تباينات داخل القيادة وإشادة بمحاولة الاغتيال وقلق حول مصير الأسرى.. كيف علق الإسرائيليون على عملية الدوحة؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/10 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/10 الساعة 10:20 بتوقيت غرينتش
الهجوم على الدوحة لاغتيال قادة حماس أثار ردود فعل متباينة/ عربي بوست

أجمعت الأوساط السياسية والعسكرية داخل إسرائيل، ما في ذلك المعارضة، على الإشادة بالجريمة الجديدة للاحتلال الإسرائيلي بمحاولة اغتيال قادة من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الذين كانوا مجتمعين في العاصمة القطرية الدوحة لدراسة المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في قطاع غزة.

لكن هذا الترحيب الإسرائيلي بالعملية، التي أعلنت حركة "حماس" فشلها، يوازيه قلق كبير في أوساط عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة، وبين بعض السياسيين والعسكريين الذين حذروا من تبعات العملية على مستقبل الحرب في القطاع وعلى مصير المحتجزين الإسرائيليين.

من خلال هذا التقرير نستعرض كواليس وحيثيات القرار الإسرائيلي للمضي في هذه الجريمة الجديدة وما الذي أسفرت عنه؟ وكيف ستكون تبعات "هجوم الدوحة" على الحرب الجارية في غزة، وردود الفعل الإسرائيلية عليها؟ وكيف ستؤثر على مجريات مفاوضات صفقة التبادل مع حماس؟

تباينات داخل المنظومة العسكرية والأمنية بشأن العملية

قال يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن المعطيات الإسرائيلية المتوفرة تُظهر أن القيادتين السياسية والأمنية أيّدتا العملية المسماة "قمة النار"، لكن جدالاً نشأ بين كبارهما حول ضرورتها "الآن".

وفيما ضغط جهاز الأمن العام "الشاباك" للموافقة على التنفيذ، مدعياً أنها فرصةٌ عملياتية نادرة لجمع كبار قادة الحركة في منزل القيادي خليل الحية، الذي يشغل منصب رئيس فريق التفاوض، فقد رأت أوساط سياسية أن العملية ضرورية بزعم أن هذه القيادة تتخذ مواقف متشددة حالت دون تقدم الصفقة.

وهو ما ذكره منسق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، لعائلات الرهائن، الذي اتهم قيادة حماس السياسية بتشكيل عقبة أمام الصفقة، وخرقها، وزادت من الصعوبات.

أما آدم ميخالاشفيلي مراسل "القناة 14″، فنقل عن رئيس أركان الجيش، الجنرال آيال زامير، أنه خاطب طياري سلاح الجو عند موافقته على الهجوم زاعماً أن "المستهدفين هدفهم الوحيد تدمير إسرائيل، وسنواصل تنفيذ المهمة في كل مكان، على أي مدى، قريب أو بعيد، لتصفية حساباتنا معهم، باسم جميع ضحايا هجوم السابع من أكتوبر، ولن نهدأ أو نصمت حتى نعيد رهائننا، ونهزم حماس".

بينما ذكر مسؤول أمني كبير أن الهجوم في الدوحة رسالة لسكان غزة بأن الوقت قد حان للتمرد على حماس "الضعيفة"، والعمل على إنهاء الحرب، بزعم أن العملية تشكل خطوةً هامةً في هزيمة الحركة، وتُعزز صورة إسرائيل الرادعة، وقد تُحدث تغييراً في المسار يُنهي الحرب، وفقاً لشروط إسرائيل، وعلى رأسها إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاح حماس"، وفقاً لما ذكرته آنة براسكي محررة الشؤون السياسية بصحيفة معاريف.

دانيال أديلسون مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت للشؤون الدولية، كشف عن اتفاق إسرائيلي على ضرورة هذه العملية العدوانية، لكن قادة الجيش زامير، والموساد دافيد بارنياع، ومجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، والاستخبارات العسكرية شلومو بيندر، أبدوا جميعاً تحفظات على التوقيت.

لأن اقتراح صفقة نهائية كان مطروحاً على الطاولة، ويجب أن يستنفد الوقت لها، فيما أيدها بقوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزيرا الحرب يسرائيل كاتس، والشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الموجود حالياً في واشنطن.

