبرو الأوكرانية، الخميس، رداً على سماح الولايات المتحدة وبريطانيا لكييف بضرب الأراضي الروسية بأسلحة غربية متقدمة، وذلك في تصعيد جديد للحرب المستمرة منذ 33 شهراً.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة بثها التلفزيون إن موسكو ضربت منشأة عسكرية أوكرانية بصاروخ جديد باليستي فرط صوتي متوسط المدى يحمل اسم "أريشنك".
وحذر بوتين من إمكانية إطلاق المزيد، مشيراً إلى أنه سيتم تحذير المدنيين قبل أي ضربات بمثل هذه الأسلحة.
وقال مسؤول أمريكي إن روسيا أخطرت واشنطن قبل وقت قصير من تنفيذ الضربة، في حين قال مسؤول آخر إن الولايات المتحدة أخطرت كييف وحلفاءها بالاستعداد لمثل هذا السلاح.
وفي وقت سابق من يوم الخميس، بدا أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، كشفت عن غير قصد عن بعض التفاصيل حول الضربة التي وقعت في الصباح الباكر خلال مؤتمر صحفي مباشر.
وتم التقاط محادثة هاتفية بين زاخاروفا ومتصل مجهول الهوية، والذي أمرها بعدم التعليق "على الضربة الصاروخية الباليستية".
ويبدو أن المتصل في المكالمة الهاتفية القصيرة يكشف أن الضربة استهدفت منشأة يوجماش العسكرية في دنيبرو.
ماذا نعرف عن الصاروخ الباليستي الروسي الجديد "أريشنك"؟
- وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قالت إن تصميم الصاروخ الروسي التجريبي الجديد مستمد من تصميم الصاروخ الباليستي العابر للقارات الأطول مدى من طراز "آر إس-26 روبيج".
- الصاروخ الباليستي العابر للقارات "آر إس-26 روبيج" يصل مداه إلى 6000 كم، ويمكنه حمل أربعة رؤوس حربية كل منها يقدّر حمولتها بنحو 0.3 ميغا طن.
- أُطلق الصاروخ الجديد "أريشنك" برأس حربي تقليدي، لكن موسكو قادرة على تعديله إذا أرادت، حيث يمكن إعادة تجهيز الصاروخ الجديد لحمل أنواع مختلفة من الرؤوس الحربية التقليدية أو النووية.
- قال جيفري لويس، الخبير في مجال منع الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في كاليفورنيا، إن بوتين ألمح في وقت سابق إلى أن روسيا ستعمل على استكمال تطوير نظام الصواريخ الباليستية متوسطة المدى بعد أن وافقت واشنطن وبرلين على نشر صواريخ أمريكية بعيدة المدى في ألمانيا اعتباراً من عام 2026. وأضاف لويس إن الصاروخ "آر إس-26 روبيج" كان دائماً المرشح الرئيسي لعملية التطوير.
- يبلغ مدى الصاروخ النظري أقل من 5500 كم، وهذا يكفي للوصول إلى أوروبا حيث أطلق من جنوب غرب روسيا.
- قال مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن روسيا تمتلك على الأرجح عدداً صغيراً من تلك الصواريخ "التجريبية" التي استخدمت في الضربة التي وقعت الخميس.
- فابيان هوفمان، وهو باحث في جامعة أوسلو متخصص في تكنولوجيا الصواريخ والاستراتيجية النووية، قال إن الجانب الأكثر أهمية في السلاح هو أنه قادر على حمل رؤوس حربية أو ما يعرف باسم "بالرأس المدمر الموجه"، وهو عبارة عن حمولة صاروخية تحتوي على العديد من الرؤوس الحربية، كل منها قادر على أن يستهدف هدفاً مختلفاً.
- أضاف هوفمان أن روسيا اختارت هذا السلاح "لغرض توجيه رسالة…هذه الحمولة مرتبطة حصراً بالصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية".
لماذا هاجمت روسيا مدينة دنيبرو الأوكرانية؟
- جاء الهجوم الروسي الأخير الذي استهدف مدينة دنيبرو الأوكرانية كرد على قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية، ومن بينها صواريخ أتاكمز، لضرب عمق الأراضي الروسية، في تغيير كبير في سياسة واشنطن تجاه الصراع بين أوكرانيا وروسيا.
