"اجعلوا أوروبا عظيمة مجدداً"، كان هذا شعار قمة جمعت قادة من اليمين المتطرف الأوروبي في لقاء نظمه حزب "فوكس" الإسباني اليميني خلال شهر فبراير/شباط 2025، ودعوا إلى "استعادة أوروبا" من خلال سياسات مناهضة للمهاجرين والإسلام.
ذلك اللقاء عرف مشاركة زعماء اليمين المتطرف مثل الفرنسية مارين لوبان، والمجري فيكتور أوربان، والإيطالي ماتيو سالفيني، والهولندي خيرت فيلدرز، وكل هؤلاء "الزعماء" يشتركون في إيديولوجية موحدة مبنية على معاداة المهاجرين والإسلام.
بعد هذا الاجتماع اليميني المتطرف، تكررت لقاءات "المتشددين الغربيين" في أوروبا وأمريكا وصولاً إلى إسرائيل، وخلال هذه اللقاءات كرروا نفس اللازمة: "استعادة أوروبا ومحاربة المهاجرين والإسلام"، بل إن لقاء في إيطاليا دعا إلى طرد المهاجرين، بمن في ذلك المجنسون.
"عربي بوست" غاص في تفاصيل هذا التنسيق المريب الذي جمع اليمين المتطرف في الغرب، وكشف كيف تحوّل إلى "شبكة عالمية لليمين المتطرف"، تضم شخصيات معروفة، وأحزاباً سياسية، ومنظمات مدنية، وشبه عسكرية، ودينية أيضاً.
كما سيتطرق التقرير إلى مصادر تمويل شبكة اليمين المتطرف عالمياً، ومن يقف وراءها، ووسائل الإعلام المعروفة على المستوى العالمي والمحلي التي تتبنى خطابه وتنشره، وصولاً إلى منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها لاستهداف المهاجرين والإسلام.
كيف ظهر مصطلح "اليمين المتطرف"؟ وعلى من ينطبق؟
بداية، وقبل البدء في الإجابة عن الأسئلة التي طُرحت في مقدمة التحقيق، كان لا بد من البحث عن تعريف لـ"اليمين المتطرف"، والعودة قليلاً إلى الوراء للبحث عن تاريخه، والأسباب التي جعلت خطابه يتنامى في الغرب، إضافة إلى الشخصيات الأولى التي روجت لهذا الفكر الغربي المتطرف.
يُعرف الأستاذ الجامعي وعالم السياسة الهولندي، كاس مود (Cas Mudde)، اليمين المتطرف بأنه تيار سياسي يجمع بين القومية المتطرفة، التي تركز على تفوق الأمة ورفض التعددية الثقافية، والسلطوية، التي تدعو إلى نظام سياسي صارم يفرض النظام والانضباط.
إضافة إلى الشعبوية، التي تُصوّر المجتمع كمقسم بين "شعب نقي" و"نخبة فاسدة"، على حد وصفه. ويُميز عالم السياسة الهولندي بين "اليمين الراديكالي"، الذي يعمل ضمن النظام الديمقراطي، و"اليمين المتطرف"، الذي يرفض الديمقراطية الليبرالية.
وفي نفس الاتجاه، نجد تعريفاً لليمين المتطرف في موقع جامعة أوسلو، الذي يصفه بأنه "أيديولوجية تُعارض الديمقراطية وتُروج لعدم المساواة، وتُطالب بتجانس عرقي وثقافي، وتُفضل الجماعة على الفرد، وترفض التعددية"، وهو ما روج له أصحابه منذ ظهور المصطلح.
إذ أنه مع ظهور الفاشية في إيطاليا عام 1922، والنازية في ألمانيا عام 1933، بدأ يُستخدم وصف "اليمين المتطرف" في الأدبيات السياسية والصحفية للإشارة إلى الحركات القومية المتطرفة، المعادية للديمقراطية، والمناهضة للاشتراكية والليبرالية.

بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح المصطلح يُستخدم لوصف الحركات النازية الجديدة، والجماعات العنصرية البيضاء، والتيارات المعادية للهجرة في أوروبا والولايات المتحدة. بينما يُطلق اليوم المصطلح على مجموعة واسعة من الحركات والأحزاب السياسية الغربية.
