تشهد المنطقة تصعيدًا غير مسبوق منذ عقود، نتيجة للحروب المدمرة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان. ووفقًا لتقارير غربية، يستعد الاحتلال الإسرائيلي للرد بـ"ضربة قاتلة ومفاجئة" بعد الهجوم الصاروخي الباليستي الذي نُسب إلى إيران في مطلع أكتوبر الحالي.
ومن بين الخيارات التي تم مناقشتها كهجوم انتقامي، احتمال استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما يعتبر تصعيدًا خطيرًابحسب التقديرات الدولية.
في هذا السياق، هدد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طهران قائلاً: "ستدفع الثمن". وأكد جيش الاحتلال رفع حالة التأهب على جميع الجبهات استعدادًا لعملية واسعة ضد إيران، بعد أن أصابت الصواريخ الإيرانية قواعد ومطارات عسكرية للاحتلال.
من جهة أخرى، صرّح مسؤول أمريكي لشبكة "سي إن إن" بأنه لا توجد ضمانات بأن إسرائيل لن تستهدف المنشآت النووية الإيرانية. و الأربعاء 10 أكتوبر أشار موقع "أكسيوس" إلى تقبل إدارة بايدن لفكرة تنفيذ إسرائيل "هجوماً كبيراً" على إيران، وقد جاء ذلك بعد دعوة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لضرب تلك المنشآت النووية.
تمتلك إيران بنية تحتية نووية كبيرة، بما في ذلك مفاعل نووي روسي الصنع لتوليد الكهرباء، فضلاً عن منشآت بحثية متعددة ومخزون من اليورانيوم المخصب، الذي تم تخصيب جزء منه إلى مستويات قريبة من تلك المستخدمة في تصنيع الأسلحة النووية، فما هي قصة المشروع النووي الإيراني؟
متى وكيف بدأ المشروع النووي الإيراني؟
بدأ البرنامج النووي الإيراني في خمسينيات القرن الماضي، عقب خطاب الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور الشهير بعنوان "تسخير الذرة من أجل السلام" الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1953.
هذا الخطاب مهد الطريق، إذ شجع البلدان في مختلف أنحاء العالم، بما فيها إيران وباكستان والهند والبرازيل، على تطوير برامجها الخاصة في مجال الطاقة النووية والبحوث، فوقع الشاه محمد رضا بهلوي اتفاق تعاون مع الولايات المتحدة في عام 1957، بموجبه حصلت إيران على مساعدات فنية نووية من واشنطن.
في عام 1968، انضمت إيران لمعاهدة حظر الانتشار النووي، متعهدة باستخدام التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية. وخططت في ظل حكم الشاه محمد رضا بهلوي لبناء 23 محطة نووية، منها محطة بوشهر الشهيرة، التي تقع جنوب طهران على الخليج العربي.
و تأسس مركز طهران للأبحاث النووية عام 1967 بدعم أميركي وفرنسي وألماني، وتم تزويده بمفاعل أبحاث بقدرة 5 ميغاواطات. إلا أن الثورة الإيرانية عام 1979 غيّرت المشهد، حيث علق المرشد الأعلى آية الله روح الله الخميني المشروع النووي، مما أدى إلى إيقاف تلك الخطط مؤقتاً.
ظل البرنامج النووي الإيراني متوقفاً إلى حد كبير أثناء الحرب الإيرانية العراقية، ثم في عام 1995، أعادت إيران إحياء مشروعها بمساعدة روسيا، التي وافقت على استكمال محطة بوشهر ـ
ولكن الإدارة الأمريكية علمت أن روسيا عرضت على إيران سراً مرافق من شأنها أن تعزز قدرتها على إنتاج الأسلحة. وتحت ضغط من الولايات المتحدة، قلصت روسيا تعاونها النووي مع إيران.
في نفس الفترة، استخدم العالم الباكستاني عبد القدير خان شبكة دولية لنقل تكنولوجيا نووية متقدمة إلى دول عديدة، بما فيها إيران. ففي عام 2003، اكتشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تمتلك آلات متطورة لتخصيب اليورانيوم تستند إلى تصميمات من مصادر أجنبية حصلت عليها في عام 1989.
