بجانب أشكال الإبادة الإسرائيلية المتعددة ضد الفلسطينيين في غزة، يظهر أسلوب "التعطيش"، وحرمانهم من مصادر المياه الشحيحة أصلاً، وقد باتوا، بجانب موتهم من التجويع، مُهدّدين بالموت عطشاً، لا سيما في هذا الجو الحار صيفاً، والحياة في الخيام اللاهبة، ما يجعلنا أمام جريمة مكتملة الأركان بحق الفلسطينيين الذين لا يجدون ماءً للشرب أو للاستخدام، ويطرح جملة من الأسئلة حول كيفية تدبّرهم لاحتياجاتهم الأساسية من المياه، سواء للشرب أو للاستخدام المنزلي.
قرارات إسرائيلية بقطع المياه عن غزة، وتعريض سكانها للعطش والجفاف
فور بدء عدوان الإبادة على غزة، بدا لافتاً أن تتزامن تفجيرات الطائرات والمدفعية التي تستهدف الفلسطينيين مع قرارات ليست أقل دموية منها، تمثّلت في المواقف التالية:
- توجيه وزير الطاقة آنذاك، يسرائيل كاتس، أوامره لشركة المياه "مكوروت" بأن تقطع على الفور تزويد المياه للقطاع.
- إعلان وزير الحرب السابق يوآف غالانت عن فرض حصار شامل، بزعم "لا كهرباء، ولا طعام، ولا ماء، ولا وقود، كل شيء مغلق، وإن سكان غزة يمكنهم أن ينسوا مسألة المياه".
- زعم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بأن وقف إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، وهذه مجرد البداية نحو تشديد الإجراءات ضد حماس، زاعماً: "سنُغلق أبواب الجنة، ونستعد لفتح أبواب الجحيم، والخطوة القادمة هي قطع الكهرباء والمياه".
- اقتراح وزير الطاقة الحالي إيلي كوهين على الحكومة قطع المياه عن غزة، بزعم ممارسة الضغوط اللازمة لإعادة المختطفين، وعدم وجود حماس في اليوم التالي للحرب.
تؤكد هذه التصريحات أن حرب المياه التي يشنها الاحتلال على الفلسطينيين، وتعززها مواقف كبار مسؤوليه الساعين لإبادة الفلسطينيين في غزة، ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية، وهذا ليس مجرد إهمال؛ بل سياسة مدروسة لحرمان المياه، أدّت إلى وفاة الآلاف بسبب الجفاف والمرض.
سياسات إسرائيلية تستخدم المياه سلاحاً في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين
اليوم، يعاني قرابة 2.1 مليون فلسطيني في القطاع من أزمة مياه حادة، لأن 70% من البنية التحتية للمياه دمّرها العدوان، وقد دأبت قوات الاحتلال على تدميرها بشكل ممنهج، ومنعت الوصول إلى مصادر المياه النظيفة، ما يجعلنا أمام "قنبلة صامتة، لكنها قاتلة"، لأن الغالبية العظمى من الفلسطينيين لا يحصلون إلا على كميات محدودة للغاية من المياه، أو يتلقون مياهاً ملوثة تشكل تهديداً خطيراً على صحتهم، ما يعني تحوّل المياه إلى سلاح حربي بيد الاحتلال.
مع العلم أن إسرائيل تبيع غزة 18 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، بما يشكّل 10% من نسبة استهلاك القطاع، فيما يأتي معظمها من الآبار المحلية، لكن 97% من المياه المتدفقة غير صالحة للشرب. وفي مرحلة ما قبل العدوان، فقد عانى الغزيون أصلاً من الافتقار لكميات كافية وآمنة من المياه، حيث يحصلون على 82 لتراً للفرد يومياً قبل الحرب، وهي أقل من الكمية اليومية الموصى بها عالمياً، وبعد الحرب انخفضت حصة الفلسطيني الواحد إلى ما بين 3 و12 لتراً فقط، فيما يحصل الإسرائيليون على متوسط 247 لتراً يومياً من المياه.