من بين أبرز الشخصيات التي ساهمت في ترويج أفكار اليمين المتطرف نجد المفكر الفرنسي شارل موراس (Charles Maurras)، وهو قومي ومعادٍ للسامية، أسس حركة "العمل الفرنسي"، التي أثرت على انتشار الفاشية الأوروبية.
كما نجد بينيتو موسوليني (Benito Mussolini)، مؤسس الفاشية في إيطاليا عام 1919، وأقام نظاماً استبدادياً يعتمد على القومية والتوسع العسكري، وأدولف هتلر، زعيم الحزب النازي في ألمانيا، أسس نظاماً ديكتاتورياً عنصرياً أدى إلى الحرب العالمية الثانية.
إلى جانب الفيلسوف الإيطالي جوليوس إيفولا (Julius Evola)، الذي كان مرتبطاً بالفاشية والنازية، وعُرف عنه دعوته إلى مجتمع هرمي تقليدي يستند إلى "الحرب المقدسة" الروحية، وأثر على حركات نازية جديدة في أوروبا والولايات المتحدة.
لكن، ماذا عن شبكة اليمين المتطرف عالمياً في وقتنا الحالي؟
خريطة "شبكة اليمين المتطرف" حول العالم
خلال اجتماع أحزاب اليمين المتطرف الأوروبي في مدريد تحت شعار "جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى"، في فبراير/شباط 2025، أشاد زعماء ثالث أكبر كتلة تصويتية في البرلمان الأوروبي، وهي "وطنيون من أجل أوروبا"، بعودة دونالد ترامب إلى السلطة.
إلى درجة أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان صرح قائلاً: "لقد غيّر إعصار ترامب العالم في غضون أسابيع قليلة… بالأمس كنا زنادقة، واليوم أصبحنا من التيار الرئيسي". فمن هم أبرز أعضاء هذا "التيار الرئيسي" الذي تحدث عنه أوربان؟
اليمين المتطرف في أوروبا
- التجمع الوطني الفرنسي، تأسس عام 1972 باسم "حزب الجبهة الوطنية من أجل الوحدة الفرنسية"، وترأسه منذ نشأته حتى نهاية عام 2011 جان ماري لوبان، وخلفته ابنته مارين لوبان عام 2011.
يضم الحزب عناصر ينتمون إلى تيارات فكرية متعددة، تبدأ بقدماء من عاشوا في الجزائر إبان احتلالها الذي استمر 130 عاماً، وتنتهي بالكاثوليك التقليديين، مروراً بأنصار نظام فيشي والقوميين الفرنسيين، وعُرف بمواقفه المناهضة للمهاجرين والإسلام.
- البديل من أجل ألمانيا (AfD)، تأسس عام 2013، ويتطلع إلى خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي، وإلغاء التعامل باليورو. يرفض الهجرة بشدة، وكذلك الإجراءات المتعلقة بحماية المناخ.
يُصنَّف الحزب من قبل المكتب الاتحادي لحماية الدستور على أنه "مشتبه فيه بالتطرف اليميني"، وتخضع جهات من الحزب للمراقبة بسبب تبنيها أفكاراً يمينية متطرفة معارضة للدستور. وتُقدَّر نسبة هذه الجهات بـ20% من الأعضاء على الأقل.

- حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، تأسس عام 1956، وكان زعيمه الأول، أنتون راينتالر، ضابطاً سابقاً في قوات الأمن الخاصة النازية. في بداياته، تجنّب الترويج لسياسات يمينية متطرفة، وسعى إلى طرح نفسه كحزب وسطي، ثم تبنى في الثمانينيات نموذج الحزب الديمقراطي الحر الألماني الصديق لمجتمع الأعمال.
لكن شعبيته بقيت منخفضة حتى صعود زعيمه الكاريزمي المتطرف يورغ هايدر، ليصبح الحزب الأكبر في البرلمان النمساوي بعد انتخابات 2024.
- حزب "إخوة إيطاليا"، الذي تأسس في ديسمبر/كانون الأول 2012 على يد جورجيا ميلوني، وإغناسيو لا روسا، وغيدو كروستّو، يُعتبر الوريث السياسي لحزب "التحالف الوطني"، الذي كان بدوره امتداداً لـ"الحركة الاجتماعية الإيطالية" ذات الجذور النيوفاشية.
