قلق إسرائيلي من تزايد النفوذ التركي في غزة بعد الحرب.. لماذا تخشاه تل أبيب، وما ملامحه؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/18 الساعة 13:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/18 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
تصاعد النفوذ التركي في غزة يقلق إسرائيل/ عربي بوست

تزامن إعلان أنقرة استعدادها لإرسال عشرات من عناصر هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" إلى قطاع غزة، مع قلق متزايد في الأوساط الإسرائيلية من تصاعد النفوذ التركي في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، خصوصاً بعد المشاركة المباشرة لرئيس جهاز الاستخبارات التركي في المفاوضات.

وجاءت سلسلة تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أشاد فيها بالدور التركي، لتزيد من توتر إسرائيل، باعتبارها إشارة إلى احتمال توسع نفوذ أنقرة في الساحة الفلسطينية، سواء عبر المشاركة في ترتيبات الأمن الميداني داخل القطاع، أو من خلال دورها المرتقب في مشاريع إعادة الإعمار.

ويعزز ذلك طلب حركة حماس إدراج تركيا ضمن قائمة الدول الضامنة للاتفاق إلى جانب مصر وقطر، ما يفتح الباب أمام تحولات جديدة في موازين القوى الإقليمية داخل قطاع غزة وما بعدها. فكيف منح وقف الحرب في غزة ثقلاً جديداً لتركيا في الملف الفلسطيني؟ وما الذي تخشاه إسرائيل من تصاعد النفوذ التركي في غزة؟

خيبة أمل إسرائيلية من تصاعد النفوذ التركي

أعربت نوعا لازيمي، الباحثة في معهد مسغاف للصهيونية والأمن القومي، عن خيبة أملها من أن أحد نتائج وقف الحرب مع حماس هو إعادة تركيا للواجهة، ما يجعل الاتفاق يحمل في طياته مخاطر على المدى البعيد، لأن الأخيرة استفادت منه بترسيخ مكانتها كوسيط دولي، وستستغل مشاركتها للحفاظ على تواجد حركة حماس، وتوسيع نفوذها الإقليمي، وهو تحدٍّ ستواجهه إسرائيل مبكراً.

وحسب لازيمي: "صحيح أن تركيا مارست ضغوطاً على الحركة لقبول الاتفاق، لكنها حصلت على فوائد كبيرة، أهمها ما حظي به الرئيس رجب طيب أردوغان من مكانة مرموقة في محادثات شرم الشيخ، وتفاخره بموقفه مع الفلسطينيين، ما يتماشى مع رؤيته الأوسع للمنطقة، حيث يرى نفسه زعيماً للعالم الإسلامي".

مع العلم أن تركيا نجحت من خلال إعلان إنهاء الحرب في غزة في تأكيد اعتراف المجتمع الدولي بمكانتها كقوة نافذة، يستحيل بدونها إبرام اتفاقيات إقليمية واسعة النطاق، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

ولا يبدو أن تركيا ستكتفي بهذا الاعتراف وحده، بل إنها قد تستغل موطئ قدمها الواسع الذي اكتسبته الآن للحفاظ على ما تبقى من حماس في القطاع، وهذا مصدر قلق إسرائيلي لا تخطئه العين، لأنه ينطوي على كبح جماح السيطرة الإسرائيلية على المناطق الحدودية في غزة.

وربما يتحمس أردوغان لاتخاذ خطوات من شأنها تعريض مصالح إسرائيل للخطر باسم رؤية إسلامية إقليمية، وهنا ستدخل في حوار مكثف مع الأمريكيين لمحاولة تقليص الدور النشط لتركيا في غزة في مرحلة ما بعد إنهاء الحرب، بزعم أنهما الراعية الرئيسية لحماس، وفي ظل سعيها غير الخفيّ إلى تعزيز نفوذها في اليوم التالي، وفقاً لما أوضحته ذات الكاتبة في مقال آخر نشره موقع "ويللا".

بدوره، يوسي يهوشاع محرر الشؤون العسكرية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، لم يتردد في القول إن تركيا لها مصلحة واضحة ببقاء حماس، لأنها باتت ترى غزة مركز نفوذ استراتيجي وأيديولوجي، ورغم المعارضة الإسرائيلية العلنية لتدخلها بإعادة إعمار غزة، لكن فرق هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية تنتظر الوصول إليها للتعامل مع الأزمة الإنسانية.