- وكانت أوكرانيا قد شنت هجوماً استهدف الأراضي الروسية بستة صواريخ أتاكمز أمريكية الصنع في 19 نوفمبر/تشرين الثاني وبصواريخ ستورم شادو البريطانية وصواريخ هيمارس الأمريكية في 21 من الشهر نفسه، وذلك بعد موافقة إدارة بايدن.
- وقال الرئيس بوتين: "منذ تلك اللحظة، ومثلما أكدنا مراراً من قبل، يكتسب الصراع الإقليمي في أوكرانيا، والذي كان الغرب قد حرض عليه سابقاً، عناصر الصراعات العالمية".
- يذكر أن الإجراءات الروسية الأخرى التي جاءت كرد فعل على قرار واشنطن السماح لاوكرانيا باستخدام صواريخ أتاكمز لضرب الأراضي الروسية شملت أيضاً تعديل العقيدة النووية للبلاد.
ما هي الصواريخ الباليستية متوسطة المدى؟
- تستخدم روسيا بانتظام صواريخ باليستية قصيرة المدى في الهجمات الجوية ضد أوكرانيا، لكن الصواريخ الباليستية متوسطة المدى والصواريخ الباليستية العابرة للقارات أكبر بكثير، ويمكن تجهيزها بحمولات نووية، وهي مصممة لضرب أهداف على نطاقات أطول بكثير.
- تعمل الصواريخ الباليستية بالطاقة الصاروخية ويتم إطلاقها عالياً في الغلاف الجوي قبل أن تعود إلى هدفها.
- لا يتم توجيه هذه الصواريخ إلا خلال المراحل الأولية من الإطلاق، لذا قد تكون أقل دقة من الصواريخ المجنحة، ولكنها تتميز بالوصول إلى سرعات عالية بشكل لا يصدق – في بعض الأحيان أكثر من 3200 كم في الساعة – أثناء اقترابها من أهدافها.
- تتمتع الصواريخ الباليستية أيضاً بمدى طويل للغاية ــ أي ما يتراوح من نحو 1000 كم، إلى 3000-5500 كم، في حالة الصواريخ الباليستية متوسطة المدى.
- استخدمت روسيا حتى الآن عدة نماذج من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، بما في ذلك صواريخ إسكندر وكينجال. وبسبب سرعتها العالية، فإن أنظمة دفاع جوي محددة فقط قادرة على إسقاطها، ومن بينها نظام باتريوت الأمريكي الصنع.
هل تؤثر الضربة الصاروخية الروسية على الناتو؟
- نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن تيموثي رايت، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن تطوير روسيا لصواريخ جديدة قد يؤثر على القرارات في دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) فيما يتعلق بأنظمة الدفاع الجوي التي يجب شراؤها وكذلك القدرات الهجومية التي يجب متابعتها.
- أثارت قاعدة دفاع صاروخي باليستي أمريكية جديدة في شمال بولندا بالفعل ردود فعل غاضبة من جانب موسكو. وتشكل القاعدة الأمريكية في ريدزيكوفو جزءاً من درع صاروخي أوسع نطاقاً لحلف الناتو، وهي مصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى.
- مع ذلك، قال بوتين إن إطلاق الصاروخ الباليستي متوسط المدى الجديد، الخميس، لم يكن رداً على القاعدة في بولندا، بل على الضربات الأوكرانية بعيدة المدى الأخيرة داخل الأراضي الروسية بأسلحة غربية. وقال: "أعتقد أن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ بتدميرها بشكل أحادي الجانب لمعاهدة إزالة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى في عام 2019 تحت ذريعة واهية"، في إشارة إلى معاهدة القوى النووية متوسطة المدى.
- يذكر أن الولايات المتحدة انسحبت رسمياً من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى لعام 1987 مع روسيا في عام 2019 بعد أن قالت إن موسكو تنتهك الاتفاق، وهو الاتهام الذي نفاه الكرملين.