يُصنّف حزب "إخوة إيطاليا"، الذي يقود الحكومة الحالية منذ 2022، ضمن اليمين القومي المحافظ والشعبوي، مع مواقف مناهضة للهجرة، ومؤيدة للسيادة الوطنية، ومشككة في الاتحاد الأوروبي.
- حزب الحرية الهولندي، الذي تأسس في 2006، أصبح بشكل مبكر رقماً مهماً في المشهد السياسي الهولندي، حيث حقق نتائج انتخابية معتبرة في أغلب الاستحقاقات التي شهدتها هولندا بعد تأسيسه.
زعيم حزب الحرية هو اليميني المتطرف غيرت فيلدرز، الذي عُرف بعدائه الشديد للمسلمين، ومطالبته بشكل دائم بحظر المظاهر الإسلامية، والتضييق على المسلمين، ومنع اللاجئين من دخول هولندا، وغيرها من الأفكار والمواقف التي تُظهر عداءه الشديد لكل ما له علاقة بالمسلمين.
- حزب "فوكس" (VOX) الإسباني اليميني المتطرف، تأسس عام 2023 من طرف منشقين عن حزب الشعب المحافظ، ويُعد من أبرز القوى السياسية التي ظهرت خلال العقد الأخير ضمن موجة صعود اليمين الشعبوي في أوروبا.
يرفض الحزب إدماج المهاجرين غير الشرعيين وتسوية وضعيتهم في إسبانيا، ويطالب بإغلاق الحدود، والتشدد مع المهاجرين، ويتبنى مواقف عدائية تجاه الإسلام، وسبق أن وصف بعض المناطق الإسبانية بأنها "مغزوة".
- حزب "تشغا" (Chega) البرتغالي، تأسس في أبريل/نيسان 2019 على يد المعلق الرياضي أندريه فينتورا، الذي كان سابقاً عضواً في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، ويتبنى مواقف يمينية متطرفة، ويُعرف بمناهضته للهجرة، ودعوته إلى تشديد العقوبات الجنائية.
كما يعارض الحزب الإجهاض، وزواج المثليين، ويُعرف بمواقفه المناهضة للإسلام والتعددية الثقافية، ويرتبط بحركات مسيحية محافظة، ويُعتبر أعضاؤه من الكاثوليك المعروفين.
- ديمقراطيو السويد تأسس الحزب عام 1988 من قبل أعضاء سابقين في حركات يمينية متطرفة، بما في ذلك جماعات ذات جذور نازية جديدة. وعلى الرغم من محاولات الحزب للتخلص من هذه الصورة في السنوات الأخيرة، إلا أن خلفيته المثيرة للجدل لا تزال تؤثر على سمعته.
يتبنى الحزب مواقف قومية محافظة، ويعارض الهجرة والتعددية الثقافية، داعياً إلى تعزيز الهوية الوطنية السويدية. كما يدعو إلى تشديد قوانين الهجرة، ويعارض منح المساعدات الاجتماعية لغير المواطنين والمقيمين الدائمين.
حركات "عنيفة" في أمريكا
إذا كان أغلب اليمينيين المتطرفين في أوروبا منخرطين في أحزاب سياسية قانونية، فإن الوضع مختلف في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا يمكن الحديث عن أحزاب سياسية، وإنما عن حركات يمينية متطرفة، غير أنها أكثر تطرفاً من نظيرتها الأوروبية، ويميل بعضها إلى العنف. ومن أبرزها:
- "الأولاد الفخورون" (Proud Boys)، تُوصف بكونها "ميليشيا سياسية قومية معادية للإسلام ومناهضة للنسوية ومؤيدة للترامبية". شارك أعضاؤها في اقتحام مبنى الكابيتول عام 2021، وهي مصنفة كمنظمة إرهابية في كندا ونيوزيلندا.
- حماة القسم (Oath Keepers)، تُصنّف بأنها "جماعة ميليشياوية شبه عسكرية"، وتتبنى خطاباً معادياً للحكومة الفيدرالية، ويدعو إلى "حماية الدستور" ضد ما يرونه طغياناً. وتضم عسكريين سابقين ورجال شرطة.
- فرقة الأسلحة الذرية (Atomwaffen Division)، تُعتبر "جماعة نازية جديدة عنيفة"، تؤمن بـ"تفوق العرق الأبيض"، وتدعو إلى تدمير النظام من خلال "الإرهاب الثوري"، وهي مصنفة كمنظمة إرهابية في بريطانيا وكندا.