ما يعني أن الوجود التركي في قطاع غزة يحمل تهديداً مزدوجاً لإسرائيل، مفاده عودة النفوذ الإسلامي للقطاع، والتسلل السياسي لمنافس إقليمي ساعد مثل تركيا إلى منطقة تتحمل مسؤولية أمنية مباشرة عنها، وهي غزة، ما قد يحول الاتفاق الحالي من رافعة لإعادة إعمار القطاع، إلى لغم سياسي سينفجر لاحقاً في وجه إسرائيل، وفق ما ذكره يوسي يهوشاع.

الرئيس التركي ونظيره الأمريكي (أرشيف)/رويترز
الرئيس التركي ونظيره الأمريكي (أرشيف)/رويترز

ما الذي يُخيف إسرائيل من تزايد النفوذ التركي؟

إليتسور غلوك، الكاتب في موقع "العين السابعة"، زعم أن القلق الإسرائيلي من تزايد نفوذ تركيا في غزة يعود لأسباب وجيهة، وليس مبالغاً فيها، لأن رئيسها لم يترك مجالاً للشك في موقفه من الحرب الأخيرة، وأكد أن حماس حركة تحرر وطني، وليست إرهابية، مؤكداً وقوفه بجانب "الأشقاء الفلسطينيين"، بل وألمح إلى إمكانية التدخل العسكري التركي ضد إسرائيل، كما فعلت في حروب إقليمية أخرى.

وذهب أردوغان أبعد من ذلك، حين حمّل الولايات المتحدة وأوروبا مسؤولية الحرب، ووصف إسرائيل بأنها "مجرمة حرب"، ومن بقايا الاستعمار الغربي المقدّر لها الزوال من العالم، فيما ذكرت وكالة الأنباء اليهودية أن أردوغان اعتبر أن العدوان الإسرائيلي المتزايد أصبح خطراً يهدد المنطقة بأكملها، داعياً إلى ممارسة الضغط الاقتصادي على إسرائيل، لأن التجارب السابقة أثبتت نجاح هذا الضغط عليها.

فيما استعرض نداف شرغاي، محرر الشؤون السياسية بصحيفة "إسرائيل اليوم"، في ورقة بحثية نشرها معهد القدس للشؤون الخارجية والأمنية، ما قال إنها مسوغات الرفض الإسرائيلي لزيادة التأثير التركي في غزة، في ضوء التعاون الأيديولوجي والعملي بين أردوغان وحماس.

فالأول يقود مشروع "الإمبراطورية العثمانية الجديدة"، والثانية هي الابنة الشرعية لجماعة الإخوان المسلمين، ومع مرور الوقت أقنعته الحركة باتهام إسرائيل بالسعي لتدمير المسجد الأقصى، أو تعريضه للخطر، واعتبار أن للشعب التركي حقاً في القدس لا يقل عن حق الشعب الفلسطيني.

فيما أشادت الحركة على لسان زعيمها السابق خالد مشعل، بترحيبها باستعادة تركيا لمكانتها الإقليمية التي كانت عليها أيام الخلافة العثمانية، الأمر الذي وجد ترجمته في مزيد من التعاون بين تركيا وحماس على مر السنين، وشمل تحويل الميزانيات، واستضافة مكاتب وقيادات الحركة على الأراضي التركية، على حد زعم يوني بن مناحيم، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، ومحرر الشؤون العربية في الإذاعة العسكرية.

ولا يخفي الإسرائيليون إحباطهم من أن أحد التطورات الهامة في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هو انضمام تركيا لما وصفه بـ"نادي الوسطاء"، وإذا لم تكن إسرائيل حذرة، فقد تجد نفسها فجأة في موقف لا تكون فيه تركيا حليفاً مساوياً لها فحسب من وجهة نظر الولايات المتحدة، بل قد تحل محلها أيضاً، لأن صورة اجتماع ترامب في نيويورك مع حلفائه في العالم العربي تلخص كل شيء، حيث جلس أردوغان بجانبه أمام الجميع.

ولعل ما قد تتطلع إليه تركيا من نفوذها في غزة هو الميناء البحري، من أجل تحقيق خطتها الاستراتيجية للسيطرة على حوض شرق البحر المتوسط، ومحاصرة قبرص واليونان، بل إن أردوغان أعلن بنفسه أنه سيأتي شخصياً إلى غزة، وفقاً لما ذكره بنحاس عنبري، المستشرق اليهودي في مقال نشره موقع "زمان إسرائيل".