مع أن رئيس وحدة المخطوفين في الجيش نيتسان آلون لم يُستدعَ لحضور مناقشاتٍ تناولت مخاطر عملية قطر، وهذا ليس مصادفة، إذ يوجد خلاف كبير حول ما إذا كانت العملية ستُعجل الصفقة أم تُؤخرها، حيث أبدت جهاتٌ تقود المفاوضات، خاصةً الجهات المهنية، تحفظاتها على عملية الاغتيال.

إذ يعتقدون أن المفاوضات لا تزال بحاجة لبذل الكثير من الجهد قبل اتخاذ مثل هذا القرار، ولا يمكن التنبؤ بمصير الصفقة، وفقاً لما كشفه يارون أبراهام مراسل القناة 12، فيما زعم زميله نير دافوري محرر الشؤون العسكرية في القناة 12، أن إسرائيل لا تزال تنتظر انقشاع ضباب الهجوم، واختفاء أنقاض المنزل المستهدف في الدوحة لتقييم النتائج.

كما أن بارنياع أعرب عن معارضته للوزراء الذين طالبوا باغتيال قادة حماس في قطر، رغم أن التقدير السائد يكمن في أن الهجوم سيُقلِّل بشكل كبير من تأثير قطر على المفاوضات، وفقاً لما ذكره عميخاي شتاين مراسل الشؤون الدبلوماسية في قناة i24NEWS.

بينما أكدت شيريت أفيتان كوهين المراسلة السياسية لصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن القيادة السياسية الإسرائيلية، ولأسباب مختلفة، رفضت حتى الآن تنفيذ اغتيالات قادة حماس في قطر، لعدة أسباب أبرزها الخلاف مع المسؤولين الأمريكيين، لكن يبدو أن الضوء الأخضر قد جاء في الأسابيع الأخيرة، ويبدو أن موافقتهم جاءت خلال اجتماع رون ديرمر معهم في الولايات المتحدة، لكن الخطط كانت جاهزة منذ فترة.

إشادة بالعملية وقلق على مصير المختطفين

رغم توجيه مكتب نتنياهو لجميع الوزراء بعدم التحدث أو التغريد بشأن الهجوم على الدوحة، لكن عدداً منهم نشروا تغريدات ومنشورات بشأنها، ما دفعه لإصدار توجيه جديد بفرض حظر كامل على إجرائهم أي مقابلات صحفية، ما فيها نشر تصريحات على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى إشعار آخر.

موقع "عربي بوست" رصد جملة من ردود الفعل الإسرائيلية التي صدرت في الساعات الأخيرة، سواء من أوساط الائتلاف الحاكم، أو المعارضة، وصولاً لمنتدى عائلات المختطفين، وجاءت على النحو التالي:

إيتمار آيخنر محرر الشؤون السياسية بصحيفة يديعوت أحرونوت، نقل عن نتنياهو، في خطابٍ ألقاه في السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، أنه أصدر تعليماته لقوات الأمن بالاستعداد لاغتيال قيادة حماس، زاعماً أنها نفذت المهمة بدقةٍ محكمة.

وقال "لأننا نريد إنهاء المعركة من حيث بدأت في غزة، يمكن أن تنتهي الحرب فوراً، لأننا اتخذنا إجراءاتٍ بالفعل"، واتهم قيادة حماس المستهدفة بأنهم "بادروا ونظموا وأرسلوا واحتفلوا أيضاً بهجوم السابع من أكتوبر، وقد احتفلوا في نفس المكان الذي قتلناهم فيه اليوم".

الرئيس الإسرائيلي زعم أن قرار استهداف قيادة حماس مهم وصحيح، لأن "أيديها ملطخة بدماء الإسرائيليين"، وبعضهم من مهندسي هجوم السابع من أكتوبر، متهماً إياها بوضع الصعوبات مراراً وتكراراً أمام مقترحات التسوية لإطلاق سراح الرهائن.

رئيس الكنيست، أمير أوحانا، نشر مقطع فيديو يوثق لحظة الغارة الجوية على الدوحة، وعلق عليها باللغة العربية "هذه رسالة لكل الشرق الأوسط"، في إشارة للتهديدات الموجهة للمنطقة.