- "Boogaloo Bois"، وهي حركة لامركزية، شبه ساخرة، لكنها مسلحة، تضع هدفاً لها يتمثل في إشعال "حرب أهلية ثانية"، وتتَبنى بدورها خطاباً معادياً للحكومة، مؤيداً لحمل السلاح، وتخلط بين الفكاهة والمواقف العنيفة.
كما تبرز بعض الحركات الأخرى المتطرفة في أمريكا مثل Aryan Brotherhood وAryan Nations، وهي شبكات عنصرية داخل السجون وخارجها، ومجموعة Ku Klux Klan، وهي واحدة من أقدم الحركات العنصرية في أمريكا، ومجموعة Groyper Army، التي تتبنى خطاباً معادياً للهجرة والإسلام والليبرالية.
اليمين المتطرف في آسيا وأمريكا اللاتينية
حزب "بهاراتيا جاناتا" الهندي، برئاسة ناريندرا مودي، يُصنفه البعض ضمن اليمين القومي الهندوسي المتشدد، وهو حزب يدافع عن القومية الهندوسية التي ظهرت في مواقفه، ويتهم بتبنّي آراء تؤمن بتفوّق الهندوس على باقي الطوائف الأخرى.
ونال الحزب شهرته من إحياء الحملات الهندوسية لبناء معبد رام على أنقاض مسجد بابري التاريخي، الذي أُنشئ في القرن الـ16 وأحرقه الهندوس عام 1992.
حزب "القوة اليهودية" الإسرائيلي، بقيادة إيتمار بن غفير، يُعرف بمواقفه القومية المتشددة والمعادية للعرب، ويُعتبر الوريث الأيديولوجي لحركة "كاخ" التي أسسها الحاخام المتطرف مئير كاهانا في السبعينيات.
يعتمد الحزب على فكر "الكهانية"، الذي يدعو إلى طرد الفلسطينيين والعرب "غير الموالين" من إسرائيل، وضم الضفة الغربية وقطاع غزة دون منح الفلسطينيين حقوق المواطنة، وإعادة توطين اليهود في غزة بعد طرد سكانها الفلسطينيين.

"البولسونارية" في البرازيل، وهي حركة سياسية يمينية متطرفة نشأت حول شخصية الرئيس السابق جايير بولسونارو. تجمع هذه الحركة بين القومية، الشعبوية، المحافظة الاجتماعية، والنيوليبرالية الاقتصادية، وتُعتبر من أبرز تجليات اليمين المتطرف في أمريكا اللاتينية.
تُعد البولسونارية جزءاً من موجة اليمين المتطرف العالمية، حيث تُقارن غالباً بحركات مماثلة في دول أخرى مثل ترامب في الولايات المتحدة. وقد أشار مقال في Le Monde إلى أن "تجربة بولسونارو في البرازيل أظهرت أن انتصار اليمين المتطرف ليس أمراً تافهاً".
خافيير ميلي، رجل الاقتصاد اليميني المتطرف، وُصف بأنه "رأسمالي فوضوي"، دخل معترك السياسة عام 2019، ونال عضوية مجلس النواب عام 2021، ثم فاز برئاسة الأرجنتين في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بعد حصوله على 55% من الأصوات، وهزم وزير الاقتصاد سيرخيو ماسا.
منذ طوفان الأقصى وبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أعلن ميلي دعمه لإسرائيل والديانة اليهودية. وبدأت قصته مع اليهودية بعد مقابلته الحاخام الأكبر للجالية اليهودية المغربية في الأرجنتين، في يونيو/حزيران 2021، لقراءة التوراة، إذ أعلن آنذاك أن اليهودية أقرب دين إلى قلبه وعقله.
كيف ينسق اليمين المتطرف عبر العالم؟
تتعدد طرق التنسيق بين أحزاب وحركات اليمين المتطرف حول العالم، سواء من خلال تحالفات برلمانية رسمية تضم أحزاباً يمينية متطرفة من دول أوروبية، أو خلال مؤتمرات ومنتديات دولية، وحتى ملتقيات سرية تضم زعماء اليمين المتطرف حول العالم.