فضول إسرائيلي نحو رئيس المخابرات التركية

باروخ ياديد، مراسل قناة "I24 NEWS" للشؤون الفلسطينية، ذكر أن الضغط التركي على حماس هو ما مكّن إبرام الاتفاق، حيث استجابت الحركة للضمانات التركية "بسرعة مذهلة"، مع الكشف عن استضافتها لقيادة الحركة عدة مرات في الأسابيع الأخيرة.

فيما سلّط مراسلا مجلة "غلوبس" دين شموئيل إلماس وستيف ليفني، الضوء على شخصية إبراهيم كالين، رئيس المخابرات التركية (MIT)، ودوره في وقف الحرب على غزة، كونه من أقرب الشخصيات إلى الرئيس أردوغان، الذي أرسله للمحادثات بزعم تأمين مصالح تركيا في غزة في اليوم التالي للحرب، حتى إنه أعلن: "نحن، تركيا، سنشارك في فرق العمل التي ستراقب تنفيذ الاتفاق ميدانياً".

ووصف هاي إيتان كوهين يانروجاك، خبير الشؤون التركية بمركز ديان في جامعة تل أبيب، علاقة كالين بأردوغان بالقوية والوثيقة، وثقتهما المتبادلة تعكس سلوكهما، لأنه يحضر كل اجتماع مهم بين الأخير وحماس، ويحافظ على علاقة وثيقة معهم، وأتى إرساله إلى شرم الشيخ إشارة إلى أن تركيا لا تستهين بما يحدث، ولذلك أرسلت أنقرة أهم مسؤول فيها، على اعتبار أنه إذا نُفذت الصفقة بالكامل، فسترغب بالتدخل ولعب دور مهم في غزة.

أما غاليا ليندستراوس، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي، فرأت في كالين مبعوثاً شخصياً لأردوغان في الملفات الإقليمية والدولية، سواء عند الأزمة مع موسكو عقب اعتراض طائرتها على الحدود التركية السورية عام 2015، أو لرفع الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات على قطر، وفقاً لما ذكره إيلي ليئون، مراسل صحيفة "معاريف" للشؤون الدولية.

بينما اعتبرت سمدار بيري، خبيرة الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن جلوس كالين على طاولة المفاوضات بجانب نظرائه الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة، مؤشراً على مدى قربه من أردوغان، فهو يُعتبر بمثابة "ظلّه"، ويعرف جيداً رئيس الموساد ديفيد برنياع، ورئيس الشاباك السابق رونين بار، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، ويحرص على الحفاظ على تواصل مهني هادئ معهم.

وقد أبلغ كالين المسؤولين الإسرائيليين أن تركيا ستكون في غزة للحفاظ على الاتفاق، من خلال إرسال مئات الخبراء إليها لبدء إعادة الإعمار، فيما أعلن أردوغان ذاته أنه ينبغي مناقشة نشر قوات أجنبية في غزة، وضمان الأمن فيها، وأن أنقرة مستعدة للمساهمة في جميع الجهود، وفقاً لما نقلته نيتاع بار، مراسلة صحيفة "إسرائيل اليوم"، كاشفة أن ترامب طلب منه إقناع حماس بقبول عرضه.

غاي إليستر، الكاتب في موقع "ويللا"، وصف أردوغان بـ"الرابح الأكبر" من اتفاق وقف الحرب في غزة، حيث اكتسبت بلاده مكانة محورية بجانب مصر وقطر، وإضافة إلى مشاركتها المخطط لها في قوة متعددة الجنسيات، فقد استغل الرجل، وهو أشد منتقدي إسرائيل في الحرب، علاقاته الجيدة مع ترامب، واكتسب نفوذاً في اليوم التالي، مما يكشف عن انخراطه العميق في محادثات الوساطة، وحصوله على فرصة ذهبية للتأثير على مستقبل القطاع. صحيح أن إسرائيل لا تبدي حماساً لهذا الأمر، لكن ليس أمامها خيار آخر.