لقد بات واضحاً أن الاحتلال يستخدم "التعطيش" سلاحاً لتحويل القطاع إلى مكان غير قابل للحياة، ما يعني إيجاد كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة الفلسطينيين عبر حرمانهم من مصادر المياه النظيفة والآمنة، بما يهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون واقعاً مروعاً يُحكم عليهم فيه بالموت البطيء، عبر تعطيشهم وحرمانهم بشكل ممنهج من مصادر المياه.
دمّر الاحتلال ما يزيد على 85% من مرافق خدمات المياه بشكل كلي أو جزئي، وأخرجها عن الخدمة، وشملت المرافق المتضررة 85 محطة لتحلية المياه، وتدمير 40 خزّاناً كبيراً للمياه.
وذكرت الإحصائيات أن الاحتلال دمّر خلال الحرب أكثر من 700 بئر مياه في عموم محافظات القطاع، و330 ألف متر طولي من شبكات المياه، و655 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي، عدا عن تدمير مليون متر طولي من شبكات الطرق، التي تؤثر بشكل مباشر على خطوط المياه. كما خرجت محطات تحلية المياه عن الخدمة لفترات متقطعة نتيجة انقطاع الوقود والكهرباء، وموجات القصف الجوي العنيف، الذي منع الطواقم الفنية من مواصلة العمل فيها.
أسفر العدوان عن انخفاض إمدادات مياه الشرب في القطاع بما يزيد على 70% عمّا كانت عليه قبل الحرب، وبلغت نسبة انخفاض إمدادات المياه غير الصالحة للشرب 88%، وأصبح 97% من سكان القطاع غير متصلين بشبكات المياه التابعة للبلديات، نتيجة تدمير البنية التحتية، فضلاً عن منع الاحتلال إدخال مادة الكلور، مما أدّى لتحوّل ما تبقّى من مصادر قليلة للمياه إلى بؤر لتفشي الأمراض المعدية والأوبئة.
أزمة إنسانية
على الصعيد الميداني، وبعد مرور أكثر من عشرين شهراً على حرب الإبادة، فإن 85% من مصادر المياه العذبة في غزة تعرّضت للتدمير من قبل قوات الاحتلال، مما أجبر الفلسطينيين على استخدام المياه الملوثة وغير الصالحة للشرب.
كما توقّفت 90% من محطات تحلية المياه العامة والخاصة عن العمل، وعددها 296 محطة، إما بسبب القصف الإسرائيلي المباشر، أو نقص الوقود، كما توقّفت خمس محطات كبيرة لمعالجة مياه الصرف الصحي عن العمل، مما يزيد من مخاطر التلوث البيئي وتفشي الأمراض، وأسفر عن نشوء أزمة حقيقية في توفر مياه الشرب لما يزيد عن مليوني إنسان محاصر.
لم يتأخر صدور التحذيرات الأممية من نتائج هذه السياسة الإسرائيلية التي ستؤدي إلى تعطيش الفلسطينيين، وأخذهم نحو مقتلة حقيقية، هذه المرة ليس بالقصف، وإنما بالحرمان من المياه:
فقد أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة – يونيسف أن عدم توفر مياه شرب آمنة في غزة قد يؤدي إلى وفيات مأساوية لعدد أكبر من الأطفال بسبب الأمراض، لأن الحصول على كميات كافية من المياه النظيفة بات يشكل مسألة حياة أو موت، والأطفال لديهم بالكاد قطرة ماء للشرب، ويضطرون مع أسرهم لاستخدام المياه من مصادر غير آمنة شديدة الملوحة أو التلوث. وبالتالي، فمن دون مياه صالحة للشرب، سيموت عدد أكبر منهم بسبب الحرمان والمرض في الأيام المقبلة.
وأعلنت سلطة المياه الفلسطينية أن القطاع يعيش كارثة حقيقية ناتجة عن انقطاع المياه، سواء بسبب القرار الإسرائيلي المباشر، أو بسبب توقّف محطات التحلية بشكل كامل، والآبار، بسبب نقص الطاقة عقب قصف الاحتلال لمقار شركة الكهرباء.