فيما اعتبر كاتس أن العملية نقطة تحول في الانتصار على حماس، وانعكاساتها على نهاية الحرب، فقد رحّب وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش، بالهجوم، زاعماً أنه لن يكون لقادة حماس حصانة من يد إسرائيل الطويلة في أي مكان في العالم، على حد وصفه.

وزير الاقتصاد والصناعة نير بركات علق على الهجوم بزعمه أن "هناك عدالة، وهناك قاضٍ"، أما الوزير إسحاق فاسرلاوف فزعم أن الهجوم دليل على قدرة إسرائيل على الوصول "أينما، وكيفما اختارت"، أما وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، فهدد جميع أعداء إسرائيل بأنهم سيهلكون".

قال رئيس حزب "نوعام"، عضو الكنيست آفي ماعوز، فاعتبر أن هذا الوقت المناسب لإتمام المهمة في غزة، وهزيمة حماس، والقضاء عليها"، وزير الاتصالات شلومو كاري زعم أن يد إسرائيل الطويلة لن تتأخر عن الوصول لأي عدو، وزعمت وزيرة الاستيطان أوريت شتروك، أن "اغتيال قادة حماس في الدوحة قرار شجاع، وتنفيذ احترافي".

وزير الحرب السابق يوآف غالانت، زعم أنه لا فرق بين مقاتلي حماس الذين يرتدون الزي العسكري ويحملون بنادق الكلاشينكوف، ومن يرتدون البدلات، وقال "كما ذكرتُ في بداية الحرب، جميعهم أبناء موت".

أشاد زعيم المعارضة يائير لابيد بما وصفه "العمل الاستثنائي" لإحباط عدونا، لكن الحكومة مطالبة بأن توضح كيف أن العملية لن تؤدي لقتل الرهائن، وما إذا كان قد تم أخذ خطر حياتهم في الاعتبار عند اتخاذ القرار، يجب ألا ننتظر أكثر من ذلك، يجب أن ننهي الحرب، ونعيدهم".

زعم وزير الأمن القومي بن غفير أن "الدم اليهودي لم يعد هدراً، ويعتبر هذا القرار تاريخياً في سلسلة من القرارات الهامة والتاريخية التي اتخذناها"، أما بيني غانتس المعارض، فأشاد بالعملية، ودعا لاستغلال ما وصفه بـ"الإنجاز"، لأن الأهم الآن عدم تفويت الفرص، من أجل إعادة جميع الرهائن واستبدال حكومة حماس في غزة.

غيرشون باسكين، أحد مهندسي صفقة التبادل السابقة في 2011 لإطلاق سراح الجندي غلعاد شاليط، والمشارك حالياً في مفاوضات التبادل الجارية من خلال تواصله مع كبار مسؤولي حماس، أكد أن الهجوم عطّل المحادثات المتقدمة لإنجاز اتفاق ذي احتمالية عالية، بل هو حكمٌ بالإعدام على الرهائن.

وأضاف أنه إذا فعلته إسرائيل بنفسها دون ضوء أخضر من ترامب، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن لها من خلالها إنقاذ سمعة الولايات المتحدة في المنطقة، وربما في جميع أنحاء العالم، هي الوقف الفوري لهذه الحرب المروعة، وإلا فإن التقاعس عن العمل سيكون بمثابة اعتراف بأنه أعطى الضوء الأخضر للهجوم على حماس على الأراضي القطرية".

أعلنت "هيئة عائلات المختطفين" أنها تتابع التطورات في الدوحة بقلق بالغ، خشية الثمن الذي قد يدفعه المختطفون بسبب الهجوم، لأن الانتقام القاسي سيكون موجهاً ضدهم، واليوم فإن احتمال إعادتهم الآن يكتنفه شك أكبر من أي وقت مضى.

وأضافت الهيئة أن هناك "أمراً واحداً مؤكداً تماماً وهو أن وقتهم ينفد، وقد يكون ثمن عودتهم باهظاً للغاية، بل قد تُزهق أرواحهم في أي لحظة، وقد يختفون للأبد، لقد حان الوقت لإنهاء الحرب".