يُعتقد أن الدافع وراء البرنامج النووي الإيراني هو امتلاك جيرانها، مثل باكستان وإسرائيل، أسلحة نووية رغم أنها لم تعلن عن ذلك قط. ووفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كان البرنامج الإيراني بين أواخر التسعينيات وعام 2003 يحمل "أبعادًا عسكرية"، حيث حاولت إيران الحصول على مواد ومعدات عسكرية وإنشاء مسارات سرية لإنتاج "تصميم محلي لسلاح نووي".
ويعتقد بعض الخبراء أنه في عام 2003، أوقفت إيران برنامجها النووي خشية اكتشاف أبحاثها بعد غزو العراق.
وفقاً، لتقرير لصحيفة The Sydney Morning Herald، يقول جون كارلسون، الخبير الدولي في مجال منع الانتشار النووي: "باختصار، حاولت إيران إخفاء أنشطتها النووية قبل عام 2003 عندما تم اكتشاف برنامجها السري لتخصيب اليورانيوم وغيره من الأنشطة. ومنذ ذلك الحين، وفي حين حاولت إخفاء جوانب من الماضي، امتثلت لالتزامات الضمانات الأساسية ولكنها كانت تتهرب من الالتزامات الهامشية".
الاتفاق النووي الإيراني
وفي عام 2015، و بعد سنوات من المحاولات للضغط على إيران لتقليص برنامجها النووي عبر العقوبات والرقابة الدولية، توصلت ست دول إلى اتفاق مع إيران "الاتفاق النووي الإيراني" لخطة العمل الشاملة المشتركة. هذا الاتفاق قدم مستويات أعلى بكثير من التدقيق والمراقبة مقارنة بالبروتوكولات السابقة.
ولأول مرة، وافقت إيران على الحد من طموحاتها النووية. وفي يناير/كانون الثاني 2016، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنذاك، أن إيران شحنت أكثر من 10 أطنان من اليورانيوم المخصب خارج البلاد، وقامت بتفكيك معظم أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، كما وافقت على ملء قلب أحد مفاعلاتها النووية بالخرسانة.
لكن في منتصف عام 2018، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، مشيرًا إلى أنه "صفقة مروعة من جانب واحد". جاء هذا القرار بعد حملة طويلة قادها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد الاتفاق. و بعد الانسحاب الأمريكي، بدأ الاتفاق ينهار تدريجيًا، رغم أن إيران والدول الخمس الأخرى الموقعة عليه استمرت في الالتزام به لبعض الوقت.
ماذا نعرف عن المنشآت النووية في إيران
تمتلك إيران بالفعل عدداً من المنشآت والمواقع لتخصيب اليورانيوم ضمن برنامجها النووي، مثل مفاعل أراك لإنتاج الماء الثقيل ومحطة بوشهر النووية ومنجم غاشين لليورانيوم ومحطة أصفهان لمعالجة اليورانيوم ومنشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم في محافظة قم، وموقع بارشين العسكري، ومنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.
وفي أغسطس/آب 2002 دفعت هذه الاكتشافات غلام رضا أغازاده، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إلى الكشف عن نية إيران تطوير برنامجها الكامل.
وأثناء زيارة المتابعة التي قام بها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في فبراير/شباط 2003، أعلنت طهران رسمياً أنها تقوم ببناء محطة التخصيب. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2003، بدأت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران مفاوضات بشأن تعليق أنشطة التخصيب والتحويل الإيرانية.
وبالإضافة إلى وقف هذه الأنشطة، وافقت إيران على وقف تصنيع وتجميع أجزاء أجهزة الطرد المركزي في منشآت التخصيب. وتم الحفاظ على التعليق طوال مدة المحادثات مع الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2004.
ولكن بعد انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد في أغسطس/آب 2005، بدأت إيران في التراجع عن اتفاقيات التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي 10 يناير/كانون الثاني 2006، قامت إيران بكسر الأختام التي تحمي منشأة نطنز واستأنفت برنامج التخصيب.