لكن التنسيق الأخطر هو ما يقوم به اليمين المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قام "عربي بوست" بتحليل الخطاب المتداول بين رموز وأنصار اليمين المتطرف على منصات مثل فيسبوك، إكس، وتلغرام، وتوصّل إلى استخدام مصطلحات وصور ورموز لصياغة سردية موحدة.
على سبيل المثال، هناك قناة Terrorgram على تلغرام، وهي شبكة متطرفة تمجد العنف والأيديولوجيا النازية، وتشارك تعليمات لتنفيذ هجمات ضد الأقليات في أوروبا وأمريكا، وتُعدّ مصنفة كمنظمة إرهابية في بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة.
وعلى موقع فيسبوك نجد صفحة VDARE، وهو موقع قومي أبيض معروف بنشر خطاب الكراهية. ورغم حظر جزء من نشاطه، إلا أن شبكته لا تزال نشطة في صفحات فيسبوك متطرفة.
التنسيق عبر البرلمان الأوروبي
الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية، التي نجحت في الوصول إلى البرلمان الأوروبي، اندمجت في تكتلات تضم أحزاباً من مختلف الدول الأوروبية، مثل:
- مجموعة الهوية والديمقراطية (ID)
- المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون (ECR)
وتشمل هذه الكتل أحزاباً مثل:
- التجمع الوطني (فرنسا)
- رابطة الشمال (إيطاليا)
- حزب الحرية النمساوي
- حزب فوكس VOX (إسبانيا)
- حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)
تتعاون هذه الكتل لتقديم مشاريع قوانين، التنسيق في التصويت، وصياغة بيانات سياسية موحدة في البرلمان الأوروبي.
منتديات ومؤتمرات دولية
- مؤتمر CPAC Europe (النسخة الأوروبية من المؤتمر المحافظ الأمريكي)
- منتدى بودابست للديمقراطية بقيادة حكومة أوربان (المجر)
يُعدان مركزين للتنسيق الأيديولوجي والاستراتيجي لأحزاب اليمين المتطرف والمتعاطفين معها في أوروبا وخارجها.

ملتقيات سرية أو مغلقة
وهي ملتقيات تجمع مستشارين وأعضاء من أحزاب يمينية من دول مختلفة لتبادل الخبرات. ومن بين أبرز هذه الملتقيات:
- اجتماع بوتسدام السري: في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عُقد اجتماع سري في قصر "أدلون" بمدينة بوتسدام الألمانية، حضره نشطاء من حركة الهوية النمساوية وأعضاء من حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU).
قدّم الناشط النمساوي مارتن سيلنر خطة لإعادة ترحيل المهاجرين والألمان من أصول أجنبية. كُشف عن هذا الاجتماع من قبل منظمة الصحافة الاستقصائية Correctiv، مما أثار موجة احتجاجات واسعة في ألمانيا.
- عشاء "ماي فير في لندن: في يوليو/تموز 2018، نظم ستيف بانون، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عشاءً سرياً في فندق براونز بمنطقة "ماي فير" في لندن، جمع فيه سياسيين من اليمين المتطرف والشعبويين الأوروبيين، مثل نايجل فاراج من حزب الاستقلال البريطاني (UKIP)، وفليب دي وينتر من حزب "فلامس بلانغ" البلجيكي.
كان الهدف من الاجتماع إطلاق مشروع The Movement لتوحيد جهود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا استعداداً لانتخابات البرلمان الأوروبي 2019.
- لقاء فيينا المغلق: في مايو/أيار 2014، استضاف كل من ألكسندر دوغين وكونستانتين مالوفيف اجتماعاً مغلقاً في فيينا جمع شخصيات بارزة من اليمين المتطرف الأوروبي، مثل هاينز كريستيان شتراخه من حزب الحرية النمساوي، وماريون مارشال لوبان من الجبهة الوطنية الفرنسية.
- مؤتمر المحافظين الوطنيين (NatCon): في أبريل/نيسان 2024، عُقد مؤتمر المحافظين الوطنيين في بروكسل، بمشاركة شخصيات يمينية بارزة مثل نايجل فاراج، وسويلا برافرمان من المملكة المتحدة، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، والسياسي الفرنسي إريك زمور.
واجه المؤتمر تحديات تنظيمية، حيث أُغلق من قبل الشرطة البلجيكية لأسباب تتعلق بالأمن العام، مما أثار جدلاً واسعاً حول حرية التعبير.
