أنفاق قناة السويس: تسهيل انتشار الجيش المصري في سيناء ودعم التنمية.. ومصادر: القاهرة تغير المعادلة العسكرية مع إسرائيل 

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/28 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/28 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
نفق تحيا مصر/ رويترز

طرحت التصريحات التي أطلقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مطلع هذا الأسبوع بشأن وجود "6 أنفاق" تربط بين سيناء والدلتا وتجعلهما قطعة واحدة، تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية التي دفعت القاهرة لإنشاء خمسة منها في غضون سنوات قليلة، بعد أن كانت سيناء ترتبط بنفق واحد يعبر أسفل قناة السويس ويربطها بباقي المحافظات المصرية.

ولعل ما يدعم طرح التساؤلات في هذا التوقيت أنها جاءت بالتزامن مع توترات ظهرت إعلامياً على نحو أكبر بين مصر وإسرائيل.

مصر تستعد لكل الاحتمالات

وقال مصدر أمني مصري مطلع، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن أهمية الأنفاق الأساسية تتمثل في نقل القوات المسلحة المصرية إلى سيناء في وقت قصير للغاية قد لا يتجاوز نصف ساعة أو ساعة على أقصى تقدير.

وأوضح أنه في السابق كانت مصر تضطر لتركيب كباري صناعية لتحقيق هذا الهدف، وفي حال كانت هناك قوات كبيرة، فإن الأمر قد يكون بحاجة إلى وقف العبور بقناة السويس للمرور بحراً، وبالتالي جرى التعامل مع كل هذه التعقيدات من خلال إنشاء خمسة أنفاق إلى جانب كباري عائمة تقوم بالمهمة ذاتها.

وأوضح أن حديث الرئيس عن هذه الأنفاق بعد ما يقرب من خمسة سنوات على افتتاحها هو رسالة لمن لديه أطماع في تهديد الأمن القومي في شبه جزيرة سيناء، والتأكيد على أنها لم تعد منفصلة عن مصر، وأن هناك ترتيبات دفاعية لتأمين المساحات الشاسعة قرب الحدود الشمالية الشرقية، وليس الأمر مرتبطاً بانتشار الجيش المصري في سيناء بقدر ما هو يتعلق بتأمينها، بخاصة وأن هذه الأنفاق كانت شاهدة على عبور معدات ثقيلة وأسلحة إلى شبه جزيرة سيناء خلال الفترة الأخيرة للعملية الشاملة التي نجحت في القضاء على الإرهاب بشكل شبه كامل.

وأشار إلى أن الأنفاق مؤمنة بالكامل، وهناك قوات دفاع جوي مصرية قادرة على التعامل مع أي تهديدات، كما أنها تستخدم في الوقت الحالي على مستوى اللوجستيات لتجهيز البنية التحتية لتنمية سيناء، ولكن في المقابل فإن مصر تؤكد من خلالها أنها تستعد لكل الاحتمالات.

وأوضح أن مجرد حديث الرئيس المصري عنها فإنها تعد تأكيداً على أن من يفكر في معاداة مصر من الجهة الشمالية الشرقية عليه أن يفكر في معادلات القوى التي تغيرت في هذه المنطقة بعد أن كانت إسرائيل تتباهى في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد بأنها تركت سيناء وهي شبه معزولة عن مصر.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال "الاحتفالية الوطنية الكبرى التي أقيمت تحت عنوان وطن السلام، بمدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية الجديدة، السبت: "نحن ربطنا سيناء بـ 6 أنفاق موجودة تحت القناة (السويس) كي تكون سيناء ومصر أو الدلتا قطعة واحدة".

وبلغت تكلفة الأنفاق، وفق تقرير حكومي، 35 مليار جنيه، حيث تم استلام مواقع العمل بنهاية فبراير 2015، وتوالى وصول ماكينات حفر الأنفاق اعتبارا من نوفمبر 2015 حتى مايو 2016، كما تم تجميع ماكينات حفر الأنفاق بمواقع العمل بأيدي المهندسين والفنيين والعمال المصريين.

حماية محددات الأمن القومي المصري

وبحسب مصدر عسكري آخر، فإن القيادة المصرية هدفت لأن تكون هذه الأنفاق مرتبطة في الذاكرة الشعبية، وبالتالي تم تمويل جزء منها من أموال المصريين الذي وضعوا ودائع بنكية لإنشاء قناة السويس الجديدة، والهدف هو ربط سيناء بوادي النيل وإنهاء حالة الفصل الذي استمر لعقود وهي أهداف تأمينية بحتة في المقام الأول، ومن أجل التعامل مع خطط جرى الإعلان عنها من جانب إسرائيل في مرات سابقة بشأن فصل سيناء عن مصر.