وبعد ذلك بوقت قصير، أدخلت إيران سادس فلوريد اليورانيوم في الطاردات المركزية الغازية في محطة إثراء الوقود، وبحلول فبراير/شباط 2007 كانت قد بدأت في تلقيم سادس فلوريد اليورانيوم في السلاسل التعاقبية المركبة في محطة إثراء الوقود.
محطة نطنز.. أكبر منشأة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم
هي منشأة نووية تقع على بعد 260 كيلومتراً من مدينة كاشان في محافظة أصفهان، وتضم كلاً من محطة تخصيب الوقود التجارية (FEP) ومحطة تخصيب الوقود التجريبية PFEP. حيث يتكون المرفق من ثلاثة مبانٍ تحت الأرض ومحصنة بشكل كبير، اثنان منها مصممان لاستيعاب 50.000 شخص وأجهزة الطرد المركزي وستة مبانٍ فوق الأرض.
اثنان من المباني المذكورة أعلاه عبارة عن قاعات بطول 2500 متر تستخدم لتجميع أجهزة الطرد المركزي الغازية.
نقلت إيران سراً عمليات البحث والتطوير والتجميع الخاصة بأجهزة الطرد المركزي للغاز من شركة كالاي للكهرباء في عام 2002، ومع ذلك لم تظل العملية سرية لفترة طويلة من شركة كالاي للكهرباء إلى نطنز، لأن الجماعة المعارضة "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" حددت الموقع علناً.
محطة كارون النووية
في عام 2022، بدأت إيران إنشاء أحدث مشاريعها النووية في محافظة خوزستان الغنية بالنفط، جنوب غرب البلاد. المحطة، التي تُعرف باسم "كارون"، ستبلغ قدرتها 300 ميغاواط، وكان من المتوقع أن يستغرق بناؤها 8 سنوات بتكلفة تُقدر بحوالي ملياري دولار.
وصرح وقتها رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، بأن محطة كارون ستساهم في تعزيز القدرات الصناعية والتكنولوجية للبلاد.
فخلال حفل إطلاق المشروع من بناء المحطة في مدينة درخوين، أوضح أنها ستعتمد بشكل كبير على الطاقة المحلية وأنها تأتي في إطار وثيقة استراتيجية شاملة لتطوير الطاقة النووية في إيران.
وكان إنشاء تلك المحطة متوقفًا لسنوات عديدة بسبب عدم التزام الشركاء الأجانب بتعهداتهم، وفقاً لإسلامي.
محطة بوشهر النووية
هي المحطة الوحيدة لإنتاج الطاقة النووية في إيران التي تقع على سواحل الخليج في منطقة تشهد نشاطًا زلزاليًا مستمرًا. وقد تم بناء المحطة بمساعدة روسية وتزويدها بمفاعل تبلغ قدرته 1000 ميغاواط، ودخلت الخدمة الفعلية في عام 2013.
ويرجع موقع إنشائها إلى عام 1974 حين خطط إيران لبناء مفاعلين تجاريين في بوشهر بالتعاون مع ألمانيا، إلا أن المشروع توقف بعد الثورة الإسلامية عام 1979.
لكن في التسعينيات، أُعيد إطلاق المشروع بعد توقيع اتفاق مع روسيا لاستكمال العمل، رغم ذلك تأخر التنفيذ بسبب قرارات مجلس الأمن الدولي التي تهدف إلى وقف تخصيب اليورانيوم في إيران.
و بحسب تقرير BBC في ديسمبر/كانون الأول 2007، بدأت روسيا بتسليم أسطوانات اليورانيوم المخصب إلى إيران. وفي سبتمبر/أيلول 2011، تم ربط المفاعل بشبكة الكهرباء الوطنية الإيرانية لتوليد 700 ميغاواط من الكهرباء. وفي أغسطس/آب 2013، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المفاعل يعمل بكامل طاقته.
محطة أصفهان لمعالجة اليورانيوم
تُعتبر أصفهان "قلب إيران النووي" حيث تضم أشهر منشآتها النووية، وأبرزها منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز. أما عملية تحويل اليورانيوم فتتم في منطقة زردنجان جنوب شرق المدينة، وفقًا لما ذكرته صحيفة الغارديان.