مجموعات ومنتديات اليمين المتطرف
مجموعة "لو سيركل" (Le Cercle):
هي مجموعة سرية تأسست في خمسينيات القرن الماضي، تضم دبلوماسيين وسياسيين وصحفيين من اليمين المحافظ، وتركز على السياسات الخارجية ومكافحة الشيوعية. تُعقد اجتماعاتها بدعوات خاصة وبدون إعلان عام، وقد وُصفت بأنها أكثر سرية من مجموعة "بيلدربيرغ".
مجموعة SACR في الولايات المتحدة:
منظمة SACR وهي اختصار لـ (Society for American Civic Renewal)، هي منظمة أمريكية سرية للرجال فقط، تُروج للقومية المسيحية، وتسعى لتوسيع فروعها في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وترتبط بعلاقات وثيقة مع معهد "كليرمونت"، وهو مركز أبحاث يميني مؤثر عالمياً.
منتدى لندن:
منتدى لندن هو تجمع غير رسمي لليمين المتطرف في المملكة المتحدة، تأسس عام 2011. عقد اجتماعات جمعت بين ناشطين من النازيين الجدد، ومنكري الهولوكوست، وأعضاء سابقين في الحزب الوطني البريطاني. وقد واجه المنتدى احتجاجات من نشطاء مناهضين للفاشية، وتعرض للاختراق من قبل الصحفيين.
الدعم المالي والمنظمات الموازية
تتبع "عربي بوست" مصادر تمويل اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة، وتوصّل إلى أنها ضخمة، ويقف وراءها رجال أعمال ومنظمات دينية، وجمعيات مدنية، وأحياناً مشاهير، إلى جانب التمويل الحكومي الذي تتحصل عليه الأحزاب من الدول.
دعم علني لأحزاب ومنظمات اليمين المتطرف:
تشير تقارير إلى أن الشفافية في تمويل الأحزاب السياسية في الاتحاد الأوروبي محدودة، إذ إن فقط 7 من أصل 27 دولة عضو تُلزم الأحزاب بالكشف عن هوية جميع المتبرعين، وهذا النقص في الشفافية يُسهل على الأفراد الأثرياء دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة دون رقابة كافية.
وكشفت تقارير غربية أن ربع الأموال الخاصة التي يتم التبرع بها للأحزاب السياسية في أوروبا تذهب إلى الحركات اليمينية المتطرفة واليسارية المتطرفة والشعبوية، ويتعزز هذا التمويل مع اقتراب أي استحقاقات انتخابية محلية أو أوروبية.
وتتوقع استطلاعات الرأي زيادة الدعم للأحزاب المحافظة المتشددة والمشككة في أوروبا، وفق ما نشرته مؤسسة Follow The Money الاستقصائية، في تقرير "فجوة الشفافية"، وهو التحليل الأكثر شمولاً حتى الآن للتمويل السياسي في الاتحاد الأوروبي.
ويُظهر التقرير، الذي نُشرت تفاصيله عام 2024، أن 150 مليون يورو، أي ما يعادل 1 من كل 4 يورو من جميع التبرعات الخاصة المقدمة بين عامي 2019 و2022، ذهبت إلى الأحزاب الشعبوية وأولئك الذين لديهم وجهات نظر سياسية أكثر تطرفاً.
وفي حين تُلزم معظم الدول الأحزاب بالإعلان عن إجمالي دخلها من مصادر خاصة وعامة، فإن القواعد تتفاوت اختلافاً كبيراً، ويُعتبر التمويل في بعض الدول الأعضاء "صندوقاً أسود".
إذ إن ثلاثة أرباع الدول لا تنشر أي معلومات، أو تنشر بيانات جزئية فقط، حول هوية الأفراد أو الشركات التي تقف وراء التبرعات.

عند إضافة أشكال التمويل الأخرى، وتحديداً العضوية والتبرعات التي يقدمها سياسيو الحزب أو مسؤولوه، استحوذت الأحزاب المتشددة والشعبوية على خُمس الأموال التي جُمعت بين عامي 2019 و2022، أي ما يقارب نصف مليار يورو، وفقاً للبيانات.
أما بالنسبة للأحزاب اليمينية المتطرفة، فقد بلغ المبلغ قرابة 200 مليون يورو – أي ما يعادل يورو واحداً من كل 11 يورو.