وأشارت سلطة الطاقة إلى أن الحياة غير ممكنة في القطاع، والوضع خطير جداً، وستكون هناك كارثة بيئية نتيجة عدم إمكانية معالجة مياه الصرف الصحي، لأنها ستختلط مع المياه العذبة، وستؤثّر سلباً على جميع مناحي الحياة.
وحذّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا من التداعيات الخطيرة لنفاد المياه الصالحة للشرب على حياة سكان غزة، بسبب عدوان الاحتلال الذي تسبّب في أزمة إنسانية كبيرة، لأن مياه الشرب بصدد النفاد، وغزة تواجه الموت.
ونقلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن أطباء في غزة تأكيدهم وجود زيادة حادة في حالات الجفاف، وحالات لا حصر لها من التهابات الجهاز الهضمي، وبالتالي فإن عدد الوفيات سيرتفع بشكل كبير إذا استمر الأطفال في شرب المياه غير الآمنة.
بدائل المياه شبه معدومة.. والخيارات تتراوح بين المصادر الملوثة والشراء بأسعار فلكية
مع استمرار حرب الإبادة، فقد أصبحت المياه الصالحة للشرب في غزة مفقودة بنسبة تزيد على 90%، وباتت أزمتها تتعمق بشكل متسارع، وأصبحت سلاحاً بيد الاحتلال لا يقل فتكاً عن صواريخه وقذائفه القاتلة، حيث دأب على قصف المركبات التي توزع المياه، والخزانات فوق أسطح البنايات، مما يعرّض عشرات الآلاف من الفلسطينيين للموت عطشاً.
تتفاقم أزمة المياه في غزة بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي، وسط تحذيرات من نشوء كارثة إنسانية، لأن ما يزيد عن نصف آبار المياه في مدينة غزة وحدها توقّفت عن العمل، مع توقع بأن يتم إغلاق بقية الآبار في حال استمرت الحرب، ونفاد الوقود.
مع العلم أن المياه المستخرجة من هذه الآبار مالحة، ومخصصة فقط للاستخدامات المنزلية، وغير صالحة للشرب، ويكافح موظفو البلديات للوصول إلى بعض آبار المياه المنتجة للمياه قليلة الملوحة، فيما شوهد مئات النازحين يلجأون إلى شاطئ البحر للاستحمام وغسل الملابس، وحمل مياه البحر إلى منازلهم وملاجئهم للاستهلاك المنزلي.
كما أن آبار المياه أصبحت بلا وقود، والآبار الأخرى تقع في مناطق خطرة يصعب الوصول إليها بسبب تواجد قوات الاحتلال بالقرب منها، والأنابيب المكسورة تتسبب في هدر المياه، وصهاريج المياه غالباً ما تفشل في الوصول. كل ذلك يعني تخفيضات كارثية في إمدادات المياه، ما أثار قلق خبراء الصحة العامة العميق بشأن تفشي وشيك للأمراض المعدية، بما فيها الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والتيفوئيد.
يضطر كثير من الفلسطينيين في القطاع للاعتماد على إمدادات المياه المحلية، رغم أن أكثر من 96% من مياهه الجوفية غير صالحة للشرب. وبسبب نقص الوقود والكهرباء، توقّفت محطات معالجة مياه الصرف الصحي وتحلية المياه عن العمل، وأصبحت معظمها خارج الخدمة.
وقد أثّر نقص المياه من جهة، واستخدام المياه الملوثة من جهة أخرى، على إصابة الفلسطينيين بالأمراض، وخلق أزمة صحية عامة، كما لا يمكن للخدمات الصحية أن تعمل بدون مياه نظيفة، وأصبح من المستحيل اتخاذ التدابير الأساسية لمنع العدوى وانتشارها في المرافق الصحية.