في عام 2006، بدأت إيران تشغيل منشأة لمعالجة اليورانيوم في مركز الأبحاث النووية في أصفهان، بهدف تحويل الكعكة الصفراء إلى ثلاثة أشكال رئيسية:
- غاز سداسي فلوريد اليورانيوم، المستخدم في عمليات التخصيب في منشآت مثل نطنز وفوردو.
- أكسيد اليورانيوم، المستخدم كوقود للمفاعلات النووية.
- المعادن، التي تُستخدم في تصنيع بعض أنواع عناصر الوقود وأيضًا في تصنيع القنابل النووية.
مفاعل فوردو
تقع منشأة فوردو تحت الأرض في منطقة جبلية محصنة جنوب العاصمة الإيرانية، طهران. وقد كشفت إيران عن وجود هذه المنشأة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبتمبر/أيلول 2009 بعد اكتشافها من قبل أجهزة المخابرات الغربية، وحينها زعم الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، وجود مصنع سري ثانٍ لتخصيب اليورانيوم قرب قم، والذي كان قيد الإنشاء منذ أعوام.
تم تصميم منشأة فوردو لتضم حوالي 3000 جهاز طرد مركزي، وهي محمية بشكل جيد من أي ضربات عسكرية. بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وافقت إيران على تحويل فوردو إلى مركز أبحاث ووقف تخصيب اليورانيوم لمدة 15 عامًا.
لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018، استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم في المنشأة، وارتفعت نسبة التخصيب إلى 20٪ بحلول عام 2021. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، رفعت إيران مستوى التخصيب إلى 60٪. يُستخدم هذا اليورانيوم كمصدر وقود لمفاعل أبحاث طبي في طهران، الذي ينتج النظائر المشعة لعلاج مرضى السرطان.
مفاعل أراك
في عام 1996، باشرت إيران بناء منشأة لإنتاج الماء الثقيل في مدينة أراك وسط البلاد، وأعلنت رسميًا بدء إنتاجه في 28 أغسطس/آب 2006، بعد أن كشفت المعارضة الإيرانية عن المنشأة لأول مرة في عام 2002. نُشرت صور للموقع من قبل مؤسسة العلم والأمن الدولي الأميركية في ديسمبر 2002.
ووفقًا لتقرير من الجزيرة، أعلنت إيران أن المصنع سيُنتج 17 طنًا سنويًا من الماء الثقيل بدرجة نقاء 15% و80 طنًا بدرجة نقاء تقارب 80%. يعتبر هذا إنجازًا كبيرًا في سبيل استقلالية إيران في دورة الوقود النووي، حيث يمكن للمفاعل الناتج عن الماء الثقيل إنتاج 10 كيلوغرامات من البلوتونيوم سنويًا، وهي كمية كافية لصنع قنبلتين نوويتين على الأقل.
في عام 2004، بدأت إيران في إنشاء مفاعل نووي بقدرة 40 ميغاواط بالقرب من منشأة إنتاج الماء الثقيل في أراك. يعتمد هذا المفاعل على الماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي المتوفر محليًا، مما يغني إيران عن الحاجة لتخصيب اليورانيوم الذي تطالب القوى الكبرى بوقفه.
بالرغم من عدم إخضاع منشأة أراك حالياً للتفتيش المباشر من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تواصل الوكالة مراقبة الموقع عبر الأقمار الصناعية. ففي عام 2012، أكدت الوكالة استمرار عمل المنشأة.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، تم التوصل إلى اتفاق مؤقت بين إيران والدول الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا) لفرض قيود على تخصيب اليورانيوم وتعديل منشآت نووية.
وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، أوقفت بالفعل إيران بناء المفاعل وأزالت قلبه وملأته بالخرسانة لجعله غير صالح للاستخدام، مع التخطيط لإعادة تصميمه لتقليل إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة.
ومع ذلك، في عام 2021، أعلن مصطفى نخعي، رئيس لجنة الطاقة في مجلس الشورى الإيراني، أن مفاعل أراك الذي توقف عن العمل بموجب اتفاق فيينا سيعاد تشغيله لأغراض البحث.