وفي تقرير للاتحاد الأوروبي بشأن تمويل اليمين المتطرف، نُشر في مارس/آذار 2023، أُشير إلى اعتماد مجموعات اليمين في ألمانيا وفنلندا على تمويل من مطربين، وأندية رياضية، وعقارات، وأحياناً أنشطة إجرامية، مما يصعّب تتبّع تدفّق الأموال.
في أمريكا: تمويل منظَّم ومخططات استراتيجية
في الولايات المتحدة، لعبت مؤسسات محافظة مثل "مؤسسة التراث" (Heritage Foundation) دوراً محورياً في دعم اليمين المتطرف، من خلال مبادرات مثل "مشروع 2025"، وهو خطة شاملة تهدف إلى إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية، وتعزيز السلطة التنفيذية لصالح السياسات اليمينية المتطرفة.
كما برزت منظمات مثل "مؤسسة المساءلة الأمريكية" (AAF)، التي تُموَّل من مصادر غير شفافة، في نشر قوائم مراقبة تستهدف موظفين فيدراليين مرتبطين بمبادرات التنوع والشمول، مما أثار مخاوف بشأن الخصوصية والتمييز.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم أفراد أثرياء مثل إيلون ماسك في تمويل منظمات سياسية يمينية مثل "بناء مستقبل أمريكا"، التي أنفقت مبالغ كبيرة على الإعلانات والدعاية لدعم أجندات اليمين المتطرف.
ماذا عن "الأموال المظلمة"؟
يستفيد اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة من "الأموال المظلمة" (Dark Money) بعدّة طرق استراتيجية، تُمكّنه من التأثير السياسي والاجتماعي دون كشف مصادر تمويله، وهو ما يمنحه مرونة كبيرة ونفوذاً متزايداً.
والأموال المظلمة هي عبارة عن تبرعات تُقدَّم إلى منظمات غير ربحية أو هياكل قانونية أخرى (مثل Super PACs في أمريكا أو مؤسسات فكرية في أوروبا) لا تُلزمها القوانين بكشف هوية المانحين، ما يجعل مصادر التمويل غير شفافة للجمهور ووسائل الإعلام.
ويستفيد اليمين المتطرف من هذه الأموال في:
- تمويل الحملات غير الرسمية والدعاية السياسية:
تُستخدم الأموال المظلمة لإنتاج إعلانات، وحملات تضليل، ومنشورات على وسائل التواصل، ودراسات "بحثية" موجهة، دون أن يظهر أي ارتباط رسمي بالحزب السياسي. - التلاعب بالانتخابات والضغط السياسي:
حيث تقوم بتمويل جماعات ضغط غير مرتبطة رسمياً بالأحزاب، لكنها تؤثر على التشريعات وتعيين القضاة وصياغة السياسات. - التحايل على قوانين الرقابة الانتخابية:
من خلال استخدام كيانات ثالثة يمكن تمويل أنشطة تتجاوز السقف القانوني أو تُنفذ في بلدان لا تسمح قوانينها بتلك الأنشطة. - تبييض صورة الداعمين الكبار:
يستخدم رجال أعمال أو شركات كبرى الأموال المظلمة لتمويل اليمين دون أن يرتبط اسمهم علناً بهذا التوجه، ما يُجنّبهم الانتقادات أو المقاطعة.
منظمات أمريكية بارزة تستفيد من الأموال المظلمة
- مؤسسة المساءلة الأمريكية (AAF):
منظمة غير ربحية يمينية، نشرت قوائم مراقبة تستهدف موظفين فيدراليين مرتبطين بمبادرات التنوع والشمول. تتلقى تمويلاً من مصادر غير شفافة، بما في ذلك مؤسسات فكرية محافظة مثل "مؤسسة التراث"، وتُستخدم كأداة لتقويض السياسات التقدمية. - مبادرة "مشروع 2025":
مبادرة استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية الأمريكية لتعزيز السياسات اليمينية المتطرفة. تُموَّل من خلال شبكة من المنظمات غير الربحية التي لا تُفصح عن مصادر تمويلها، مما يثير مخاوف بشأن الشفافية والتأثير على الديمقراطية. - تحالف الدفاع عن الحرية (ADF):
منظمة قانونية محافظة تُموَّل من تبرعات مجهولة المصدر، وتُستخدم لمعارضة حقوق الإجهاض، والمساواة بين الجنسين، وحقوق مجتمع الميم. تلعب دوراً محورياً في دعم السياسات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا.
