في ظل النقص الذي تعاني منه إسرائيل فيما يتعلق بالصواريخ الاعتراضية، وبينما تستعد تل أبيب لشن هجوم محتمل ضد أهداف إيرانية، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، نيتها نشر منظومة الدفاع الجوي "ثاد" المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى في إسرائيل، برفقة عسكريين أمريكيين سيشرفون على تشغيلها.
وأضاف البنتاغون في بيان صادر، الأحد، أن نشر بطارية "ثاد" والطاقم العسكري الأمريكي المرتبط بها، يأتي "بناءً على توجيهات من الرئيس جو بايدن، وبتفويض من الوزير لويد أوستن".
وأفاد المتحدث باسم البنتاغون، الثلاثاء، أن جنوداً أمريكيين وصلوا إلى إسرائيل أمس لتشغيل منظومة الدفاع الصاروخي ثاد، وأن مزيداً من الجنود سيصلون في الأيام المقبلة
وذكرت تقارير نشرتها وسائل إعلام أمريكية أن واشنطن سترسل قرابة 100 عسكري إلى تل أبيب، للإشراف على عمل وإدارة المنظومة.
ويأتي إعلان "البنتاغون" هذا تأكيداً لما نشرته إذاعة الجيش الإسرائيلي قبل يومين عبر منصة إكس، بأن "الولايات المتحدة قامت بنشر منظومة الدفاع الجوي (ثاد) في إسرائيل تحسباً لتهديدات إيران".
لماذا ترسل الولايات المتحدة نظام "ثاد" إلى إسرائيل؟
بررت واشنطن نشر المنظومة الأمريكية في إسرائيل بأنها تأتي "للمساعدة في تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية في أعقاب الهجمات الإيرانية غير المسبوقة ضد إسرائيل في 13 أبريل/ نيسان الماضي، ومرة أخرى في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري".
ومع ذلك، أشارت تقارير عدة إلى أن نشر هذه المنظومة يأتي في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل نقصاً وشيكاً في الصواريخ الاعتراضية، بحسب مسؤولين تنفيذيين في الصناعة ومسؤولين عسكريين سابقين.
وقالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن الولايات المتحدة تسارع للمساعدة في سد الثغرات في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.
وقال بواز ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وهي شركة مملوكة للدولة تصنع صواريخ آرو الاعتراضية المستخدمة لإسقاط الصواريخ الباليستية، إنه يعمل بنظام الورديات الثلاث للحفاظ على تشغيل خطوط الإنتاج.
وأضافت الصحيفة البريطانية أنه ورغم أن إسرائيل زعمت أنها نجحت في اعتراض الصواريخ التي أطلقتها إيران في أبريل/نيسان الماضي، إلا أنها لم تحقق نجاحاً كبيراً في صد الهجوم الإيراني الأخير الذي أطلقت فيه طهران 180 صاروخاً باليستياً، وأصاب ما يقرب من 30 صاروخاً قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية، وفقاً لتحليل استخباراتي استند إلى مصادر مفتوحة.
من جانبها أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن إرسال واشنطن لمنظومة ثاد الصاروخية إلى تل أبيب كان مدفوعاً أيضاً بسبب العجز الذي تعاني منه مخزونات الصواريخ الاعتراضية التي يمتلكها الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط، بعدما ساعدت القوات الأمريكية في صد الهجومين اللذين شنتهما إيران ضد إسرائيل في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول.
ما هو نظام "ثاد"؟
وفقاً للشركة المصنعة تم تصميم نظام الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية "ثاد" لاعتراض الصواريخ، وهو نظام دفاعي فعال ومثبت في القتال ضد تهديدات الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى.
تم اقتراح نظام ثاد لأول مرة في عام 1987، ثم تم نشره في عام 2008. ولا يمكن استخدامه كشكل من أشكال الهجوم ضد العدو. ويتمثل دوره في استخدام رادار قوي في تتبع الصواريخ وتدميرها قبل إطلاقها.
شركة لوكهيد مارتن هي المقاول الرئيسي في مشروع "ثاد" والتي لفتت في موقعها الرسمي على الإنترنت إلى أن "ثاد" هو النظام الأمريكي الوحيد المصمم لاعتراض الأهداف خارج وداخل الغلاف الجوي.
في حين أوضحت أيضاً أن "ثاد" يدافع عن المراكز السكانية والبنى التحتية ذات القيمة العالية، وهو قابل للتشغيل المتبادل مع أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستية الأخرى، ويمكن تفكيكه ونقله بسهولة بين دول العالم.
وتتكون بطارية النظام من 9 عربات مجهزة بقاذفات، تحمل كل منها من 6 إلى 8 صواريخ، إضافة إلى مركزين للعمليات ومحطة رادار، كما أن لديه 5 مكونات رئيسية هي:
- أجهزة اعتراضية
- قاذفات
- رادار
- وحدة تحكم في الحرائق
- معدات الدعم
وفقاً للشركة، فإن الرادار يعترض أولاً الصاروخ القادم، ويتم التعرف على أي تهديد من هذا القبيل من قبل أولئك الذين يحرسون النظام، والذين يقومون بعد ذلك بإطلاق مقذوف من شاحنة تسمى المعترضة على الصواريخ.
وقالت شركة لوكهيد مارتن إنه في النهاية باستخدام الطاقة الحركية للقذيفة فقط، يتم تدمير الصاروخ الباليستي.