منجم غاشين لليورانيوم
في ديسمبر/كانون الأول 2010، أعلنت إيران لأول مرة إنتاجها المحلي لمركزات خام اليورانيوم، المعروفة بالكعكة الصفراء، والتي نُقلت إلى المفاعل لتكون جاهزة للتخصيب.
ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، كان منجم غاشين بالقرب من ميناء بندر عباس مصممًا في الأصل لدعم برنامج نووي عسكري، رغم أن إنتاجه الحالي لا يلبي احتياجات مفاعل طاقة كهربائية.
في السابق، كانت إيران تعتمد على مخزون محدود من الكعكة الصفراء المستورد من جنوب أفريقيا. لكن في عام 2013، دشنت إيران منجمي يورانيوم جديدين سيوفران مواد خام لمجمع جديد لإنتاج الكعكة الصفراء، بحسب تقرير وكالة فرانس 24.
يقع المنجمان في منطقة ساغند بمحافظة يزد على عمق يصل إلى 350 مترًا، ويبعدان حوالي 100 كم عن المجمع الجديد في أردكان، الذي أعلنت إيران حينها أنه سيُنتج 60 طنًا سنويًا من الكعكة الصفراء.
تُستخدم هذه الكعكة الصفراء في إنتاج اليورانيوم المخصب، بعد تحويلها إلى غاز سداسي فلوريد اليورانيوم المخصص لتشغيل أجهزة الطرد المركزي.
رغم الإعلان عن مناجم ساغند في العقد الأول من الألفية، إلا أن بعض الخبراء الغربيين أشاروا إلى أن المعادن المستخرجة منها قد تكون ذات جودة منخفضة.
استهداف المشروع النووي واغتيال العلماء
سعت طهران لسنوات طويلة إلى بناء منشآت سرية لتخصيب اليورانيوم، لكن تم اكتشاف بعض هذه المنشآت في أواخر التسعينيات ومطلع عام 2000. تعرضت هذه المنشآت لهجمات متكررة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.
اغتيالات العلماء النوويين:
- 2010: اغتيل الفيزيائي مسعود علي محمدي بانفجار دراجة نارية مفخخة، واعترف أحد المشتبهين بالعمل لصالح الموساد.
- 2010: اغتيل عالم في وكالة الطاقة الذرية الرئيسية في إيران، ماجد شهرياري، بنفس الطريقة، حيث تم لصق قنبلة بسيارته.
- 2012: اغتيل مصطفى أحمدي روشن، المشرف على محطة نطنز للتخصيب النووي، عندما تم لصق قنبلة بنافذة سيارته.
- 2020: اغتيل محسن فخري زاده، أبرز علماء إيران النوويين، برصاصة من رشاش متحكم به عبر الأقمار الصناعية. تم تنفيذ العملية بواسطة الموساد وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
- إعدام شهرام أميري: في عام 2009، أعدمت إيران أحد علمائها، شهرام أميري، بعد أن قدم معلومات سرية حول البرنامج النووي للولايات المتحدة.
وفقًا لتقرير لصحيفة The Sydney Morning Herald، فإن اغتيالات العلماء النوويين الإيرانيين تتجاوز مجرد إيقاف المعرفة النووية، فهي تمثل أيضًا تهديداً واضح إلى العلماء الآخرين في البرنامج النووي الإيراني بأن هذا العمل سيكلفهم حياتهم. فبقتل أكبر علماء البرنامج، يُعاد البرنامج إلى الوراء لكن يتم أيضًا توجيه تحذير مبطن لكل من يستمر في هذا المجال.
لم تقتصر أعمال التخريب على الاغتيالات الدموية، ففي عام 2007، شنت وكالات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية هجومًا إلكترونيًا باستخدام فيروس "ستوكسنت". استهدف الهجوم منشآت التخصيب النووي في نطنز، حيث نجح الفيروس في تعطيل أجهزة الطرد المركزي التي تفصل نظير اليورانيوم U-235 المستخدم في صنع الأسلحة النووية، مما جعل العطل يبدو وكأنه خلل تقني طبيعي في المعدات.