ياعيل أدار، والدة الرهينة القتيل تامير أدار، ذكرت أن "الوقت وحده كفيل بإثبات ما إذا كان الاغتيال سيُعجل، أو يُؤخر إطلاق سراح الرهائن، لكن لا شك أن هناك قلقاً بالغاً لدى العائلات التي يقبع أبناؤها في قبضة حماس، ولا أحد منا يملك البصيرة الكافية للتنبؤ برد فعلهم".

بينما أكد ميشيل إيلوز، والد المختطف القتيل غاي إيلوز، أن حكومة "الدمار" بقيادة نتنياهو ستضمن القضاء على أي فرصة لعودة أبنائنا، لماذا انتظروا الآن لمهاجمة قطر، ألم يجدوا الوقت المناسب للقيام بذلك لمدة عامين، لماذا اختاروا هذا التوقيت، إن سلوكه الدنيء هذا يبعدني عن الأمل في دولة عاقلة، وعن إمكانية دفن أبنائنا بكرامة".

أما عيناف تسنغاوكر، والدة الرهينة ماتان، فقالت إنها "ترتجف من الخوف، لأن رئيس الوزراء يحتمل أن يكون قد اغتال ابني في هذه اللحظات تحديداً، وحسم مصيره، من خلال إصراره على تقويض أي فرصة لإنجاز اتفاق، وتخريبه، لقد سئمت! أنهوا الحرب فوراً، وأعيدوا الجميع ضمن اتفاق شامل".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزير المالية بتسلئيل سموتريش/ رويترز
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزير المالية بتسلئيل سموتريش/ رويترز

تفاصيل عسكرية وحيثيات عملياتية سرّعت العملية

أكد آفي أشكنازي، مراسل القضايا الأمنية في صحيفة "معاريف"، أن عملية تصفية قادة حماس في الدوحة معلقة منذ عام على الأقل، كجزء من جهد مشترك بين جهازي الشاباك والاستخبارات العسكرية وسلاح الجو كجهة تنفيذية.

وقبل اندلاع المواجهة مع إيران توفرت فرص لتنفيذها، لكن كان قلق من أن تُضعف العملية عنصر المفاجأة في الضربة الافتتاحية للحرب مع إيران، ولذلك منذ هذه الحرب تجنب كبار قادة حماس في الخارج التجمع خوفاً من التصفية.

يعقوب باردوغو المعلق السياسي للقناة 14، وهو الصحفي الأكثر قرباً من نتنياهو، كشف تفاصيل جديدة حول عملية صنع القرار التي أدت لعملية الدوحة، حيث بادر الأخير شخصياً بهذه الخطوة، عندما طرحها للنقاش، وفي الصباح، وخلال شهادته أمام المحكمة، اتخذ قراراً دراماتيكياً، وأصدر الأمر بالتنفيذ، زاعماً أن المبادرة جاءت من نتنياهو نفسه، وليس من المؤسسة الأمنية.

أوساط عسكرية إسرائيلية كشفت أن هجوم الدوحة سبقه أشهر من التحضيرات، من حيث إجراءات المعركة السرية، وصولاً للحصول على الضوء الأخضر، حيث نُفذت العملية بموافقة سرية من المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، دون علم باقي الوزراء لضمان نجاح الاغتيال، فقد أسقطت الطائرات المقاتلة عشر قنابل، بعضها ثقيل، ما يعني أن القرار اتُخذ منذ فترة طويلة، بعكس ادعاء نتنياهو أنه أمر بالعدوان بسبب عملية القدس.

بينما زعمت محافل عسكرية أن الهجوم تم تنفيذه في هذا الوقت بالذات عقب توفر فرصة عملياتية، وقد أُبلغ وزراء الكابينيت مسبقاً بالعملية، لكنهم لم يكونوا على علم بالتوقيت الدقيق، لأنه اعتمد على هذه الفرصة المتمثلة باجتماع قيادة حماس لمناقشة مفاوضات التوصل لاتفاق.

وتم إلقاء قنابل ثقيلة، مصحوبة بطائرات مسيّرة، حيث تم تنفيذ الهجوم في الدوحة على بُعد 1800 كيلومتر من إسرائيل، وجاءت مشاركة المسيّرات لضمان نتائج التصفية الكبيرة، وقد نُسق الهجوم مسبقاً مع الأمريكيين، وأشرف عليه مباشرة زامير، وقائد سلاح الجو تومار بار، نظراً لحساسية وقرب الهدف من منظومات الدفاع الجوي الإيرانية.