كما أدى استهلاك المياه الملوثة إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى البكتيرية مثل الإسهال بشكل كبير، وقد تم الإبلاغ عن أكثر من نصف هذه الإصابات لدى الأطفال دون سن الخامسة، ومن الأمراض الناجمة عن انقطاع المياه: الإسهال، التهاب الكبد الوبائي، أمراض الجلد، التهابات الجهاز التنفسي العلوي، بسبب عدم القدرة على الوصول إلى مياه الشرب الكافية، كما يؤثر الحرمان من المياه بشكل خاص على الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، والأشخاص ذوي الإعاقة.
نتيجة لهذه الأزمة، يعاني مئات آلاف الفلسطينيين من صعوبات بالغة في توفير مياه الشرب الآمنة، ويقطعون مسافات طويلة للحصول على بضعة لترات منها، كما يقلّصون من استخدام مياه الشرب خوفاً من انقطاعها، وعدم حصولهم على إمدادات جديدة، فيما يلجأون لاستخدام مياه البحر المالحة لأغراض الغسيل والجلي، وأحياناً يضطرون لخلطها بالماء النظيف، لتقليل ملوحتها، كي تصبح صالحة للشرب.
وبسبب النقص الحاد، ارتفعت أسعار المياه في أسواق غزة بشكل كبير، ويتراوح سعر الغالون بين خمسة وثمانية شواقل، الدولار يساوي 3.5 شيكل، ومتوسط استهلاك العائلة يومياً خمسة غالونات للشرب والطهي، وهو ما يزيد عن قدرتها المالية، وبالتالي فقد بات واحد فقط من كل عشرة فلسطينيين يحصلون الآن على مياه شرب نظيفة.
معطيات مخيفة، والتبعات كارثية.. والاحتلال يتسبّب عمداً في أزمة المياه
كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن إجمالي المياه المتوفرة في القطاع تتراوح بين 10–20% مما كان متوفراً قبل العدوان، لأن الكمية مرتبطة بتوفر الوقود، وبالتالي فإن الحرب تركت آثاراً كارثية على البنية التحتية للمياه، وشبكاتها، ومصادر إمدادها بشكل عام، حيث دمّر الاحتلال 40% منها، وتعطّلت المضخات الرئيسية بسبب القصف، أو نفاد الوقود.
كما انخفضت حصة الفرد من المياه في غزة بنسبة 97% خلال الحرب، مع العلم أن درجات الحرارة الحالية في غزة مرتفعة، وتزيد من استهلاك المواطنين للمياه التي تحتاجها أجسامهم للبقاء على قيد الحياة، وبالتالي فإن خطورة نقصها في ظل المناخ الحار تترك تبعات كارثية، فيما تضطر البلديات والجهات المختصة من أجل تشغيل محطات المياه إلى شراء كميات من السولار من السوق السوداء بأسعار مرتفعة وصلت إلى 15 ضعف سعره الطبيعي.
لقد تسبّب العدوان بتدمير واسع وكبير للبنية التحتية لشبكة المياه، بما فيها تدمير 42 بئراً بشكل كامل، و16 بئراً بشكل جزئي، وتدمير 70 ألف متر طولي من شبكات المياه، ولا يزال الجيش يستهدف شبكات المياه والآبار بهدف خلق حالة من العطش بين الفلسطينيين الذين لم يعد لديهم ما يكفي من المياه، وأصبح البقاء على قيد الحياة بالنسبة لهم تحدّياً كبيراً، مما يُجبرهم على السير لمسافات طويلة للحصول على المياه، ويضطرون للوقوف 3–4 ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة كي يتمكنوا من ملء لترات من مياه الشرب لعائلاتهم، وبعضهم لا يستطيعون القيام بذلك يومياً بسبب ازدحام شاحنات المياه، وكثافة النازحين في مخيمات النزوح.
مع العلم أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الفلسطينيين ممن تبقّوا في منازلهم، ولم ينضموا لمئات آلاف النازحين، أنهم لا يحصلون على الاحتياجات الأساسية، خاصة الماء. وفيما تشير الإحصائيات إلى أن عدد الوفيات في غزة نتيجة الإصابات المؤلمة يتراوح بين 47–88 ألفاً، فإنها لا تأخذ بعين الاعتبار الوفيات الناجمة عن المرض والجوع والجفاف بسبب شح المياه.