وأوضح أنه تم اختبار هذه الأنفاق من خلال إدخال المعدات الثقيلة للتنمية في سيناء، وبعدها جرى تعزيز القوات المسلحة المصرية التي شاركت في معركة تطهير شبه جزيرة سيناء من الإرهاب، وهناك خطة مستقبلية لأن تكون هذه الأنفاق بوابة للتنمية مع إنشاء 7 مدن جديدة في محافظتي شمال وجنوب سيناء، إلى جانب إنشاء 7 جامعات مصرية، وهو ما يشجع على توطين ما يقرب من 3 ملايين مواطن.

وكذلك ضخ استثمارات زراعية لاستصلاح 600 ألف فدان، وإنشاء مطارات وموانئ، كما أنها تهدف تسهيل عبور وحركة المصريين إلى هناك مع توجه الحكومة المصرية لإنشاء المساكن البدوية الملحق بها الأراضي الزراعية، بحسب المصدر ذاته.

وأكد أن كل هذه الجهود ذات أهداف دفاعية وتأمينية لتعزيز الأمن القومي المصري، واستكمال ما جرى بذله من جهود وتضحيات على مدار عقود سابقة، ونفي أي شائعات تروج بين الحين والآخر عن أن مصر يمكن أن تترك سيناء سواء لتوطين الفلسطينيين أو بتركها صحراء جرداء بما يساهم في إعادة احتلالها من إسرائيل، مشيراً إلى أن بناء الأنفاق ليس وحده الذي يساهم في تأمين سيناء لكن القاهرة ربطتها بطرق موسعة تساعد على الانتشار السريع وهناك أكثر من 7000 كيلو متر من الطرق تربط بينها وبين التجمعات السكنية الجديدة في مدن شمال وجنوب سيناء.

وذكر أن الربط بين سيناء والدلتا لا ينفصل عن مشروعات تنموية أخرى تربط بين أقصى الحدود الشرقية بالحدود الغربية إلى جانب إنشاء قواعد عسكرية في الغرب والجنوب والشمال أيضاً، وهو ما يهدف إلى حماية محددات الأمن القومي المصري، وهو أمر اقتنع المصريين في الوقت الحالي بأهميته في ظل التهديدات المستمرة على قرب الحدود من اتجاهات مختلفة.

 عبور ثاني

وتعرف أنفاق قناة السويس بـ"أنفاق سيناء الجديدة" والبالغ عددها خمس أنفاق على مرحلتين. فقد تم افتتاح المرحلة الأولى منها في مايو 2019 عقب الانتهاء من حفر أنفاق "تحيا مصر" بالإسماعيلية وأنفاق" 3 يوليو" ببورسعيد خلال ثلاث سنوات بدءًا من يوليو 2016 حتي مايو 2019. 

بينما تم افتتاح المرحلة الثانية بانتهاء نفق الشهيد أحمد حمدي 2 بالسويس، والذي استغرق تنفيذه 28 شهرًا والذي يستوعب 2000 سيارة كل ساعة أي بمعدل 40 ألف سيارة كل يوم.

وعلاوة على ذلك، تم إنشاء خمس كباري عائمة، ومنها كوبري الشهيد أحمد منسي بالإسماعلية، والشهيد أبانوب جرجس بالقنطرة، وطه زكي بالسرابيوم، وكوبري الشهيد عمر الشبراوي بالشط بالسويس، والنصر ببورسعيد.

ووفق تقرير حكومي يوجد بكل نفق حارتين للسيارات بعرض 3.7 أمتار لكل حارة، ومزودة بكاميرات مراقبة ورادارات لمتابعة السرعة وأنظمة حريق، فضلاً عن وجود غرف طوارئ ونقاط تفتيش، وأكد التقرير أنه تم ربط نفقي قناة السويس بعدد من الممرات العرضية المتكررة بطول 500 متر لكل ممر، موضحاً أنه يبلغ القطر الداخلي للأنفاق 11.4 متر فيما يبلغ القطر الخارجي 12.6 متر، ويبلغ الارتفاع الصافي أعلى الحارات المرورية 5 أمتار ونصف المتر.