جيش الاحتلال وجهاز الشاباك أصدرا بياناً مشتركاً أفاد بأن سلاح الجو استهدف القيادة العليا لحماس التي قادت أنشطتها لسنوات، وهي مسؤولة بشكل مباشر عن تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر، وشن الحرب ضد إسرائيل، وتم تنفيذ الهجوم باستخدام أسلحة دقيقة ومعلومات استخباراتية إضافية.

فيما أشار دفير كوهين مراسل القناة 14، أن نتنياهو أصدر التعليمات لمسؤولي الأمن بالاستعداد لاغتيال قيادة حماس، بعد أن أتيحت فرصة عملياتية فريدة لذلك.

إليشع بن كيمون محرر الشؤون العسكرية بصحيفة يديعوت أحرونوت، كشف أن وتيرة التخطيط للهجوم تسارعت في الأسابيع الأخيرة، وبدأت شعبة العمليات في الجيش التحضير للعملية السرية خلال آخر فترة، واجتمع كبار مسؤولي الشاباك والاستخبارات وشعبة العمليات في هيئة الأركان العامة أسبوعياً.

وأعطى رئيس شعبة العمليات، إيتسيك كوهين، الضوء الأخضر، لرفع مستوى التأهب والاستعدادات لدراسة كيفية تأثير نتائج العملية على الوضع في المنطقة، وفي غزة تحديداً، وعند التنفيذ حضر نتنياهو وكاتس والقائم بأعمال رئيس الشاباك ونائبه، ورئيس الاستخبارات العسكرية.

فيما زعم هيليل بيتون روزن المراسل العسكري للقناة 14، أن الهجوم نُفذ على مسافة شاسعة تبلغ 1800 كيلومتر من إسرائيل، بمشاركة قوة جوية كبيرة، تضم عشر طائرات مقاتلة، أسقطت أكثر من عشر ذخائر على الهدف، حيث أصابت الهدف في وقت واحد، وبدقة متناهية، ولا تزال إسرائيل تنتظر النتائج النهائية للعملية، ويبدو أنها لن تستغرق وقتاً طويلاً للتحقق من التفاصيل.

كيف سيؤثر "هجوم الدوحة" على المفاوضات، ونهاية الحرب؟

رون بن يشاي محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت، وصف العملية بأنها خطوة للأمام في استراتيجية ما وصفه بـ"قطع رأس القيادة"، وهدفها: توجيه رسالة لباقي قادة حماس، وإبعاد المتشددين عن المفاوضات، على أمل أن يكون من يقودها لاحقاً أقل تشدداً.

رغم أن الهجوم حمل مجازفةً بمواجهة إسرائيلية مع أصدقائها الأمريكيين، ومع دولة تربطها علاقات وثيقة وحميمة معهم مثل قطر، التي أعلنت تعليق وساطتها لإجراء المفاوضات، لكن المنطقي أن تستأنفها تدريجياً لاحقاً.

جاء الهجوم على قطر غير مسبوق، فلم يسبق أن هاجمت إسرائيل أبداً، على الأقل بطريقة معلنة، إمارة في الخليج، لأنها تحافظ على علاقات وثيقة ليس فقط مع إيران، ولكن أيضاً مع الولايات المتحدة، وتستضيف أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط هناك.

ووفقاً لتقارير إسرائيلية مختلفة، تعهدت إسرائيل لقطر، على الأقل سابقاً، بعدم تصفية شخصيات بارزة في حماس على أراضيها، لكن في الأشهر الأخيرة، بدأت تفكر ملياً في تنفيذ عملية الاغتيال في الدوحة، بهدف إلحاق الضرر بقيادة حماس، ونقل رسالة مفادها أنه لم يعد هناك أي حصانة.