تُرجّح الأوساط الطبية أن يكون منع الاحتلال للمياه عن سكان القطاع قد ساهم في وفاة الآلاف منهم، مما يدفعهم لمحاولة الحصول على المياه من الأنظمة القديمة، لأن الضرر الذي لحق بشبكات المياه واسع النطاق، وأغلب الفلسطينيين يعتمدون على المياه المنقولة بالشاحنات، لكنها لا تكفي لتلبية احتياجاتهم.
كما أن الأضرار الإجمالية التي لحقت بالبنية التحتية للمياه في قطاع غزة أثناء العدوان هائلة، وقدّر البنك الدولي أن 60% منها تعرضت للضرر أو الدمار، كما نفذت قوات الاحتلال مجموعة واسعة من الإجراءات المتعمدة لحرمان الفلسطينيين من الوصول إلى المياه، حيث قطعت، ثم قيّدت، إمدادات المياه للقطاع من إسرائيل.
تصاعد الوفيات الناجمة عن شحّ المياه وانتشار الأمراض المُعدية والأوبئة
لقد تعمّد الاحتلال قطع تدفّق الكهرباء الضرورية لتشغيل مضخات المياه، ومحطات التحلية، ومنع الوكالات الدولية ومنظمات الإغاثة من إدخال الإمدادات الأساسية المتعلقة بالمياه، ورفض إصلاح النظام من خلال منع استيراد جميع المواد المرتبطة بالمياه، ووصل الأمر إلى قتل عمال مرافق المياه أثناء محاولتهم إجراء الإصلاحات، وكل ذلك يشكّل جرائم ضد الإنسانية، وأفعالاً تندرج ضمن تعريف جريمة الإبادة الجماعية.
وكشفت معطيات الأمم المتحدة أن سكان غزة يحصلون على ما معدله 2–9 لترات من الماء للشخص الواحد يومياً، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى، 15 لتراً يومياً، ورغم ذلك فإن هذه الأرقام لا تتوافق مع الواقع في غزة، حيث يضطر الفلسطينيون لشرب مياه مالحة وملوثة للبقاء على قيد الحياة.
ورغم عمل الفرق الفنية الفلسطينية لأيام متواصلة لتوثيق الأضرار وإصلاحها في شبكات المياه، فإنها تواجه صعوبات كبيرة بالوصول إليها بسبب حجم الدمار الهائل في البنية التحتية والأحياء السكنية والطرق، والنقص الحاد في المعدات الثقيلة والوقود، اللازمة لإزالة الأنقاض، وإنشاء ممرات تسمح بالتفتيش وتقييم الأضرار وإصلاحها. وتبيّن لها أن محطات تحلية المياه في القطاع تعاني من أضرار جسيمة في أنظمتها الكهربائية ومكوناتها الكهروميكانيكية في جميع مراحل تشغيلها.
مع العلم أن قوات الاحتلال قامت بتدمير أجزاء رئيسية من هذه المحطات بشكل متعمّد، بما فيها آبار التغذية، وخطوط المياه الرئيسية، والمولدات، والمضخات، وخطوط المياه العائدة، بجانب تدمير الأسوار المحيطة والمرافق التشغيلية الأخرى، نتيجة الاستخدام العسكري المتعمّد من قبل قوات الاحتلال لهذه المحطات، وتحولت مع كل اجتياح إلى مراكز لها، مما فاقم الأضرار التي لحقت بشبكة المياه في القطاع.
وفي ظل عدم توفر البدائل، وصعوبة حفر الآبار بسبب ملوحة المياه الجوفية في المناطق الساحلية، فإن هذا الضرر يعمّق أزمة المياه في القطاع، في ضوء ما يعانيه من نقص حاد في مياه الشرب بسبب ملوحة الخزانات الجوفية.