وبحسب مصدر مطلع بمحافظة شمال سيناء فإن الأنفاق بعثت رسائل للمواطنين بأنهم يحظون بنفس الامتيازات التي يحصل عليها أقرانهم في محافظات أخرى، ودائما ما كانت هناك غصة بأن شبه جزيرة سيناء منفصلة عن باقي المحافظات المصرية، بل أن البعض يعتبره عبور ثاني بعد أن عبر منها الجيش المصري إلي سيناء من فوق المياه خلال حرب اكتوبر عام 1973، وأن السبب في هذا الشعور لأنهم يدركون أنها أنهت عزلة سيناء إلى الأبد.

وأوضح أن عرض الأنفاق التي تصل إلى أربع أمتار يتيح نقل المعدات الثقيلة والدبابات والآلات الحربية إلى جانب معدات التنمية الثقيلة، وهو ما يسهل عملية الانتشار في سيناء بغضون ساعات قليلة، ولم يعد هناك تهديد على عدم التعامل مع أي تهديدات بخاصة مع تعقيدات الاتفاق الأمني مع إسرائيل في اتفاقية كامب ديفيد، والآن لن تضع القاهرة في اعتبارها كثيراً مسألة التواجد الكثيف في سيناء بقدر أن الأهم هو وجود القدرات التأمينية لها.

وشدد على أن الحكومة خلال السنوات الماضية أولت اهتماما كبيرا بشبه جزيرة سيناء لكونها لم تحظ بحقها من التنمية مثل باقى محافظات الجمهورية التى دخلتها التنمية بسبب مكافحة الإرهاب مثل العملية الشاملة وحق الشهيد وغيرها من العمليات حتى نجحت فى التخلص من فلول الإرهاب وبدأت الدولة فى التنمية لتسير بخط متوازي، ومن صور اهتمام القيادة السياسية بسيناء إنشاء مدارس جديدة على مستويات مختلفة وإنشاء جامعات مثل الجامعات الأهلية بالإضافة إلى الرعاية الصحية بإنشاء مستشفيات جديدة ورفع كفاءة المستشفيات القديمة وتطوير الادوية والامصال المتمثلة فى طبيعة الحياة البدوية الشاقة فضلا عن عملية استصلاح الاراضى.

ولفتت صحف عبرية أن هناك مخاوف في إسرائيل من وجود أنفاقٍ تحت قناة السويس، وتوسيع مدارج الطائرات في سيناء، ووجود بنيةٍ تحتيةٍ هجوميةٍ ومجمعاتٍ تحت الأرض لتخزين الصواريخ، وقد أفادت وسائل الإعلام العربية مؤخرًا عن أنظمة دفاعٍ جويٍّ صينية الصنع مُتمركزة في سيناء.

تُعدّ شبه جزيرة سيناء العمق الاستراتيجي لمصر وخط دفاعها الأول، كما أنها تمثل رابطاً جغرافياً مهماً بين إفريقيا وآسيا وبين البحرين الأحمر والمتوسط. ومنذ 2011، قالت السلطات المصرية إن المنطقة واجهت "تهديدات إرهابية متزايدة"، ما دفع مصر إلى تعزيز وجودها العسكري هناك.

وكشف مصدر عسكري مصري، في تصريح سابق أن ما يثير قلق إسرائيل ليس فقط وجود القوات العسكرية المصرية في شمال سيناء بالقرب من الحدود مع غزة، لكنها تدرك أن القواعد العسكرية المصرية يمكن أن تشكل تهديداً لتحركاتها البحرية في خضم رغبتها في زيادة نفوذها إلى جانب الولايات المتحدة في الممرات البحرية الدولية، تحديداً في البحر الأحمر.

وشدد مصدر حكومي مطلع، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن الأنفاق أحدثت انتعاشة كبيرة في محافظتي شمال وجنوب سيناء، وهناك حركة سهلة لعبور المسافرين والمعدات والمواد الغذائية ولو كانت قد تم تأسيسها قبل عقود لكانت سيناء في وضعية مختلفة الآن لكن الطريق مازال طويلاً، وأن الإعلان عن الأنفاق في احتفال مخصص لذكرى حرب أكتوبر إشارة إلى أن هذه المنطقة التي شهدت عبور الجيش المصري إلى سيناء من فوق المياه يعبرها جميع المواطنين من خلال أنفاق أرضية أسفل قناة السويس.

تحميل المزيد