تامير هايمان الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، والرئيس الحالي لمعهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، زعم أن الضربة التي تلقتها قيادة حماس في الدوحة خطوةً استراتيجيةً دراماتيكيةً تُحيّد قطر كوسيط رئيسي، ما سينقل زمام المبادرة إلى واشنطن والقاهرة، ويولد زخماً جديداً قد يفضي لإنهاء الحرب بشروطٍ مواتيةٍ لإسرائيل.

لكن لترجمة هذا الإنجاز إلى اتفاق، قد يُطلب من إسرائيل فعلياً وقف الضغط العسكري على غزة، لأن عملية الدوحة لها تداعيات عميقة على تحقيق أهداف الحرب.

وأضاف أنه من وجهة نظر حماس، فإذا تم القضاء على القيادة بأكملها، فهذا يمثل زلزالاً، لأنها مُنحت في الخارج وضع الحماية الدبلوماسية، ما يشبه السفارة الرسمية، أما اليوم بعد الهجوم، فإنها أضعف بكثير.

ولكن من غير المتوقع أن يتغير موقفها من الصفقة ونهاية الحرب على المدى القريب، لأنه سيُظهر ضعفاً، ولكن على المدى البعيد، سيحدث التغيير، مع أنه يعتمد بشكل كبير على موقف الوسطاء والولايات المتحدة، أما إسرائيل، فقد اتخذت خطوة خطيرة بالسير على شفا الفوضى.

ناعوم أمير محرر الشؤون العسكرية في القناة 14، ذكر أن محاولة اغتيال قيادة حماس في الدوحة أتت بعد مرور 703 أيام على هجوم السابع من أكتوبر، واليوم تصفي إسرائيل حسابها معهم، بعد اغتيال رفاقهم السابقين في لبنان وإيران وغزة، فوق الأرض وتحتها، ما يفسح المجال لمواصلة ملاحقة من تبقى منهم، حتى لو كانوا متواجدين بعيداً عن إسرائيل، في إيران، لبنان، اليمن، تركيا، سوريا، أو حتى ما تبقى منهم في قطر.

عملية تبادل أسرى بين الاحتلال والمقاومة في غزة برعاية قطرية /رويترز
عملية تبادل أسرى بين الاحتلال والمقاومة في غزة برعاية قطرية /رويترز

مستقبل الوساطة القطرية والدور الأمريكي

أعرب عادي روتيم، العضو السابق في الشاباك، وفريق التفاوض لإطلاق سراح الرهائن، زعم أن "الهجوم يأتي متأخرًا خير من ألا يأتي أبدًا، وبصفتي شخصًا جلس في الغرف، أقول بوضوح: كان ينبغي أن تتوقف مهزلة استضافة قطر لقيادة حماس، واحتضانها ورعايتها، منذ زمن طويل"،

وأضاف روتيم "علينا الآن استكمال الصورة بقطع الاتصالات مع قطر، التي تقود واحدة من أشد حملات الدعاية المعادية لإسرائيل، لأنها دولة معادية في حقبة ما بعد السابع من أكتوبر، يمكن أن تستمر المفاوضات بدونها، وربما نكتشف حينها رؤى جديدة حول الطريق للأمام".

تامير موراغ الكاتب في موقع القناة 14، أكد أنه من المستحيل أن تكون العملية نُفذت دون علم أمريكي على الأقل، للولايات المتحدة علاقات أمنية واستراتيجية واقتصادية عميقة جدًا مع قطر، حيث تقع قاعدة العديد الجوية، أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، على بُعد مسافة قصيرة من المبنى المستهدف في الدوحة.

كما تمتلك قطر استثمارات تُقدر بعشرات المليارات في الولايات المتحدة، وعلاقات تجارية مع كبار المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم ستيف ويتكوف، ولفترة طويلة، استخدمت الإدارة الأمريكية حق النقض ضد عمليات الاغتيال في قطر، حتى لو لم تطلب إسرائيل الموافقة، لكن لا شك أنها أبلغت الرئيس ترامب، الذي يبدو أنه لم يستخدم حق النقض ضد العملية.

تسيفي يحزكيلي محرر الشئون العربية في القناة i24NEWS، أن الهجوم تم بعد أن دأبت إسرائيل على تجنّب اغتيال قادة حماس في الدوحة، لكن العملية من شأنها أن تُغيّر وجه الحرب بالكامل، وستكون خطوة تُذكر طوال الحرب، وقد تكون الخطوة الأخيرة فيها، ويُحتمل أن يحدث أمرٌ دراماتيكي أمام أعيننا.