تركيا تعتبر من بين الوسطاء الضامنين لاتفاق وقف الحرب في غزة/ الأناضول
تركيا تعتبر من بين الوسطاء الضامنين لاتفاق وقف الحرب في غزة/ الأناضول

لماذا يعتبر الإسرائيليون أردوغان "الرابح الأكبر"؟

إيتمار آيخنر، مراسل الشؤون السياسية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، وضع يده على عدد من الثغرات المحيطة باتفاق وقف الحرب في غزة، التي تشكل علامات استفهام خطيرة، ومنها حصول تركيا على موطئ قدم كبير في غزة، وبدعم أمريكي هذه المرة، رغم أن علاقاتها بإسرائيل تدهورت خلال الحرب إلى أدنى مستوياتها.

والآن، ستتمكن تركيا من إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر إسرائيل، من خلال إنشاء قاعدة لوجستية في ميناء أسدود لاستقبال البضائع فيه، ونقلها إلى غزة، مما سيمنحها نفوذاً كبيراً، ويعزز نفوذها ضد إسرائيل، وصولاً إلى رفع المقاطعة التجارية عنها، واستئناف رحلات الخطوط الجوية التركية إلى تل أبيب.

وكشف مراسل "يديعوت أحرونوت" النقاب عن لقاء جرى قبل بضعة أسابيع، جمع ترامب الابن بصهر أردوغان، المسؤول الكبير بيرات البيرق، وتوصلا خلاله إلى صفقة من شأنها أن تُشرك تركيا في المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة.

وزعم في مقال آخر أن ترامب أبرم مع أردوغان اتفاقاً خرج منه نتنياهو خاسراً، بموجبه طلب الأول من الثاني إقناع حماس بخطته لإنهاء الحرب، مقابل منحه صفقة طائرات إف-35 وإف-16، وأن يُعامل كزعيم إقليمي من الآن فصاعداً.

صحيح أن إسرائيل رفضت تدخله لمدة عامين في الحرب، لكنها في الوقت ذاته رأت في انضمامه للمشهد عاملاً حسم الموقف، وأثبت الأتراك نفوذهم الهائل على حماس، وأظهر كالين براعة في مخاطبة قيادتها، وفق ما ذكره صحفي "يديعوت أحرونوت".

ولم يعد سرّاً أن تركيا تدخل غزة من الباب الأمامي، وتطمح للمشاركة في إدارتها، رغم مساعي إسرائيل العديدة لإبعادها عن التدخل في القضية الفلسطينية، لكنها الآن باتت طرفاً أساسياً، وقد تسعى لخدمة أهداف حماس التي استخدم معها مفردات "الشرح والإقناع" بخطة ترامب، وليس "الضغط والتهديد"، كما تروج إسرائيل، كما جاء على لسان تسيفي بارئيل، محرر الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس".

غاليا ليندنشتراوس، خبيرة الشؤون التركية في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ربطت تزايد النفوذ التركي في غزة بالتحسن اللافت في علاقاتها مع مصر، مما سمح لتركيا بتأثير أكبر من ذي قبل على الساحة الفلسطينية.

مع العلم أن تركيا تعتبر بقاء حماس جزءاً من النظام السياسي الفلسطيني مصلحةً بالغة الأهمية لها. صحيح أنه من وجهة نظر إسرائيل من غير المرغوب فيه أن تكون تركيا جزءاً من آلية التفاوض مع الحركة، لكن الولايات المتحدة فرضت ذلك عليها، حيث يرى ترامب في أردوغان قائداً قادراً على توفير الدعم والتعامل معه.

تزايد نفوذ تركيا في غزة وتحسن علاقاتها مع مصر

وصل التخوف الإسرائيلي إلى حد الدعوة لعدم الموافقة على وجود الجيش التركي ضمن القوة الدولية التي سيتم إنشاؤها في غزة، لأنه سيكون بمثابة بداية لمشكلة كبيرة لاحقاً، رغم قناعة محبطة في تل أبيب مفادها أن البيت الأبيض يجلس فيه رئيس متعاطف مع أردوغان، ويعتقد أنه أحد القادة الذين يرتبون له الشرق الأوسط، وفقاً لما كشفته مجلة "غلوبس" في تقرير مطول.

إيلي كارمون، الباحث في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب بجامعة رايخمان في هرتسيليا، وعضو تحالف الأمن الإقليمي، زعم في تقرير نشرته صحيفة "مكور ريشون"، أنه إذا نجحت خطة أردوغان في المشاركة الفاعلة بإعادة الإعمار في غزة، فسوف تحل تركيا بدلاً من إيران في تطويق إسرائيل بـ"حلقة النيران".