ما هو الفرق بينه وبين أنظمة الدفاع الجوي الأخرى في إسرائيل؟
بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن الأمر يتعلق إلى حد كبير بالمدى، أي المسافة التي يمكن للصاروخ أن يقطعها. ويبلغ مدى نظام ثاد نحو 200 كم. ويمكن نقل منصات الإطلاق ومراكز القيادة إلى مواقع مختلفة.
وقارن خبراء بين نظام ثاد وأحد أنظمة الدفاع الرئيسية في إسرائيل، وهو مقلاع داود ، وهو سلاح ثابت في موقع ثابت يمكنه إسقاط الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة قصيرة ومتوسطة المدى. ويبلغ مداه حوالي 297 كم. ويتم إنتاج مقلاع داود بشكل مشترك من قبل شركة رايثيون وشركة الأسلحة الإسرائيلية رافائيل.
وهناك أيضاً سلسلة أرو الإسرائيلية، التي تنتجها شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية وشركة بوينغ.
وتستطيع الصواريخ "أرو 2" اعتراض أهداف مرتفعة في الغلاف الجوي، على ارتفاع نحو 48 كم ومدى نحو 96 كم. وهي مزودة برأس حربي محشو بالمتفجرات التي يمكن أن تنفجر بالقرب من الصواريخ القادمة حتى لو لم تُصب أهدافها بشكل مباشر.
صاروخ آرو 3، وهو سلاح آخر قادر على إصابة الهدف، يمكنه أن يتجاوز الغلاف الجوي بمدى يصل إلى 2400 كم.
ربما يكون نظام القبة الحديدية هو الأكثر شهرة بين أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى استخدامه أكثر من غيره. وتعتمد صواريخه الاعتراضية قصيرة المدى ــ التي يبلغ عرضها ست بوصات وطولها عشرة أقدام فقط ــ على أجهزة استشعار مصغرة وتوجيه حاسوبي للتركيز على الصواريخ قصيرة المدى. وهو من إنتاج شركة رافائيل الإسرائيلية.
ماذا يعني إرسال الولايات المتحدة نظام "ثاد" إلى إسرائيل؟
القرار الأمريكي بإرسال قرابة 100 عسكري برفقة نظام "ثاد" إلى تل أبيب يشير إلى التواجد العسكري الأول لقوات أمريكية داخل إسرائيل لأول مرة منذ أن شن جيش الاحتلال الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما يحمل هذا القرار أيضاً معنى سياسياً، إذ يرسل إشارة إلى إسرائيل بأن واشنطن تدعمها ضد إيران ومستعدة لتخصيص قدراتها الأكثر تقدماً لتحقيق هذه الغاية، وفق تقرير لصحيفة التايمز البريطانية.
إلا أن الصحيفة البريطانية أضافت أن هذا الدعم يأتي مصحوباً بطلب: إذ تريد واشنطن من إسرائيل أن تكبح جماح ردها على إيران، وأن تتجنب ضرب المنشآت النووية أو النفطية.
ورغم أنها لا تستطيع التحكم في ما تفعله إسرائيل، فإنها قد تأمل أن يؤدي نشر نظام "ثاد"، إلى جعل المسؤولين في إسرائيل أكثر تقبلاً لمطالبها.
ومن المحتمل أيضاً أن يؤدي وجود هذه القوات الأمريكية إلى وضعها في خط النار المباشر إذا حدثت ضربة إيرانية أخرى على إسرائيل مماثلة للضربة التي وقعت في وقت سابق من هذا الشهر.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال إن الولايات المتحدة تعرّض حياة جنودها "للخطر من خلال نشرهم لتشغيل أنظمة الصواريخ الأمريكية في إسرائيل".
من جانبهم، قال قادة في الجيش الأمريكي إن نشر بطارية "ثاد" في إسرائيل برفقة 100 جندي لتشغيلها من شأنه أن يزيد الضغوط الصعبة بالفعل على قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش، وأعربوا عن مخاوفهم مع تزايد الطلب على بطاريات ثاد وباتريوت بسبب الحرب في أوكرانيا والحرب على غزة ولبنان.
من جانب آخر، يثير نشر هذا النظام الدفاعي الأمريكي تساؤلات حول جدوى أنظمة الدفاع الإسرائيلية، والتي كثيراً ما تم الترويج لها باعتبارها أفضل أنظمة دفاع جوي في العالم.
فيما أوضح مراقبون أن نشر هذه المنظومة هدفه طمأنة إسرائيل من جهة، ومن ناحية أخرى، توجيه رسالة إلى إيران، لا سيما وأنها استخدمت قبل أسابيع صواريخ "فتّاح" الفرط صوتية.
ورأى عمر الرداد، خبير استراتيجي ومحلل سياسي، أن إسرائيل تحاول في كل ضربة تتلقاها سواء من إيران أو من وكلائها بالمنطقة سواء عبر المسيّرات أو الصواريخ، أن تستثمر ذلك لابتزاز الغرب عموماً والولايات المتحدة بشكل خاص بهدف الحصول على المزيد من الأسلحة، وكذا الظهور بأنها في حاجة إلى مساعدات، وأيضاً لإظهار قوة خصومها وقوة إيران تحديداً
ما هي الدول التي اشترت نظام ثاد؟
تم نشر النظام المضاد للصواريخ في كوريا الجنوبية في 2017 للمساعدة في صد أي هجوم صاروخي محتمل من كوريا الشمالية، بحسب تقارير أمريكية.
في حين كانت الإمارات أول مشتري أجنبي لنظام ثاد، حيث قدمت طلبية في عام 2011.
أما الدول الأخرى التي تمتلك نظام ثاد فهي: غوام وهاواي واليابان.