ولذلك، يضيف يحزكيلي، علينا أن نتذكر هذا اليوم، وأن نتابع أحد الأحداث والخطوات التالية التي ستتخذها إسرائيل، مع أن تنفيذ الاغتيال ليس مُعقدًا للغاية من منظور استخباراتي، لكنه من منظور عملي أمرٌ مُعقد للغاية، لكن اليوم يمكن القول إن هدف القضاء على حماس بدأ يتبلور.

مائير بن شبات الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، والرئيس الحالي لمعهد مسغاف لشئون الاستراتيجية والصهيونية، اعتبر في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، أن الهجوم على كبار أعضاء المكتب السياسي لحماس، وتحمّل المسؤولية عنه علنًا، دليلًا على جدّية التهديدات الإسرائيلية.

وكما هو الحال في إيران واليمن ولبنان، تتجاوز إسرائيل في هذا الهجوم ما يُنظر إليه على أنه "خطوط حمراء"، وتجعل من تصفية كبار القادة أسلوبًا للعمل، رغم أن العملية نفسها تُثير بالفعل ضجةً في حماس، وبين جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة، مع أنه من الناحية الظاهرية، فإن حماس لها مصلحة أساسية في الحفاظ على حياة الرهائن، لأنها الضمان الوحيد لبقائها، ومع ذلك، من الصعب التنبؤ بردود الفعل العاطفية للخاطفين.

يوآف ليمور محرر الشئون العسكرية لصحيفة إسرائيل اليوم، أكد أن قرار تنفيذ الهجوم في قطر كان له ثلاثة دوافع رئيسية، أولاها أن قيادة حماس اجتمعت في لقاء غير عادي، ربما لمرة واحدة، لشخصيات رئيسية فيها، وبالتالي كان يمكن اغتيالهم دفعة واحدة،.

وثاني الدوافع أن الفهم في إسرائيل أنه مع هذه القيادة سيكون صعبا، إن لم يكن مستحيلا إنجاز اتفاق يقترب من الحد الأدنى للمطالب الإسرائيلية لإنهاء الحرب، وثالثها تعزيز الردع بقرار الهجوم في مكان يُنظر إليه حتى الآن على أنه محصن بحكم مكانة قطر الدولية، وأهميتها كوسيط.

وكشف أن هذه المعضلة لم تظهر للمرة الأولى، فقبل حوالي عام، اقترح الشاباك، برئاسة رونين بار، القضاء على قيادة حماس في الدوحة، لكن القيادة السياسية لم توافق على الاقتراح آنذاك، ورفضت فرصًا ومقترحات إضافية ظهرت لاحقًا.

لكن الدوافع تتغير من وقت لآخر، والنتيجة النهائية ظلت كما هي، ولعل ما رجح كفة الميزان، ويُعتبر الدافع الرئيسي الرابع للقرار، والضوء الأخضر، هو الموافقة الصريحة من إدارة ترامب، فما كانت إسرائيل تهاجم قطر لولا هذا الضوء الأخضر.

ليلاخ شوفال المراسلة الأمنية لصحيفة إسرائيل اليوم، ذكرت أن القضاء على قيادة حماس، إن نجحت فعلا، له تداعياتٌ أهم من مستقبل العلاقة مع قطر، أولاها تتعلق بالرهائن، فمن الصعب معرفة ما إذا كانت هذه الضربة القوية تُهدد حياتهم بشكل مباشر، وثانيها يتعلق بمستقبل الحرب، فمن غير الواضح من سيدير ​​الأمور الآن في حماس، بعد أن تخلصت إسرائيل تدريجيًا من قيادتها العسكرية والسياسية بأكملها، على حد زعمها، رغم نفي الحركة.

وفي غزة لم يتبقَّ سوى قادة من المستوى المتوسط، ومع كل الرغبة في تعميق الضرر الذي لحق بالحركة وقادتها، لكن إسرائيل تحتاج لمن تتحدث إليه على الجانب الآخر حتى تتمكن من تحقيق مصالحها المحددة: إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن.

تحميل المزيد