وهذه المرة ستكون "حلقة النيران" سياسية أكثر خطورة، وليست عسكرية كما عملت إيران سابقاً، لأنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإن أردوغان من يحدد سياسة بلاده، وهو المسؤول شخصياً عن تدهور العلاقات معها على مر السنين، فلديه مشاعر معادية قوية تجاهها، نابعة من معتقدات دينية راسخة، إنه ببساطة يكرهها، وهذا العداء يُستغل من خلال استراتيجية سياسية مدروسة.

وأضاف كارمون أن أردوغان وصل به العداء لإسرائيل إلى تشبيه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزرائه بـ"هتلر وموسوليني وستالين، وهم النازيون اليوم"، واقترن خطابه هذا بأفعال، حيث قطع جميع العلاقات الاقتصادية معها، وانضم إلى عريضة جنوب إفريقيا المرفوعة لمحكمة العدل الدولية، متهماً إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

أما عوديد عيلام، الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في الموساد، والباحث حالياً في مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية، فحذر مما زعمه "الدور التركي الهدّام"، لأنه من الصعب تجاهل التطلعات العميقة لأردوغان، الساعية لإعادة تأسيس الإمبراطورية العثمانية، والتحول إلى سلطان حديث، بالتزامن مع تعزيز التعاون العسكري مع مصر.

ولئن كان مسموحاً لإسرائيل أن تحتفل باتفاق وقف الحرب في غزة، يقول عيلام، لكن يجب ألا تغفو عن حراسة بواباتها من دخول أطراف معادية إليها، لأنه إذا كان البحر المتوسط ساحة لعب، فقد وضع أردوغان عليه أكثر من مملكة، بل وضع أسطولاً كاملاً عليه.

تصاعد النفوذ التركي في غزة تزامن مع إصلاح العلاقات مع مصر/ رويترز
تصاعد النفوذ التركي في غزة تزامن مع إصلاح العلاقات مع مصر/ رويترز

اعتراف إسرائيلي: أردوغان حصد ثمار أخطاء نتنياهو

بار شيفر، الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم"، توقف عند إعلان أردوغان عن توقع انضمام بلاده للقوة الدولية الخاصة بمراقبة تنفيذ اتفاق وقف الحرب في غزة، وتتركز مهامها في: تقديم المساعدات الإنسانية، وتحديد أماكن جثث الإسرائيليين، وتنفيذ وقف إطلاق النار.

وهي تشبه قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، حيث يوجد وجود عسكري تركي، لكنهم لا يشاركون في القتال، ويعملون كمراقبين فقط، ولكن في هذه المرحلة، ليس واضحاً ما إذا كان سيكون هناك بالفعل وجود عسكري تركي نشط في غزة، مع تسرب أنباء مفادها أنه سيركز على مشاركة المتطوعين المدنيين، حيث لا توجد حالياً خطط لإرسال قوة عسكرية تركية إلى غزة، مع إمكانية دمج الجيش التركي ستكون فقط كقوة صغيرة تعمل كمراقب فيها.

وفيما أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها المسلحة "مستعدة لتولي أي مهمة تُكلف بها" في إطار عملية حفظ السلام في غزة، فقد أوضح وزير الخارجية هاكان فيدان أن فريقاً يضم الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر سيتولى دور الوسيط، ومسؤولية مراقبة تنفيذ تفاصيل الاتفاق، ومناقشتها مع إسرائيل وحماس.

ولعل أهم استخلاص في هذه المسألة، يتمثل فيما ذكره الجنرال يائير غولان، نائب قائد الجيش الأسبق، ورئيس حزب "الديمقراطيين"، الذي رغم معارضته الشرسة لنتنياهو، عبر في مقابلة مع صحيفة "معاريف"، عن خيبة أمله من تزايد النفوذ التركي.

وقال يائير غولان: "من يتأمل هوية الدول التي قادت الاتفاق سيدرك فوراً أن خطأً جوهرياً قد وقع من قبل إسرائيل التي تسببت بنشوء واقع خطير، حيث أصبحت الدول، وعلى رأسها تركيا، التي دعمت حماس، وموّلتها، وحمتها على مر السنين، بيدها مفاتيح الأمن الإقليمي، وإعادة إعمار غزة".

تحميل المزيد