منظمات أوروبية تستفيد من الأموال المظلمة
- تحالف مهاجمة الحرية:
منظمة يمينية مسيحية تُموَّل من مصادر غير معلنة، وتُستخدم لتقويض حقوق المرأة ومجتمع الميم في أوروبا. تُعتبر مثالاً على كيفية استخدام الأموال المظلمة لتأثير السياسات الاجتماعية في القارة. - المؤسسة الأمريكية لمكافحة الضرائب:
مؤسسة أمريكية افتتحت مكتباً في بروكسل للضغط من أجل خفض الضرائب في الاتحاد الأوروبي، وتُموَّل من مصادر غير شفافة. تُثير هذه الخطوة تساؤلات حول تأثير الأموال المظلمة على السياسات الاقتصادية الأوروبية. - تمويل مراكز فكرية:
مثل Institut Iliade في فرنسا، وDanube Institute في المجر، التي تموّل أبحاثاً وفكراً شعبوياً قومياً. وتتلقى دعماً من رجال أعمال متطرفين أو شبكات مسيحية محافظة في الولايات المتحدة وروسيا.
إعلام اليمين المتطرف حول العالم
من أشهر القنوات التلفزيونية المعروفة بدعمها لليمين المتطرف والترويج لأفكاره في الولايات المتحدة، هناك قناة "Fox News"، المعروفة بدعمها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وروّجت لنظريات مؤامرة حول الانتخابات والهجرة.
كما أن بعض المذيعين الذين اشتغلوا في القناة الأمريكية اليمينية عُرفوا بخطابهم المعادي للمهاجرين والمسلمين، مثل المذيع السابق في "فوكس نيوز" تاكر كارلسون.
كما نجد أيضاً مؤسسة "Breitbart News" التي أنشأها ستيف بانون، أحد أبرز مهندسي صعود ترامب، وتقوم بالترويج لأفكار قومية شعبوية، ومناهضة للمهاجرين والمسلمين، وتركّز أيضاً على قضايا الهوية، وتشكك في التغير المناخي.
وتبرز أيضاً منصة "The Daily Wire"، وهي منصة محافظة يقودها المحامي الأمريكي اليهودي بن شابيرو، وتقدم محتوى يجذب الشباب الأمريكي، وتهاجم اليسار والمهاجرين والسياسات التعددية.
بينما برزت في فرنسا قناة "CNews" الخاصة، والتي أصبحت منذ عام 2017 منبراً لليمين المتطرف، خصوصاً للمحلل المثير للجدل إريك زمور. وهي بمثابة نسخة فرنسية عن قناة "Fox News" الأمريكية، بسبب خطابها المعادي للهجرة واليسار.
كما نجد أيضاً صحيفة "Junge Freiheit"، وهي صحيفة ألمانية محافظة تنشر مقالات قريبة من أفكار حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، وتروّج لهوية ألمانية محافظة، ومناهضة للهجرة والمهاجرين.
وفي إيطاليا نجد "Il Primato Nazionale"، وهي منصة مقربة من حزبي "فورتسا نوفا" و"إخوة إيطاليا" الذي يقود الحكومة الإيطالية الحالية، وتروّج لمحتوى قومي، ومعادٍ للهجرة.
في إسرائيل، نجد صحيفة "إسرائيل اليوم" Israel Hayom اليومية، أسسها شلدون أديلسون، أحد الداعمين الرئيسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتُعتبر لسان حال اليمين والليكود، وتروّج لسياسات قومية يهودية ومناهضة للفلسطينيين.
هناك أيضاً "قناة 14"، وهي قناة تلفزيونية محسوبة على اليمين الديني والوطني، يُشبهها البعض بـ"Fox News" الإسرائيلية. تستضيف محللين يمينيين متطرفين، وتروّج لخطاب مناهض للعرب واليسار.
في الهند أيضاً، يستخدم اليمين المتطرف وسائل الإعلام للترويج لأفكاره، ونجد قناة "Republic TV"، التي أسسها أرناب غوسوامي، المعروف بموقفه المؤيد للحكومة القومية الهندوسية بزعامة ناريندرا مودي. ويستخدم خطاباً شعبوياً، يهاجم المسلمين والمعارضين السياسيين بشدة.